|
27-05-2006, 05:14 PM | #1 |
(حلا فعّال)
|
الهاتف ....( قصة قصيرة )
الهاتف ....( قصة قصيرة )
أكثر من أسبوع مضى ولم أضف إلا بعض خبطات فرشاه ، اللوحة معلقة منذ مدة ، والشمعدان النحاسي مازال موضوع أمام خلفية الحرير الأخضر ، اخترت الحرير الأخضر بعد تفكير ، اعتقاداً مني أنه أكثر الألوان إظهاراً لموجات الحرير كما في لوحة " السيدة كامي " للرسام الفرنسي " كلود مونيه " . الساعة تقترب من الخامسة وأنا على حالي الملل يتملكني ، لا أتقدم أبداً ، لم أنهي لوحتي التي راهنت عليها ، أبحث عن شيء ولا أجده ، لعله في اللوحة ، في الحرير الأخضر في الشمعدان ، في أنا ........ هناك شيء أفتقده ، أقلب في المجلات أرسم كلمات بالقلم ، لا جدوى الملل هو الملل . حرارة الجو ترتفع ، أختنق ، أمي محقة المكان خانق فعلاً . أترك المكان انفضه عني . أمشي بلا هدف ، قدمي تعرف الطريق ، رميت الدقائق والساعات خلفي ، تركتهن على الحرير الأخضر . أخشى أن تصل قدمي سريعا للمنزل ، أتوقف ، لا أرى ما حولي ، آه لو يتوقف الزمن ، لو يرتاح من الركض وراء ثواني المستقبل . يوقظني من وقفتي كهل يدفعني فجأة ، ينظر مغتاظاً ، تتحرك شفتاه ببضع كلمات لم أسمعها ، التقطت أذناي أنصاف كلمات عن شباب أخر زمن ، صدمت مسامعي كلمة واحدة كاملة .... أنتِ .... أتحرك قليلاً ، أرجو قدماي أن تتوقف ، أرى وجهي في واجهة المحل المواجه لي ، أقترب منه ، أتفحص ملامحي ، صدى الكلمة يتردد في أذني ... أنتِ .... أغمض عيني ، الإنهاك ، الضيق ، الاختناق .... البيت قريب . لما لا أصعد ؟؟ . أرتمي على أول كرسي ، أتمدد ، الكلمة تتردد في جنبات عقلي ، أسد أذني ، لا مفر يعلو الصوت .... أنتِ ....أنتِ.... أغمض عيني ،،،،،،،،، ضحكة أمي العذبة أسمعها : كفاكِ نظراً في المرآة ، ماذا حل بكِ اليوم ؟ = من أشبه أنا ؟ كيف هو شكلي ؟ تخْـفـتُ ضحكة أمي ، تردُ في ثبات تشبهين نفسك ، أنت نفـسك . صوت الهاتف يقطع ضحكة أمي وثباتها ، أنتفض من تمددي ، أمد يدي للهاتف ... عندما تصل إليه ... يصمت . يا ترى من المتصل ؟ لماذا يتخفى خلف صوت رنة هاتف ؟ هل الحياة ينقصها مزيد من الأقنعة ؟ أصوات من خلف ساتر ، لعبة الاختباء ! صوت خطواتي يتردد في طرقات عقلي ....... أقفز ، أجري ، أتحرك خلف أمي في المتجر الكبير ، تسبقني إلى الماكينة ، التقطت بعض الحلوى ، أُسرع إليها وأجذبها من ملابسها تلفت إليَّ بحدة ، تصرخ في وجهي .... من أنتِ ؟؟؟ أتراجع ، شهقة من القاع ، الدموع محبوسة ، تسقط الحلوى ، تدهسها الأقدام . يدُ أمي تهبط على كتفي تلاعب شعري ، ملمس يد أمي لا شبيه له . من قال أن النساء من خلف الحجاب متشابهات ؟ أنا أعرف يد أمي . ألتفت إليها ، أدفن وجهي في قدميها ، أحرر قيد دموعي ، صوتها يأتي من أعلى : أين كنتِ ؟ .... تقول شيئاً عن الاستعجال ..، أبي ينتظرنا في الخارج ، ....... لا أذكر... لعلني لم أسمعها . يرن الهاتف ثانيةً ، أحتاج لبذل مجهود لأصل إليه ، أتركه يرن ، أغرق في تساؤلاتي ، مازالت الكلمة تدور حولي ، دوامة ، أضع يدي على رأسي أحفظ توازنها ، أتنفس بصعوبة ، الجو مازال خانق . .....المُعلمة تقف أمامي الإضاءة خافته ، أنا في أول الصف ، تمسكُ عصاها تشير بها على السؤال آخذ نفسي ، أفكر ، وأجيب . كيف أجيب ؟ لا أعرف . في كل مرة أتوقع أنني أخفقت في الإجابة !! تتزايد أنفاس الصف من خلفي ؟ اختارني الصف لأمثلهم في مادة النحو ، راهنوا عليَّ ، تعجبْتُ من الرهان ، قبلتُـه ، لن أخذلهن . منافستي قوية ، هي المفضلة لدى المعلمة ، نظرت لي المعلمة باستنكار ، وقالت : لماذا أنتِ ؟ أتحداها ، أنفاس الطالبات تتزايد ، أشعر بتشجيعهم ، رجائهن يصل لذهني ، ينشطني . تؤكد الفتيات أنهن لم ينطقن بحرف ، و أؤكد أني سمعت كل حرف ! انتهت المسابقة ، إجاباتي كلها صحيحة ، منافستي أخفقت في سؤال ، المُعلمة " نوال " تبتسم بهدوء : أنتِ متميزة اليوم . ، تكتب اسمي في أعلى السبورة داخل وردة مرسومة ستبقى لمدة أسبوع حتى موعد المسابقة التالية . ....... متميزة اليوم !!! فقط اليوم ؟؟ تتهافت عليَّ الطالبات ، احتضان ، قبلات ، وشد على يدي ، كلمات ضاعت في الهواء ، لم ألتقطها ،،،،، تلكزني أطولهن في قفصي الصدري ، توجعني ، تضحك بصوت عالي : في أي عالم أنتِ ؟ أنتِ ؟؟؟..أفيقي . يرن الهاتف ، أرفع السماعة ، صوت الطرف الآخر في حدة : من معي ؟ أبتسم ، أضع السماعة في هدوء . أذهب لأوراقي القديمة ، أرى ذاتي بين طيات الورق . أشتاق للحرير الأخضر ، لفرشاتي ، الواني كلها حاضرة في ذهني . لا شي ينقصني . أعرف من أنا ، أنا نفسي ، أنا أشبه نفسي . *************************************** التوقيع : ( البراءة )
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|