![]() |
|
![]() |
![]() |
#1 |
نائبة الإدارة ![]() ![]() |
![]() بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة لفضيلة الشيخ : سعود الشريم بتاريخ : 9- 1-1426هـ وهي بعنوان : الاستقامة الحقة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، صفاءُ المرء وهناؤه وتوازنه واستقرارُه إنما يكمن في صِدق انتمائه لدينِه وتمسّكه بشِرعةِ ربّه وعَضِّه عليها بالنواجِذ، بعيدًا كلَّ البعد عن مزالقِ الانحراف ومكامِن الرِّيَب ونزَعات الميل إفراطًا وتفريطًا. يحرص المرءُ المسلم بمثل هذا التوازُن أن يحيا حياةً طيبة، مِلؤها حسنُ الاستقامة على الدّين والثبات عليه أمام العواصِف والزّوابع التي تتتابَع حثيثةً بين الفينة والأخرى ليميزَ الله بها الخبيثَ من الطيب، ويجعلَ الخبيثَ بعضَه على بعض، فيركمَه جميعًا، فيجعله في جهنّم. وحادِي المؤمنِ الصادق وَسطَ هذا الركام من المتغيّرات هو قوله تعالى: ![]() ![]() ![]() ![]() روى الإمام مسلم في صحيحه عن سفيانَ بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلامِ قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، قال: ((قل: آمنت بالله، ثمّ استقِم)). فانظروا ـ يا رعاكم الله ـ إلى هذه الوصيّة الجامعةِ حينما تُوضِّح هويّةَ المسلم التي ينبغي أن يحيا ويموتَ عليها، وهي الاستقامة الحقّةُ دونَ عِوَج أو انحرافٍ، الاستقامة الحقّةُ دونَ تخاذُلٍ أو تراجع، الاستقامة الحقّةُ الجامِعة لأركانها وركائِزها الثلاث، وهي استقامة اللسان أخذًا من قوله ![]() ![]() ![]() ![]() ثمّ اعلموا ـ يا رعاكم الله ـ أنّ أعظمَ أنواع الاستقامة هو استقامةُ المرء على التوحيدِ الخالِص، وذلك في معرفةِ الله وعبادتِه وخشيته وإجلالِه ورجائه وخوفِه ودعائه والتوكّل عليه وعدَم الإشراك به أو الالتِفات إلى غيرِه سبحانه، وقد فسَّر أبو بكر الصديقُ رضي الله عنه قولَ الله تعالى: ![]() ![]() أيّها الناس، إنّ الاستقامة على دين الله لَذاتُ شأنٍ عظيم، في حين إنها محفوفةٌ بالمخاطِر من كلِّ جانب، ومِن حولها الفتنُ المتلاطمة التي تؤُزّ صاحبَها أزًّا، فيُدَعَّى إلى مواقَعَتها دعًّا، كلُّ ذلك يجعَل الثباتَ على الاستقامة والعضَّ عليها كالقبضِ على الجمر في راحةِ اليد، ولذا كانَ رسول الله ![]() ![]() إنَّ مما لا شكَّ فيه ـ عبادَ الله ـ أنّ تواليَ الفتن على المرء وكثرةَ ملامَسَتها له ولمجتَمَعه وسوقِه لتوقِع في نفسِه شيئًا من الخَلَل أو التقصيرِ الذي لا يخلو منه مسلِم ولا يكاد، ومن لم يصِبه لظَى الفتن فلا أقلَّ من أن يصيبَه دخَنُها، غيرَ أنّ الشارع الحكيم لم يدَع المسلم سَبَهللاً تتهاوَى به الفتن دونَ دِلالةٍ إلى ما يعصِمه من ذلكم أو يجبُر الخَلَلَ ويمحوه إن وُجِد، فأرشدَ الشارع الحكيم إلى الاستغفارِ المقتضي للتّوبةِ النصوح والرجوعِ إلى الاستقامةِ؛ ليكونَ ذلك سُلوانًا أمامَ المَوجِ الكاسر والريحِ العاصِف، فقال سبحانه: ![]() ![]() ومن هذا المنطلَقِ قال النبيّ ![]() ![]() ![]() عبادَ الله، إنّنا حينما نحرِص على الاستقامة والثّبات على الدين لنعلمُ صعوبةَ ذلك وجهادَ النفس فيه وأنَّ بلوغَها حقَّ البلوغ دونَه من الصِّعاب والعقباتِ الشّيءُ الكثير، بيدَ أنّ هذا كلَّه غيرُ معفٍ كلَّ مسلمٍ وكلَّ مجتمع من السعيِ في تحصيلِها وبذل الوُسع والمستطاع في إقامَتِها في واقعِ الحياة، مع استحضار السّداد والمقارَبَة لقولِ النبي ![]() عبادَ الله، إن كان ثمّةَ أمرٌ يجب التفطُّن له من خِلال هذا الطرحِ فهو أنّ الدعوة إلى الاستقامةِ أو ادِّعاءها والواقعُ عريٌّ عنها لهو خلَل فادحٌ وشرخ غيرُ يسير، وإنّ إقناع النفس وتخديرَها بكمالٍ زائف لا يحتاج المرءُ والمجتمع معه إلى تصحيحٍ وإصلاح لهو أمرٌ خِداج، خِداج غيرُ تمام؛ لأنّ الكمالَ والاعتدال إنما يكون في حالِ موافقة العمل للقولِ والباطن للظّاهر، وقد ذمَّ الله قومًا لم يحقِّقوا جانبَ التوازُن في حياتهم، فغلَب الادّعاء باللسان والقولِ جانبَ العمل والتطبيق، فقال سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل: ![]() ![]() فاتّقوا الله عبادَ الله، واعلَموا أنّ العيبَ كلَّ العيب والشّينَ كلَّ الشَّينِ أن يكذِّب فعلُ المرء قولَه، أو أن تكونَ حاله واقعًا تخالِف مقالَه ظاهرًا، فإنّ مدَّعي الاستقامةِ على طاعةِ الله يجب أن لا يكونَ في واقعه غاشًّا ولا مضلِّلاً ولا كذّابًا ولا مرائِيًا ولا سارِقًا ولا زانِيًا ولا ظالمًا ولا معتَدِيًا ولا هاتِكًا لحُرمةٍ أو ناقِضًا لعهدٍ ولا منكِّصًا لشرعِ ربِّه أو مهمِّشًا له، وإنَّ مثلَ ذلكم الإخلالِ لهو كفيلٌ بكثرةِ الاضطرابات وضَعف الأمانةِ وتفشِّي القتل والتّخريب والاغتيالاتِ وإهدار الحقوق والاعتداءِ على الدّين والنّفس والمال والعِرض والعقل، ولا زوالَ لهذه الفواجعِ إلاّ بالرجوع إلى الله والتمسُّك بشَرعِه والنظرِ في مواضعِ الخلل، ومِن ثَمَّ ترميمها وتصحيحها؛ لنحيَا حياةً آمنة رضيَّة بعيدة كلَّ البعد عن الصّخَب والعَطَب. ![]() ![]() ![]() ![]() بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، قد قلت ما قلت، إن صوابًا فمن اللهِ، وإن خطأً فمن نفسي والشّيطان، وأستغفر الله إنّه كانَ غفّارًا. الخطبة الثانية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده. وبعد: فيا أيّها الناس، إنّ مما يعين العبدَ المسلم على الاستقامةِ والثبّات على دين الله تعالى الإكثارَ من الطاعات والقرُبات، وإنّ من أفضل تلكم الطاعات صيامَ التطوّع حيث يقول النبيّ ![]() ثمّ إن من الصيامِ المندوبِ إليه صيامَ شهر الله المحرّم الذي يُعدُّ أفضلَ الصيام بعد شهرِ رمضان لما روى مسلم في صحيحه أن النبيَّ ![]() ثم إنَّ أفضلَ الصيام في شهر الله المحرّم ـ عبادَ الله ـ هو صيامُ يوم عاشوراء الذي قال عنه النبيّ ![]() ![]() والمرءُ المسلم ـ عبادَ الله ـ مخيَّرٌ بين أن يصومَ العاشرَ وحدَه، أو يصوم معه التاسِعَ وهذا هو الأفضَل، أو يصوم التاسِعَ والعاشِرَ والحادِي عشر على قولٍ لبعض أهلِ العلم لحديثٍ مختَلَف في ألفاظِه، وهو مِن باب الاحتياطِ له في دخولِ الشهر، وقد قال بذلك ابنُ سيرين وجماعةٌ مِن أهل العلم. وأمّا طريقةُ معرفةِ اليوم العاشِر فهو على القاعدةِ الشرعيّة المتفَّق عليها؛ أنّه إن رئِي هلالُ دخولِ الشهر فإنه علامَةُ الابتداء، وإن لم يُرَ فإنه تُكمَلُ عدّة الشهر ثلاثين يومًا، دونَ حاجةٍ إلى شكوكٍ أو كَثرةِ جِدال أو اختلافٍ في الفتاوى والتّساؤلات، فالمسألةُ واضحةٌ محسومَة والحمد لله. وفّق الله الجميعَ لما يحبّه ويرضاه من الأقوالِ والأعمال، إنّه سميع مجيب. هذَا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على خَيرِ البرية وأزكَى البشريّة محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحِب الحوض والشفاعة، فقد أمَركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنّى بملائكتِه المسبِّحة بقدسه، وأيّه بكُم أيها المؤمنون، فقال جل وعلا: ![]() ![]() ![]() اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارِك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيمَ في العالمين إنّك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة... في وداعة الرحمن
شمس القوايل |
|
|
![]() |
#2 |
نائبة الإدارة ![]() ![]() |
![]() ![]() مشمشتى ![]() ![]() أسالك اللهم بخير من خيرك الذي لا يعطيه غيرك ان تجعل هذا الموضوع فى موازين حسنات كاتبة هذا الموضوع جزاك الله كل خير اختى الغالية ننتظر كل جديد لكى ان شاء الله ![]() ![]() |
|
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( من حسن اسلام المرء تركه ما لايعنيه )) | شمس القوايل | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 2 | 01-08-2008 02:41 AM |
خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( رساله الى كل مريض )) | شمس القوايل | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 2 | 15-06-2008 03:51 PM |
خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( الاجازه الصيفيه والسفر الى الخارج )) | شمس القوايل | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 3 | 13-06-2008 12:13 AM |
خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( مهلا أيها الزوجان )) | شمس القوايل | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 6 | 07-06-2008 02:02 PM |
خطبة الجمعه من المسجد الحرام بعنوان (( معالم في عظمة الاسلام )) | شمس القوايل | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 6 | 07-06-2008 01:57 PM |