|
02-12-2004, 09:38 PM | #11 |
(حلا نشِـط )
|
الحلقة التاسعة
أخيرا جاء دوري ! صرتم تعرفونني جميعا ... اسمي رغد ، و أنا يتيمة الأبوين أعيش في بيت عمّي الوحيد شاكر منذ الطفولة . أنهيت دراستي الثانوية مؤخرا و أفكر في الالتحاق بكلية للفنون و الرسم . أعشق الرسم كثيرا و أنا ماهرة فيه . الجميع يعرفني برغد المدللة ، حيث أنني تعودت منذ الصغر الحصول على كل ما أريد ، و بأي طريقة ! اليوم نقيم في منزلنا الصغير حفلة متواضعة بمناسبة تخرجي من المدرسة الثانوية . لم يتسن لنا إقامتها قبل الآن لأن والدتي ـ أي زوجة عمي ـ كانت متوعكة الصحة . في الواقع ، صحة والدتي ليست على ما يرام منذ سنين ... دانه تبالغ في وضع المساحيق لتبدو ملفتة للنظر ! رغم أنها لم تكن ترحب بفكرة الحفلة ، إذ أننا لم نقم حفلة عند تخرجها ، ألا أنها مصرة على سرقة الأضواء مني هذه الليلة ! " إنها حفلة بسيطة و لا تقتض منك كل هذا ! تبدين كعروس بكامل زينتها ! " قلت لها و أنا واقفة أراقبها و هي ( مزروعة ) أمام المرآة منذ ساعات ! لم تلتفت إلي ، و قالت : " ما دمنا قد دعوناهن، فلنبهرهن ! قد تعجب بي إحداهن فتخطبي لأخيها مثلا ! " و ابتسمت بدهاء ! أنا أعرف من تقصد تحديدا ... لديها صديقة من عائلة ثرية جدا و شقيقها رجل تحلم نصف فتيات العالم بالزواج منه ، أما النصف الآخر فيبغضه بشدة ! إنه لاعب كرة قدم مشهور و صوره تملأ الصحف و المجلات و برامج التلفاز أيضا! قلت : " لا أعرف ما الذي يعجبكن في شخصية كهذه ! إنه حتى لا يتوقف عن توزيع الضحك و الابتسامات و كأنه مهرج ! " نظرت إلي بحدة من خلال المرآة ، ثم قالت : " على كل ٍ ، الأمر لا يعنيك فأنت أخذت نصيبك و انتهى دورك ! " ثم انشغلت بتزيين خصلة من شعرها بسائل ملمّع ... صرفت نظري عنها ، إلى يدي اليمنى ، بالتحديد إلى إصبعي البنصر ، و بمعنى أدق ، إلى خاتم الخطوبة الذي أضعه منذ سنين ... بمجرد أن بلغت الرابعة عشر من عمري أي قبل ثلاث سنوات و أكثر ، تم عقد قراني على ابن عمي سامر ... و بقينا مخطوبين حتى إشعار آخر . سامر ... يكبرني بخمس سنوات تقريبا ، و ما أن تخرج من الثانوية حتى بادر بطلب الزواج مني والدي ، بل و والدتي و دانة أيضا ... الجميع كان يريد ذلك ، فأنا أصبحت فتاة بالغة و لم يكن من الممكن بقائي و ابن عمي في بيت واحد دون حرج على كلينا عدا عن ذلك ، فإن سامر يحبني بجنون ! كما و أنني كنت السبب في الحادث الذي شوه وجهه ، و قلل فرصه لنيل إعجاب الفتيات قطعا أما أنا ، و بالرغم من كوني جميلة أيضا ، ألا أن هذا الخاتم يصرف الجميع عن الالتفات إلي ... على أية حال نحن لا نفكر في الزواج الآن فسامر لا يزال يبحث عن وظيفة و أنا أطمح إلى الحصول على شهادة جامعية ... نبهتني دانة من شرودي الذي لاحظته من خلال انقطاعي عن التعليق المستمر على مظهرها قالت : " أين سرحت ؟ ألن تبدلي ملابسك ؟ إنهن على وشك الوصول ! " غادرت غرفتها و اتجهت إلى غرفتي ، حيث ارتديت فستاني الجديد الرائع ... و الذي أضطر والدي لشرائه لي رغم ارتفاع ثمنه ، فقط لأنني قلت : أريده لي ! كان فستانا خمري اللون مطرزا بخيوط ذهبية ، طويل الذيل ، و بدون كمّين ، مما يسمح للندبة القديمة في ذراعي اليسرى بالظهور ... أكملت زينتي و تحليت بطقم العقد الذهبي الذي أهدتني إياه والدتي قبل أيام ... حينما لففت السوار حول معصمي الأيسر ، لم يبدُ منظره متناسقا مع الساعة ... إذ أن السوار ذهبي بينما الساعة فضية اللون ... هممت بخلعها ، لكنني لم أستطع ... لا أريد أن أبقيها بعيدة عني في هذه الليلة ... لطالما كانت قريبة مني و ملتصقة بي ... لم أكن آبه لتعليقات زميلاتي المزعجة حول ارتدائي لساعة رجالية ! إنها شيء لا أستطيع التخلص منه ... تماما كهذه الندبة ! نزعت السوار الذهبي ، و حاولت لفه حول معصمي الأيمن ففشلت ! " سحقا ! " صحت بغضب ، في ذات اللحظة الذي طرق فيها الباب ... لابد أنها دانه جاءت تقارن بين مظهرينا كالعادة ! " ادخل " قلت ذلك و أنا مازلت أحاول إغلاق السوار بيدي اليسرى حول معصمي الأيمن دون جدوى " مساء الخير ! " لم يكن هذا صوت دانه ، بل سامر رفعت بصري إليه و باندفاع قلت : " سامر ، هل لا أغلقت هذه قبل أن أحطمها ؟ " و أقبلت نحوه أمد إليه بمعصمي الأيمن و بالسوار ... " رويدك ! هاتي .. " و أغلق السوار حول يدي اليمنى ، فسحبتها ألا أنه أمسك بها و قال : " تبدين رائعة ! جدا " تورد خداي خجلا .. ثم قلت : " مساء النور ... ! هل قلت ُ ذلك ؟ " ابتسم ، و قال : " لا أظن ! " " إذن مساء النور ! " ثم سحبت يدي فأطلقها توجهت إلى سريري ألملم الأشياء التي بعثرتها أثناء تزيين نفسي ، و دخل سامر و أغلق الباب ... " رغد " ناداني بصوت مرح و بابتسامة مشرقة ، و سعادة تملأ عينيه " نعم ؟ " أقبل نحوي ، و عاد يمسك بيدي و قال : " لدي خبر سار جدا " ابتسمت و قلت : " هات ؟ " " لقد عثرت على فرصة ذهبية للعمل في وظيفة مرموقة " فرحت كثيرا ! قلت بسرور : " حقا ! أوه أخيرا ... ممتاز ! " شد سامر قبضته على يدي و قال منفعلا : " أخيرا ! كم أنا سعيد و لا يتسع صدري لفرحتي هذه ! سأحصل على راتب عظيم ! " بالنسبة لنا فهذا شيء مهم جدا ، لأن أحوالنا المادية كانت في انحطاط بسبب ظروف الحرب ، و كنا بحاجة لدعم مادي جيد . قلت : " متى تباشر العمل ؟ " " حالما أنهي الإجراءات اللازمة . سأحاول إتمامها خلال يومين أو ثلاثة " " وفقك الله " قرب سامر يدي من صدره ، و قال : " يجب أن نحدد موعد الزواج " تفاجأت ، فنحن لم نتحدث عن الزواج بجدية بعد ... حالما رأى سامر علامات التعجب ظاهرة على وجهي قال : " عملي سيكون في مدينة أخرى ، و أريد أخذك معي " سحبت يدي مجددا ، في توتر .. فالخبر قد فاجأني ، و لم يعجبني ... قلت : " في مدينة أخرى ؟ ... لم عليك الذهاب لمدينة أخرى ؟ " قال : " تعرفين كم هو صعب العثور على وظيفة جيدة بسبب ظروف البلد ... إنها فرصة لا يمكنني رفضها مطلقا . أخبرت والدي ّ فشجعا ذهابي " صرفت نظري عنه إلى الأرض بضع ثوان ، ثم عدت أنظر إليه و قلت : " و شجعا زواجنا ؟ " ابتسم ، و قال : " لم أذكر ذلك لهما بعد . أود أن نناقش الأمر نحن أولا " من البرود الذي اعترى تعابيري أدرك سامر عدم موافقتي ، فقال : " لم لا ؟ " قلت : " و الكلية ؟؟ " قال : " الكلية ... هل هناك ضرورة لها ؟ " " بالطبع ... أريد أن أدرس ، إنها فرصتي " صمت سامر قليلا ، ثم قال : " اصرفي نظر عنها يا رغد أرجوك ... أنا لا أريد تضييع الفرصة ، كما لا أريد العيش وحيدا هناك ... تعلمين أنني لا أستطيع الابتعاد عنك ... " و أخذ ينظر إلى نظرات رجاء و أمل ... كنت على وشك قول : لنؤجل النقاش في الأمر لوقت أنسب لأن ضيفاتي على وشك الوصول ألا أن طرق الباب سبقني ، و دخلت دانة مباشرة و هي تقول : " رغد ! ألم تنتهي ؟ وصلت نهلة ! " التفتنا أنا و سامر نحو دانة ، و التي أخذت تحدق بي قليلا ثم التفتت إلى سامر و قالت : " أنت هنا سامر ؟ قل لي كيف أبدو ؟ أليس فستاني أكثر جمالا من فستان رغد ؟ " سامر أخذ يدور ببصره بيننا ثم قال مداعبا : " أنا لا أصلح للحكم بين خطيبتي و أختي ! فخطيبتي ستبدو أجمل في كل مرة ! " ثم انصرف مسرعا و هو يضحك . بقينا نحن الاثنتان كل منا تتأمل الأخرى ، حتى وقعت عينا دانه على ساعة يدي ، فقالت بحدة : " رغد ! ستبدين في منتهى السخافة هكذا ! اخلعيها و لا تحرجينا أمامهن ! " نظرت إليها بغضب و قلت بعناد : " لن أخلعها ، و سأظل الأجمل أيضا ! " ~~~~~~~~~~ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هذي حياتي | NOOR ELHOODA | الإرشيف الأدبــي | 14 | 15-03-2006 05:37 AM |
هذه حياتي | هلوول | مجلس حلا لعذب الكلام | 9 | 03-01-2006 10:11 AM |
قصة حياتي / قصيدة | وردة الحب | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 12 | 26-10-2005 06:50 PM |
أمنية حياتي | dark angel | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 4 | 10-04-2005 03:30 AM |
هذه حياتي | حلاه الكون | مجلس حلا لعذب الكلام | 4 | 28-01-2005 06:30 PM |