أهمية الصحبة وأثرها!!..

[وردة الكويت]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أما بعد....
من أهم المواضيع التي لابد من طرقها بين الناس موضوع الصحـبة وأهميتها ، فبالصحبة الصالحة ينتشر الخير بين الناس خاصة الشباب والفتيات، والإنسان كما يقال مدني بطبعه فهو يحب أن يكون له أصحاب
يجلس معهم ويتحدث إليهم ويذهب ويجيئ معهم ، لكن......... من هم الأصحاب هؤلاء؟
وما صفاتهم؟ كم من الشباب والفتيات لم يعرفوا طريق الغواية إلا عن طريق أصحاب السوء ، بل هناك بيوت خربت ودمِّرت بسبب صاحب السوء .

الإسلام جاء ليحفظ الضروريات الخمس : [الدين والنفس والعقل والعرض والمال]فالصاحب يؤثر على صاحبه إما إيجاباً أو سلباً، فصاحب السوء يبعدك عن الطاعة والدين ويقبحها لك ، ويقوم بإهلاك نفسك ، ويدمر عقلك، ويزين لك الوقوع في الفواحش ، ويضيع مالك ، كل هذا بطرق شيطانية وكأنه ناصح لك حتى إذا ما وقع لك مكروه هرب وكأنه لايعرفك والقصص في ذلك كثيرة ..كثيرة..
وأريد من هذا الموضوع أن أقول: أن الصحبة الصالحة مطلب شرعي لابد من الاهتمام والعناية به.
فإليك يامن تحب الخير هذه السطور تبين لك أن الله سبحانه وتعالى ذكره في كتابه وذكره رسولنا الكريم في سنته وفصّلا في هذه المسألة المهمة.
أولاً:القرآن الكريم:
1/قال تعالى{الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}
2/قال تعالى{ قال قائل منهم إني كان لي قرين. يقول أءنك لمن المصدقين. أءذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أءنا لمدينون. قال هل أنتم مطَّلعون . فاطَّلع فرآه في سواء الجحيم . قال تالله إن كدت لتردين .ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين}
3/قال تعالى{ ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . ياويلتا ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً. لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني}
ثانياً: السنة النبوية:
1/عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم [ الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل] رواه أحمد والترمذي وأبو داود وقال الألباني حسن
2/وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ لاتصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ] رواه أحمد والترمذي وأبو داود وقال الألباني حسن
3/وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله قال [ مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ،فحامل المسك إما ان يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة
ونافخ الكير إما ان يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة] رواه البخاري ومسلم وأحمد
من عرض هذه الأدلة يتبين أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالصحبة الصالحة ونهانا عن الصحبة السيئة فاخترلنفسك...!
ثالثاً:أقسام الصحـبة :
1/ الصاحب الصالح: كل من يعين على الطاعة ويدفع إلى الخير بفعله أو قوله .
ومفهومه/ من يأمرك بالخير وينصحك سواءً كان بقوله أو بفعله ،فهو كالمرآة لأخيه الصالح،
وصحبة الصالح لها فضائل كثيرة منها :
1/ المرء يحشر مع من أحب كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإذا أحببت الصالحين حُشِرت معهم يوم القيامة ولو كان عملك أقل من عملهم.
2/ يوم القيامة يمنُّ الله تعالى على المتحابين في الله بمنزلة عالية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى [ المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء] رواه أحمد والترمذي
3/ المتحابون في الله تبقى محبتهم وصلتهم يوم القيامة ، يوم يتبرأ الخليل من خليله ويوم يفر المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه قال الله تعالى { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } .
4/ في يوم القيامة تدنو الشمس من الخلائق فيبلغ منهم الجهد والعرق مبلغه إلا المتحابين في الله تعالى فإنه يظلهم تحت ظله يوم لا ظلَّ إلا ظلَّه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [سبعة يظلهم في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله -وذكر منهم – ورجلان تحابَّا في الله فاجتمعا عليه وتفرقا عليه]رواه البخاري ومسلم
5/ الله تعالى يحب المتحابين فيه جاء أبو إدريس الخولاني رحمه الله إلى معاذ رضي الله عنه فقال له:
إني أحبك فقال معاذ : أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى :
[ وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيَّ والمتزاورين فيَّ والمتباذلين فيَّ]رواه احمد ومالك
وغير هذه الفضائل كثير.

2/ الصاحب السيئ : من يأمرك بالشر ويزينه لك ويقبح لك الحسن ويحسِّن لك القبيح.
مفهومه/ كل من يدعوك للمعصية أو يسهِّلها لك بقوله أو بعمله أو ينفرك من الطاعة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وقد يكون الصاحب السيئ قريباً لك أو بعيداً أو جاراً أو أخاً أو غير ذلك ، كل هذا لايشفع له ولا يخرجه من دائرة أصحاب السوء فالبعد عنهم مطلب شرعي.
ويتمثل دور جلساء السوء فيما يلي:
(1) أنهم يحدثون من يجالسهم عن ممارساتهم ومغامراتهم السيئة بل ربما يفتعلون مواقف لم تحصل مفاخرين بها أقرانهم وأترابهم.
(2) أنهم يعلِّمون من يعاشرهم خطوات الفساد وطرقه ويسهَِلون له الطريق.
(3) أن مصاحبتك لهم تُضعِف إيمانك وتُرِق دينك فتكون أكثر عرضة للوقوع
فيماحرم الله تعالى.
(4) أنهم حين يرونك على الطاعة فإنهم يسخرون منك فيساهم ذلك في صدك ومنعك عن الطاعة.
أخي يا رعاك الله هذان هما صنفا الجلساء ، فمن أيِّهم أنت؟ ومن تحب؟ ومن تجالس؟
إن جلوسك مع أهل الخير والصلاح نابع من حبك لهم، فاجلس مع أهل الخير والصلاح لعلك تلحق بركبهم
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سويًا في البضاعة
إن جلوسك مع أهل السوء ولو لم تفعل ما يفعلون فإنه ناتج عن حبك لهم شئت أم أبيت
ولو كان هذا السيئ قريباً لك مادام يزيَّن لك القبيح ويقبِّح لك الحسن وستتأثر بهم عاجلاً أم آجلاً. ماأكثر من فسد من الشباب بسبب جلساء السوء وكم من شاب في مقتبل العمر انحدر في المعاصي والشهوات والمخدرات ثم كانت نهايته سيئة أتركونا من المجاملات والتنازلات لهم فإنهم في النهاية يسخطون عليك { ويوم القيامة يلعن بعضهم بعضاً}
لا تكن أنت عبرة لغيرك، ولا تسلك طريقاً سلكه غيرك قبلك فإن النتيجة واحدة والمصير واحد.
كن من الصالحين بجلوسك معهم فالمرء مع من أحب ، إجعل قدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي أوصاك بالجليس الصالح فإن لم تأخذ بوصيته صلى الله عليه وسلم فبمن تأخذ؟
إعقد العزم على ترك جلساء السوء إن كنت تجلس معهم ولو أقرب الناس لك ، وتمسَّك بأهل الخير فإنك على خير ،وانظر إلى أفضل الرسل يوصيه الله تعالى بالجلوس مع أهل الخير {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم... }
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مع من؟
مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسلمان وبلال وجُليبيب رضي الله عن الصحابة كلهم
إن كان الذي يجلس في مجلس الخير ولا يريد إلا حاجة من فلان يكون له الأجر ! [هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ] فكيف بمن يحبهم ويقصد المجيئ إليهم والحضور لمجالسهم ؟!!
اللهم اجعلنا من المتحابين فيك وبصِّرنا بأمور ديننا إنك على كل شيء قدير ،وأسأل الله أن أكون قد وفقت لعرض الموضوع عرضاً واضحاً لنقوم بالعمل لما يحبه الله ويرضاه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

منقول