|
02-03-2008, 11:52 PM | #1 |
][§¤حلا ذهبي ¤§][
|
صلاتي.. جسد بلا روح
اعلم أن القلوب المشفقة هي التي تخشع في العبادة، وترق عند الطاعة، وتخبت عند المناجاة، وتنكسر عند التضرع، إنها قلوب حاضرة، تكون مع كل عبادة روحها وحقيقتها، فالخشوع هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذلّ، وهو انكسار القلب وإخباته وتواضعه لله عز وجل وذلته، وسكون الجوارح من أجل ذلك.
اعلم - رحمك الله- أن الخشوع روح الصلاة وحياتها، ونورها وضياؤها، و به تصعد إلى الملأ الأعلى، وتنهض في السماوات العلى، فالقلوب الخاشعة تتبعها الأذهان الحاضرة، وتسكن معها الجوارح العابثة، قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: "ما كنت قط في صلاة فشغلتُ نفسي بغيرها حتى أقضيها". وعلى سنن الصحابة مضى التابعون فأُثِر عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه أنه قال: "ما دخلت قط في صلاة فأهمني فيها إلا ما أقول وما يقال لي"، وقيل لعامر بن عبد الله بن قيس : أتحدث نفسك بشيء في الصلاة ؟، قال: نعم، بوقوفي بين يدي الله عز وجل، ومنصَرفي إلى أحد الدارين، فقيل له: لا، إلا بما نحدث به أنفسنا من أمر الدنيا، وما يوسوس به الشيطان إلينا، فقال: لأن تختلف الأسنة (الرماح) في صدري أحب إلي من ذلك، لله درّ القوم وقد تعلقت بالصلاة قلوبهم وعقولهم وأجسادهم. إن الله ربط مدح المصلين بخشوعهم حين قال: { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2]، والخشوع في الصلاة : هو حضور القلب بين يدي الله تعالى، مستحضراً لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته، متأدباً بين يدي ربه، مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، من أولها إلى آخرها، فتنتفي بذلك الوساوس والأفكار الرديئة، وهذا روح الصلاة، والمقصود منها، وهو الذي يكتب للعبد. فالصلاة التي لا خشوع فيها للجسد ولا حضور فيها للقلب، وإن كانت مجزئة مثاباً عليها، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها، فعليك -رحمك الله– أن تحضر قلبك في صلاتك جهد استطاعتك ومبلغ طاقتك، وألا تصرفه ها هنا ولا ها هنا، وألا تمر به هكذا ولا هكذا، وأن تدفع عنه الخواطر المائلة به، والأحاديث الشاغلة له، وأن تسمع ما تقرأ، وتعقل ما تفعل، فإنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت ولا يكتب لك منها إلا ما فيه حضرت"، فأين قلوبنا في الصلاة؟ سابحة في بحار الدنيا، غارقة في هموم الحياة حتى لا تكاد تعقل من صلاتها شيئاً، يَقُولُ النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا تُسْعُهَا ثُمُنُهَا سُبُعُهَا سُدُسُهَا خُمُسُهَا رُبُعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا ) [ رواه أحمد]، اللهم رحمتك وعفوك. أخي الحبيب : هل هذه الصلاة يصلح أن نقف بها بين يدي الله ؟ وهل هي التي يرضى عنها الله ؟ وهل هي التي يصح أن نرفعها إليه ؟! قال بعض السلف: الصلاة كجارية تُهدى إلى ملك الملوك، فما الظن بمن يُهدي إليه جارية شلاّء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرجل أو ذميمة أو قبيحة حتى يُهدي إليه جارية ميتة بلا روح.. فكيف بالصلاة يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى، والله طيب لا يقبل إلا طيباً، وليس العمل الطيب صلاة لا روح فيها. أخي الحبيب : إذا قمت إلى الصلاة فتذكر من أنت إليه قائم، وبين يدي من أنت واقف، واعتقد نفي ما يجري عليك من الخواطر المذمومة، فإذا فرغت فاستغفر الله عز وجل، فإنه سبحانه يقبل العقد الأول والآخر، ويغفر ما بينهما برحمته تبارك وتعالى، وكما يجب ألا تصرف وجهك عن قبلتك في صلاتك، فكذلك لا تصرف قلبك عن ربك. استحضر عظمة ربك، وتدبر في صلاتك في كلماتها ومقاماتها وحركاتها من أولها إلى آخرها واعلم أنه "ينبغي للعبد إذا قال في صلاته (الله أكبر) عند افتتاحها، أن يكون ذكر الله في قلبه أكبر وأعظم من أن يذكر معه سواه، أو يخلط بذكره بذكر شيء من دنياه إجلالاً له وتعظيماً. فإن معنى تكبيرة الإحرام أن الذي يقوم إلى الصلاة إذا كبر تكبيرة الإحرام فقد حرّم على نفسه كل ما كان مباحاً له قبلها من الاشتغال بالدنيا ومعاشها، وما كان فيه من مخالطة أهلها، وأما من كان في صلاته مقبلاً على سهوه وغفلاته، فليس لصلاته تحريم، ولا لمناجاته حين يناجي ربه فيها تعظيم. كان ابن الزبير رضي الله عنه إذا قام إلى الصلاة كأنه عود، وكان علي بن الحسين رضي الله عنه إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي، وكان إذا توضأ أصفر، ومثله كان وكيع رضي الله عنه إذا قام إلى الصلاة لا يتحرك منه شيء، ولا يزول ولا يميل على رجل دون الأخرى. وقيل عن محمد بن نصر المروزي رضي الله عنه: ما رأيت أحسن صلاة منه، وبلغني أن زنبوراً قعد على جبهته فسال الدم على وجهه ولم يتحرك.. ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه على صدره فينتصب كأنه خشبة منصوبة. ولعلك لا تعجب حينئذ من قول سفيان الثوري رضي الله عنه : لو رأيت منصور بن المعتمر يصلي لقلت: يموت الساعة " ، ولا من قول " أبو بكر بن عياش : رأيت حبيب بن أبي ثابت يصلي وكأنه ميت - يعني من خوفه وخشوعه " لأن القوم قد ملأ الخشوع قلوبهم فسكنت جوارحهم. ولا عجب من ذلك فقد سبقهم إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصاياهم وأعمالهم، فهذا جندب بن عبد الله رضي الله عنه يقول:"وإذا وقفتم بين يدي ربكم للصلاة فاجعلوا الجنة والنار بين أيديكم والميزان والصراط حولكم كأنكم تقولون:{ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} (18)، وهذا "الفاروق عمر رضي الله عنه غلبه البكاء في صلاة الصبح حتى سمع نحيبه من وراء ثلاثة صفوف. والجميع مقتدٍ برسول الهدى صلى الله عليه وسلم مستضيء بهديه فقد ذكر مالك رضي الله عنه في الموطأ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَهْدَى أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ- رضي الله عنه- لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : ( رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أبِي جَهْمٍ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ فَكَادَ يَفْتِنُنِي)، وذلك لتقتدي به في ذلك أمته، يتفرغون لصلاتهم بترك ما يشغلهم عنها، ويفتنهم فيها وهذا أصح والله أعلم. أخي الحبيب : إذا خشع قلبُك وحضر انطرد وسواسك، وقصُر عليك من الصلاة ما طال على غيرك، وقد رأيت صلاة القوم وخشوعهم وسكونهم ودموعهم، فإنه وإن كانت أجسادهم قائمة وراكعة وساجدة فإن قلوبهم مصلية، هكذا كانوا... فكن مثلهم .. إن التشبه بالرجال فلاح... وتابعنا بأخبارك وأخبار صلاتك. الرابط المصدر : موقع اسلام اون لاين |
التعديل الأخير تم بواسطة لطفي ; 03-03-2008 الساعة 02:10 AM. سبب آخر: اخفاء الرابط واظهار اسم الموقع |
|
03-03-2008, 12:09 AM | #2 |
(حلا جديد )
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
بارك الله فيك
وجزاك الله كل خير |
03-03-2008, 12:09 AM | #3 |
نائبة الإدارة |
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
تونا
شكرا على الموضوع والطرح الطيب بارك الله فيج وجزاج الله خيرا ننتظر جديدج القادم دمتي بخير |
|
|
03-03-2008, 12:11 AM | #4 |
(حلا متميز)
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
تونا جزاك الله كل الخير اخيتى واشهد الله من هذا المكان انى احبك فيه فاسال الله ان يجمعنى واياك تحت ظله ى المتاحبين بجلاله
وجزاك الله كل الخير على هذه التذكره فقد خلقنا الله لنعبده لا خلقنا لننشغل عنه واسال الله ان يرزقنا الخشيه والخشوع بين يديه |
|
|
03-03-2008, 06:45 PM | #5 |
][§¤حلا ذهبي ¤§][
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
اهلا بكم اخواني الكرام
دمتم لي بكل الود |
|
|
04-03-2008, 02:08 AM | #6 |
موقوف
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
تونا
مشكورة اختي وبارك الله فيكي واكثر من امثالك وجزاكي كل خير عنا وانار لكي دربك لما فيه الخير وجعل كل حرف مما كتبتي في موازين حسناتك |
04-03-2008, 07:20 PM | #7 |
][§¤حلا ذهبي ¤§][
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
اهلا فيكي لواحظ
وربي ما يحرمنى منك يا رب |
|
|
05-03-2008, 01:34 AM | #8 |
(مراقبة مجلس حلا للصور)
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
تونا
|
|
|
05-03-2008, 02:46 PM | #9 |
][§¤حلا ذهبي ¤§][
|
رد: صلاتي.. جسد بلا روح
هلا والله ضحى
اهلا بك اختى الكريمة |
|
|
07-03-2008, 01:36 PM | #10 |
مراقبة الأرشيف الأدبي
|
مشاركة: صلاتي.. جسد بلا روح
تونا
اللهم تقبل صلواتنا يارب العالمين..! موضوع رائع اختي.. بارك الله فيكِ .. وجزاكِ عنا كل خير.. وجعل كل حرف في موازين حسناتك كل الود والتقدير |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خدمة وقتي صلاتي | جرح الليل | مجلس حلا للموبايل | 4 | 15-07-2007 01:04 AM |