|
14-01-2006, 01:42 AM | #1 |
][§¤حلا ذهبي ¤§][
|
مكـــــان الكبـــار
مكـــــان الكبـــار علي في العاشرة من عمره ، يعيش مع أمه و أبيه و جده في منزل كبير حياة سعيدة هنيئة ، كان صبيا مجتهدا في دراسته محبا لأسرته ، مطيعا للكبار ، حريصا على الصلاة في أوقاتها ، وكان يحب جده العجوز كثيرا و يقضي معه معظم وقته ، يتجاذبان أطراف الحديث و يتسامران و يتضاحكان في أحد الأيام بعد أن انتهى علي واجباته المنزلية وأنهى جميع ما عليه من دروس ، ذهب كعادته إلى غرفة جده و سلم عليه و جلس معه يحدثه عما تعلمه في المدرسة من أمور دخل والد علي على والده و ابنه الدار و ألقى التحية عليهما ثم جلس نائيا و التزم الصمت لبرهة قصيرة و كأن أمرا ما يشغل باله سأله أبوه برفق : ما بك يا ولدي تبدو منشغل البال .. هل هناك ماتود أن تخبرني به ؟ - رد أبو علي : الحقيقة يا أبي أنني أراك وحيدا طوال الوقت .. و أخشى أن تسبب لك هذه العزلة الحزن و الاكتئاب فلماذا لا تحاول أن تكون بعض الصداقات مع غيرك ؟ استغرب كلا من الجد و علي من هذا السؤال ، فهذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها هذا الموضوع قال الجد : ماذا تحاول أن تقول يا بني ؟ رد أبو علي : لقد أخبرني أصحابي عن دار يجتمع فيها الكثير من الشيوخ و الرجال للسمر و تكوين الصداقات و الترويح عن النفس بالأحاديث اللطيفة .. فما رأيك لو ذهبنا غدا إلى هناك ؟ بدا الأمر لعلي غريبا مثيرا للشك ، فهو لم يسمع بهذه الدار من قبل إلا أن جده أبدى حماسة شديدة لهذا الأمر الذي بدا لهو مشوقا و مثيرا قال الجد و الحماسة تلمع في عينيه : خذني إليها غدا يا ولدي إن استطعت ابتسم أبو علي ابتسامة غريبة و قال : حسنا .. ليكن و لكن علي .. ما زال مرتابا بخصوص هذه الدار .. فماذا يكون سرها يا ترى ؟ قال على لأبيه : هل تأذن لي بمرافقتكم يا أبي ؟ تجهم وجه الأب و قال : لا يمكنك أن تأتي معنا ، الأفضل أن تباشر دروسك .. تدخل الجد بمرح كعادته قائلا : يمكنك أن تأتي معنا يا صغيري إذا أنهيت دروسك باكرا و هكذا كان .. حرص علي على أن ينهي واجباته و دروسه بسرعة و عندما حان موعد الانطلاق كان أكثرهم استعدادا و فضولا لكسف سر " الدار " التي تحدث عنها والده و ركب ثلاثتهم السيارة و انطلقوا في طريقهم ، كان الجد منتشيا مسرورا ، و كان علي متوجسا متشككا يكاد الفضول يقتله ، في حين كان الأب – و يا للعجب – متوترا عصبيا منزعجا ترى ما السبب ؟ كانت الطريق التي سلكتها السيارة طويلة جدا ، و لكنهم وصلوا أخيرا .. و فعلا ، رأى علي الدار التي تحدث عنها والده ، و كان فيها الكثير من الشيوخ و العجائز الذين سرعان ما وجد الجد مكانا بينهم ، و كانت هناك لائحة كبيرة معلقة على باب الدار كتب عليها بخط أسود عريض (( دار العجزة و المسنين )) دهش علي مما رآه ، هل كان والده يقصد التخلص من الجد العجوز بنقله إلى دار العجزة ؟ هل يعقل ذلك ؟ لماذا يتخلى الإبن عن أبيه الذي لم يتخلى عنه قط ؟ تساؤلات حائرة ثارت في عقل علي الذي تملكه القلق الشديد والخوف على جده المسكين ، أما بالنسبة للأب فما إن رأى أن الجد قد استقر في مكانه و انغمس في الحديث مع غيره حتى شد علي من يده و غادر الدار أدرك علي أن والده يريد التخلص من الجد العجوز و سرعان ما فكر بطريقة ذكية لإنقاذ جده .. و لكن الوقت لا يسعفه ، فسرعان ما انطلقت السيارة به و بوالده تشق طريقها قافلة إلى المنزل كان الأب متوترا و كأنه يتحاشى خوض حديث مع ابنه الذي بادر و سأله : أبي .. أين جدي ؟ - تركناه في الدار - لماذا ؟ - لأنها مكان الكبار - لزم علي الصمت لبرهة ثم قال : أبي .. ما اسم هذا الشارع ؟ رد الأب بضجر : شارع السعادة و ما اسم هذه المنطقة ؟ - منطقة الشهيد - و ما اسم000 - قاطعه ابوه بحدة وضجر و صرخ فيه : أما من نهاية لهذه الأسئلة المزعجة ! لماذا تسأل عن هذه الأمور ؟ رد علي بهدوء : أريد أن أسأل عن العنوان حتى أحضرك إلى هنا عندما تكبر كما أحضرت جدي أولم تقل بأن هذا مكان الكبار ؟ أصيب الأب بذهول مفرط حتى أنه عجز عن قيادة السيارة و أوقفها جانب الطريق و راح يحدق في ابنه بدهشة و بلسان معقود لا يدري ماذا يقول و فوجئ علي بأبيه يغطي وجهه بكفيه و يبكي ندما و هو يردد " سامحني يا أبي " " سامحني يا أبي " جزع علي من بكاء أبيه و لكنه أدرك أنه ندم على تخليه عن أبيه في كبره و إلقائه في دار العجزة ، وضع علي يده على كتف أبيه وقال : أبي .. أرجوك .. لنعد إلى جدي و نأخذه معنا إلى البيت ------------------ وصلتني عبر الايميل |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|