|
05-02-2005, 02:21 PM | #10 |
(حلا نشِـط )
|
تـــــــــــــابع
ذهبت دانة إلى دورة المياه ، و السيدة استأذنت و غادرت لدقائق.. و بقيت أنا متهالكة على المقعد و وليد واقف إلى جواري.. قال : " أأنت بخير صغيرتي ؟؟" لا ! كيف لي أن أكون بخير ؟؟ إنني في حال من أسوأ الأحوال التي مرت علي ّ ... بدأت بالبكاء ألا أن دموعا لم تخرج من عيني ... وليد جلس بقربي و قال : " ستكونين بخير.. نجونا من الموت .. الحمد لله " شعرت لحظتها برغبة في الارتماء في حضنه.. و البكاء على صدره.. و الاسترخاء بين ذراعيه.. أنا متعبة و أتألم.. أريد من يواسيني و يشجعني.. أريد حضنا يشملني و يدا تربت علي.. أريد أمي.. أريد أبي.. أريد وليد.. و لم أنل منه غير نظرات مشجعة.. أقبلت السيدة تحمل معها وشاحين.. قدّمتهما إلي.. نزعت ُ عن رأسي ما كنت أتحجّب به، و لففت أحد الوشاحين حول رأسي ، على مرأى من وليد ... و عندما عادت دانة ، و قد غسلت وجهها و قدميها الحافيتين أعطيتها الوشاح الآخر... قالت : " تعالي لأغسل جرحك رغد..." و أيضا لم أتحرّك .. ففوق تعبي و إعيائي و الدوار الذي أشعر به.. أنا خائفة.. نعم خائفة.. السيدة قامت بنفسها بإحضار وعاء يحوي ماء .. و وضعته عند قدمي ّ و قالت : " هل أساعدك ؟ " دانة قالت : " شكرا لك ، سأفعل ذلك " ثم أخذت تحل الضماد ـ و الذي هو عبارة عن كم قميص وليد ـ من حول قدمي .. و غمرتها بعد ذلك في الماء النظيف الدافئ.. بدأت الأوجاع تتفاقم و تتزايد..و أخذت أئن و أصيح .. لكنني لم أقاوم.. و استسلمت لما فعلته دانة بقدمي.. و أنا مغمضة العينين.. عندما فتحتهما كانت قد انتهت من لف قدمي بالضماد ... كما أن السيدة أحضرت ماءا نظيفا لأغسل قدمي الأخرى... كل هذا و أنا ملتزمة الصمت و السكون إلا عن أنات و صياح ألم.. و الآن، جاءت الفتاة تحمل صينية ملآى بالشطائر بينما يتبعها العجوز حاملا صينية أخرى رُصّت علب العصير الورقية فوقها... و وضعا الطعام و الشراب أمامنا و الفتاة تقول : " تفضلوا هذا لحين نضج الحساء " لم يمد أحدنا يده.. ما الذي يجعلنا نفكّر بالطعام في وقت كهذا ؟؟ فراح أصحاب المنزل يحثوننا على الطعام.. وليد تناول اثنتين من علب العصير و قدمهما لي و لدانة، فأخذت علبتي و شربت ما بها ببطء... أصحاب المنزل الثلاثة استأذنوا منصرفين عنا، ربما لنتصرف بحرية أكبر.. وليد أيضا وزع الشطائر علينا ألا أنني رفضت تناولها.. " خذي يا رغد.. لابد أنك جائعة جدا.. كلي واحدة على الأقل" " لا أريد " " هيا أرجوك .. ستموتين إن بقيت بلا طعام ساعة بعد " و لم يفلح في إقناعي.. لكنه و دانة تناولا شيئا من الطعام بصمت.. لحظات و إذا بالفتاة تقبل بأقداح الحساء الساخن.. و تقدمها إلينا ثم تنصرف.. أجبرت نفسي على رشف ملعقتين من الحساء.. ثم أسندت رأسي إلى المقعد و أغمضت عيني.. كنت أسمع أصوات الملاعق .. و حركة الأواني .. و ربما حتى صوت بلعهما للطعام و هضم معدتيهما له ! و أسمع كذلك صوت نبضي يطن في أذني.. و أنفاسي تنحشر في أنفي.. و الآن .. صوت وليد يناديني .. " رغد " فتحت عيني فوجدته ينظر إلي بقلق.. و يعيد السؤال : " أأنت بخير ؟؟ " قلت : " أنا متعبة " قال : " سأتحدّث معهم .. " ثم نهض و نادى : " أيها العم الطيب .. " ظهر الثلاثة من حيث كانوا يختبئون عنا .. قال وليد : " اعذرونا رجاء ً.. إننا في غاية التعب فقد قضينا ساعات طويلة نسير في الخلاء.. أين يمكننا المبيت بعد إذنكم ؟؟ " قالت السيدة : " ستنام ابنتي معي في غرفتي و يمكن للفتاتين المبيت في غرفتها.. سنعد فراشا أرضيا إضافيا " و قال العجوز مخاطبا وليد : " و أنت غرفتك كما هي " قال وليد : " هذا جيّد ... " ثم أضاف : " أشكركم جميعا جزيل الشكر.. إنني " و مرة أخرى قاطعته السيدة و قالت : " لا داعي لكل ذلك يا سيد وليد، ألم نكن كالعائلة؟ جميعكم أبنائي.. " ثم أضافت مخاطبة الفتاة : " خذي الفتاتين إلى غرفتك " الفتاة أقبلت نحونا و هي تبتسم و تقول : " تفضلا معي .. " كلانا نظرت إلى وليد بتردد.. فقال الأخير : " هيا عزيزتاي " و هز رأسه مطمئنا.. يبدو أنه على علاقة وطيدة بهم.. و يثق بهم كثيرا.. وقفت دانة و وقفت معها .. ثم قلت لوليد : " و أنت ؟ " قال : " سأبات في غرفة في الخارج تابعة للمنزل " هززت رأسي اعتراضا شديدا ... مستحيل ! و عوضا عن مرافقة الفتاة اقتربت منه هو ، و قلت : " لن تذهب و تتركنا " قال : " إنها غرفة خارجية اعتدت المبيت فيها.. ملاصقة للمنزل تماما " هززت رأسي بإصرار أشد : " لا .. لا " وليد نظر إلي بضيق و تعب و أسى .. كأنه يرجوني أن أطلق سراحه و أدعه يرتاح قليلا.. قال : " ستكونين بخير.. هذه عائلتي " ألا أنني ازددت إصرارا و رفضا و قلت : " سأذهب معك " وليد و دانة تبادلا النظرات .. و لم يعرف أي منهما ما يقول.. مددت يدي فأمسكت بيده مؤكدة أكثر و أكثر بأنني لن أسمح له بالابتعاد عني.. أخيرا تكلّم وليد مخاطبا أصحاب المنزل : " إن لم يكن في ذلك ما يزعجكم .. فسنبيت في الغرفة الخارجية نحن الثلاثة.. و نحن آسفون لكل ما سببناه لكم من إزعاج .. " العجوز تكلّم و قال : " كما تشاءون يا بني.. سأجلب المزيد من الفرش و البطانيات لكم " و تحرك الثلاثة ، و أحضروا البطانيات و حملوها سائرين نحو الباب، و سرنا معهم إلى خارج المنزل .. كانت الغرفة المقصودة هي غرفة تابعة للمنزل مفصولة عنه بجدار مشترك.. و كانت صغيرة نسبيا و بداخلها سرير صغير و أثاث بسيط ، و تتبعها دورة مياه صغيرة قريبة من الباب.. الثلاثة و معهم وليد تعاونوا في تحضير فراشين أرضيين على المساحة الحرة من الغرفة.. و حالما انتهوا ، قال العجوز .. " أتمنى لكم نوما هانئا " و عقّبت السيدة : " تصبحون على خير" أما الفتاة فقد أسرعت بالذهاب ثم العودة بصينية الشطائر و بعض العصائر .. و وضعتها على المنضدة الصغيرة التابعة لأثاث الغرفة و هي تقول : " فيم لو احتجتم أي شيء فلا تترددوا في طلبه ! " وليد قال : " شكرا جزيلا..هل نستطيع استخدام الهاتف ؟ " قال العجوز : " بكل تأكيد.. " فشكرهم كثيرا و كذلك فعلت دانة ، ثم انصرفوا ... و فور خروجهم أقفل وليد الباب و أقبل إلى الهاتف .. و اتصل بأحد الأرقام .. و كان أول ما نطق به بعدها و بلهفة شديدة : " سامر .. يا عزيزي .. أأنت بخير ؟؟ " ~~~~~~~~ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هذي حياتي | NOOR ELHOODA | الإرشيف الأدبــي | 14 | 15-03-2006 05:37 AM |
هذه حياتي | هلوول | مجلس حلا لعذب الكلام | 9 | 03-01-2006 10:11 AM |
قصة حياتي / قصيدة | وردة الحب | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 12 | 26-10-2005 06:50 PM |
أمنية حياتي | dark angel | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 4 | 10-04-2005 03:30 AM |
هذه حياتي | حلاه الكون | مجلس حلا لعذب الكلام | 4 | 28-01-2005 06:30 PM |