:: أتصل بنا ::

 

::+: الواجهه الرئيسيه :+:: ::+: البحث في الاقسام والمواضيع :+::

العودة   منتديات حــلا > +:::::[ الأقسام الأدبية ]:::::+ > مجلس حلا للقصص والروايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-2004, 06:46 PM   #41
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــــابع

بعد أن غادرت رغد ، هممت بالذهاب إلى غرفة أخي سامر و تأدية الصلاة ثم الاسترخاء لبعض الوقت ...

إنني متعب بعد مشوار الحضور الطويل



نظرت إلى فتحة الباب لأتأكد من أن رغد قد ابتعدت ، ثم قلت :


" أمي ... لم كانت رغد تبكي ؟؟ "


أمي كانت تزين قالب الكعك بطبقة من الشيكولا ، و كانت الكعكة شهية المنظر !


قالت أمي :


" لأنها حرقت فستانها كما رأيت ! تصور ! لقد اشترته يوم الأمس بمبلغ محترم ... ! "



صمت برهة ثم قلت :

" و الآخر أيضا غال الثمن ، و حتى هذا الطقم "


ابتسمت والدتي و قالت :

" إنها تبذر النقود ، هذا أحد عيوبها ! "

أوه هكذا ؟ جيد ... !
لقد عرفت شيئا جديدا عن طفلتي ... أصبحت مبذرة للمال أيضا ؟؟ و ماذا بعد ...؟؟



قلت بتردد :

" هل ... هل ... تحسنون معاملتها ؟؟ "


رفعت أمي بصرها عن الكعكة و نظرت نحوي باستغراب ... ثم قالت :


" طبعا ! بالتأكيد ! بل إننا ... ندللها كثيرا ! "


تنهدت بارتياح نسبي ، و عدت أقول :


" إذن ... لماذا كانت تبكي ؟؟ "



أمي تعجبت أكثر ، و قالت :

" قلت لك ... بسبب الفستان ! "


قلت :

" لا أمي ... أعني قبل ذلك "

" قبل ذلك ؟؟ "

" عندما خرجت لاستقبالي فور وصولي ... "


في غرفة أخي سامر ، و الذي سيصل بعد قليل قادما من المدينة الأخرى حيث يعمل ، اضطجعت على السرير و سبحت في محيط لا نهائي من الأفكار ...



الشيء الذي أثار قلقي هو الطريقة التي وبخت فيها والدتي رغد بعد وصولي بقليل ...

فهل حقا يحسن الجميع معاملتها و يدللها ؟؟


لم أتحمل رؤيتها تبكي ...


عندما كنا في منزلنا القديم ، لم أكن لأسمح لأحد بأن يحزنها بأي شكل من الأشكال ، مهما فعلت

كانت دانه دائما تتشاجر معها أو تضربها ، و كنت دائما أقف في صف صغيرتي ضد أي كان ...
ترى ... هل تذكر هي ذلك ؟؟ أم أنني أصبحت من الماضي المنسي ... و الأحلام الوهمية ... و الذكريات المهجورة ؟؟


حاولت النوم و لم استطع ، لذا عدت إلى غرفة المعيشة فوجدت والديّ و رغد هناك ...


تبادلنا بعض الأحاديث عن عريس دانة ، و هو لاعب كرة ذاع صيته و اشتهر في الآونة الأخيرة ...


قلت :


" و لكن ألا تفكر في متابعة دراستها ؟ إنها لا تزال صغيرة على الزواج ! "


قال أبي :

" لا تريد الدراسة ، و هو عريس جيد ! كما و أنها في سن مناسب ! فليوفقهما الله ! "


لحظات و إذا بسامر يحضر ، و يحظى بترحيب لا يقل حرارة عن ترحيبهم بي ...


بدأ سامر بأكبرنا ، ثم حين جاء دوري ، صافحني بحرارة و شوق كبيرين جدا ... و أطال عناقي الأخوي ...


أشعرني هذا بقربه مني ، بعدما فرقت السنين بيننا ... و بأنني لازلت أملك عائلة تحبني و ترغب في وجودي في أحضانها ...


شيء رفع من معنوياتي المتدهورة


لكن ...


سرعان ما انحطت هذه المعنويات و اندفنت في لب الأرض تحت آلاف الطبقات من الحجر و الحديد و الفولاذ ، حين أقبل إلى رغد يصافحها و يضمها إلى صدره و يقبل جبينها بكل بساطة ...



لو كنت بركانا ... أو قنبلة ... أو قذيفة نارية ، لكنت انفجرت لحظتها و دمرت كوكب الأرض بأسره و نسفته نسفا و حولته إلى مسحوق غبار


لكنني كنت وليد

أو بالأصح ...

شبح وليد ...


ما الذي دعاني لتمالك نفسي ؟؟ لا أعرف ...

لقد كان باستطاعتي أن أحطم رأس أي مخلوق يقف أمامي شر تحطيم

و لو ضربت الجدار بقبضتي هذه لسببت زلزالا مدمرا و لهوى السقف و قضى علينا جميعا ...

لكنني اكتفيت بان أحفر أسناني من شدة الضغط ، و أمزق أوتار يدي من قوة القبض ...



ليت أمي لم تلدك يا سامر

ليتك تتحول إلى أي رجل آخر في العالم ، لكنت استأصلت روحك من جسدك و مزقتك خلية خلية ...



" أين العروس ؟؟ "


سأل أخى و هو لا يزال ممسكا بيد رغد ...


" في غرفتها ! تتزين ! "


قالت رغد ، فقال :

" سأذهب لرؤيتها "

و شد رغد يحثها على السير معه ... و ذهب الاثنان و غابا عن ناظري ...



ليتني لم أعد

أي جنون هذا الذي جعلني أعود فاحترق ؟؟ إنني أكاد انفجر

هل يحس أحد بي ؟؟


سمعت أمي تقول :


" ما بك وليد ؟ أ أنت متعب بني ؟؟ "


متعب ؟؟

فقط متعب ؟؟

ابتعدوا عني و إلا فأنني سأحرقكم جميعا !


رميت بجسدي المشتعل على المقعد و أخذت أتنفس بعمق أنفاس متلاحقة عل الهواء يبرد شيئا مما في داخلي


مرت لحظة صامته إلا عن تيار الهواء المتلاعب في صدري


أمي و أبي لا يزالان واقفين كما هما ... و أنا أشعر بحر شديد و أكاد أختنق ....



رفعت رأسي فإذا بهما يراقبانني ... أظن أن وجهي كان شديد الاحمرار و يتصبب عرقا ...


القلق كان باد على وجهيهما


قلت :


" الجو حار ... "


أمي سارت نحو المكيف و زادت من قوة دفعه للهواء ...


التفت إلى أبي و قلت :


" و هذان ؟؟ متى ارتبطا ؟؟ "


لم يجب أبي مباشرة ، ثم قال :


" عقدنا قرانهما قبل ما يزيد عن السنوات الثلاث "


مزيد من الاختناق و الضيق ... كأن الهواء قد سحب من الغرفة تماما ...


قلت :


" ألا ترى يا والدي أنهما لا يزالان صغيرين ؟ على الأقل رغد ... صغيرة جدا "



أبي قال :


" إننا لن نزوجهما قريبا على أية حال ، فرغد تود الالتحاق بالجامعة أولا و لا أدري إن كان سامر سيفلح في إقناعها بغير ذلك "



أثارت الجملة اهتمامي ، قلت :


" غير ذلك ؟؟ "


قالت أمي :


" قد نزوج الثلاثة في ليلة واحدة قريبا ! "


و ابتسمت ، ثم قالت :


" و يأتي دورك ! "




وقفت مستاء ، و يممت وجهي شطر المطبخ فأنا أحس بعطش شديد و بحاجة لنهر كامل ليرويني و يخمد نيراني ... و تركت والدي ّ في حيرة من أمرهما ...



~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~







تم عقد القران و انتهت الليلة بسلام أخيرا !


لقد بذلت جهودا مضاعفة في تنظيف المنزل بعد مغادرة الضيوف !

أما دانه فكان القلم مرفوعا عنها هذا اليوم !


طلبت من أمي أن تذهب للراحة و توليت أنا ، مع سامر تنظيف الأطباق ...


أما الرجل الناري فلا علم لي بأي أرض يحرق هذه الساعة !


كنت واقفة أمام صنبور الماء البارد أغسل الأطباق ، و سامر إلى جانبي ...

سألته :


" كيف بدا العريس ؟؟ "


أجاب :

" مهذبا و خلوقا و بشوشا ! "

قلت :

" لا يعجبني ! "

ابتسم سامر و قال :

" و لكن لم ؟؟ "

أجبت :

" لا أعرف ! لكنني أجده ثقيل الظل ! إنه مغرور و يتحدث عن نفسه بزهو و خيلاء أمام الكاميرات ! كيف تتحمل دانه زوجا كهذا ؟؟ "



سامر ضحك ، فضحكت معه ...

قال :

" ليس المهم رأيك أنت به ! المهم رأي العروس به ! "


ثم غير نبرة صوته حتى غدت أكثر لطفا و رقة ، و قال :


" و رأيك بي أنا ... "



ارتبكت .. و اضطربت تعبيرات وجهي ، و أخفيت نظراتي في حوض الغسيل !



وصلنا هذه اللحظة صوت حركة عند الباب ، فالتفتنا للخلف فإذا به وليد ...


و صدقوني ، شعرت بماء الصنبور يحرقني !


تبادلنا النظرات ...


قال وليد :


" هل لي بلحاف ؟ سأنام في غرفة الضيوف "


نظف سامر يده و استدار نحو وليد قائلا :


" أوه كلا يا أخي ، بل ستنام في غرفتي و على سريري ، سأنام أنا على الأرض أو في غرفة الضيوف أو أي مكان ! "



لم يظهر على وليد أنه يرحب بالفكرة أو حتى سمعها !

قال :

" أريد لحافا لو سمحت "


كان وجهه جامدا صارما ، و رغم أن سامر كان يبتسم ، ألا أن وليد كان عابسا ...


قال سامر :

" أرجوك استخدم غرفتي ! أنا سأسافر بعد الغد على أية حال "


قال وليد :

" و أنا كذلك . هل لا أحضرت لحافا الآن ؟؟ "


وليد شخص غريب ... نعم غريب !

نحن لا نعرفه ! و لا نعرف كيف هي طباعه و لا كيف كانت حياته في الخارج ... ربما كان صارما جدا ... قلما رأيته يبتسم مذ عودته !


انتهى الأمر بأن نام وليد في غرفة الضيوف ، على المقعد الكبير ، الذي نمت عليه ذلك اليوم ! أتذكرون ؟؟


توقعت أن أجد صعوبة في النوم ... طالما تفكيري مستعمر من قبل وليد ... ألا أنني نمت بسرعة مدهشة !


في اليوم التالي ، اجتمعت العائلة في غرفة الطعام لتناول الفطور الصباحي ، في ساعة متأخرة من الصباح !


أعددنا الأطباق في غرفة المائدة ، و جاء الجميع ليتخذوا مقاعدهم ...


كالعادة جلس والداي على طرفي المائدة ، و دانة إلى يمين أبي ، و سامر إلى يساره ، و هممت بالجلوس على مقعدي المعتاد يمين أمي ، لكنني انتظرت وليد ...


وليد حرك ذات المقعد و قال :


" مقعدك ... "


و تركه و ذهب للجهة المقابلة و جلس إلى يسار أمي ...


جلست أنا على مقعدي المعتاد ، و صار وليد مواجها لي ... وضع يسمح للأشعة المنبعثة من ناحيتة لاختراقي مباشرة !


فجأة ، وقف وليد ... و خاطب دانة قائلا :


" هل لا تبادلنا ؟؟ "


و تبادلا المعقدين ...



ربما رأى الجميع هذا التصرف عاديا ... و فسروه بأن وليد يرغب بالجلوس قرب والده .... أو أي تفسير آخر ... ألا أنني فسرته بأن وليد لا يرغب في الجلوس مقابلا لي ...



صار هذا الوضع هو الوضع الذي نجلس عليه خلال الأيام التي قضاها وليد معنا ...



وليد كان يلتزم الصمت ، و أنا أريد أن أسمع منه أخباره ، و لا أجرؤ على طرح الأسئلة عليه ...



بين لحظة و أخرى ، ألقي نظره باتجاهه ، لكن أعيننا لم تلتق مطلقا ...



بعد الفطور ، ذهب الجميع إلى غرفة المعيشة ، والدي يطالع الصحف و سامر يقلب قنوات التلفاز ، و دانه شاردة الذهن ... فيما وليد و أمي يتبادلان الحديث ، يشاركهما البقية بتعليق أو آخر من حين لآخر


تركت الجميع كما هم ، و ذهبت إلى غرفة الضيوف لرفع اللحاف و ترتيب ما قد يكون مضطربا ...


دخلت الغرفة ، فوجدت اللحاف مطويا و موضوعا على المقعد الكبير ، و على المنضدة المجاورة وجدت سلسة مفاتيح وليد ، و محفظته ...

مشيت بخفة حتى صرت أمام المنضدة و جعلت أحدق في المحفظة بفضول !


و انتقل فضولي من عيني إلى يدي ، فمددتها و نظرت من حولي لأتأكد من أن أحدا لا يراقبني !


انفتحت المحفظة المثنية ، فظهرت بطاقة وليد الشخصية و فيها صورة حديثة له !
بأنفه المعقوف !


و الآن ... ما هي الفكرة المجنونة التي قفزت إلى رأسي ؟

سأرسمه !


لم أدع أي فرصة لعقلي ليفكر ، و أخذت المحفظة و طرت مسرعة إلى غرفتي


و بدأت أرسم رسمة سريعة خفيفة لمعالم وجهه و أنظر للساعة في وجس و خوف ...


ما أن انتهيت ، حتى أسرعت الخطى عائدة بالمحفظة إلى غرفة الضيوف ... و توقفت فجأة و اصفر وجهي و ارتجفت أطرافي ... حين رأيت وليد في الغرفة مقبلا نحو الباب ، يحمل في يده سلسلة المفاتيح ...


أول شيء وقعت عينا وليد عليه هو محفظته التي تتربع بين أصابع يدي !


رفع وليد بصره عن المحفظة و نظر إلي ، فأسرعت بدفن أنظاري تحت قدمي قال باستنكار :


" أظن أنها ... تشبه محفظتي المفقودة تماما ! "


ازدردت ريقي و تلعثمت الكلمات على لساني من شدة الحرج و الخجل ...


قال وليد :

" خائنة ... مبذرة ... و ماذا بعد ؟ هل تسرقين أيضا ؟؟ "


رفعت نظري إليه و فغرت فاهي بذهول ... من هول ما سمعت !

~~~~~~~~~~~
 
قديم 29-12-2004, 02:17 AM   #42
fattoush
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Dec 2004
رقم العضوية: 3726
المشاركات: 6
عدد المواضيع: 0
عدد الردود: 6


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
fattoush is on a distinguished road

fattoush غير متصل
افتراضي

Where is the end of the story
 
قديم 29-12-2004, 02:22 AM   #43
fattoush
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Dec 2004
رقم العضوية: 3726
المشاركات: 6
عدد المواضيع: 0
عدد الردود: 6


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
fattoush is on a distinguished road

fattoush غير متصل
افتراضي

?????????????????Where is the end
 
قديم 30-12-2004, 09:44 PM   #44
اسيرة الصمت
عضو VIP
 
الصورة الرمزية اسيرة الصمت
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jun 2004
رقم العضوية: 25
الدولة: فلسطيــــــــــن
المشاركات: 20,328
عدد المواضيع: 1328
عدد الردود: 19000


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
اسيرة الصمت is on a distinguished road

اسيرة الصمت غير متصل
افتراضي

رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووعة
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 30-12-2004, 10:09 PM   #45
اسيره في قلب دامع
ღصاحبة الورده السوداءღ
 
الصورة الرمزية اسيره في قلب دامع
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 1819
المشاركات: 8,642
عدد المواضيع: 458
عدد الردود: 8184


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
اسيره في قلب دامع is on a distinguished road

اسيره في قلب دامع غير متصل
افتراضي

بجد ما اعرف اي كلام بليق بكتابتك كن كن

وصفك لاشياء مبدعه

كلماتك بجد جميله

انا عشت بالقصه بجد وكانها حقيقيه

وانا ما اعرف اذا حقيقيه او لا

ويا ريت تجيبني على السؤال انها قصه صارت او لا

مهما شكرتك لا يكفيك حقق

بجد ارووووع من راااااااااااااااااااااائع

تحياتي لك

وكل الاحترام والتقدير

سلاااااام
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 31-12-2004, 02:29 PM   #46
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

اخي فتوش انا اعرف انه القصة طويلة شوي بس انا حبيت اني انزل تقريبا حلقتين كل اسبوع....فتحمل معانا شوي

اختي روان مشكورة على التعليق الحلوووووو

اختي اسيرة شكرا لك على تعليقك الاكثر من رائع والذي اعتز فيه كثيرا. بالنسبة للقصة هي حقيقية نعم ولكن الاسماء والاماكن تغيرت حفاظا على خصوصويتها

تحياتي لكم
 
قديم 31-12-2004, 02:36 PM   #47
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة السادسة عشر

لقد قضيت خمسة أيام في بيت عائلتي ، كان يمكن أن تكون من أجمل أيام حياتي ... لكنها كانت من أسوأها


كنت أود الرحيل عنهم في أقرب فرصة ، لكنني اضطررت كارها للبقاء بإلحاح من أبي و أمي


سامر غادر يوم الجمعة ، و قد ودعته وداعا باردا ... و غادرت أنا صباح الثلاثاء التالي باكرا .


خلال تلك الأيام الخمسة ...

كنت أتحاشى الالتقاء برغد قدر الإمكان و لا أنظر أو أتحدث إليها إلا للضرورة

و هي الأخرى ، كانت تلازم غرفتها معظم الوقت و تتحاشى الحديث معي ، خصوصا بعد أن قلت لها :


" هل تسرقين ؟ "


اعترف بأنني كنت فظا جدا ألا أنني لم أجد طريقة أفضل لأعبر بها عن غضبي الشديد و مرارتي لفقدها



في آخر الأيام ، طلبت مني والدتي اصطحاب رغد إلى المكتبة لتشتري بعض حاجياتها .


لم أكن لأفعل ذلك ، غير أنني شعرت بالحرج ... إذ أن والدي كان قد عاد قبل قليل من العمل و يسترخي ... فيما أنا أنعم بالراحة و الكسل ، دون مقابل ...
و ربما كان ذلك ، نوعا من الإعتذار ...

في ذلك اليوم كان نوار في زيارة مطولة لشقيقتي ، و مدعو للعشاء معها !


ذهبنا انا و رغد إلى تلك المكتبة العظمى المترامية الأطراف ...


رغد توجهت إلى الزاوية الخاصة ببيع أدوات الرسم و التلوين و خلافها ... و بدأت تتفرج و تختار ما تريد ...


و على فكرة ، علمت أنها رسامة ماهرة ...


لكم كانت تعشق التلوين منذ الصغر !


أخذت أتفرج معها على حاجيات الرسم و التلوين ... ثم انعطفت في طريقي ، مواصلا التفرج ... و لم يعد باستطاعتي رؤية رغد أو باستطاعتها رؤيتي


شغلت بمشاهدة بعض الرسوم المعلقة أعلى الحائط و ما هي إلا ثوان حتى رأيت رغت تقف بجواري !

قلت :

" رسوم جميلة ! "

" نعم . سأشتري الألوان من هناك "

و أشارت إلى الناحية الأخرى التي قدمنا منها ... فعدت معها ...


انهمكت هي باختيار الألوان و غيرها ، فسرت أتجول و أتفرج على ما حولي حتى بلغت زاوية أخرى فانعطفت ...


مضت ثوان معدودة ، و إذا بي أسمع صوت رغد يناديني مجددا ...

استدرت للخلف فرأيتها تقف قربي !

و بيني و بينها مسافة بضع خطوات

تخيلت أنها تريد قول شيء ، فسألتها :

" هل انتهيت ؟؟ "

قالت :

" لا "

تعجبت !

قلت :

" إذن ؟؟ "

قالت :

" لا تبتعد عني "

يا لهذه الفتاة !

قلت :

" حسنا ! "


و مضيت معها إلى حيث كانت أغراضها موضوعة على أحد الأرفف

رأيتها تأخذ أغراضا أخرى كثيرة ، فتلفت من حولي بحثا عن سلة تسوق ، و لم أجد

ذهبت لأبحث عن سلة فإذا بي أسمعها تناديني :


" وليد "

قلت :

" سأحضر سلة لحمل الأغراض "

فإذا بها تترك ما بيدها و تأتي معي !


عدنا مجددا للأغراض ، و تابعت هي اختيار ما تشاء، و تجولت أنا حتى بلغت ناحية الكتب ...

الكثير من الكتب أمام عيني !

يا له من بحر كبير ! كم أنا مشتاق للغطس في أعماقه !


لم أكن قد قرأت كتابا منذ مدة طويلة ... أخذت أتفرج عليها و أتصفح بعضها ... و انتقل من رف إلى آخر ، و من مجموعة إلى أخرى ... حتى غرقت في البحر حقا !

كانت أرفف الكتب مصفوفة على شكل عدة حواجز تقسم المنطقة ...

و الكثير من الناس ينتشرون في المكان و يتفرجون هنا أو هناك ...


دقائق ، و إذا بي أسمع صوت رغد من مكان ما !


كان صوتها يبدو مرتبكا أو قلقا ... لم أكن في موقع يسمح لي برؤيتها ... فسرت بين الحواجز بحثا عنها و أنا أقول :


" أنا هنا "

و لم أسمع لها صوتا !


أخذت ألقي نظرة بين الحواجز بحثا عنها

ثم وجدتها بين حاجزين ...


" أنا هنا ! "


حينما رأتني رغد أقبلت نحوي مسرعة تاركة السلة التي كانت تحملها تقع على الأرض و حين صارت أمامي مباشرة فوجئت بها تمسك بذراعي و ترتجف !


كانت فزعة !

وقفت أمامي ترتعش كعصفور مذعور !

نظرت إليها بذهول ... قلت :

" ما بك ؟؟ "

قالت و هي بالكاد تلتقط بعض أنفاسها :

" أين ذهبت ؟ "

أجبت :

" أنا هنا أتفرج على الكتب ! ... ما بك ؟؟ "

رغد ضغطت على ذراعي بقوة ... و قالت بفزع :


" لا تتركني وحدي "


نظرت إليها بشيء من الخوف ، و القلق ... و الحيرة ...

فقالت :

" لا تدعني وحدي ... أنا أخاف "


لكم أن تتصوروا الذهول الذي علاني لدى سماعي لها تقول ذلك ... و رؤيتها ترتجف أمام عيني بذعر ...


لقد ذكرني هذا الموقف ، باليوم المشؤوم ...


قلت :


" أ أنت ... بخير ؟؟ "


فعادت تقول :

" لا تتركني وحدي ... أرجوك ... "


لم يبد لي هذا تصرفا طبيعيا ... توترتُ خوفا و قلقا ... و تأملتها بحيرة ...


سرنا باتجاه السلة ، فأردت سحب ذراعي من بين يديها لحمل السلة و إعادة المحتويات إلى داخلها ... لكنها لم تطلقها بسهولة ...


و عوضا عن ذلك تشبثت بي أكثر ثم بدأت بالبكاء ...



لم يكن موقفا عاديا ، لذا فإن أول شيء سألت أمي عنه بعد عودتنا للبيت :


" ما الذي جعل رغد تفزع عندما تركتها في المكتبة و ابتعدت قليلا ؟؟ "


أمي نظرت إلي باهتمام ... ثم قالت :


" ماذا حدث ؟؟ "

" لا شيء ... ذهبت ألقي نظرة على الكتب و بعد دقائق وجدتها ترتجف ذعرا ! "


عبس وجه والدتي ، و قالت :


" و لماذا تتركها يا وليد ؟ قلت لك ... انتبه لها "


أثار كلام أمي جنوني ، فقلت :


" أمي ... ماذا هناك ؟؟ ما لأمر ؟؟ "


قالت أمي بمرارة :


" لديها رهبة مرضية من الغرباء ... تموت ذعرا إذا لم تجد أحدنا إلى جانبها ... إنها مريضة بذلك منذ سنين ... منذ رحيلك يا وليد ! "


لقد صدمت بالنبأ صدمة هزت كياني و وجداني ...

أخبرتني أمي بتفاصيل حدثت للصغيرة بعد غيابي ... و الحالة المرضية التي لازمتها فترة طويلة و الذعر الذي ينتابها كلما وجدت نفسها بين غرباء ...

لم يكن صعبا علي أن أربط بين الحادث المشؤوم و حالتها هذه

و كم تمنيت ...

كم تمنيت ...

لو أن عمّار يعود للحياة ... فأقتله ... ثم أقتله و أقتله ألف مرة ...


إنه يستحق أكثر من مجرد أن يقتل ....


قالت أمي :


" و عندما توالت الهجمات على المنطقة ، اشتد عليها الذعر و المرض ... و وجدنا أنفسنا مضطرين للرحيل مع من رحل عن المدينة ... لم يكن الرحيل سهلا ، لكن العودة كانت أصعب ... قضيت معها فترات متفرقة في المستشفى ... لم تكن تفارقني لحظة واحدة ! بمشقة قصوى ذهب والدك و شقيقك لزيارتك في العاصمة ، تاركين الطفلة المريضة و أختها في رعايتي في المستشفى ، ألا أنهما منعا من الزيارة و أبلغا أن الزيارة محظورة تماما على جميع المساجين ! "



و أمي تتحدث و أنا رأسي يدور ... و يدور و يدور ... حتى لف المجرة بأكملها

تساؤلات كان تملأ رأسي منذ سنين ، و جدت إجابة صاعقة عليها دفعة واحدة ...


أسندت رأسي إلى يدي ...


رأتني أمي أفعل ذلك فقالت :


" بني ... أ أنت بخير ؟؟ "


رفعت يدي عن رأسي و قلت :


" و لماذا ... لماذا زوجتموها لسامر و هي بذلك السن المبكر جدا ؟؟ "


قالت :


" لمن كنت تظننا سنسلم ابنتنا ؟؟ إنها تموت ذعرا لو ابتعدت عنا ... هل تتصور أنها تستطيع الخروج من هذا المنزل ؟؟ لا تخرج في مكان عام إلا بوجود أبيك أو سامر ... كانت ستتزوجه عن عاجلا أم آجلا ... فرفعنا الحرج عنهما لبقائهما في بيت واحد "


قلت :


" لكن يا أمي ... إنها ... إنها .... "


و لم تخرج الكلمة المعنية ...


أتممت :


" إنها صغيرة جدا ... ما كان يجب أن تقرروا شيئا كهذا ... "


و تابعت :


" كان يجب ... كان يجب ... إن ... "


و لم أتم ...


ماذا عساي أن أقول ... ؟؟ لقد فات الأوان و انتهى كل شيء ...


لكن الأمور بدت أكثر وضوحا أمامي ...


هممت بالذهاب إلى غرفة سامر التي أستغلها ، من أجل تنفس الصعداء وحيدا ...


توقفت قبل مغادرتي لغرفة المعيشة حيث كنا أنا و أمي ...


التفت إليها و قلت :


" أ لهذا لم تخبروها بأنني دخلت السجن ؟؟؟ هل أخبرتموها أنني ... لن أعود ؟؟ "


والدتي قالت :


"أخبرناها بأنك قد تعود ... و لكن ... بعد عشرين عاما ... و قد لا تعود ... "


كانت أمي تبكي ...


بينما قلبي أنا ينزف ...


قلت :


" و لكنني عدت ... "


والدتي مسحت دموعها وابتسمت ، ثم تلاشت الابتسامة عن وجهها ... و نظرت إلي باهتمام و قلق ...


قلت :

" و يجب أن أرحل "


و تابعت طريقي إلى غرفة سامر ...




فضول لم استطع مقاومته ، و قلق شديد بشأنها دفعني للاقتراب من غرفة رغد المغلقة ... و من ثم الطرق الخفيف ...



" أنا وليد "


بعد قليل ... فتح الباب ...


كنت أقف عن بعد ... أطلت رغد من الداخل و نظرت إلي


رأيت جفونها الأربعة متورمة و محمرة أثر الدموع


قلت :


" صغيرتي ... أنا آسف ... "


ما أن قلت ذلك ... حتى رفعت رغد يديها و غطت وجهها و أجهشت بكاءا


زلزلني هذا المشهد ... كنت أسمع صوت بكائها يذبذب خلايا قلبي قبل طبلتي أذني ّ


قلت بعطف :


" رغد ... "


رغد استدارت للخلف و أسرعت نحو سريرها تبكي بألم ...


بقيت واقفا عند الباب لا أقوى على شيء ... لا على التقدم خطوة ، و لا على الانسحاب ...


" رغد يا صغيرتي ... "


لم تتحرك رغد بل بقيت مخفية وجهها في وسادتها تبكي بمرارة ... و يبكي قلبي معها ...


" رغد ... أرجوك كفى ... "

ثم قلت :

" توقفي أرجوك ... لا احتمل رؤية دموعك ! "


و لم تتحرك رغد ...


تقدمت خطوة واحدة مترددة نحو الداخل ... و نظرت إلى ما حولي بقلق و تردد ...


المرآة كانت على يميني ، و حين تقدمت خطوة رأيت صورتي عليها ... و حين التفت يسارا ... رأيت صورتي أيضا !


فوجئت و تعلقت عيناي عند تلك الصورة !


لقد كانت رسمة لي أنا على لوحة ورقية ، لم تكتمل ألوانها بعد !


نقلت بصري بين رغد الجالسة على السرير تغمر وجهها في الوسادة ، و صورتي على الورقة !


كيف استطاعت رسمي بهذه الدقة !؟ و بمظهري الحالي ... فأنفي محفور كما هو الآن !


كيف حصلت على صورة لي لترسمها ، أم أنها رسمتها من خلال المرات القليلة العابرة التي نظرت فيها إلي ... !؟


" يشبهني كثيرا ! أنت بارعة ! "


ما أن أنهيت جملتي حتى قفزت رغد بسرعة ، و عمدت إلى اللوحة فغطتها بورقة بيضاء بسرعة و ارتباك !


ثم بعثرت أنظارها في أشياء كثيرة ... بعيدا عني ... و أخذت تفتح علب الألوان الجديدة التي اشترتها من المكتبة باضطراب ...


رجعت للوراء ... لم أكن أملك فكرة لما علي فعله الآن ! ماذا علي أن أفعل ؟؟

أظن ... أن علي الخروج حالا



الجملة التي ولدت على لساني هذه اللحظة كانت :

" أحب أن أتفرج على رسوماتك ! "


و لكن أهذا وقته !


رجعت خطوة أخرى للوراء و أضفت :


" لاحقا طبعا ... إذا سمحت ِ "


رغد توجهت نحو مكتبتها و أخرجت كراسة رسم كبيرة ، و أقبلت نحوي و مدتها إلي ...


في هذه اللحظة التقت نظراتنا


كان بريق الدموع لا يزال يتلألأ في عينيها الحمراوين ، ينذر بشلال جارف ...


أخذت الكراسة ....

و قلت و قلبي يتمزق :


" لا تبكي أرجوك ... "



لكن الدمعة فاضت ... و انسكبت ... و انجرفت ... تقود خلفها جيشا من الدموع المتمردة ...


" رغد ... سألتك بالله كفى ... أرجوك ... "


" لا أستطيع أن أتغلب على ذلك ... كلهم مرعبون ... مخيفون ... أشرار ... يريدون اختطافي "

و انفجرت رغد في بكاء مخيف ... هستيري ... قوي ... و ارتجفت أطرافي ذعرا و غضبا و قهرا كدت أصرخ بسببه صرخة تدوي السماء ...


أراها أمامي كما رأيتها ذلك اليوم المشؤوم ... و أضغط على الكراسة في يدي و أكاد أمزقها ...

تمنيت لو أستطيع تطويقها بين ذراعي بقوة ... كما فعلت يومها ... لكنني عجزت عن ذلك

~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:44 PM   #48
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــابع


تمنيت لو ...

لو أخرج جثة عمار من تحت سابع أرض ... و أقتله ، ثم أمزقه قطعة قطعة ... خلية خلية ... ذرة ذرة ...


لو يعود الزمن للوراء ... لكنت قتلته في عراكي معه آخر مرة ... و لم أدع له الفرصة ليعيش و يؤذيك ...


إنني كنت السبب ...

نعم أنا السبب ...

و قد انتقم مني أبشع انتقام ...

و أي انتقام ؟؟

ثمن بقيت أدفعه منذ ذلك اليوم ، و حتى آخر لحظة في حياتي البائسة ...

ما ذنب صغيرتي في كل هذا ...؟

خسئت أيها الوغد ...


هنا أقبلت أمي التي يبدو أنها سمعت بكاء رغد ... و وقفت إلى جانبي لحظة تنقل نظرها بني و بين رغد ، ثم تقدمت إلى رغد

" عزيزتي ؟؟ "


رغد ارتمت بقوة في حضن والدتي ... و هي تبكي بألم صارخ ... و تقول بين دموعها :


" لا تتركوني وحدي ... لا تتركوني وحدي ... "


أمي طوقت رغد بحنان و أخذت تربت عليها بعطف و تهدئها ...


ثم نظرت إلى باستياء و قالت :


" لماذا يا وليد ؟؟ "








في غرفة سامر ، أجلس على السرير ، أقلب صفحات كراسة رغد ...


الكثير من الرسومات الجميلة ...لأشياء كثيرة ... ليس من بينهم صورة لأحد أفراد العائلة غير دانة !


صورة لها و هي صغيرة و غاضبة !

و العديد من صور أشياء خيالية ... و أشباح !

لا أعرف ما الذي تقصده بها ...


كانت ساعتان قد انقضتا مذ خرجت من غرفتها تاركا إياها تهدأ في حضن والدتي

الآن أسمع طرقا على الباب


" تفضل "


و دخلت والدتي


" وليد ... العشاء جاهز "


تركت الكراسة على السرير و خرجت مع أمي قاصدين غرفة الطعام . قبل أن نصل، همست أمي لي :


" وليد ... لا تثر ذلك الأمر ثانية رجاءا "

فأومأت برأسي موافقا .




و لم أسمح لنظراتي أن تلتقي بعيني رغد أو للساني أن يكلمها طوال الوقت .


بعد ذلك ، ذهبت مع أبى نتابع آخر الأخبار عبر التلفاز ، في غرفة المعيشة


لا يزال الدمار ينتشر ... و الحرب التي هدأت نسبيا لفترة مؤقتة عادت أقوى و أعنف ... و أخذت تزحف من قلب البلدة إلى الجهات الأربع ...


تم غزو مدينتين أخريين مؤخرا ، لم تكن الحرب قد نالت منهما حتى الآن ... و تندرج المدينة الصناعية التي نحن فيها الآن ، في قائمة المدن المهددة بالقصف ...


كنت مندمجا في مشاهدة لقطات مصورة عن مظاهرات متفرقة حدثت صباح اليوم في مدن مختلفة من بلدنا .... و رؤية العساكر يضربون المدنيين و يقبضون على بعضهم ...


منظر مريع جعل قلبي ينتفض خوفا ... و أثار ذكريات السجن المؤلمة المرعبة ...


في هذا الوقت ، أقبلت رغد تحمل مجموعة من الكراسات و اللوحات الورقية ، و جاءت بها إلي !


" تفرج على هذه أيضا ... هذا كل ما لدي "


وضعتُ الكراسات علة المنضدة المركزية ، و جلست رغد على مقعد مجاور لمقعدي ... تراقبني و تنتظر تعليقاتي حول رسوماتها الجميلة ...


إن عيني كانت على الرسومات ، ألا أن أذني كانت مع التلفاز !


بعدما فرغت من استعراض جميع الرسومات قلت :


" رائعة جدا ! أنت فنانة صغيرتي ! أهذا كل شيء ؟؟ "


رغد ابتسمت بخجل و قالت :


" نعم ... عدا اللوحة الأخيرة "


و أخفت أنظارها تحت أظافر يديها !


لماذا قررت رغد رسمي أنا ؟ و أنا بالذات !؟؟

إنها لم ترسم أحدا من أفراد عائلتي ... فهاهي الرسومات أمامي و لا وجود لسامر مثلا فيما بينها !


قلت :


" متى تنهينها ؟ "


لا زالت تتأمل أظافرها و كأنها تراهم للمرة الأولى !


قالت :

" غدا أو بعد الغد ... "

قلت :

" خسارة ! لن أراها كاملة إذا ! "


رفعت رغد عينيها نحوي فجأة بقلق ، ثم قالت :

" لماذا ؟ "

أجبت :

" لأنني ... سأرحل غدا باكرا ... كما تعلمين ! "


اختفى صوت الأخبار فجأة ، التفت إلى التلفاز فإذا به موقف ، ثم إلى أبي ، و الذي كان يحمل جهاز التحكم في يده ، فرأيته ينظر إلي بعمق ... و إلى أمي فوجدتها متسمرة في مكانها ، تحمل صينية فناجين و إبريق الشاي ...


و كنت شبه متأكد ، من أنني لو نظرت إلى الساعة لوجدتها هي الأخرى متوقفة عن الدوران !

حملق الجميع بي ... فشعرت بالأسى لأجلهم ... كانت نظرات الاعتراض الشديد تقدح من أعينهم


أول من تحدث كان أمي :


" ماذا وليد ؟؟ و من قال أنك سترحل من جديد ؟؟ "


صمت قليلا ثم قلت :

" قلت ذلك منذ أتيت ... انتهت الزيارة و لابد لي من العودة "


قال والدي مقاطعا :

" ستبقى معنا يا بني "


هززت رأسي ، و قلت :

" و العمل ؟؟ ماذا أفعل ببقائي هنا ؟؟ "


و دار نقاش طويل حول هذا الموضوع ، و بدأت أمي بالبكاء ، و رغد كذلك !

و حين وصلت دانة ـ و التي كانت لا تزال تتناول العشاء مع خطيبها في غرفة الضيوف ، و جاءت تسأل أمي عن الشاي ، و رأت الوجوم على أوجهنا ثم عرفت السبب ـ بكت هي الأخرى !


أردت أن أختصر على نفسي و عليهم آلام الوداع .. سرعان ما قلت :

" سأخلد للنوم "


و ذهبت إلى غرفة سامر


أخذت أقلب كراسة رغد مجددا ...

كم أثارت ذكريات الماضي ... كم كانت شغوفة بالتلوين ! لقد كنت ألون معها ببساطة ! كم أتمنى لو ... تعود تلك الأيام ...



جمعت أشيائي في حقيبة سفري الصغيرة التي جئت بها من مدينتي


ضبطت المنبه ليوقظني قبل أذان الفجر بساعة ...


كنت أريد أن أخرج دون أن يحس أحد بذلك ، لئلا تبدأ سلسلة عذاب الفراق و ألم الوداع ... كالمرة السابقة ...


و حين نهضت في ذلك الوقت ، تسللت بهدوء و حذر خارجا من المنزل ...


كان السكون يخيم على الأجواء ... و الكون غارق في الظلام الموحش ... إلا عن إنارة خافتة منبعثة من المصباح المعلق فوق الباب


خرجت إلى الفناء الخارجي ، و كان علي أن أترك الباب غير موصد ... و سرت إلى البوابة الخارجية ... فإذا بي أسمع صوت الباب يفتح من خلفي ..

~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:47 PM   #49
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــابع

استدرت إلى الوراء ... فإذا بي أرى رغد تطل من فتحة الباب !


صمدت في مكاني مندهشا !


رغد أخذت تنظر إلى و إلى الحقيبة التي في يدي ... ثم تهز رأسها اعتراضا ... ثم تقبل إلي مسرعة ...

" وليد ... لا ... لا ترحل أرجوك "


حرت و لم يسعفني لساني بكلمة تناسب مقتضى الحال ... سألتها :


" لم ... أنت مستيقظة الآن ؟؟ "


رغد حدقت بي مدة ، و بدأت الدموع تنحدر من محجريها ...


" أوه ... كلا أرجوك ! "


قلت ذلك بضيق ، فأنا قد خرجت في هذا الوقت خلسة هروبا من هذا المنظر ...


ألا أن رغد بدأت تبكي بحدة ...


" لا تذهب وليد أرجوك ... أرجوك ... ابق معنا "


قلت :


" لا أستطيع ذلك ... أعني ... لدي عمل يجب أن أعود إليه "

و في الحقيقة ، لدي واقع مر يقف أمامي ... علي أن أهرب منه ...


رغد تهز رأسها اعتراضا و استنكارا ... ثم تقول :


" خذني معك "


ذهلت لهذه الجملة المجلجلة ! و اتسعت حدقتا عيني دهشة ...


رغد قالت :


" أريد أن أعود إلى بيتنا "


" رغد !! "


دخلت رغد في نوبة بكاء متواصل ، خشيت أن يخترق صوتها الجدران فيصل إلى البقية و يوقظهم ... و نبدأ دوامة جديدة من الدموع ...


قلت :

" رغد ... أرجوك كفى ... "


رغد قالت بانفعال ، و صوتها أقرب للنوح منه إلى الكلام :

" أنا ... وفيت بوعدي ... و لم أخن اتفاقنا ... لكنك كذبت علي ... و لم تعد ... و الآن بعد أن عدت ... تبادر بالرحيل ... و تنعتني بالخائنة ؟ إنك أنت الخائن يا وليد ... تتركني و ترحل من جديد "


كالسم ... دخلت هذه الكلمات إلى قلبي فقتلته ... و زلزلتني أيما زلزلة ...


قلت مندهشا غير مستوعب لما التقطت أذناي من النبأ الصاعق :


" لم ... لم ... تخبري أحدا ... ؟؟ "


رغد هزت رأسها نفيا ...


قلت بذهول :


" و لا ... حتى ... سامر ؟؟ "


و استمرت تهز رأسها نفيا و بألم ...

فشعرت بالدنيا هي الأخرى تهتز و ترتجف من هول المفاجأة ... تحت قدمي ّ


قالت :


" كنت أنتظر أن تعود ... لكنهم أخبروني أنك لن تعود ... و لا تريد أن تعود ... و كلما اتصلت بهاتفك ... وجدته مقفلا ... و لم تتصل لتسأل عني و لا مرة طوال هذه السنين ... لماذا يا وليد ؟؟ "


لحظتها تملكتني رغبة مجنونة بأن أضحك ... أو ... أو حتى أتقيأ من الصدمة !
لكن ...
ما الجدوى الآن ...


كبتّ رغبتي في صدري و معدتي ، و رفعت نظري إلى السماء ... أُشهد ملائكة الليل على حال ٍ ليس لها مثيل ...


و حسبي الله و نعم الوكيل ...


سمعت صوت تغريد عصفور شق سكون الجو ... و نبهني للوقت الذي يمضي ...

و الوقت الذي قد مضى ...

و الوقت القادم المجهول ...

كم سخرت الدنيا مني ... فهل من مزيد ؟؟؟


" صغيرتي ... أنا ذاهب ... "


رغد ظلت تنظر إلي و تبكي بغزارة ... و لم يكن باستطاعتي أن أمسح دموعها ...


استدرت موليا إياها ظهري ... لكن صورتها بقيت أمام عيني مطبوعة في مخيلتي ...


سرت خطى مبتعدا عنها ... نحو البوابة الرئيسية للفناء ، و فتحتها ...

قلت :

" اقفلي الباب من بعدي .. "


دون أن التفت نحوها ... فهو دوري لأذرف الدموع ... التي لا أريد لأحد أن يراها و يسبر غورها ...



" وليــــــــــد "



و كعصفور يطير بحرية ... بلا قيود و لا حدود ... و لا اعتبار لأي شيء ... أقبلت نحوي ...



استدرت ... و تلقيت سهما اخترق صدري و ثقب قلبي ... و بعثر دمائي و مشاعري في لحظة انطلقت فيها روحي تحلق مع الطيور المرفرفة بأجنحتها ... احتفالا بمولد يوم جديد ...





منذ الساعة التي أجريت فيها المقابلة الشخصية ، و طرح علي السؤال عن خبراتي و مؤهلاتي و عملي في السابق ، أدركت أن الأمر لن يكون يسيرا ...



حصلت على الوظيفة رغم ذلك بتوصية حادة من صديقي سيف ، الذي ما فتئ يشجعني و يحثني على السير قدما نحو الأمام



و خلال الأشهر التالية ، واجهت الكثير من المصاعب ... مع الآخرين .

بطريقة ما انتشر نبأ كوني خريج سجون بين الموظفين ، و تعرضت للسخرية و المعاملة القاسية من قبل أكثرهم




كنت أعود كل يوم إلى المنزل مثقلا بالهموم ، و عازما على عدم العودة للشركة مجددا ، ألا أن لقاءا قصيرا أو مكالمة عابرة مع صديقي سيف تنسيني آلامي و تزيح عني تلك الهموم ...



أصبح صديقي سيف هو باختصار الدنيا التي أعيشها ...




توالت الأشهر و أنا على هذه الحال ، و كنت اتصل بأهلي مرتين أو ثلاث من كل شهر ... اطمئن على أحوالهم و أحيط علما بآخر أخبارهم



علمت أن رغد التحقت بكلية الفنون و أن دانه قد حددت موعدا لزفافها بعد بضعة أشهر .. و أن والديّ يعتزمان تأدية الحج هذا العام ...


أما سامر ، فقليلا جدا ما كنت أتحدث إليه ، حين أتصل و يكون صدفة متواجدا في المنزل ، إذ انه كان يعمل في مدينة أخرى ...



في الواقع ، أنا من كان يتعمد الاتصال في أيام وسط الأسبوع أغلب الأوقات .



لقد تمكنت بعد جهد طويل ، من طرد الماضي بعيدا عن مخيلتي ، ألا أنني لازلت احتفظ بصورة رغد الممزقة موضوعة على منضدتي قرب سريري ـ إلى جانب ساعتي القديمة ـ ألمها ثم أبعثرها كل ليلة !



حالتي الاقتصادية تحسنت بعض الشيء ، و اقتنيت هاتفا محمولا مؤخرا ، ألا أني تركت هاتف المنزل مقطوعا عن الخدمة .



أما أوضاع البلد فساءت عما كانت عليه ... و أكلت الحرب مدنا جديدة ...
و أصبح محظورا علينا العبور من بعض المناطق أو دخول بعض المدن ...



في مرات ليست بالقليلة نتبادل أنا و سيف الزيارة ، و نخرج سوية في نزهات قصيرة أو مشاوير طويلة ، هنا أو هناك ...




في إحدى المرات ، كنت مع صديقي سيف في مشوار عمل ، و كنا نتأمل مشاهد الدمار من حولنا ...

الكثير الكثير من المباني المحطمة ... و الشوارع الخربة ...



مررنا في طريقنا بأحد المصانع ، و لم يكن من بين المباني التي لمستها يد الحرب ... فتذكرت مصنع والدي الذي تدمر ...


قلت :


" سبحان الله ! نجا هذا من بين كل هذه المباني المدمرة ! ألا يزال الناس يعملون فيه ؟؟ "


أجاب سيف :


" نعم ! إنه أهم مصنع في المنطقة يا وليد ! ألا تعرفه ؟ "


" كلا ! لا أذكر أنني رأيته مسبقا ! "


ابتسم سيف و قال :


" إنه مصنع عاطف ... والد عمّار ... يرحمهما الله ! "



دهشت ! فهي المرة الأولى التي أرى فيها هذا المبنى ... !



أخذت أتأمله بشرود ... ثم ، انتبهت لكلمة علقت في أذني ...


" ماذا ؟ رحمهما الله ؟؟ "


سألت سيف باستغراب ، معتقدا بأنه قد أخطأ في الكلام ... قال سيف :


" نعم ... فعاطف قد توفي في العام الماضي ... رحمه الله "


~~~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:50 PM   #50
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة السابعة عشر

بين يوم و آخر ، يحضر نوار لزيارة دانه أو الخروج معها للعشاء في أحد المطاعم أو للتنزه ... أو شراء مستلزمات الزفاف و عش المستقبل !



" إلى أين ستذهبان اليوم ؟؟ "

سألتها ، و هي ترتدي عباءتها استعدادا للخروج ، قالت :

" إلى محلات التحف أولا ، ثم إلى الشاطئ ! سأعود ليلا ! "


قلت :

" الشاطئ ؟ رائع ! كم أشتاق الذهاب إليه ! "


قالت بمكر :

" تعالي معنا ! "

نظرت إليها باستهتار ثم أشحت بوجهي عنها ... قلت :

" كنت سأفعل لو أن خطيبك لم يكن ليرافقنا !"


قالت بخبث :

" نذهب وحدنا ؟ أنا و أنت ؟؟ "

" نأخذ أبي و أمي ! ما رأيك دانه ؟؟ اصرفيه و دعينا نذهب نحن الأربعة ! "

" لا تكوني سخيفة ! "

و انصرفت عني ترتب عباءتها أمام المرآة ...


قلت :

" في كل يوم تخرجين معه ! لم لا تتنازلين عن هذا اليوم لنخرج معا ؟؟ إنني أشعر بالملل "


قالت :

" غدا يعود سامر و اذهبي معه حيث تريدين ! "


و غدا هو موعد زيارة سامر ، الذي يأتي مرة أو مرتين من كل شهر ... ليقضي عطلة نهاية الأسبوع معنا ...


لكن ...


لكنني لا أشعر بالحماس للذهاب معه ...


حين أقارن بين وضعي و وضع دانه أشعر بفارق كبير ... إنها منذ لحظة ارتباطها تعيش سعادة و بهجة متواصلة ... و تستمتع بحياتها كل يوم


خطيبها رجل ثري و يغدق عليها الهدايا و الهبات !


كل يوم أذهب أنا للكلية ثم أعود و أقضي وقتا لا بأس به في الواجبات و في الرسم ، بينما تستمتع دانه بالنزهات و الرحلات مع خطيبها المغرور ...


و في أحيان أخرى تقضي ساعات طويلة في التحدث معه عبر الهاتف !

حين يتصل سامر فإن حديثنا لا يستغرق غير دقائق ...

فهل كل المخطوبين مثل دانه سواي أنا ؟؟




قلت أستفزها :

" و على كل ... فخطيبك شخص مغرور و بغيض ! لا أعرف كيف تحتملين البقاء معه كل هذه الساعات ! "



التفتت دانه نحوي و نظرت إلي بخيلاء و قالت :


" مغرور ؟ و حتى لو كان كذلك ! يحق له ... فهو أشهر و أغنى لاعب في المنطقة ! أما بغيض ... فلا تعني شيئا ! فهو رأيك في جميع الرجال ! "



و صمتت لحظة ثم قالت :

" و ربما حتى سامر ! أنت خالية من الرومانسية يا رغد ! و لا تعرفين كيف تحبين أو تدللين خطيبك ! "



و هنا سمعنا صوت جرس الباب ، فانطلقت دانه مسرعة تحثني على الخروج من غرفتها ، ثم تقلق الباب ... و تغادر ...



ربما نسيت دانه ما قالت حتى قبل أن تغادر ، لكن كلماتها ظلت تدق مسمارا مؤلما في قلبي لوقت طويل ...


أنا فعلا لا أشعر باللهفة للقاء سامر ! لكنه دائما يشتاق إلي ... و في الآونة الأخيرة ، بعد أن انتقل إلى مدينة أخرى ، صار يعاملني بطريقة أشد لطفا و حرارة كلما عاد



ذهبت إلى غرفتي و أنا متأثرة من جملة دانه الأخيرة هذه ... فهل أنا فعلا خالية من الرومانسية ؟؟


و هل بقية الفتيات يتصرفن مثل دانه ؟؟

أنا لم احتك مباشرة بصديقة مخطوبة فأنا أول من خطبت من بين صديقاتي رغم أنني أصغرهن سنا !




أردت طرد هذه الأفكار عن رأسي ، فعمدت إلى كراساتي ... و أقبلت على الرسم ...


شيء ما دعاني لأن أفتش بين لوحاتي المتراكمة فوق بعضها البعض عن صورة وليد !



لا تزال الصورة كما هي ... منذ رحل ... لم أملك أي رغبة في إتمام تلوينها ...

لست من النوع المتباهي بنفسه ، لكن هذه اللوحة بالذات ... رائعة جدا !


وليد ... له وجه عريض ... و جبين واسع ... و شعر كثيف ... و عينان عميقتا النظرات ... و فك عريض منتفخ العضلات ... و أنف معقوف حاد !


إنه أكثر وسامة من نوّار الذي تتباهى دانه به !

و من سامر المشوه طبعا ...


لم أكن لأرسم شيئا مشوها كوجه سامر ... إنه لا يصلح عملا فنيا ...


في لقائي الأخير به ، عند رحيله ليلا ... بكيت كثيرا جدا ... ربما أكثر مما بكيت يوم علمت أنه سافر للدراسة دون وداعي قبل سنوات ...



أوصدت الباب و دخلت ، و العبرات منزلقة بانطلاق على خدي الحزين


فوجئت برؤية والدتي تقف عند النافذة المشرفة على الفناء ، و التي تسمح للناظر من خلالها أن يرى البوابة ، و من يقف عند البوابة ، و ما يحدث قرب البوابة !




لم أعرف لحظتها ما أفعل و ما أقول ... أصابني الهلع و الخرس ... أمي اكتفت برشقي بنظرات مخيفة و حزينة في آن واحد ، ثم انصرفت ...



منذ ذلك الحين و هناك شيء ما يقف بين وبينها ... لا أعرف ما كينونته و لا أجله





في المساء ، زارتني ابنة خالتي نهلة ، و طبعا سارة معها فهي تلازمها كالذيل ليلا و نهارا !



كنت أرغب في التحدث مع نهلة عن أمور تشغل تفكيري و تحيرني ... و أشياء لا أستطيع التحدث عنها لشخص آخر ... و لكن كيف لي أن أصرف هذه الصغيرة المتطفلة ؟؟



" ساره ... هل تحبين الذهاب إلى غرفتي و التفرج على رسوماتي ؟؟ يمكنك أيضا رسم ما تشائين ! "

" سأذهب حين تذهب أختي "



أوه ... كيف لي أن أصرفها ...؟؟


" إذن ... ما رأيك بمشاهدة فيلم هزلي جديد مدهش ... أحضره أبي يوم أمس ؟ اذهبي لغرفة المعيشة و تفرجي مع أمي ! "


"سأبقى معكما "



نهلة نظرت إلي نظرة استنتاج ، ثم قالت لشقيقتها :


" عزيزتي ساره ... شاهدي الفيلم و نحن سنأتي بعد قليل ! "

" سأذهب حين تذهبان "




يا لها من فتاة مزعجة ! ألا أستطيع أن أنفرد بصديقتي لبعض الوقت ؟؟


قالت نهلة :

" لا بأس رغد ! فهي لا تكترث لما نقول ! ... أهناك شيء ؟؟ "


ترددت ، و لكنني بعد ذلك أطلقت لساني لقول أمور لم أظن أن سارة ستفهمها ... فهي إلى كونها لا تزال صغيرة ، غبية لحد ما !




قلت :

" سامر سيأتي غدا ! "

قالت :

" و ...؟؟ "

قلت :

" سيفتح موضوع زواجنا من جديد ، كما في كل مرة ! إنه يريد أن نتزوج مع دانه ... و يبدو أن والدتي اقتنعت بالفكرة و صارت تشجعني عليها ... "

قالت :

" و أنت ؟؟ "

تنهدت ثم قلت :

" تعرفين ... إنني أريد أن أنهي دراستي أولا ... و ... و ... أعرف رأي وليد "




نهلة ترفع حاجبا ، و تخفض آخر ... و تميل إحدى زاويتي فمها بمكر !

" و أعرف رأي وليد ! و إذا قال وليد : الزواج ممنوع !؟ "


قلت بسرعة :

" لن أتزوج ! "

قالت :

" و إن قال : الزواج واجب !؟ "


لم أرد ... نهلة تأملتني برهة ، ثم قالت :


" رغد ! و لماذا تنتظرين رأي وليد ؟؟ إنه ليس ولي أمرك أو المسؤول عنك ! "


استأت من هذه الحقيقة الموجعة ...

فلطالما كان وليد مسؤولا عني منذ الصغر ... و لطالما قال أنه لن يتخلى عني ... و لطالما اعتبرته أهم شخص في حياتي ... إلى أن غاب ...


قلت :


" لكنه ... لكنه ... أكبرنا ... و أنا أحترم رأيه كثيرا ... و ... سأعمل بما يقول "



نهلة قالت :


" ألا يزال كما كان في الماضي ؟ أذكر أنه كان طويلا و قويا ! كان يلعب معك كثيرا سابقا ! "

ابتسمت ، و توسعت الشعيرات الدموية في وجهي ! و قلت بخجل :

" إنه كذلك ! لكن ... لا مزيد من اللعب فقد أصبح رجلا كبيرا ! "

قالت :

" صحيح ! على فكرة هل تزوج ؟؟ "




الشعيرات التي كانت متفتحة قبل ثوان انقبضت و خنقت الدماء في داخلها ...

أيقظت جملة سارة في نفسي شيئا كان نائما بسلام ... قلت بارتباك أمحو السؤال و أطرده من الوجود :


" لا ... لا "


قالت نهلة :


" إذن لابد أنه يفكر في الزواج الآن ! بعدما عاد للوطن و استقر في العمل ! "


ثم أضافت مداعبة :

" هل تريدين عروسا له ؟؟ جميلة و جذابة و رائعة مثلي !؟ "


قلت بحنق بدا معه جليا استيائي من الفكرة :

" لا تكوني سخيفة يا نهلة ! "

استغربت نهلة استيائي هذا ، ثم قالت :

" إنه كبير على أية حال ! و لا يناسب فتاة تصغره بتسع سنين ! "



فكرة أخرى ـ أن يتزوج وليد ـ رافقت الفكرة الأولى ـ خالية من الرومانسية ـ في اللعب بالمضرب و الكرة في رأسي طوال الساعات التالية !


قلت :

" إنه ... لا يفكر في الإقامة هنا ... أتمنى لو نعود إلى بيتنا السابق ... معه "


قالت :

" ماذا عن خطيبك ؟؟ هل سيستقر هو الآخر في المدينة الأخرى ؟؟ "

قلت :

" لا أعرف ... ! عمله هناك ... و لابد له من البقاء هناك "

" و إن تزوجتما ؟؟؟ ستنتقلين للعيش معه حتما ! "



لم تعجبني الفكرة !

لا أريد أن أبتعد عن أهلي ... إنني لا أستغني عنهم ... أريد البقاء في بيتهم ...


" سأنتظر رأي وليد "


تقوس حاجبا نهلة دهشة و قالت ببلاهة :

" رأي وليد ؟؟ في أن تقيمي مع زوجك أو مع والديك ؟؟ "

قلت بغضب :

" حمقاء ! أعني في أن نؤجل موضوع الزواج لوقت لاحق ... فربما تتغير الأوضاع ... "




" عليكم أن تقرروا بسرعة ! فموعد زواج دانه يقترب ! أين هي على فكرة ؟؟ "

" دانه ؟ خرجت كالعادة تتنزه مع خطيبها ! "


ابتسمت نهلة ... لكنني أزحت ابتسامتها جانبا بسؤالي :

" نهلة ...هل يشعر جميع المخطوبين بسعادة مميزة عندما يتنزهون مع بعضهم البعض ... أو يتبادلون الهدايا ... أو المكالمات الهاتفية ؟؟ "


طبعا نهلة اندهشت ، و قالت :

" أكيد ! طبعا ! "

صمت لثوان ، ثم قلت :

" لكنني لا أشعر بشيء كهذا ! إنني أتحدث معه كما أتحدث معك ! لا شيء مميز ... ليس كما تكون دانه حين تتحدث مع خطيبها أو تخرج معه ! غاية في السرور ! "


فوجئت نهلة بكلماتي هذه ... ة قالت :


" أنت ... لا تحبينه ؟؟ "


قلت بسرعة :

" بالطبع ... أحبه ! "


نظرت نهله نحو سارة البليدة ... ثم قالت :


" كما تحب دانه خطيبها ؟؟ "

" لا ! كما تحبين أنت حسام ! "



دانة عادت تسأل :

" ليس كما تحب امرأة رجلا ؟؟ "


توترت من سؤالها ... و بعثرت نظراتي فيما حولي ... و وقع سهم منها على سارة ، و التي كانت تنظر إلينا ببلادة و غباء مزعجين !


قلت بعصبية :

" و كيف يجب أن تحب امرأة رجلا ؟؟ "


قالت نهلة بأسى :

" أوه يا عزيزتي ! رغد ! إنك لا تزالين طفلة ! "









عادت دانه من سهرتها الخارجية عند العاشرة و النصف ...


كنت أشاهد الفيلم الذي أحضره والدي مؤخرا ، و حين دخلت غرفة المعيشة رمت بحقيبة يدها على المقعد و تهالكت عليه بتنهد ...



" لم لم تنامي بعد رغد ! عادة ما تنامين باكرا جدا ! "


لم ألتفت إليها ، و أجبت :

" سأتابع الفيلم حتى النهاية "


صمتت لحظة ، ثم قالت :


" سأريك شيئا "


و سحبت حقيبتها ، و منها أخرجت علبة مجوهرات صغيرة ، و فتحتها لتريني الخاتم الذهبي الرائع الذي بداخلها ...



" رائع ! كم ثمنه ؟؟ "


رفعت رأسها و نظرت إلي من طرف عينيها و قالت :


" كم ثمنه ؟؟ لا أعرف طبعا ، و لكن بالتأكيد باهظ ... أهداني إياه خطيبي الليلة ! كم هو رائع ! "


قلت و أنا أتأمل هذه التحفة المبهرة :


" نعم ! رائع هنيئا لك ! "


قالت دانة :


" حقا ! هل غيرت رأيك فيه أخيرا ! "


قلت :


" الخاتم ؟؟ "


" بل خطيبي يا نبيهة ! "



حدقت بها قليلا ثم قلت :


" بغيض و مغرور ... "


ثم أشحت برأسي عنها ...


و إن كان بغيضا في عيني ، فهو في عينيها شيء رائع ... و مميز !


لم تكترث دانة لقولي ، و أخذت تنقل الخاتم من إصبع لإصبع بسرور و دلال !


" دانه ... "


" نعم ؟ "


كنت أريد أن أسألها ... و شعرت بالخجل ... و لزمت الصمت !


دانة نظرت إلي باستغراب :

" نعم رغد ؟؟ ماذا أردت القول ؟؟ "

~~~~~~~~~~~~~~
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذي حياتي NOOR ELHOODA الإرشيف الأدبــي 14 15-03-2006 05:37 AM
هذه حياتي هلوول مجلس حلا لعذب الكلام 9 03-01-2006 10:11 AM
قصة حياتي / قصيدة وردة الحب مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 12 26-10-2005 06:50 PM
أمنية حياتي dark angel مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 4 10-04-2005 03:30 AM
هذه حياتي حلاه الكون مجلس حلا لعذب الكلام 4 28-01-2005 06:30 PM


الساعة الآن 04:18 AM


العاب فلاش
بلاك بيري
العاب ماريو
لعبة ماريو
العاب تلبيس
العاب طبخ
العاب باربي
لعبة باربي
سبونج بوب
العاب دورا
العاب سيارات
العاب ذكاء
صور 2014
صور شباب
فيسات بلاك بيري
نشر البن
العاب بنات
صور حب
صور ٢٠١٤
صور٢٠١٤
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd