|
31-12-2004, 02:58 PM | #10 |
(حلا نشِـط )
|
تــــــــــــابع
هل يقف أمامي المارد الناري الضخم المرعب ... متمثلا في صورة ... وليد ؟؟؟ هتف سامر بذهول و بهجة عارمة : " أخي وليد ! " و تعانقا عناقا طويلا ... يا لها من مفاجأة مذهلة ! اعتقد أنه كان علي الأخذ بنصيحة سامر و تغيير حذائي ... إنني أوشك على الانزلاق ! لماذا فقدت توازني بهذا الشكل ؟؟ بعد لقائهما الحميم ... استدارا نحوي ... حينما وقت عيناه على عيني ، طردهما بسرعة و غض بصره ... و قال بهدوء لا يتناسب و الحمم و البركاين و الانفجار و النيران الذي تولدت لحظه ظهوره من فتحة الباب : " كيف حالك صغيرتي ؟ " لقد حاولت أن أحرك لساني لقول أي شيء ... لكن بعد احتراقها ، فإن كلماتي قد تبخرت و صعدت للسماء ! طأطأت رأسي للأرض خجلا ... حين عبرت ذكرى لقائنا الأخير سريعة أمام عيني ! ... الرجلان يقتربان ... رفعت رأسي فإذا بعينيه تطيران من عيني إلى الشجرة المزروعة قرب الباب الداخلي ... سمعته يقول : " ألا يبدو أنها كبرت !؟ " التفت إلى الشجرة ... صحيح ... لقد كبرت خلال الشهور الطويلة التي غاب فيها وليد عنا ! لكني سمعت سامر يضحك و يقول : " إنه الكعب ! " أدركت أنه كان يقصدني أنا ! كم أنا غبية ! قال وليد : " أ كنتما ... خارجين ؟؟ " قال سامر : " أوه نعم ... لكن يمكننا تأجيل ذلك لما بعد ... تعال للداخل ستطير أمي فرحا ! " قال وليد : " أرجوكما امضيا إلى حيث كنتما ذاهبين ! إنني سأبقى في ضيافتكم فترة من الزمن ! " مدهش ! عظيم ! ممتاز ! و أقبلا نحو الباب الداخلي ، و دخلنا نحن الثلاثة ... كانت مفاجأة مذهلة أحدثت في بيتنا بهجة لا توصف ... عشر شهور مضت ... و هو بعيد ... لا يتصل إلا قليلا ... و حين يتصل يتحدث مع الجميع سواي ... و إن تحدث معي صدفة ، ختم جمله المعدودة بسرعة ... لكنه الآن موجود هنا ! أنا فرحة جدا ! علمنا في وقت لاحق أنه مر منا قبل ذهابه إلى المدينة الشمالية لأمر خاص ... " كم ستظل هناك ؟؟ " سألته أمي ، فأجاب : " لا أعرف بالضبط ، ربما لبعض الوقت ... سأفتش عن عمل هناك فقد أجد فرصة أفضل ! " دانة قالت : " و ماذا عن عملك في المدينة ؟؟ " وليد اضطربت تعبيرات وجهه ، و قال : " تركته " ثم غير الموضوع لناحية أخرى ... فجأة سألني : " كيف هي الكلية ؟؟ " أنا تلفت من حولي بادئ الأمر ... كأنني أود التأكد من أن وليد يتحدث إلي أنا ! بالطبع أنا ! لا يوجد من يدرس بالكلية غيري الآن ! قلت بصوت خفيف خجل : " الحمد لله ... تسير الأمور على ما يرام " قال سامر : " أنها مجتهدة و نشيطة ! و مغرمة بالفن أكثر من أي شيء آخر ! حتى مني ! " الجميع أخذوا يضحكون ... سواي أنا و وليد ... أنا لم تعجبني هذه الجملة ... أما وليد ... فلا أعرف لم اكفهر وجهه هكذا ... ؟؟ قالت دانة : " إذن فقد أفسدت رحلتك الخاصة أيتها الببغاء الصغيرة ! " و استمرت في الضحك ... أنا استأت أكثر ... وليد سأل دانة : " أية رحلة ؟ " أجابت : " كانا يودان الذهاب للشاطئ ! سامر لا يأتي غير مرة في الشهر و خطيبته متلهفة لقضاء وقتا ممتعا و متميزا معه ! إنها تغار مني ! " و رفعت رأسها بتباهي ... ربما كانت تقصد مداعبتي ، لكنني حملتها محمل الجد ... و وقفت فجأة ، و استأذنت للانصراف ... ذهبت إلى غرفتي مستاءة ... و غاضبة ... ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ قلت : " يبدو أنها تضايقت ... " فجميعنا لاحظ ذلك ... أما زالت دانه على ما كانت عليه منذ الطفولة ؟؟ نظرت إلى شقيقتي باستياء ... و كذلك كان سامر ينظر إليها ... قالت : " كنت أداعبها فقط ! " سامر قال : " لكنها انزعجت منك ! سأذهب إليها " و غادر من فوره ... أنا طبعا لم أملك من الأمر من شيء ... قلت لدانة : " أحقا كانا يودان الذهاب للشاطئ ؟ أنا آسف أن حضرت و أفسدت مشروع نزهتهما ! " " لا تكترث وليد ! فهي فكرت في الذهاب فقط لأنني أوحيت لها بأن تذهب ! إنها لا تحب الخروج من المنزل خصوصا للأماكن العامة " التزمت الصمت و لم اعلق على جملتها الأخيرة ... قالت : " ما رأيكم أن نذهب جميعا غدا لنزهة عند الشاطئ ! كم سيكون ذلك رائعا ! " نزهة عند الشاطئ ؟ يبدو حلما ! إنني لم أقم بكهذا نزهة منذ سنين ! و يبدو أن الفكرة قد راقت للجميع ... سألت : " و ماذا عن نوّار ؟؟ " قالت : " في البلدة المجاورة ! إنها مباريات حاسمة ! ألا تتابع الأخبار ؟؟ " في الواقع ، أخبار كرة القدم ليست من أولويات اهتماماتي ! تحدثنا عن أمور عدة ... و شعرت براحة كبيرة ... هنا حيث أحظى باهتمام أناس يحبونني و يعزونني ... أنا أرغب في العيش مع أهلي فقد سئمت الوحدة ... ألا يكفي أنني حرمت منهم كل هذه السنين ؟؟ خرجت من كنفهم و أنا فتى مراهق ... مليء بالحماس و الحيوية و مقبل على الحياة ... طموح و ماض في طريق تحقيق أحلامه ... و عدت إليهم ... و أنا رجل كئيب محبط مثقل بالهموم ... فاقد الاهتمام بأي شيء ... صقلني الزمن و شكلتني الأقدار ... لكنهم لا زالوا يحترمونني ... بعد مدة ، عاد سامر لينضم إلينا ... لم تكن رغد معه كنت أريد أن أسأله عنها ، و لم أجرؤ ! إنها لم تعد طفلتي ... لم يعد لي الحق في الإهتمام بها ... " إذن فتلك السيارة الرائعة في الخارج هي لك يا سامر ! " سألته ، فأجاب : " نعم ! اشتريتها مؤخرا ... ما رأيك بها ؟؟ " " مظهرها رائع ! " " و مزاياها كذلك ! كلفتني الكثير ! " مقارنة بسيارتي القديمة فإن أي شيء في سيارة سامر سيبدو مدهشا ! إذن ... فأحوال أخي المادية جيدة ... كم أبدو شيئا صغيرا أمامه ... كم خذلت والدي ّ الذين كانا في الماضي ... يعظمان م شأني و يتوقعان لي مستقبلا مشرفا ... شعور جديد تولد هذا اليوم ، يزيدني رغبة فوق رغبة في الرحيل العاجل ... ففي الوقت الذي يتمتع فيه سامر بعمل جيد و دخل وفير و مستقبل مضمون ... افتقر أنا لكل شيء ... حتى رغد ... أصبحت له ... ألم شديد شعرت به في معدتي هذه اللحظة ، كان يتكرر علي في الآونة الأخيرة و لكنني لم أزر أي طبيب ... استمر معي الألم فترة طويلة و لم أشعر معه بأي رغبة لتناول الطعام المعد على مائدة العشاء ... لذا ، ذهبت إلى غرفة شقيقي ناشدا الراحة و الاسترخاء في صباح اليوم التالي أردت الذهاب إلى المطبخ حيث يجلس الجميع ... قبل دخولي تنحنحت و أصدرت أصواتا من حنجرتي حتى أثير انتباههم لوصولي ، اقصد انتباه رغد لوصولي ... " تفضل بني " قالت أمي ... فدخلت و أنا حذر في نظراتي ... لم أكن أريد أن أراها ... لكنني رأيتها ! " صباح الخير جميعا " ردوا تحية الصباح و طلبوا مني الجلوس إلى مائدة المطبخ الصغيرة التي يجتمعون حولها " تعال وليد ! إننا نخطط لرحلة اليوم ! هل تحتمل الرحلة أم أنك لا تزال متعبا ؟؟ " التفت إلى دانة التي طرحت السؤال ، و لم يكن بإمكاني منع عيني من رؤية رغد التي تجلس إلى جوارها " أحقا قررتم ذلك ؟ سيكون ذلك رائعا ! " أمي قالت و هي تشير إلى المعقد الشاغر : " تعال عزيزي ... أعددت ُ فطورا مميزا من أجلك ! " نظرت باتجاههم ، لقد كانوا جميعا ينظرون إلي ، بلا استثناء ... قلت : " سـ ... أذهب إلى غرفة المعيشة " و انسحبت من المطبخ ... وافتني أمي بعد قليل إلى غرفة المعيشة تحمل أطباق الفطور ... " شكرا ... " ابتسمت أمي ، و بدأت أنا في تناول وجبتي بهدوء ، بينما هي تراقبني ! " أمي ... أهناك شيء ؟؟ " سألتها بحرج ، قالت بابتسامة : " لا عزيزي ... فقط أروي ناظري برؤيتك ... " شعرت بالطعام يقف في بلعومي ... برؤية من تودين يا والدتي الارتواء ؟؟ برؤية الخذلان و الفشل ؟؟ الحطام و البقايا ؟؟ برؤية رجل موصوم بالجريمة ؟؟ كم خذلتك ! كم كنت فخورة بي في السابق ! إنني الآن شيء يثير النفور و الازدراء في أعين الجميع ... " الحمد لله " حمدت ربي ، و وضعت الملعقة على الطبق ... " لم توقفت ! ألم يعجبك ؟؟ " " بلى أماه ... لكني اكتفيت " " عزيزي سأخرج إن أزعجك وجودي ... أرجوك أتم وجبتك " " لا يا أمي ، لقد اكتفيت و الحمد لله " أمي بعد ذلك ، عادت بالأطباق إلى المطبخ ، ثم أقبل الجميع إلى غرفة المعيشة و حاصروني بنظراتهم ... و أسئلتهم حول أموري ... أنا كنت اكتفي بإجابات مختصرة ... فلا شيء فيما لدي يستحق الذكر و الاهتمام ... و كالبقية كانت رغد تتابعني بعينيها و أذنيها ، في صمت ... " ما رأيك بتجربة سيارتي يا وليد ! لنقم بجولة قصيرة ! " بدت فكرة ممتازة و منقذة ، فوافقت فورا و نهضت مع سامر ، و خرجنا ... ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ " هل غضبت مني أمس حقا ! أنا آسفة يا رغد ! كنت أمازحك ! " نظرت إلى السقف و قلت : " حسنا ، انتهى الأمر الآن " ثم إليها و قلت : " و لكن لا تنعتيني بالببغاء ثانية ... خصوصا أمام وليد " قالت دانة باستغراب : " وليد ؟؟ " فاضطربت ... قالت : " تعنين سامر !؟ " قلت : " وليد او سامر أوأي كان ... أمام أي كان ! " و أشحت بوجهي بعيدا عنها فعادت تبرد أظافرها بالمبرد و تغني ! كنا نجلس في المطبخ ، و للمطبخ نافذة مطلة على ساحة خارجية خلفية تنتهي بالمرآب مرآب منزلنا مفتوح من ثلاث جهات ، و يسد جهته الخارجية بوابة كهربائية ... أقبلت أمي تحمل سلة الملابس المغسولة و دفعت بها إلي : " رغد ... انشريها على الحبال " أوه ... يا لعمل المنزل الذي لا ينتهي ! أردت أن أعترض و أوكل المهمة إلى دانة ، التي تجلس أمامي تبرد أظافرها بنعومة ! " انشريها أنت يا دانة ! " هزت رأسها اعتراضا ، فهممت أن أتذمر ! لكني لمحت من خلال النافذة بوابة المرآب تنفتح ، و أدركت أنهما قد عادا ! و بسرعة ابتلعت جملة التذمر قبل أن أتفوه بها و قل متظاهرة بالاستسلام : ~~~~~~~~~~~ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هذي حياتي | NOOR ELHOODA | الإرشيف الأدبــي | 14 | 15-03-2006 05:37 AM |
هذه حياتي | هلوول | مجلس حلا لعذب الكلام | 9 | 03-01-2006 10:11 AM |
قصة حياتي / قصيدة | وردة الحب | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 12 | 26-10-2005 06:50 PM |
أمنية حياتي | dark angel | مجلس حلا للشعر وهمس القوافي | 4 | 10-04-2005 03:30 AM |
هذه حياتي | حلاه الكون | مجلس حلا لعذب الكلام | 4 | 28-01-2005 06:30 PM |