لا تتركي أطفالك بين يدي الخادمات...فما خفي عنك أعظم...

[أميرة الياسمين]

اقشعرّ جلدي حين كنت أتابع برنامجي المفضّل «خيوط الجريمة» على قناة الراي الكويتية، وقد عرضوا مشهداً قد صوّر سراً لخادمة تركت مع طفل رضيع، فما كان منها غير أن ضربته ودفعته أرضاً، غير راحمة صراخه وبكاءه، وحين ضاقت ذرعاً رمته فوق الكنبة وصارت تدوس فوق بطن الرضيع بقدمها بوحشية عجيبة، وانتهى هذا المشهد بتحذير وتساؤل:هل تنتظر ليكون طفلك هو الضحية القادمة؟...
جدال طويل دار بيني وبين أحد أفراد عائلتي حول تربية غير الأم للطفل سواء كان ذلك الخادمة أو المربية أو الأقارب..
وقد عجبت لأمر هؤلاء النسوة كيف يدعن أطفالهن بيد الخادمات ليربوهم، بل عجبت أي نشأة هذه التي سيكتسبها الطفل وامرأة أخرى غير أمه هي التي تربيه، وتدربه على شؤون الحياة.
ظاهرة انتشرت بكثافة في مجتمعاتنا العربية، مقارنة بانخفاضها في الغرب، حيث تتشبث الأم هناك بطفلها وتحرص على تربيته ونشأته وفق ما تريد وتهوى، بينما بعض نسائنا ومن أجل«بريستيجهن»أو وضعهن الأرستقراطي، يرمين بفلذة أكبادهن بين يدي خادمات غير معروفات المنشأ والديانة!.
هذا هو ما سأعرضه، حول تربية الخادمات للأطفال دون أمهاتهم، فينشأ الطفل بعيداً عن أمه، وبعيد الارتباط بها، ولا عجب إن تجرأ الطفل صارخاً يوماً في وجه أمه بعدها، في حين يخضع ويطأطأ الرأس للخادمة لو نهرته، فهو لم يعتد احترام أمه،بل اعتاد بدلاً عنها احترام الخادمة التي أنشأته وعوّدته على سلطتها، ومبادئها.
نحن لا ننكر أنه يحق للأم لو كانت عليلة أن ترمي بطفلها بين يدي خادمة عجوز تستطع تربيته، ولكن على شرط أن تزرع حب الأم في نفسه، بل أن تسمح للأم بأن تظل مشرفة على تربية الخادمة بين الوقت والوقت، خادمة تثق بدينها وخلقها ورجاحة عقلها، ليس خادمة فليبينية أو سريلنكية أو ما شابه، وحبذا لو تحضن الأم دائماً طفلها، مؤكدة له أن لا سلطة غير سلطتها وسلطة والده عليه.
فالأم لها عامل كبير في تربية الطفل، وتهذيبه، لذلك وجب على الأم ألا ترمي بأطفالها ليربوا بعيداً عنها في حضن خادمة.
وألا تكون إمّعة تتبع كل ما هو «مودرن» وما هو حديث ومستحدث، فليس أفضل منها لتربية الطفل.
عدا عن ذلك كثير من النساء يؤثرن العمل على تربية الأطفال، ومنهنّ يتذرّعن بأنهنّ يعملن ليمضوا وقت الفراغ الذي ينجم بعد الانتهاء من أعمال المنزل، ولو تأملنا جيّدا وحللناها منطقياً سنجد أن الأم لا وقت فراغ لديها البتة، حتى لما يسمى بالزيارات الصباحية والاجتماعات النسائية،ذلك أن المنزل وتربية الأطفال تستنفد كل مجهودها ووقتها، لذلك تربية الأطفال تحتاج لثقافة ووعي وحب وحنان، وعطف وصبر عظيم وهذا كله غير موجود عند الخادمة أو حتى عند الجدة والخالة والعمة، إنه موجود بين الأم وابنها فقط، حتى أن الأب بذاته لا يستطيع أن يصبر على طفله كذاك الصبر الجليل الذي تصبره الأم على تربية طفلها، من أجل ذلك جعلت القوامة بين الرجال، وكانت مهمة النساء المكوث في المنازل والاستقرار فيها لتنشئة الأطفال وتربيتهم التربية القويمة الصالحة، فكيف تتخلى الأم عن دورها العظيم ذاك، وترمي بطفلها الصغير بين يدي خادمة أو مربية، لتذهب إلى العمل!!، أو لزيارة الصديقات والتسلية والصياعة هنا وهناك بعيداً عن الطفل، ونحن نعلم جيداً أهمية تعلّق الطفل بأمه وحبّه لها وخاصة لو كان طفلاً رضيعاً أو صغيراً في سنيه الأولى من عمره، وإني لأتساءل من جدوى زواجها أصلا وإنجابها الأطفال إن كانت تعتبر الزواج ومن ثمّ الإنجاب تسلية وراحة ورفاهية، وأنّى لمؤسسة كبرى هي الزواج أن تكون مؤسسة للسياحة والرفاهية، فمنذ ولادة الطفل وخروجه للدنيا، تبدأ الهموم والمتاعب، والأم التي تتخلى عن طفلها في هذه المرحلة الحرجة من عمره من دون عذر شديد ومنطقي هي أمّ غبية وحمقاء، وتستحقّ أن تحرم من حقّ الأمومة للأبد.
وختاماً، نذكّر بالحادثة التي ابتدأنا بها موضوعنا، وهذه الحادثة ليست فريدة من نوعها أو نادرة الحدوث، ففي خبر آخر أن أسرة لاحظت حركات غريبة على خادمتها فاكتشفت بعد تفتيش غرفتها أنها تمارس السحر، وخادمة أخرى علّمت الأطفال تعاليم البوذية، وغير ذلك الكثير من الأخبار ولعلّ أبسطها ما نشاهده في الأطفال اللذين تعوّدوا على تربية الجدة، بأنّهم باتوا يستغربون نصائح الوالدة وأفانين تربيتها، وتفرّدوا بطاعتهم للجدة أكثر من الأم.
فيا أيّتها الأم: لو كنت تعملين وتدعين طفلك في دار حضانة أو عند والدتك أو عند خادمة، لو كنت تخافين على طفلك فعلاً وتريدين منه أن يحبّك في المستقبل ويطيعك، فدعي عملك هذا وامكثي لجانب طفلك، تطعميه من حنانك ودفئك وأمانك، وتلبسيه من قلبك وتعبك وصبرك، وازرعي فيه القيم والأخلاق، وستشعرين بلذّة كبيرة وشعور غامر بالسعادة حين تكتشفين مع الوقت أن ابنك لك وحدك وليس لأحد غيرك ،وأنه أكثر تعلقاً وحباً لك وحدك وليس لأحد غيرك، فدعي عملك واتركي الرزق على الله، ومن ثمّ على زوجك، واتركي له حقّه أن يمارس عليك القوامة، فلا سعادة لمنزل تخلت الأم فيه عن دور الأمومة واستبدلته بدور الرجال..