:: أتصل بنا ::

 

::+: الواجهه الرئيسيه :+:: ::+: البحث في الاقسام والمواضيع :+::

العودة   منتديات حــلا > +:::::[ الأقسام الأدبية ]:::::+ > مجلس حلا للقصص والروايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-2004, 02:56 PM   #1
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

ترددت قليلا ثم قلت بحياء و بصوت منخفض و نبرة متوترة :

" هل ... تحبين نوّار ؟ "


دهشت دانه من سؤالي ، لذا حملقت بي وهلة ، ثم قالت :

" ما هذا السؤال !؟ "


ندمت لأنني طرحته ! إنه موضوع حساس لم أجرؤ من قبل على التحدث فيه مع أي كان ...

و لما لحظت دانه تراجعي الخجل ، قالت :

" نعم أحبه ! إنه شريك حياتي ... ! نصفي الآخر ! "



صمت قليلا ثم سألت :

" إذن ... كيف تشعرين حين يكون معك ؟؟ "

أنا بنفسي لاحظت ذلك ... رغم المساحيق التي تغطي وجهها ألا أن اللون الأحمر المتوهج طلى وجهها و هي تجيب على سؤالي :

" أشعر ... ؟؟ ... بالحرارة ! "


و أشارت إلى قلبها بيديها كلتيهما ...


الحرارة ... في صدري و جسمي كله ، هي شعور لم أحس به في حياتي ... إلا عندما اقتربت من شخص واحد فقط ... هو وليد ...

" وليد ! هل فقدت صوابك !!؟؟


قال سيف و هو فاغر فاه لأقصى حد من هول المفاجأة ...


لقد أخبرته بخبر فعلتي الجنونية الأخيرة ...


" نعم يا سيف ! استقلت و انتهى الأمر "

أخذ يهز رأسه و يضرب يدا بالأخرى من الغيظ و الأسف ...


" أرجوك يا سيف ... قضي الأمر ... لم أكن لأستطيع الاستمرار و الجميع ينظر إلي و يعاملني بهذا الشكل ... يحتقرونني و يتحاشون الاقتراب مني و كأنني وباء خطير "


" و ما لك و لهم ؟ وليد ! لم يكن الحصول على هذه الوظيفة بالأمر السهل ... لقد تسرعت "



استدرت بغضب ، و قلا بانفعال :


" فليذهبوا بوظيفتهم للجحيم "


أعرف أن العثور على عمل هو من أكثر الأمور صعوبة في الوقت الحالي ، لكنني ضقت ذرعا بالهمزات و اللمزات التي يرمي بها الآخرون علي بقسوة ، لكوني قاتل و خريج سجون ...


كما و أنني سمعت بعضهم يذكر صديقي سيف بالسوء بسبب علاقته الوطيدة معي ...
بقائي في العمل بشركته صار يهدد سمعته هو ... و أنا لم أكن لأرضى عليه بأي أذية ...


أليس هو الباقي لي من الدنيا ؟؟

تلا هذا صمت مغدق ...


سيف استاء كثيرا جدا من إقدامي على هذه الخطوة التي وصفها بالتهور ... ألا أنني كنت أراها حلا لابد منه

قال :


" ما أنت فاعل الآن ؟؟ "


ابتسمت ابتسامة سخرية ...


" أفتش من جيديد "

نعم ... عدنا للصفر !


لو أنني أتممت دراستي ، مثلك يا سيف ، لكنت الآن ... رجلا محترما مهابا ... أتولى إدارة إحدى الشركات كما كنت أحلم منذ الصغر ...


و فشلي في تحقيق أي من أحلامي ، هو أمر لا يجب أن تتحمل أنت مسؤولياته ، أو ينالك سوء بسبب علاقتك بي


سيف كان قلق ... أردت أن أغير الموضوع ، فقلت :


" اخبرني ... ما النبأ الجميل الذي تحمله ؟؟ "


و كان سيف قد أبلغني بأن لديه خبر جميل ، عندما وصل إلى بيتي قبل دقائق !


سيف قال :


" لقد ... عزمت على إتمام نصف الدين ! "


فاجأني الخبر ، و أسرني كثيرا ، فأمطرت صديقي بالتهاني القلبية ! إنه أول خبر سعيد أسمعه منذ شهور ...


" أخيرا يا رجل ! فليبارك الله لك ! "

" شكرا أيها العزيز ... العقبة لك ! متى يحين دورك ؟؟ "



دوري أنا !

إن مثل هذا الموضوع لم يكن ليخطر على بالي !

و هل يفكر في الزواج رجل خرج من السجن قبل شهور ، و بالكاد بدأ يتنفس الهواء ... و كان و عاد عاطلا عن العمل ! ...


و فوق كل هذا ... ذو جرح لم يبرأ بعد ...


قلت :


" قد تمضي سنوات و سنوات قبل أن تعبر الفكرة على رأسي مجرد العبور ! "

" لم يا رجل !؟ إننا في السابعة و العشرين ! وقت مناسب جدا ! "


قلت :

" لأجد ما يعيلني أولا ! كيف لي أن أتحمل مسؤولية زوجة و أطفال ! "


قال سيف :

" إنك تحب الأطفال يا وليد ! ألست كذلك ؟ "

" بلى ! ... "

" ستكون أبا عطوفا جدا ! "


و ضحكنا


يمكنني أن أضحك بين حلقات سلسة همومي التي مذ بدأت لم تنته ...


قضيت أسابيع أفتش عن عمل ... و فشلت

حتى أقاربي الذين لجأت إليهم طالبا الدعم ، خذلوني

لو كان سبب دخولي السجن شيء آخر ، لربما عاملني الناس بطريقة أفضل ...

كرهت الدنيا و كرهت نفسي و كرهت كل شيء من حولي ...

و بدأت نقودي التي جمعتها خلال الأشهر الماضية تنفذ ... و أعود للفقر من جديد ...


كنت جالسا في حديقة المنزل الميتة ... أدخن السيجارة تلو الأخرى ... غارقا في التفكير و الهموم ...



كانت الأرض أمامي قاحلة ... لا زرع فيها و لا حياة ...

تماما مثل حياتي ...


تزوج صديقي سيف بعد 3 أشهر خطوبة ... و ينعم الآن بحياة جديدة ، و يتولى مسؤوليات أكبر ... و لم يعد متفرغا لي ...



حصلت على عمل بسيط جدا في أحد المحلات التجارية ... ألا أنني لم استمر فيه بسبب المشاكل التي واجهتني ، لكوني موصوم بالإجرام و القتل ...


أصبحت بإحباط شديد ... و أنا افقد القليل الذي كنت قد حصلت عليه ... و ضاقت بي الدنيا ... كما و داهمني الإعياء و المرض ... فقررت الهروب من مدينتي إلى مكان ألقى فيه شيء من الاحترام و المودة
بعيدا عن السمعة المجروحة ... إلى حيث يوجد من يحبني و يرغب بوجودي و يتقبلني على ما أنا عليه من عيوب و وصم عار ... إلى أهلي ..


كانت شهور عشرة قد انقضت منذ رحلت عنهم ...

كلما اتصلوا بي أو اتصلت بهم ، أخبرتهم بأنني في أحسن حال ، بينما أنا في أسوئه



انفث الدخان السام من صدري ... و أفكر ... أ أعود إليهم ؟؟ أم لمن ألجأ ؟؟

أتخيل نفسي بينهم من جديد ... فتظهر صورة رغد لتحتل منطقة الخيال من رأسي ... فأبعدها و أبعد الفكرة ...


" لا ... لن أعود "



و أرمي بالسيجارة على الأرض ، و أدوسها بحذائي فتندفن تحت الرمال ... إلى جانب شقيقاتها ... في قبور متجاورة و مزدحمة ...


لماذا لا أموت أنا مثلها ؟؟

إلى متى أستمر في تدخين هذه الأشياء القذرة ؟؟

ألا يكفي السجن أن لوث سمعتي و ضيع مستقبلي ؟

أ أترك دروسه و مخلفاته تلوث صدري و تفسد صحتي ؟؟

أتذكر قول نديم لي ... لا تدع السجن يفسدك يا وليد ...

هل أنا شخص فاسد الآن ؟؟

نديم ...

ليتك معي الآن ...





فجأة ... تذكرت شيئا غاب عن مذكرتي تماما !


يوم وفاته ، نديم أوصاني بشيء ...

طلب مني أن أزور عائلته و أطمئن عليهم !

وقفت منفعلا ... يا للأيام ! لم يخطر هذا الأمر ببالي من ذي قبل ...

و كيف له أن يجد فرصة للظهور فيما يحتل تفكيري أمور أخرى ...


ربما وفاءا لذكرى صديق عزيز لطالما كان يدعمني في أسوأ أيام حياتي ...

أو ربما كان فراغا طويلا لم أجد معه ما أفعله

أو حتى هروبا من هذه المدينة و سمعتي المنحطة فيها

أيا كان الدافع ، فقد قررت يومها زيارة عائلة نديم !


نديم أخبرني بأنه يملك مزرعة في المدينة الشمالية ، و هذه المدينة بعيدة عن مدينتي و هي أقرب إلى المدينة الصناعية حيث يعيش أهلي ...

جمعت كل ما أحتاجه و ما قد أحتاجه ، و عزمت الرحيل ...

الهدف لم يكن زيارة عائلة نديم تنفيذا لوصيته التي ماتت يوم وفاته ، بقدر ما كان الفرار من الفشل الذريع الذي أعيشه في هذه المدينة


الآن أدرك لم قرر والدي الرحيل ، و لم لا يفكر في العودة

لا بد أنه تعرض لمثل ما تعرضت له ... بسبب جريمتي النكراء ...


ذهبت لزيارة سيف في مسكنه الجديد ، و أبلغته أنني راحل ...


كان وداعنا مؤلما ألا أنه قال :


" في أي وقت ... و كل وقت ... تشعر بأي حاجة لأي شيء ، تذكر أنني موجود "


و دفع إلي مبلغا من المال قبلته على شرط أن أرده له في أقرب فرصة ... و لا أعلم كم تبلغ المسافة بيني و بين هذه الفرصة !


أقفلت أبواب المنزل الكئيب ... و تركت الذكريات القديمة سجينة ... تغط في سبات أبدي ...


بما فيها صندوق الأماني المخنوق ، و الملقى بلا اهتمام عند إحدى زوايا الغرفة

إن كتب لي أن أعود يوما ... فسأفكر في فتحه !


انطلقت مستعينا بالله و متوكلا عليه ... متجها إلى المدينة الشمالية ... لم أكن قد زرتها في حياتي من قبل ، ألا أنني أعرف أن الطريق إلى المدينة الصناعية يؤدي إليها ، و أنها لا تبعد عن الأخيرة إلا قليلا


وصلت إلى المدينة الصناعية ... و شوقي سحبني نحو بيت عائلتي سحبا ...

كيف لي أن أعبر من هنا ... ثم لا أمر لألقي و لو نظرة عابرة على أهلي ..؟؟


كان الوقت عصرا ... أوقفت سيارتي إلى جانب سيارة أبي ، و السيارة الأخرى التي تبدو جديدة و آخر طراز !

مؤخرا صار سامر يأتي إلينا مرة واحدة في الشهر ... أصبح يعمل عملا مضاعفا و قلت حتى اتصالاته !

و حين جاء البارحة ، طلبت منه أن يصطحبني إلى الشاطئ هذا اليوم !

طبعا سامر فرح كثيرا بهذا الطلب ... و أنا كنت أريد أن أرفه عن نفسي و أقلد دانه !
إنها دائما تشعرني بأنني لا أصلح امرأة !

الجميع من حولي يعاملونني على أنني لا أزال طفلة !

إنني الآن في الثامنة عشر من العمر ... و أحس بأنني خلال الأشهر الماضية كبرت كثيرا !

لقد بدأت استخدم المساحيق بكثرة مثلها ، و أشتري الكثير من الحلي و الملابس... بالرغم من أنني لا أجهز للزفاف مثلها !


فكرة الزواج الآن لم أقتنع بها ... و لسوف أنتظر حتى أنهي دراستي و أكتسب صفات المرأة التي تعرف كيف تحب و تدلل شريك حياتها !

أليس هذا هو المطلوب ؟؟

" هيا رغد ! الوقت يمضي ! "


سامر يناديني ، و هو يقف خلف الباب ، ينتظر خروجي ...


أجبت و أنا ارتدي شرابي ثم حذائي الجديد ذا الكعب العالي ، على عجل :


" قادمة ... لحظة "


و في ثوان كنت أفتح الباب ...

حين صرت أمامه راح يحدق بي باستغراب ، ثم قاد بصره إلى حذائي !


" رغد ! لقد طلت بسرعة ! لم تكوني هكذا البارحة ! "


ابتسمت و قلت و أنا أظهر حذائي الطويل من خلف عباءتي :

" إنها الموضة ! "


سامر ضحك و قال :

" و لكن يا عزيزتي هل ستسيرين بحذاء هكذا على الشاطئ ؟؟ "

" لا يهم ! أنا أريد أن أظهر أطول قليلا حتى لا يظنني الناس طفلة ! "

" كما تشائين ! هيا بنا "


و خرجنا ، و مررنا بالمطبخ حيث وضعت سلة صغيرة تحتوي بعض الحاجيات فحملها سامر و هممنا بالانصراف ....

و إذا بدانة تقول :

" هل آتي معكما ؟؟ "

أنا و سامر تبادلنا النظرات ...

طماعة ! ألا يكفيها أنها تخرج مع خطيبها كل يوم فيما أنا جالسة وحيدة في المنزل ؟؟

قلت :

" لا ! إنها رحلة خاصة ! "


سامر ابتسم بخجل ، و دانه نظرت إلي من طرف عينها مع ابتسامة خبيثة أعرفها جيدا ... و أعرف ما تعنيه منها !

تجاهلتها و سرت مبتعدة ...


" انتبهي لئلا تنزلقي زرافتي ! "

و أخذت تضحك !

قلت بحنق :

" ليس من شأنك "

و خرجت مسرعة ....


دانه تتعمد التعليق على أي شيء يخصني ... و دائما تعليقها عنه يوحي بعدم رضاها أو سخريتها منه !

ألا أنها تشعر بالغيرة من طولي الذي يسمح لي بارتداء أحذية كهذه ، و هي محرومة منها !

خرجنا على الفناء الخارجي و سامر يبتسم بسرور !

حتى و إن كانت نظارته السوداء الكبيرة تخفي عينيه ... كنت أعرف أنه يحدق بي !

اعتقد أنه سعيد جدا ... السعادة المميزة ... التي لم أذق لها أنا طعما حتى الآن ...

فيما نحن نقترب من الباب ، قرع الجرس !

تقدم سامر و فتحه ...

و توقفت الكرة الأرضية عن الدوران !

اعتقد أن شهابا قد ارتطم بها ... هنا خلف هذا الباب !


شعور مفاجئ ... و اصطدام مجلجل ... و حرارة محرقة شاوية ... و حمم ... و ضباب ... و اختناق ... و ارتجاف ... و عرق ... و ذهول ... كلها مجتمعه انبثقت فجأة من عند الباب و اجتاحتني ...


هل أصدق عيني ! ؟

~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:58 PM   #2
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

هل يقف أمامي المارد الناري الضخم المرعب ... متمثلا في صورة ... وليد ؟؟؟


هتف سامر بذهول و بهجة عارمة :


" أخي وليد ! "


و تعانقا عناقا طويلا ...


يا لها من مفاجأة مذهلة !


اعتقد أنه كان علي الأخذ بنصيحة سامر و تغيير حذائي ... إنني أوشك على الانزلاق ! لماذا فقدت توازني بهذا الشكل ؟؟


بعد لقائهما الحميم ... استدارا نحوي ...


حينما وقت عيناه على عيني ، طردهما بسرعة و غض بصره ... و قال بهدوء لا يتناسب و الحمم و البركاين و الانفجار و النيران الذي تولدت لحظه ظهوره من فتحة الباب :


" كيف حالك صغيرتي ؟ "


لقد حاولت أن أحرك لساني لقول أي شيء ... لكن بعد احتراقها ، فإن كلماتي قد تبخرت و صعدت للسماء !


طأطأت رأسي للأرض خجلا ... حين عبرت ذكرى لقائنا الأخير سريعة أمام عيني ! ...

الرجلان يقتربان ...

رفعت رأسي فإذا بعينيه تطيران من عيني إلى الشجرة المزروعة قرب الباب الداخلي ...


سمعته يقول :

" ألا يبدو أنها كبرت !؟ "


التفت إلى الشجرة ... صحيح ... لقد كبرت خلال الشهور الطويلة التي غاب فيها وليد عنا !


لكني سمعت سامر يضحك و يقول :

" إنه الكعب ! "


أدركت أنه كان يقصدني أنا ! كم أنا غبية !


قال وليد :

" أ كنتما ... خارجين ؟؟ "


قال سامر :

" أوه نعم ... لكن يمكننا تأجيل ذلك لما بعد ... تعال للداخل ستطير أمي فرحا ! "


قال وليد :

" أرجوكما امضيا إلى حيث كنتما ذاهبين ! إنني سأبقى في ضيافتكم فترة من الزمن ! "


مدهش !

عظيم !

ممتاز !


و أقبلا نحو الباب الداخلي ، و دخلنا نحن الثلاثة ...


كانت مفاجأة مذهلة أحدثت في بيتنا بهجة لا توصف ...

عشر شهور مضت ... و هو بعيد ... لا يتصل إلا قليلا ... و حين يتصل يتحدث مع الجميع سواي ... و إن تحدث معي صدفة ، ختم جمله المعدودة بسرعة ...

لكنه الآن موجود هنا !

أنا فرحة جدا !


علمنا في وقت لاحق أنه مر منا قبل ذهابه إلى المدينة الشمالية لأمر خاص ...


" كم ستظل هناك ؟؟ "

سألته أمي ، فأجاب :

" لا أعرف بالضبط ، ربما لبعض الوقت ... سأفتش عن عمل هناك فقد أجد فرصة أفضل ! "


دانة قالت :

" و ماذا عن عملك في المدينة ؟؟ "


وليد اضطربت تعبيرات وجهه ، و قال :


" تركته "


ثم غير الموضوع لناحية أخرى ...


فجأة سألني :


" كيف هي الكلية ؟؟ "


أنا تلفت من حولي بادئ الأمر ... كأنني أود التأكد من أن وليد يتحدث إلي أنا !

بالطبع أنا !

لا يوجد من يدرس بالكلية غيري الآن !

قلت بصوت خفيف خجل :

" الحمد لله ... تسير الأمور على ما يرام "

قال سامر :

" أنها مجتهدة و نشيطة ! و مغرمة بالفن أكثر من أي شيء آخر ! حتى مني ! "


الجميع أخذوا يضحكون ...

سواي أنا و وليد ...

أنا لم تعجبني هذه الجملة ... أما وليد ... فلا أعرف لم اكفهر وجهه هكذا ... ؟؟


قالت دانة :

" إذن فقد أفسدت رحلتك الخاصة أيتها الببغاء الصغيرة ! "

و استمرت في الضحك ...



أنا استأت أكثر ...

وليد سأل دانة :

" أية رحلة ؟ "

أجابت :

" كانا يودان الذهاب للشاطئ ! سامر لا يأتي غير مرة في الشهر و خطيبته متلهفة لقضاء وقتا ممتعا و متميزا معه ! إنها تغار مني ! "



و رفعت رأسها بتباهي ...

ربما كانت تقصد مداعبتي ، لكنني حملتها محمل الجد ... و وقفت فجأة ، و استأذنت للانصراف ...



ذهبت إلى غرفتي مستاءة ... و غاضبة ...





~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




قلت :

" يبدو أنها تضايقت ... "

فجميعنا لاحظ ذلك ... أما زالت دانه على ما كانت عليه منذ الطفولة ؟؟

نظرت إلى شقيقتي باستياء ... و كذلك كان سامر ينظر إليها ...

قالت :

" كنت أداعبها فقط ! "

سامر قال :

" لكنها انزعجت منك ! سأذهب إليها "

و غادر من فوره ...



أنا طبعا لم أملك من الأمر من شيء ...



قلت لدانة :


" أحقا كانا يودان الذهاب للشاطئ ؟ أنا آسف أن حضرت و أفسدت مشروع نزهتهما ! "


" لا تكترث وليد ! فهي فكرت في الذهاب فقط لأنني أوحيت لها بأن تذهب ! إنها لا تحب الخروج من المنزل خصوصا للأماكن العامة "



التزمت الصمت و لم اعلق على جملتها الأخيرة ...


قالت :

" ما رأيكم أن نذهب جميعا غدا لنزهة عند الشاطئ ! كم سيكون ذلك رائعا ! "



نزهة عند الشاطئ ؟ يبدو حلما ! إنني لم أقم بكهذا نزهة منذ سنين !

و يبدو أن الفكرة قد راقت للجميع ...

سألت :

" و ماذا عن نوّار ؟؟ "

قالت :

" في البلدة المجاورة ! إنها مباريات حاسمة ! ألا تتابع الأخبار ؟؟ "

في الواقع ، أخبار كرة القدم ليست من أولويات اهتماماتي !



تحدثنا عن أمور عدة ... و شعرت براحة كبيرة ... هنا حيث أحظى باهتمام أناس يحبونني و يعزونني ...

أنا أرغب في العيش مع أهلي فقد سئمت الوحدة ... ألا يكفي أنني حرمت منهم كل هذه السنين ؟؟


خرجت من كنفهم و أنا فتى مراهق ... مليء بالحماس و الحيوية و مقبل على الحياة ... طموح و ماض في طريق تحقيق أحلامه ...


و عدت إليهم ... و أنا رجل كئيب محبط مثقل بالهموم ... فاقد الاهتمام بأي شيء ... صقلني الزمن و شكلتني الأقدار ...



لكنهم لا زالوا يحترمونني ...

بعد مدة ، عاد سامر لينضم إلينا ... لم تكن رغد معه

كنت أريد أن أسأله عنها ، و لم أجرؤ !

إنها لم تعد طفلتي ... لم يعد لي الحق في الإهتمام بها ...



" إذن فتلك السيارة الرائعة في الخارج هي لك يا سامر ! "

سألته ، فأجاب :

" نعم ! اشتريتها مؤخرا ... ما رأيك بها ؟؟ "

" مظهرها رائع ! "

" و مزاياها كذلك ! كلفتني الكثير ! "



مقارنة بسيارتي القديمة فإن أي شيء في سيارة سامر سيبدو مدهشا !

إذن ... فأحوال أخي المادية جيدة ...

كم أبدو شيئا صغيرا أمامه ... كم خذلت والدي ّ الذين كانا في الماضي ... يعظمان م شأني و يتوقعان لي مستقبلا مشرفا ...

شعور جديد تولد هذا اليوم ، يزيدني رغبة فوق رغبة في الرحيل العاجل ...

ففي الوقت الذي يتمتع فيه سامر بعمل جيد و دخل وفير و مستقبل مضمون ... افتقر أنا لكل شيء ...

حتى رغد ...

أصبحت له ...



ألم شديد شعرت به في معدتي هذه اللحظة ، كان يتكرر علي في الآونة الأخيرة و لكنني لم أزر أي طبيب ...


استمر معي الألم فترة طويلة و لم أشعر معه بأي رغبة لتناول الطعام المعد على مائدة العشاء ...


لذا ، ذهبت إلى غرفة شقيقي ناشدا الراحة و الاسترخاء



في صباح اليوم التالي أردت الذهاب إلى المطبخ حيث يجلس الجميع ...

قبل دخولي تنحنحت و أصدرت أصواتا من حنجرتي حتى أثير انتباههم لوصولي ، اقصد انتباه رغد لوصولي ...


" تفضل بني "

قالت أمي ... فدخلت و أنا حذر في نظراتي ... لم أكن أريد أن أراها ... لكنني رأيتها !


" صباح الخير جميعا "


ردوا تحية الصباح و طلبوا مني الجلوس إلى مائدة المطبخ الصغيرة التي يجتمعون حولها


" تعال وليد ! إننا نخطط لرحلة اليوم ! هل تحتمل الرحلة أم أنك لا تزال متعبا ؟؟ "

التفت إلى دانة التي طرحت السؤال ، و لم يكن بإمكاني منع عيني من رؤية رغد التي تجلس إلى جوارها


" أحقا قررتم ذلك ؟ سيكون ذلك رائعا ! "


أمي قالت و هي تشير إلى المعقد الشاغر :


" تعال عزيزي ... أعددت ُ فطورا مميزا من أجلك ! "



نظرت باتجاههم ، لقد كانوا جميعا ينظرون إلي ، بلا استثناء ...


قلت :


" سـ ... أذهب إلى غرفة المعيشة "


و انسحبت من المطبخ ...



وافتني أمي بعد قليل إلى غرفة المعيشة تحمل أطباق الفطور ...


" شكرا ... "


ابتسمت أمي ، و بدأت أنا في تناول وجبتي بهدوء ، بينما هي تراقبني !


" أمي ... أهناك شيء ؟؟ "

سألتها بحرج ، قالت بابتسامة :

" لا عزيزي ... فقط أروي ناظري برؤيتك ... "



شعرت بالطعام يقف في بلعومي ...

برؤية من تودين يا والدتي الارتواء ؟؟

برؤية الخذلان و الفشل ؟؟ الحطام و البقايا ؟؟

برؤية رجل موصوم بالجريمة ؟؟

كم خذلتك ! كم كنت فخورة بي في السابق ! إنني الآن شيء يثير النفور و الازدراء في أعين الجميع ...


" الحمد لله "


حمدت ربي ، و وضعت الملعقة على الطبق ...


" لم توقفت ! ألم يعجبك ؟؟ "

" بلى أماه ... لكني اكتفيت "

" عزيزي سأخرج إن أزعجك وجودي ... أرجوك أتم وجبتك "

" لا يا أمي ، لقد اكتفيت و الحمد لله "



أمي بعد ذلك ، عادت بالأطباق إلى المطبخ ، ثم أقبل الجميع إلى غرفة المعيشة و حاصروني بنظراتهم ... و أسئلتهم حول أموري ...



أنا كنت اكتفي بإجابات مختصرة ... فلا شيء فيما لدي يستحق الذكر و الاهتمام ...



و كالبقية كانت رغد تتابعني بعينيها و أذنيها ، في صمت ...



" ما رأيك بتجربة سيارتي يا وليد ! لنقم بجولة قصيرة ! "


بدت فكرة ممتازة و منقذة ، فوافقت فورا و نهضت مع سامر ، و خرجنا ...




~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~





" هل غضبت مني أمس حقا ! أنا آسفة يا رغد ! كنت أمازحك ! "


نظرت إلى السقف و قلت :

" حسنا ، انتهى الأمر الآن "

ثم إليها و قلت :


" و لكن لا تنعتيني بالببغاء ثانية ... خصوصا أمام وليد "

قالت دانة باستغراب :

" وليد ؟؟ "

فاضطربت ...

قالت :

" تعنين سامر !؟ "

قلت :

" وليد او سامر أوأي كان ... أمام أي كان ! "


و أشحت بوجهي بعيدا عنها


فعادت تبرد أظافرها بالمبرد و تغني !

كنا نجلس في المطبخ ، و للمطبخ نافذة مطلة على ساحة خارجية خلفية تنتهي بالمرآب

مرآب منزلنا مفتوح من ثلاث جهات ، و يسد جهته الخارجية بوابة كهربائية ...

أقبلت أمي تحمل سلة الملابس المغسولة و دفعت بها إلي :


" رغد ... انشريها على الحبال "

أوه ... يا لعمل المنزل الذي لا ينتهي !

أردت أن أعترض و أوكل المهمة إلى دانة ، التي تجلس أمامي تبرد أظافرها بنعومة !

" انشريها أنت يا دانة ! "


هزت رأسها اعتراضا ، فهممت أن أتذمر !

لكني لمحت من خلال النافذة بوابة المرآب تنفتح ، و أدركت أنهما قد عادا !
و بسرعة ابتلعت جملة التذمر قبل أن أتفوه بها و قل متظاهرة بالاستسلام :

~~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:59 PM   #3
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

" حسنا ... لن أؤذي أظافرك ! سأنشرها أنا ! "

و حملت السلة ، و خرجت للفناء الخلفي ...


وليد ركن السيارة في المرآب ثم خرج منها هو و سامر ...

و هاهما الآن يقبلان باتجاهي ...

سامر نزع نظارته السوداء ...

و سارا متوازيين جنبا إلى جنبت يسبقهما ظلهما ... و يدوسان عليه ...


وليد ... بطوله و عرضه و بنية جسده الضخم ... و الذي اكتسب عدة أرطال مذ لقائي الأخير به قبل شهور ... زادت وجهه امتلاء و جسده عظمة ... و كتفيه ارتفاعا ... و صار يشغل حيزا محترما من هذا الكون و يفرض وجوده فيه !
يخطو خطا أكاد أسمع صوت الأرض تتألم منها !

سامر ... بجسمه النحيل ... و قوامه الهزيل... و وجهه الطويل ... المشوه ...
و خطاه الهادئة البسيطة ... و أنظاره الخجلة التي غالبا ما تكون مدفونة تحت الأرض ...

شيء ما أحدث في نفسي توترا و انزعاجا ...

إنهما مختلفان ...

لماذا تنجرف أنظاري لا إراديا نحو وليد ؟؟؟

لماذا يشدني التيار إليه هو ؟؟

حين صارا أمامي مباشرة ، توقف سامر و قال :


" أ أساعدك ؟؟ "


بينما تابع وليد طريقه مرورا بي ... ثم ابتعد دون أن ينظر إلي ...

لكني كنت أراقبه ...

توقف برهة و استدار مادا يده نحو سامر قائلا :

" المفتاح "


مفتاح السيارة كان يسبح في كفه كسمكة في البحر !

تناول سامر المفتاح منه ، ثم أخذ يساعدني في نشر الملابس على الحبال ... في الحقيقة قام هو بالعمل ... فأنا كنت شاردة و سارحة أفكر ...


هل هذا هو شريك حياتي حقا ؟؟

لماذا علي أنا أن أتزوج رجلا مشوها ؟؟


لقد شغلت الفكرة رأسي حتى ما عدت بقادرة على التركيز في شيء آخر ...

هل حقا سأتزوج سامر ؟؟
كم كانا مختلفين ... و يهما يسيران جنبا إلى جنب ...


في وقت الغذاء ، لم أساهم في إعداد المائدة و وافيت البقية متأخرة بضع دقائق ...

أتدرون ماذا حدث عندما دخلت غرفة المائدة و جلست على مقعدي المعهود ؟؟


قام وليد ... و غادر الغرفة !


تلوت معدتي ألما حين رأيته يذهب ... إنه لا يريد أن يجلس معي حول مائدة واحدة!

الجميع تبادلوا النظرات و حملقوا بي ...


أمي تبعته ، ثم عادت بعد أقل من دقيقة و قالت :


" رغد ... خذي أطباقك إلى المطبخ "


صدمت و اهتز وجداني ... و شعرت بالإهانة ... و بأنني أصبحت شيئا
لا يرغب وليد في وجوده ... شيئا يزعجه ... و يتحاشى اللقاء به ...


نعم فأنا ابنة عمه التي كبرت و أصبحت ... شيئا محظورا ..


رفعت أطباقي و ذهبت إلى المطبخ و انخرطت في بكاء مرير ...


بعد قليل أتتني دانة تحمل أطباقها هي الأخرى :


" رغد ! و لم هذه الدموع أيتها الحمقاء ! "


لم أعرها أذنا صاغية ، فقالت :

" إنه يشعر بالحرج و الخجل ! تعرفين كيف هو الأمر ! هذا من حسن الأدب ! "


قلت :

" لكنني كنت معكم العام الماضي "

قالت :

" ربما لم يكن قد اعتاد فكرة أنك ... كبرت ! "


ليتني لم أكبر !


تركت أطباقي غير ملموسة و خرجت من المطبخ متوجهة إلى غرفتي ،
و دانة تشيعني بنظراتها ...


في الغرفة ... تأملت صورة وليد التي رسمتها قبل شهور ... و انحدرت دموعي ...


أخذت أتخيله ... و هو واقف إلى جوار سامر ... يفوقه في كل شيء يعجبني ...
ثم ...
ثم ...
أتزوج سامر !


لماذا أقارن بينهما هكذا ؟؟



وفي العصر ، أتتني دانة ..

" الم تستعدي بعد ؟ سننطلق الآن ! "

" إلى أين ؟؟ "

" أوه رغد هل نسيت ! إلى الشاطئ كما اتفقنا ! "



بالفعل كنت قد نسيت الفكرة ... و بالرغم من أنني كنت مسرورة جدا بها مسبقا ألا أنها الآن ... لا تعجبني !


" لا أريد الذهاب "


حملقت دانة بي و قالت :

" عفوا ! ألم تكوني أنت المشجعة الأولى ! هل ستبقين في البيت وحدك ؟؟ "



قلت :


" هل سيذهب الجميع ؟؟ "

" بالطبع ! إنهم في انتظارنا فهيا أسرعي ! "



و ذهبت إلى غرفتها تستبدل ملابسها ...


أن أبقى وحدي في البيت هي فكرة غير واردة ... لم يكن أمامي إلا الذهاب معهم ...



توزعنا على سيارتي أبي و سامر ...

جلس وليد على المقعد المجاور لسامر ، و أنا خلفه ، و دانه إلى جانبي ، و تركنا والدي ّ معا في السيارة الأخرى ...



وليد و سامر كانا يتبادلان الأحاديث المختلفة تشاركهما دانة ، أما أنا فبقيت صامتة ... أراقب و استمع ... و أشعر بالألم ...



لم تفتني أي كلمة تفوه بها وليد ... او أي ضحكة أطلقها

كنت أضغي إليه باهتمام بالغ ! حتى كدت أحفظ و أردد ما يقول !



عندما وصلنا ، فرشنا بساطا كبيرا و وضعنا أشياءنا و جلسنا عليه ، ألا أن وليد ظل واقفا ... ثم ابتعد ... و سار نحو البحر ...


إنه لا يرد الجلوس حيث أجلس ...

لماذا يا وليد ؟؟






هل تعرفون كم دقيقة في الساعة ؟؟

ستون طبعا !

و هل تعرفون كم مرة في الساعة فكرت به ؟

ستون أيضا !




و هل تعرفون كم ساعة بقينا هناك ؟؟

ست ساعات !

هل أحصيتم كم وليد جال برأسي خلال الرحلة ؟؟





الثلاثة ، أبي و وليد و سامر ذهبوا للسباحة ، أمي تصف قطع اللحم في الأسياخ و دانة تساعدها ...


و أنا ، معدتي تئن !


" رغد ! لم لا تبتلعين أي شيء ريثما يجهز العشاء ؟؟ لم تضرم النار بعد و سنستغرق وقتا طويلا ! "


نظرت إلى دانة و قلت :


" لم لا تسرعان ؟ "

" لا يزال الوقت مبكرا ! أنت من فوّت وجبة الغداء ! "



لقد كنت جائعة بالفعل ! و فتشت في السلات فلم أجد شيئا يستحق التهامه حتى يجهز طعام العشاء المشوي !



نظرت من حولي فرأيت مقصفا صغيرا على مقربة منا ...


" أريد الذهاب إلى هناك ! "


قالت دانة :

" اذهبي ! "

قلت :

" تعالا معي ! "

ابتسمت دانة ابتسامتها الساخرة التي تعرفون و قالت :


" نعامتي الصغيرة ... تخشى من الظلام ... و ترجف خوفا ... من فئران نيام ! "



و هو مطلع أغنية للأطفال !


غضبت منها فاسترسلت في الضحك ...


تجاهلتها و خاطبت والدتي :


" تعالي معي ... "

أمي مدت يديها الملطختين بعصارة اللحم ، تريني إياهما و قالت :

" فيما بعد رغد "


نظرت نحو الشاطئ فوجدت وليد يجلس على أحد المقاعد ... و والدي و سامر لا يزالان يسبحان ...


التفت إلى دانة و قلت :


" دعينا نقترب من الشاطئ ... أريد أن أبلل قدمي ! "


دانة قالت :

" أنا لا أريد ! اذهبي أنت "

" لا أريد الذهاب وحدي "


و عادت تغني :

" نعامتي الصغيرة ... تخشى من الظلام !! "


أصبحت لا تطاق ... !

و أمي منهمكة في إعداد أسياخ اللحم ...


" اذهبي رغد ... إنهم هناك ! اذهبي عزيزتي ... "


قالت أمي مشجعة إياي ...


لم يكن هناك الكثيرون على مقربة منا ... و لكنني ترددت كثيرا ...



في النهاية أقنعت نفسي بأنهم قريبون من الساحل ، كما أن وليد يجلس هناك ... و لا داعي لأي خوف ...



سرت نحوه و أنا أحس بنظرات أمي تتبعني ... فهي تريد لي التخلص من خوفي المبالغ به ... من أماكن لا تستوجب أي خوف أو حذر ...



كانت أمواج البحر تتلاطم بحرية ... و نسمات الهواء باردة منعشة تغزو صدري الضائق منذ ساعات ... فتفتح شعبه و توسعه ...


اقتربت من وليد ... و لم يشعر بي


تجاوزته نحو الماء ... فلم أحس بحركة منه .. التفت فرأيته مغمض العينين ، و ربما نائم !


سمحت للماء البارد بتبليل قدمي ... و شعرت بانتعاش !



لوّح سامر لي ... فشعرت بأمان أكثر و تجرأت على خطو خطوتين يمينا و يسارا ... ألا أنني لم ابتعد أكثر من ذلك ... لم أخرج عن الحيز الذي يحيط بوليد و يشعرني بالطمأنينة ...



و الآن تجرأت على خطوة أكبر ... و جلست على الرمال المبللة و مددت يدي لألامس الأمواج ...


كان شعورا رائعا !


أقبل مجموعة من الأطفال بألعابهم و أطواق نجاتهم ، و بدؤوا يلعبون بمرح ... كنت أراقبهم بسرور !

ليتني أعود صغيرة لألهو معهم !

التفت للوراء ... إلى وليد ... استعيد ذكريات ظلت عالقة في ذاكرتي ...

كان وليد يلاعبني كثيرا حينما كنت صغيرة ! و في المرات التي نقوم فيها برحلة إلى الشاطئ ... كان يبقى حارسا لي و لدانة !



عدت بنظري للأطفال ... أتحسر !


يبدو أن أصواتهم قد أيقظت وليد من النوم ... سمعت صوته يتنحنح ثم يتحرك ، استدرت للخلف فوجدته يقف و ينظر إلى ما حوله ...


وليد تحرك مقتربا من البحر ... فنهضت بسرعة و قلت :


" إلى أين تذهب ؟؟ "


وليد توقف ، ثم ... قال :

" لأسبح ... "

قلت :

" انتظر ... سأعود لأمي ... "


في نفس اللحظة أقبل سامر يخرج من الماء نحو اليابسة ...


" وليد ... تعال يا رجل ! يكفيك نوما ! "


قال سامر ، فرد وليد :


" أنا قادم ... لكن ألا يجب أن نشعل الجمر الآن ؟؟ "

" لا يزال الوقت مبكرا ! "


و التفت سامر إلي و قال :

" رغد أخبري أمي بأننا سنقضي ساعات أكثر في السباحة ! "


قلت :

" حسنا ! "

بينما تصرخ معدتي : كلا !



سامر خرج من الماء ، و صار واقفا إلى جوار وليد ... و قام ببعض التمارين الخفيفة ...



التفت إلى ناحية البساط الذي نفترشه ، و خطوت متجهة إليه ...



مجموعة من الناس كانوا يلاحقون كرة قدم ... فيضربها هذا و يركلها ذاك ... يتحركون في طريقي ...


وقفت في منتصف الطريق لا أجرؤ على المضي قدما ...

التفت إلى الوراء فوجدت الاثنان يراقباني ...


و إلى حيث تجلس أمي و أختي ... فإذا بهما أيضا تراقباني ...


الآن ... تدحرجت الكرة نحوي و اقتربت من قدمي ... و أقبل اللاعبون يركضون نحوها ...


وصل إلي أحدهم و قال :


" معذرة يا آنسة "


أصبت بالذعر ... فجأة ...


خطوة للوراء ...

ثم خطوة أخرى ...


ثم أطلقت ساقي للريح راكضة باضطراب و فزع ...

إلى حيث جرفني التيار ...

نحو وليد !

~~~~~~~~~~~~~~
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذي حياتي NOOR ELHOODA الإرشيف الأدبــي 14 15-03-2006 05:37 AM
هذه حياتي هلوول مجلس حلا لعذب الكلام 9 03-01-2006 10:11 AM
قصة حياتي / قصيدة وردة الحب مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 12 26-10-2005 06:50 PM
أمنية حياتي dark angel مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 4 10-04-2005 03:30 AM
هذه حياتي حلاه الكون مجلس حلا لعذب الكلام 4 28-01-2005 06:30 PM


الساعة الآن 08:17 PM


العاب فلاش
بلاك بيري
العاب ماريو
لعبة ماريو
العاب تلبيس
العاب طبخ
العاب باربي
لعبة باربي
سبونج بوب
العاب دورا
العاب سيارات
العاب ذكاء
صور 2014
صور شباب
فيسات بلاك بيري
نشر البن
العاب بنات
صور حب
صور ٢٠١٤
صور٢٠١٤
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd