|
02-01-2005, 08:14 PM | #10 |
(حلا نشِـط )
|
تــــــــــــابع
وقفت ... و سرت في الغرفة بضع خطوات حائرة ... فقد خرجت من منزلي منذ الصباح ، و هاهي الساعة تتجاوز الثالثة ظهرا ... و لابد أن سامر ينتظر عودتي الآن ... قلت : " إنه مع وليد ... الكل محتفٍ بعودته و مشغول به ! من سيذكرني هذه اللحظة ؟؟ " قالت : " هل سيرحل وليد عاجلا ؟ " " لا .. على ما أظن و أتمنى " " تتمنين ؟؟ " وقعت في شركي ! قلت محاولة التصحيح و التعديل : " أقصد نتمنى جميعا ... فلا أحد يود رحيله و والداي سيحزنان كثيرا جدا كالمرة السابقة و التي سبقتها إن رحل ... أتمنى أن يستقر هنا و يريح الجميع " ربما كان الحمرة تعلو وجهي هذه المرة أيضا ... و الآن ... إي شيء أشغل يدي به تغطية على اضطرابي هذا ؟ ألا يوجد في الغرفة مجلة أخرى ...؟؟ وقع بصري على مجموعة زجاجات العطر أمام مرآة الغرفة ، فذهبت أليها أشمها واحدة تلو الأخرى ... أقبلت نهلة و وقفت إلى جانبي ... قالت : " ربما لديه ارتباطات هامة هناك ! عمل ... منزل ... عائلة ... زوجة ! " استدرت إليها و قد اكفهر وجهي ... و قلت بسرعة : " إنه غير متزوج " " أحقا ؟؟ " كانت نظراتها تشكيكية مخيفة ! قلت : " طبعا ! و هل تظنين أنه سيتزوج دون إبلاغنا ! مستحيل ! ما يبقيه هناك هو العمل ... ليته يجد فرصة للعمل هنا و يستقر معنا ... " قالت : " لتضمنوا عدم رحيله ... زوجوه ! " و أضافت و هي تبتسم بمكر : " أنتم الثلاثة في ليلة واحدة ! و نتخلص منكم ! " رفعتُ إحدى زجاجات العطر أمام وجهها بغتة و تأهبتُ لرش العطرعلى عينيها ! " أوه لا لا رغد كنت أمزح ! " و فرّت و صرت أطاردها حتى جلسنا على السرير نضحك بشدة ! بعد قليل ... قلت : " علي العودة للبيت ! سامر ينتظر اتصالي ! " و قمت ، متوجهة إلى الهاتف الموضوع على مكتب نهلة ... و اتصلت بالمنزل ... و إذا بالدماء تتصاعد من جديد و بغزارة إلى وجهي ... و نهلة تقترب مني و تراقبني ... " وليد ؟ إنها أنا " " ( مرحبا ... رغد ) " " إمم .. أود التحدث إلى سامر " " ( سامر ... أظنه يستحم الآن ! هل تريدين شيئا ؟ ) " " أأأ ... أريد أن يأتي إلي ّ ... هل لا أبلغته بأنني أنتظره ؟ " " ( حسنا ) " " شكرا " " العفو ... صغيرتي " و أغلقت السماعة بصعوبة ... فقد كانت يدي ترتجف ! و بدأت أتنفس بعمق و أشعر بالحر ... و أيضا ... أتصبب عرقا ! نهلة وقت أمامي مباشرة تشاهد الاضطراب الذي اعتراني فجأة ... بحيرة و فضول " رغد ... " " نعم ؟؟ " " لماذا تنفعلين كلما جيء بذكر وليد !؟ " " أنا ؟؟ من قال ذلك !؟ " و مدت نهلة يدها و تحسست جبيني براحتها ... " إنك تغلين ! وجهك أحمر ناضج و جبينك مبلل بالعرق ! " أربكتني كثيرا كلمات نهلة ... و حاولت التملص من نظراتها لكنها حاصرتني ... ابتعدت عنها و ذهبت إلى حيث أضع عباءتي لأرتديها استعدادا للمغادرة ! " و لكن خطيبك لم يحضر بعد ! " " سأستعد ... " كنت أريد أن أنشغل بشيء بعيدا عن نظرات نهلة التي تخترق أعماقي ... كنت أضبط حجابي مولية إياها ظهري ... قالت : " خطيبك شاب جيد يستحق فتاة رائعة مثلك ! " تابعت ترتيب حجابي دون أن أعير جملتها هذه اهتماما ... قالت : " و أخي شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلك ! " و لم ألتفت إليها ! حتى لا أدع لها مجالا لفتح الموضوع مجددا ! و تابعت ارتداء عباءتي ... " و وليد شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلي ! " استدرت فجأة نحو نهلة ... باضطراب و توتر و انزعاج جلي شديد ! ... اصطدمت نظراتنا الحادة العميقة ... و بقينا لبضع ثوان نحملق في بعضنا البعض ... نهلة أوقعت بي ... إنها خبيثة ! كنظراتها التي ترشقني بها الآن ... أتت نحوي ... و رفعت يدها و أمسكت بعباءتي و سحبتها ... " رغد يا ابنة خالتي العزيزة ... لن تخرجي من هنا حتى أعرف ما حكايتك مع وليد ! " بعد عشر دقائق كنت أجلس في السيارة إلى جانب سامر ... " هل تحبين أن نتجول قليلا قبل العودة ؟؟ " " كما تشاء " قضينا قرابة الساعة نجول في شوارع المدينة ... و نتبادل الأحاديث ... سامر ... و الذي لم يجد الفرصة السانحة قبل الآن لفتح الموضوع ، سرعان ما تطرق إليه ... " الوقت يمضي يا رغد ... لقد بدأت أضيق ذرعا بالوحدة هناك ... لا أريد أن أخسر وظيفة ممتازة كهذه ، لكنني لا أريد أن أبقى بعيدا أطول من ذلك ... " حرت و لم أجد تعقيبا ملائما ... و ربما صمتي أحبط سامر ... ففقد حماسه للمتابعة بعد بضع جمل ... حينما وصلنا إلى المنزل ، وجدنا والدي ّ و وليد يجلسون في الفناء الخارجي ، حول الطاولة الصغيرة القريبة من الشجرة الطويلة ، بجانب الباب الداخلي ... كان الجو جميلا ... و العصافير تغرد بحماس على أغصان الشجرة ... و الدخان يتصاعد من أقداح الشاي الموزعة على الطاولة ... سامر كان يمسك بيدي ، ثم أطلقها و سار نحوهم بسرعة ... " شاي أم وليد ! أين نصيبي ؟؟ " و انضم إليهم ... ألقيت نظرة على وليد فرأيته ينظر نحوي و لكن سرعان ما بدد نظراته نحو الفراغ ... لم يكن يريد النظر إلي ... علي أن أنصرف قبل أن ينهض مغادرا ظانا بأنني سأنضم إليهم ... توجهت نحو الباب و دخلت إلى الداخل ... كنت بالفعل أتمنى أن أشاركهم ! و لكن لو فعلت ... فبالتأكيد سيغادر وليد ... ما أن دخلت حتى وصلتني رائحة الكعك الشهية ! و سرت إلى المطبخ ! " دانه ! رائحة كعكتك زكية جدا ! دعيني أتذوقها ! " " عدت ِ أخيرا ! لا يا عزيزتي ! هذه لنوّار و نوّار فقط ! " " و هل سيأكل الكعكة كاملة ! مسكين ! كيف سيلعب إذا انفجرت معدته ؟ " نظرت إلي ّ بانزعاج و صرخت : " رغد ... انصرفي فورا ! " ضحكت و خرجت ، متوجهة إلى غرفتي حيث وضعت حقيبتي و عباءتي ، و وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي ... لم يكن الإفلات من محاصرة نهلة سهلا ... أي حكاية لي مع وليد ؟؟؟ ما أكثر الحكايات ! أريد أن أنضم إليهم ! على الأقل ... سأراقبهم من النافذة ! و بسرعة خرجت من غرفتي قاصدة الذهاب إلى النافذة المشرفة على الفناء الأمامي ... حيث هم يجلسون ... من تتوقعون صادفت في طريقي ؟؟ نعم وليد ! دخل للتو ... و حينما رآني توقف برهة ... ثم سار مغيرا طريقه ... ربما كان يود القدوم من ناحيتي ألا أنه غير مساره و انعطف ناحية المطبخ ... أ لهذا الحد لا يريد أن يراني أو حتى يمر من ممر أقف أنا فيه ؟؟ " وليد " ناديته بألم ... إذ أن تصرفه هذا جرحني ... لم يلتف إلي ، و رد ببرود : " نعم ؟ " تحشرج صوتي في حنجرتي ... و بصعوبة نطقت ، فجاء صوتي خفيفا ضعيفا لم أتوقع أنه سمعه ... لكنه سمعه ! " أريد أن أتحدث إليك " " خيرا ؟ " كل هذا و هو مدير ظهره إلي ... أمر ضايقني كثيرا ... " وليد ... أنا أحدثك ! أنظر نحوي ! " استدار وليد بتردد ، و نظر إلى عيني نظرة سريعة ثم طارت أنظاره بعيدا عني ... كم آلمني ذلك ... قلت : " لماذا لا تود التحدث معي ؟؟ " بدا مضطربا ثم قال : " تفضلي ... قولي ما عندك " و تنهد بضيق ... قلت بمرارة : " إذا كنت لا تود الاستماع إلي ... و لم يعد يهمك أمري ... فلا داعي لقول شيء " وليد التزم الصمت ... ثم و بعد أن طال الصمت بنا ، استدار راغبا في الانصراف ... أنا جن جنوني من إهماله لي بهذا الشكل ... و أسرعت نحوه و قبضت على يده و قلت بحدة و مرارة : " انتظر ... " وليد سحب يده و استدار نحوي بغضب ... و رأيت النار تشتعل في عينيه ... كان مرعبا جدا ... الدموع تغلبت علي الجفون ... و تحررت من قيودها و شقت طريقها بإصرار و شموخ على الخدين ... وليد توتّر ... و تلفت يمنة و يسرة ... ثم قال : " لماذا تبكين الآن ؟؟ " قلت بعدما أغمضت عيني أعصر دموعها ... ثم فتحتهما : " لماذا لم تعد تهتم بي ؟ لماذا تتحاشاني ؟ لماذا تعاملني بهذه الطريقة القاسية و كأنني لا أعني لك شيئا ؟؟ " الرعب ... و الذعر و الهلع ... أمور أثارتها نظراته الحادة المخيفة التي رماني بها بقسوة ... قبل أن يضربني بكلماته التالية : " يا ابنة عمي ... لقد كبرت ِ و لم تعودي الطفلة المدللة التي كنتُ أرعاها ... أنت الآن امرأة بالغة ... و على وشك الزواج ... لدي حدود معك لا يجوز تخطيها ... و لديك سامر ... ليهتم بأمرك من الآن فصاعدا " و تركني ... و سار مبتعدا إلى الناحية التي كان يريد سلكها قبل ظهوري أمامه ... اختفى وليد ... و اختفت معه آمال واهية كانت تراودني ... وليد الذي تركني قبل تسع سنين ، لم يعد حتى الآن .. مسحت بقايا دموعي و آثارها ... و خرجت إلى حيث كان والدي ّ و سامر يجلسون حول الطاولة ... أقبلت نحوهم فوقف سامر مبتسما يزيح الكرسي المجاور له إلى الوراء ليفسح المجال لي للجلوس ... سامر ... كان دائما يعاملني بلطف و اهتمام بالغ ، و يسعى لإرضائي و إسعادي بشتى الوسائل ... اقتربت من سامر و نقلت بصري منه ، و إلى والديّ ، ثم إلى أكواب الشاي و الدخان الصاعد من بعضها ... ثم إلى الخاتم المطوق لإصبعي منذ سنين ... ثم إلى عيني سامر اللتين تراقباني بمحبة و اهتمام ... ثم قلت : " سامر ... لقد اقتنعت ... سنحتفل مع دانه " ~~~~~~~~~~~~~~ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هذي حياتي | NOOR ELHOODA | الإرشيف الأدبــي | 14 | 15-03-2006 05:37 AM |
هذه حياتي | هلوول | مجلس حلا لعذب الكلام | 9 | 03-01-2006 10:11 AM |
قصة حياتي / قصيدة | وردة الحب | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 12 | 26-10-2005 06:50 PM |
أمنية حياتي | dark angel | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 4 | 10-04-2005 03:30 AM |
هذه حياتي | حلاه الكون | مجلس حلا لعذب الكلام | 4 | 28-01-2005 06:30 PM |