|
22-12-2005, 05:42 PM | #1 |
(حلا فعّال)
|
لا تغضب؟
الغضب ضد الرضا, وهو شعور وانفعال إذا كثر واستقر في النفس صارت متصفة بالغضب, والغضب يعني عدم الرفق والتأني والشدة في الانفعالات والتصرفات , والغضوب لغة هو الشديد الخلُق, وتسمى الحية الخبيثة بالغضوب لشدتها, وقو وصف سيدنا النبي عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم وعلى آله وصحبه الغضب بأنه جمرة في القلب, ويظهر أثرها في احمرار الوجه وانتفاخ الأوداج, ووصفه العلماء بأنه غليان دم القلب من تلك الجمرة, ومتى اشتد الغضب يعمي الغاضب عن الصواب, ويصاب بالصمم فلا يسمع نصحا ولا وعظا, وينغلق عقله فيصير كالمجنون تتلاعب به الشياطين تلاعب الصبيان بالكرة, ويحدث الغضب تغيرا ظاهرا وباطنا فيحمر اللون وترتعش الأطراف وتجحظ العينان ويتغير شكل الوجه وقد يخرج الزبد من فمه وتكون تصرفاته وأقواله على غير هدى.ومن كان سريع الغضب فهو الغضبان , ومن كان شديد الغضب فهو الغضبة, ومن ملك نفسه عند الغضب فهو حليم, وكانت العرب تطلق لقب السيد على الحليم.
أنواع الغضب: نوعان محمود ومذموم,فالمحمود ما كان في جانب الدين والحق ولا يخرج عن سيطرة العقل والشرع, وقد كان أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم لايغضب لنفسه ولكن يغضب لله تعالى ويرضى لرضاه أما المذموم فهو ما كان في غير حق أو أوصل إلى الباطل والفساد. ولابد للإنسان الطبيعي أن لايغضب نهائيا فهذا سيوصله إلى المذلة والمهانة وموت القلب والإحساس والى السكوت على الباطل وعدم الحركة لتغيير المنكر, وبالتالي يعتبر تفريطا مذموما, وكذلك بالمقابل فإن المبالغة في الغضب بحيث يتجاوز الحق إلى الباطل ويخرج عن سيطرة العقل والشرع, يعتبر إفراطا مذموما وإنما المطلوب أن يتحكم المسلم في غضبه ليكون معتدلا تحت سيطرة العقل والشرع, وقد فسر العلماء أمر النبي عليه الصلاة والسلام بعدم الغضب على وجوه عديدة ومفيدة وهي: لاتغضب أي لا تعرض نفسك لما يثير غضبك (من باب العمل بالوقاية خير من العلاج), لاتغضب أي لا تغضب فوق الحد المطلوب فيحدث مالا تحمد عقباه,لا تغضب: لا تفعل ما يأمرك به الغضب, لا تغضب: سيطر على غضبك ولا تجعل غضبك يسيطر عليك, وقد أخبرنا سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام بان الشديد ليس بالصرعة ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب, فجهاد النفس أشد وأثقل من جهاد العدو, فلو صرعت عدوك فأنت لست شديدا, وإنما تكون شديدا إذا تحكمت في نفسك عند الغضب. أحوال الناس مع الغضب: ثلاثة أحوال: فمنهم سريع الغضب سريع الهدوء ومنهم سريع الغضب بطيء الهدوء, وأفضلهم من كان بطيء الغضب سريع الهدوء, ولم يذكر النبي عليه الصلاة والسلام حالة بطئ الغضب بطئ الهدوء, ولعل ذلك لندرته والله أعلم ومن هنا ندرك حكمة الإسلام عندما حرم أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث, فقد أعطى للمتاخصمين فرصة ثلاثة أيام حتى يهدأ الغضب ويمكن للمسلم أن يراجع نفسه ويتصالح. الغضب ومشتقاته: أول الغضب ضيق في الصدر وكل غاضب فصدره ضيق, ثم يصل الضيق إلى الضجر ثم إلى الغيظ ثم إلى الغضب فإذا اشتد الغضب فهو التمرغ أو الأسف ثم الفوران والاستشاطة فالحنق, وأيا ما كانت مراحل الغضب فإن أوله جنون واخره ندامة. أسماء الغضب: الغيظ , قيل هو أول الغضب وهو شدة الغضب من قولهم تغيظت الهاجرة أي اشتد حر الظهيرة, وقوله تعالى "تكاد تميز من الغيظ" أي أن جهنم تكاد أن تتقطع من شدة ما فيها من العذاب (والعياذ بالله) , وغالبا ما يكون الغيظ عبارة عن غضب كامن في النفس بسبب عجزها عن التعبير عنه ولهذا يقال "موتوا بغيظكم" وقال القرطبي في تفسيره: الغضب يتولد من الغيظ , وكثيرا ما يتلازمان إلا أن الغيظ لا يظهر على الجوارح بخلاف الغضب فإنه يظهر في الأفعال والأقوال, ولهذا يسند الغضب إلى الله دون الغيظ فغضب الله يتمثل في عذابه للعصاة. الزعل: معناه النشاط والزعل هو النشيط المستكبر فالغاضب يشعر أنه قادر على فعل أي شيء ويسارع إلى تنفيس غضبه. الحنق: هو شدة الغيظ, الأسف هو الشدة في الحزن والغضب, الموجدة: يقال وجد في نفسه أي غضب فهي موجدة, وفي الحزن وجداً, وفي المال وُجداً, وفي الحب وجدا. الفورة: هي غليان الغضب , وهي مأخوذة من فارت القدر إذا غلت وبرز ما فيها بسبب الغليان. السخط: هو الغضب مع الكراهية, الأسف هو الشدة في الحزن والغضب. أي انغلاق العقل بسبب الغضب, عصبي: وصف حديث لمن تتوتر أعصابه أو تضطرب بسبب الغضب ويوصف سريع الغضب بالعصبي أو المعصب بناء على أثر الغضب على أعصاب الإنسان. العواقب الوخيمة للغضب: 1- استحقاق الذم 2- الندامة على تصرفاته 3- تعقيد المشاكل بدل تخفيفها أو جلها 4 – إصابة الغضب بالأضرار والخسائر والأمراض الجسدية والنفسية لأن الانفعالات الشديدة إذا تكررت جعلت الإنسان فرية سهلة لأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والقرحة والجلطة والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وغيرها و لاشك أن الغضب من أبرز هذه الانفعالات الشديدة. 5- استيلاء الشياطين على الغضبان وتلاعبهم به كتلاعب الصبيان بالكرة, والإسلام يأمرنا بالقول الحسن حتى لا يوصلنا القول السيئ إلى الغضب والخصومة قال تعالى "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا" فنزغ الشيطان هو التحريض بالوسوسة وأكثر ما يكون النزغ عند الغضب, لأن أصله الإزعاج بالحركة إلى الشر, والشيطان يستغل لحظات الغضب ويزعجك ويحرضك لفعل الشر فيسارع الإنسان بالتنفيذ تحت تأثير الغضب, وكذلك قوله تعالى : " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون" الطائف هو الوساوس المحرضة على الشر خصوصا عند الغضب, وبالجملة فإن الغضب فرصة ذهبية لوساوس الشيطان. 6- الغضب يجعل الناس تنفر من الغاضب, وقد قال تعالى " لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" ولا ريب في أن الغضبان ما هو إلا فظ وغليظ القلب وشديد المراس فمن كان سريع الغضب وكثير الغضب فإنه يجعل الناس تنفض من حوله. 7- يحرك الغضب من الرفق الذي ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه والغضبان أبعد الناس عن الرفق وأقربهم للشدة. 8- الغضب يبعدك من رضا الله ويقربك من سخطه فقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام ما أشد من كل شيء؟ فأجاب عليه السلام: غضب الله, فقيل له: فما ينجي من غضب الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لاتغضب. 9- قد يدخلك الغضب إلى جهنم والعياذ بالله .الحديث "إن لجهنم بابا لا يدخله إلا من شفى غيظه بمعصية الله" ابن حبان , فالغاضب تحت سيطرة الغضب الشديد سيقع في الظلم والاستخفاف بالحق وبالخلق وتتحقق له إرادة الشر, ولهذا قال العارفون: من اتقى الله حق تقاته لم يشف غيظه بل يكظمه بل يبادر إلى منعه أصلا قبل حدوثه إلا حيث أوجبت الشريعة وجوده, ومن خاف ربه حق مخافته لم يفعل ما يريد بل يفعل ما يريده ربه فقط. ويمكن حالة تصوير حالة الغضبان تحت سيطرة الغضب الشديد بسيارة تسير بسرعة جنونية وفجأة تعطلت فراملها وعطبت معدات قيادتها. فماذا يحدث للسيارة وللسائق؟ الغاضب تحت سيطرة الغضب يصبر كالمجنون فقد يلطم وجهه ويعض يديه ويمزق ثيابه وقد يؤذي من أغضبه بالضرب وقد يقتله فيمضي بقية حياته في السجن والندامة فضرر الغضب يطال الغاضب والمغضوب عليه. أسباب الغضب: هناك أسباب صحية للغضب وأسباب غير صحية, فالإنسان الطبيعي إا تعرض للإهانة أو الاحتقار أو المذلة أو السخرية أو الشتيمة أو جرحت كرامته أو تم تدنيس عرضه أو تعرض للمكر والخديعة والعذر.....الخ فهذه أسباب صحية للغضب ولكن المطلوب كما ذكرنا هو السيطرة على الغضب وتسليمه زمام الأمور تفاديا للعواقب الوخيمة للغضب وإنما يتصرف في ذلك الموقف بما يحل المشكلة ويوصله إلى حقه ودفع الضرر عنه وفق الشرع والعقل. وأما الأسباب غير الصحية فأهمها الكبر وعدم التواضع, فالمستكبر يغضب من أي شيء تافه كأن يقال له لا أو تتم مناقشته ومراجعته, فهو يعتبر نفسه آمراً وعلى الآخرين السمع والطاعة فقط ولا يسمع بان يعترضه أحد من البشر, وكذلك الأنانية تدفع صاحبها للغضب إذا لم يتحصل على ما يريد. - التشاؤم يدفع صاحبه للغضب وكذلك كثرة المشاكل وضغوطات الحياة, وحرص الإنسان على فضول الجاه والدنيا والمبالغة في ذلك يسبب الغضب لا محالة وهذه وأمثالها كلها أسباب غير صحية أصلاً. العلاج: هناك علاج سريع للحالة الطارئة وعلاج على مهل للتحكم في الغضب بصورة عامة, فالعلاج السريع علاج فوري ويتمثل في الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند الشعور بالغضب, وأن يغير وضعيته بأن يجلس إن كان قائما أو يضجع إن كان جالسا او يغادر المكان ويبتعد عنه حتى يهدأ , أو يبادر إلى الوضوء وشرب الماء البارد أو يغتسل بالكامل ليطفئ جمرة الغضب بالماء. أما العلاج البطيء فهو لا يكون إلا بصحة الإرادة في الشفاء مع معرفة الأسباب الحقيقية وقد يستغرق وقتا يقصر أو يطول حسب اختلاف الإنسان واختلاف أسباب غضبه وتتمثل خطواته في الآتي: 1- التضرع إلى الله بأن يعينه على نفسه مع صدق الإرادة في الشفاء , الإطلاع والتعرف عن طريق العلم ومجالسة أهله على أضرار الغضب وقبائحه وكثرة التفكير والتأمل في الخسائر المادية والمعنوية والدنيوية والأخروية الناجمة عن الغضب, ويستمر في التفكير والتأمل في ذلك حتى يستقر في نفسه كراهية الغضب عن علم ووعي. كما عليه أن يطلع ويفكر فيما أعده الله من تواب لمن يسيطر على غضبه وأن يرغب فيه رغبة شديدة كحديث " من كظم غيظه وهو يقدر أن ينتصر دعاه الله تعالى على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حور العين أيتهن يريد" ثم عليه أن يستحضر في قلبه وقوفه بين يدي الله يوم الحساب وأنه سيعامله بمثل ما يعامل به الناس في الدنيا فكما يدين الفتى يدان, وكل مسلم يود أن يعامله الله بالرفق والرحمة لا بالشدة والغضب, ومن صار همه حسن المصير إلى الله سيسهل عليه التحكم في نفسه, وعليه ان يأخذ بالأسباب في معرفة أسباب هيجان غضبه أو سرعة غضبه ليتجنبه ويعمل على تقليله ولو بالتدرج , فمن كان سبب غضبه هو الاستكبار فعليه بالتواضع, ومن كان سبب غضبه كثرة المشاكل فليعمل على حلها ومنع حدوثها والتقليل منها حسب الإستطاعة لأن السبب ما دام موجودا فالمرض سيظل موجودا ويتفاقم وعليه أن يستعين في العلاج بناصح أمين ذي تجربة ودراية ليختصر له الوقت والجهد , واخيرا عليه أن يتردد على زيارة المقابر ليعرف أن غضبه كان لدنيا فانية وخاتمتها الموت فلا شيء يجعلك تنظر إلى تفاهة الدنيا مثل رؤية القبور وتذكر الآخرة فنحن المسلمين ننظر إلى الدنيا كمزرعة للآخرة وحياتنا أثمن من أن نضيعها في الغضب وعواقبه الوخيمة.وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين |
22-12-2005, 10:44 PM | #2 |
عضو VIP
|
مشاركة: لا تغضب؟
ساري الحربي
بارك الله فيك على موضوعك الرائع و مجهودك المتميز وجزاك الله خيرا وجعله في موازين حسناتك دامك الله بكل خيرررر تقبل خالص ودي |
22-12-2005, 10:56 PM | #3 |
شخصية هامة
|
مشاركة: لا تغضب؟
ساري الحربي
مشكور اخى وجزاك الله الخير يعطيك الف عافية على ىمشاركتك العطرة دمت بخير |
|
|
22-12-2005, 10:58 PM | #4 |
موقوف
|
مشاركة: لا تغضب؟
سارى
الغضب يميت القلب والتسامح من شيم الكرام بارك الله فيك اخى الفاضل وجزاك عنا خيرااا مشكور اخى الفاضل تحياتى الروك |
22-12-2005, 11:22 PM | #5 | |
(حلا فعّال)
|
مشاركة: لا تغضب؟
اقتباس:
|
|
22-12-2005, 11:59 PM | #6 |
-+[¨¤ نائبة الإدارة ¤¨]+- |
مشاركة: لا تغضب؟
ساري الحربي أشكرك من أعماق قلبي على طرحك الرائع وكتب الله لك في ميزان حسناتك وتقبل جل إحترامي أختكـ // مــ الحزن ــلاك |
|
|
23-12-2005, 12:38 AM | #7 |
][§¤حلا ذهبي ¤§][
|
مشاركة: لا تغضب؟
أخي ساري الحربي
على الموضوع الرائع والقيم وأرجو الله العلي العظيم ان يعافنا من فورات الغضب ومن لحظاته وأن يمنحنا الصبر والحلم والأناة كل التقدير لك أخي |
23-12-2005, 10:54 AM | #8 | |
(حلا فعّال)
|
مشاركة: لا تغضب؟
اقتباس:
|
|
23-12-2005, 01:04 PM | #9 |
ღ♥ღ بقايا إنسان ღ♥ღ
|
مشاركة: لا تغضب؟
بارك الله فيك و سدد خطاك
ساري على المشاركة العذبة دمت بخير |
23-12-2005, 10:53 PM | #10 | |
(حلا فعّال)
|
مشاركة: لا تغضب؟
اقتباس:
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
اي صنف انت عندما تغضب؟؟؟؟؟؟؟ | انا انا انا | مجلس حلا العام | 32 | 18-03-2006 11:05 AM |