|
18-10-2012, 10:22 PM | #1 |
(حلا فعّال)
|
إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}
يا حبيبي يا رسول الله
دافعوا عن حبيبكم بنشر سنته وتعريف الناس به الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وبعد لقد بعث الله تعالى رسله لهداية خلقه وإرشادهم ووضع الله لرسله نهج أعدائهم في التعامل معهم ومن هذا النهج استهزاء أعداء الله بهم فقال تعالى (ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب (32) ). وقال تعالى (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون (41) ) إنه نهج متبع من أعداء الله في التعامل مع الرسل , ولقد تولى القرآن المنهج الصحيح في الرد على إساءة المسيئين فقدم الله لنا المنهج الكريم في التعامل مع أهل الإساءة لنا أجمعين فقال تعالى{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} إذاً ماذا نفعل؟ {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ما النتيجة؟ {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}. هذا هو منهج القرآن الذي أنزله الرحمن على النبي العدنان وعمل به المسلمون في كل وقت وآن وهذا المنهج واضح في أكثر من موضع في القرآن وأول من طبق هذا المنهج هو رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنتم تعلمون جميعا أن أهل مكة قد وصفوه بأقبح الصفات وأشنعها وعلى الرغم من ذلك وتطبيقا لهذا المنهج القرآنى السامى أمره الله عز وجل ألا يرد عن نفسه وقال له في قرآنه {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} فإذا قالوا شاعر يرد الله عز وجل في قرآنه الكريم ويقول{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}. وإذا قالوا مجنون فيرد من يقول للشيء كن فيكون ويقول {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ} فتولى الله بذاته الرد على إساءة الكافرين والمشركين والجاحدين على حبيبه ومصطفاه وقال له منبهاً ومعلماً{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} لأن هذا هو الذي يؤدي إلى النتيجة التي ذكرها الله {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} هذا هو المنهج القرآنى في الرد على الإساءة وتعالوا نأخذ بعضا من الأمثلة التي طبق النبى فيها هذا المنهج على نفسه وفي بيته وبين أصحابه حتى لم يدع مجالا لمتشكك أو مرتاب في جمال و كمال وسماحة هذا الدين ومهما اشتدت الإساءات. و توالت على أي أحد فإنه لا يوجد من تعرض لإساءات أشد مما تعرض لها رسول الله من أهل مكة حتى أنه يوضح ذلك فيقول فرعوني أشد علىَّ من فرعون أخي موسى عليه وفرعونه كان أبو جهل ومع ذلك عندما دخل مكة فاتحاً جمع أهل مكة وجاءوا خائفين - فقد فتحت مكة عنوة - وقال لهم كما تعلموا أجمعين: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ فقالوا بأطراف ألسنتهم وليس من قلوبهم: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم. قال: إذهبوا فأنتم الطلقاء لا أقول لكم إلا كما قال أخي يوسف لإخوته{لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} ومثال آخر لترى كيف أن عدم مقابلة الإساءة بمثلها يلين الطبع الجافي بل و يحول العدو إلى صديق و فيعندما تيقن ابن فرعون الأمة. عكرمة بن أبي جهل أن النبي داخل مكة لا محالة هرب ولم يكن يدري إلى أين يتجه فاتجه إلى اليمن فلما رأت امرأته صنيع رسول الله عند فتح مكة أرسلت إليه رسالة على عجل: يا عكرمة أقبل على رسول الله فإنه يعفو ويصفح ويصل الرحم ويحمل الكلَّ فوصلت الرسالة إلى عكرمة وهو على أهبة أن يركب سفينة إلى بلاد الحبشة فرجع وعفا عنه رسول الله وكانت نتيجة العفو أن نذر أن يجاهد في سبيل الله. وظل يجاهد حتى استشهد في معركة اليرموك في فتح بلاد الشام ولو أن سيدنا رسول الله عامله بمثل صنيعه لمات كافراً، ولكنه وهو الرحمة المهداة أراد أن يجمع الخلق على الله ويحببهم إلى ذات الله لا أن ينفرَّهم من طريق الله. وقد ورد في شأنه وفي خلقه أنه كان لا يغضب لنفسه قط إذا سبّوه أو إذا أهانوه فقد كان لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله، وخذوا مثالا على ذلك اشتهر في كتب السنة وفيه أنوار جلية و أسرار سنيَّة فقد جاءه رجل من الأعراب و هو جالس في وسط أصحابه في عزِّته و منعته وقام بجبذه جبذا شديدا من حاشية ثوبه حتى حمَّر رقبته وهو يقول له في جفاء و غلظة شديدة : يا محمد أعطني فإن المال ليس مالك و لا مال أبيك وعندها غضب أصحابه بشدة و كادوا يهمون بالرجل ليبطشوا به لتطاوله إلا أن النبي اوقفهم بل و أمرهم ألا يتحركوا من أماكنهم حتى يأذن لهم. ليحمى الإعرابى من غضبتهم لعلمه بشدة حبهم له وقال له: صدقت إن المال ليس مالي ولا مال أبي ودخل منزله وأحضر له عطاءا و أجزل له ثم سأله: أرضيت ياإعرابي؟ هل أحسنت؟ فقال: لا أحسنت و لا أجملت لكن اعطني وكررها ثانية فمازال عليه الصلاة و السلام يعطيه و يسأله إن كان قد رضي و يقول لا والنبي يزيده. حتى رضي الرجل ومدح رسول الله و زاد في مدحه فقال له النبى: فإن كنت قلت ذلك فاخرج إلى أصحابي فقل عندهم مثل ما قلت لأنك أغضبتهم بفعلتك فخرج وفعل فرضي أصحابه وطابت نفوسهم فصارت الواقعة مثلا واقعيا يحتذى به و درسا عمليا و افيا علَّمه لأصحابه في كيفية التصرف مع من أساء إليه صلى الله عليه وسلم وفي هذه الواقعة على روياتها المتعدده وصيغها وطرقها المختلفة إشارات سامية وتوجيهات عالية إلى الآداب السلوكية في مواجهة الإساءة أو الرد على فاعلها: أولها: هذا فعله عليه الصلاة و السلام مع مسلم المفروض بديهة أنه يعرف المبادىء الأولية عن قدره الشريف ومدى حب المسلمين له؟ وعلى الرغم من ذلك فانظر كيف عالج الموقف؟ وكيف التمس له العذر في غلظته و سوء تصرفه؟ فما بالنا لو صدرت الإساءة ممن لايعرف قدره لا مقامه؟ بل فما بالك لو جاءت الإساءة ممن عمى عقله عن الحقيقة بالدعايات المغرضة والأقاويل الباطلة التي تنزل عليه ليل نهار؟ هل كان يواجهه بمثل إساءته بعد أن فقهت هذه الواقعة؟ . ثانية: بل أنظر كيف حمى الرجل من غضبة أصحابه؟ وأمرهم ألا يبرحوا مكانهم إلا بأذنه و الإساءت تتوالى على شخصه الشريف وأصحابه تغلي نفوسهم و يودون لو يطيحوا برقبته لشدة إساءته. وثالثة: أنظر كيف حلم عليه وثابر على ذلك؟ ولم يزده إغراق الإعرابي في الإساءة إلا مزيدا من الحلم و الصبر و التماس العذر. ورابعة: وفي رواية أن النبى قال له لا أعطيك يا إعرابى حتى تقيدنى من جبذتك التي جبذتني (رواية النسائى عن أبى هريرة) ولكن الإعرابي لم يسمع وكرر طلبه بصلافة و النبي يقول: لا حتى أقتد منك ما فعلته بي ويكررها والإعرابي لايسمع أو يسمع و يقول لا أقيدكها والنبي يكرر ليبرهن لأصحابه أن الرجل قد أصمَّه غضبه فلما استبان للجميع أن الرجل قد أعمته رغبته حتى عن السمع أو الفهم نزلت رحمته و أخذ يعطيه ويعطيه ليعلمنا بذلك أنه: إن عمي خصمك أو أصم أذنيه فأنت أيها المسلم أحوج ماتكون ساعتها للبصيرة ولضبط النفس حتى يمكنك أن تساعده في رفع الغشاوة عن عينيه أو إعادة الاستماع لصوت العقل ولكن إن عمى المسيىء إليك الجاهل بقدرك وجرَّك بقبح فعله فعميت مثله؟ فما هو الفرق بيننا؟ وكيف تكون النتيجة ستزداد العداوات و تتقطع الأواصر و يفتح باب الشقاق و الفرقة ودخول أطراف أخر بقصودها – انظر كيف منع أصحابه من التدخل – وعندها تصبح العودة إلى الصواب أصعب وأشد على النفس و أنكى بل قد تستحيل والتاريخ مليء بعشرات الأمثلة على هذا و التي غيَّر مجراه فيها صبر فرد على أذية أو عكس ذلك. وخامسة: بعد انتهاء الواقعة و عودة الأعرابي إلى جادة الصواب صفح عنه النبي ولم يذكر موضوع القصاص ثانية لأنه لا يهمه سوى تحوَّل الرجل من الغلظة و الشدة إلى اللين و الاستجابة وهذه بداية التغيير وقبلها لافائدة. السادسة: في النهاية لم يدعه النبي يمشي حتى طلب منه أن يسمع أصحابه ما قاله له في بيته عن رضائه وسرور نفسه ليشهدهم بأنفسهم نتيجة الصبر على الأذى وتحمل الإساءة وكيف صيَّرت الأعرابي إلى النقيض فيكون تعليما لهم وليذهب غضبة نفوسهم عليه فيصفو المجتمع من الشحناء وتزول العداوات والبغضاء ولذلك فإن حضرة النبي الأعظم وأنتم تعلمون فلا يوجد إيذاء تعرَّض له رسول الله أكثر من إيذاء المنافقين الذين كانوا معه وتظاهروا بالإسلام هل إيذاء المنافقين له أكبر أم إيذاء الكافرين؟ بالطبع كان إيذاء المنافقين لأن الكافرين كانوا يعلنون عليه الحرب أو يقولون عليه ساحر أو مجنون. ومثل هذا الكلام الذي ليس له أساس لكن هؤلاء المنافقين هم من أذوه الإيذاء الشديد حتى أنهم هم من شنَّعوا على أعزِّ زوجاته من الذي روَّج هذه الإشاعة؟ هل هم الكافرون؟ أم المشركون؟ أم اليهود؟ أبداً إنهم المنافقون الذين يصلٌّون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي ويجلسون معه وآذوه مرة أخرى وهم راجعون " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " هل يوجد من أهل مكة من يستطيع أن يقولها؟ هل يوجد أحد من بني النضير أو بني قريظة يستطيع أن يتفوه بذلك؟ لا ولكن قالها من يصلون ويصومون ويمشون مع حضرة النبي فتحمُّل حضرة النبي للمنافقين - عندما نراه - يعطينا المثل الأعلى لسيدنا رسول الله في أخلاقه التي جملَّه بها مولاه وقد قال أصحابه بعد هذه الفتن: يا رسول الله دعنا نقتلهم. فقال: ماذا يقول الناس علىَّ؟ أيقولون أن محمداً يقتل أصحابه فيقولون: إنهم ليسوا أصحابك يا رسول الله. قال: إن الناس تراهم معي يصلون ويصومون.. قائد كتيبة المنافقين والذي قال: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" كان ابنه من المسلمين الصالحين رأى بعض المسلمين يتحرشون به ويريدون أن يقتلوه فذهب لرسول الله، وقال: يا رسول الله مرني أن أقتله (أي أباه) قال: لماذا؟ قال: إن نفسي لن تسكن وقد رأيت قاتل أبي لو قتله أحد منهم؟ فلا أريد أن أقتل مسلماً بكافر , فقال له رسول الله: لا وعندما قال أبوه: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ " وقف ابنه على باب المدينة وقال لأبيه: لن تدخل وإلا ضربتك بالسيف أو يعفو عنك رسول الله؟ لكي تعرف من العزيز ومن الأذلُّ فالحبُّ لرسول الله جعل الابن يقف في وجه أبيه ومع ذلك كان سيدنا رسول الله عندما يموت الواحد فيهم يذهب ليصلِّي عليه فيقول سيدنا عمر: إلى أين أنت ذاهب يا رسول الله؟ إنه فعل كذا وكذا؟ فيقول: دعني يا عمر فيؤيد الله كلام عمر ويقول{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ} فيقول سيدنا عمر لرسول الله لقد قال الله كذا "الآية" فيقول رسول الله: سأزيد عن السبعين انظر إلى رحمة رسول الله ويتوفي قائد كتيبة المنافقين فيصلي عليه ولكي يطيب خاطر ابنه يخلع قميصه ويقول كفنوه فيه فإذا رحمت فأنت أم أو أب … هذان في الدنيا هم الرحماء وهو أكثر من الأم والأب{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} هذا هو النبي الكريم الذي كان يؤلف كل قوم بما يلائمهم لأنه أُرسل للناس لتأليف القلوب وجمع النفوس على حضرة المليك القدوس وهكذا علّم أصحابه أن يكونوا على شاكلتة فلا يغضبون لأنفسهم وإنما يغضبون لله لأننا جند الله{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} وجند الله لا يملكون لأنفسهم قليلاً ولا كثيراً ولا يأتمرون إلا بأمر الله ويتلقون تعليماتهم من الحبيب الأعظم، الذي عينه الله وقال لنا في شأنه {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} وهناك أمر آخر لقد هجا أعداء الله رسول الله في أشعارهم لكن هذه الأشعار لم تصل إلينا بسبب عدم تناول وتداول المسلمين لها حتى ماتت للآن هدف من يسيء أن تنتشر الإساءة وهذا لا يعني أننا لا نرد على هذه الإساءات لكن علينا أن نتخير الطريقة المثلى للرد على هذه الإساءات , كما يجب على كل واحد فينا أن يتذكر كما مرة أساء فيه إلى رسولنا حينما ابتعد عن سنته حينما أهمل تعاليم دينه وحينما أهمل في نشر الفكر الصحيح عن الإسلام وهذا هو واجبنا في هذا المرحلة أن ننتهي نحن عن إساءاتنا |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|