|
12-10-2005, 06:56 PM | #1 |
(حلا نشِـط )
|
إلى أغلى من مشت على الأرض قدماه (الجزء الأول)
«إلى أغلى من مشت على الأرض قدماه...
أتعلم ما معنى أن يكون المرء ميمماً وجهه صوب الراحة لينشدها، هكذا كنّا نبغي نحن الفتيات التسعة، حين قررنا بعد انتهاء امتحاننا للمادة الأخيرة أن نيمّم صوب بحر طرابلس العتيقة الجميلة،للميناء حيث نلقي هناك ثقل همومنا، ونرمي وجع الامتحانات وراءنا، لا نهنّئ بعضنا بغير جواب واحد:عقبال النجاح... لا أدري لمَ كان البحر كئيباً هذا الغروب...حيث جلسنا عند الشرفة في ذلك المطعم نتضاحك، نحكي قصصنا ونخطط خططنا، جلست صامتة بينهنّ افتعل ابتسامة اصطناعية جامدة باردة، وضحكة عصبية مجنونة، كنت أتأمل بخيبة الأمل الموج المجنون يرسم فوق الشاطئ هديرا بإتقان عجيب، وأفكر بك، بعينيك الجميلتين، بقامتك الطويلة، وبشرتك السمراء أو ربما هي سمراء، أتساءل في صمتي أسئلة مجنونة: يا ترى أين رماك هذا الموج المجنون، أ لتلك الصحراء الحارة؟، أين رسائلك الحلوة؟، أين هداياك الرائعة؟، وهمسك العذب لي؟، أين أنت في هذا الغياب المحموم؟، أتساءل وتوقظني ضحكات صديقاتي. أتعلم أني حين أخرجت من حقيبتي السوداء دفترك الأزرق الجميل، ليكتبن عليه بأناملهنّ أجمل تذكاراتهنّ، كنت أتلمّسه وكأنّي أتلمّس أناملك مرّرتها فوقه قبل أن تكتب لي تذكارك الوحيد: بعدد قطرات الندى...بعدد الطيور...، لقد سألنني الفتيات: دفترك جميل جداً من أين حصلت عليه؟، غصّت الدمعة في حلقي، واحترت ما أقول، فأجبتهن بحرقة الملتاعة المشتاقة: «إنّه...» وصَمَتّ...،كظمت في داخلي أعتى آلامي وأكبرها وتابعت بابتسامة مجنونة:«إنّه من إنسان لا أعلم عن مصيره الآن شيئاً...»، «لا تعلمين شيئاً عن مصيره؟» سألنني باستغراب، ولمحن الحزن يأتلق في عيني، فغيرت الموضوع وصحت بهنّ أذكّرهن بأننا في مطعم ولم نطلب شيئاً بعد وأني جائعة، تلك كانت الطريقة الوحيدة التي أسكب فيها كل غضبي وتوتري وآلامي وحزني، نظرن إليّ باستغراب، أجل استغربن :أي حزن هذا وأنا أمثّل الفرح والمرح، بل وألتهم الطعام بشراهة. ظللن في المطعم يتضاحكن على طريقتهنّ، بينما وشيّت جلستي بصمت لم يعتدنه مني، أتأمل من الشرفة البحر الواسع،تغمرني نسيماتٍ يرسلها البحر والميناء، واستيقظت على إلحاحي بالتجوّل على الرصيف هناك،وكأن البحر يناديني فلبّيت النداء، واستعجلت الفتيات بزيارة تلك الجزيرة النائية الجميلة... حين وقفن على شاطئ الجزيرة، تخيّلتك إلى جانبي، يطيح الهواء بكوفيتك العربية، وينتزع من الأفق الابتسامات ويهبها لنا،تذكّرت صوتك يدغدغني ويزرع في نبرة صوتي الضحكة، تأمّلت الجسر الذي عبرت من فوقه ليته لو يوصلني إليك، كانت الجزيرة غارقة بأحلام العشاق، يتعانقون،يتأمّلون بصمت قدسي البحر الواسع، وكنت مع صديقاتي وحدي، من دون حلم، من دون سفينة ولا مرسى، وكان الشاطئ كئيباً، تنوح أصدافه التي اعتدت التقاطها ولَمْلَتها منذ صغري بسمفونية مخيفة حزينة شجية، وكان البحر واسعاً ممتداً حنوناً، أرسل لي الشمس من خلفه غروباً قرمزياً يعزّيني ويواسيني...صديقاتي ظللن يرددن جملة واحدة:هذه الجزيرة لا تصلح لغير العشاق...، وتضاحكن: بالطبع لا تصلح لغيد أمثالنا...، وكنت في سرّي أردد سؤال واحد بكآبةٍ رتيبة: أين أنت يا أميري المجنون؟، ما تفعل الآن يا جميلي الرائع؟... حين غادرن الجزيرة ، وعبرن الجسر نحو الشاطئ، قبل أن يلتقطن الصور التذكارية، كنت أتأمل الجزيرة للمرة الأخيرة، وكأن هناك موجة تناديني بأنها تحمل عنك خبراً، ولكني عدت من الشاطئ أدراجي بحزني، فالموجة الكاذبة لم تخبرني عنك شيء... آهٍ يا أعز وأغلى وآثر أحبتي على الإطلاق، يا صاحب العطر الشذي، والكتب الرائعة الممتعة التي تحتل الرفّ العلوي من مكتبتي، يقولون بأن الكتاب هو أعظم مؤنس للإنسان، وكيف ذلك والكتاب بات بسببك حبيبي وقد لامس يوماً كفّك، وكيف و القلم الذي أكتب به مذكّراتي هو قلمك، أعلم أني أصبحت مهووسة، أو مجنونة بك كما تناديني دائماً. يا من أطلقَ للأفق الرحب أسطورة عطر الياسمين، لا يزال العطر كما هو في مكانه ،في زجاجته بشوق ينتظرك...أتذكر؟!... زجاجة العطر هذه هي أوّل جنون بيننا... يتبع... |
|
|
13-10-2005, 07:25 PM | #2 |
موقوف
|
مشاركة: إلى أغلى من مشت على الأرض قدماه (الجزء الأول)
اميرة الياسمين
مشكورة اختى على القصه الجميلة ننتظر بكل شوق الجزء الثانى تقبلى مرورى كل عام وانتى بخير وسعاده الروك |
14-10-2005, 04:01 AM | #3 |
(حلا متميز)
|
مشاركة: إلى أغلى من مشت على الأرض قدماه (الجزء الأول)
مشكوووووره اختي وننتظر الجزء الثاني
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أحلى وأرق صور لأجمل من فى الوجود .. الجزء الأول | ميمي العسولة | مجلس حلا للصور | 6 | 07-03-2006 04:44 AM |
معلومــــــــات قيمة (الجزء الأول) | لو على قلبى | مجلس حلا العام | 8 | 24-06-2005 12:39 AM |
ثلاثون سببا لدخول الجنة (الجزء الأول) | لو على قلبى | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 4 | 04-06-2005 10:30 PM |
احفظ الله يحفظك ......(الجزأ الأول) | سندباد المصري | ۞ مجلس حــلا الاسلامي ۞ | 9 | 21-12-2004 02:50 AM |