كذب بكذب_ القصه الثلاثه

[اسيرالحب]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

كذب بكذب

قال الجاحظ : حدثني محمد بن يسير عن وال كان بفارس قال : بينما هو يوماً في مجلس ، و هو مشغول بحسابه و أمره ، و قد احتجب جهده ، إذ نجم شاعر من بين يديه ، فأنشده شعراً مدحه فيه و قرظه و مجده . فلما فرغ قال : قد أحسنت ، ثم أقبل على كاتبه فقال : أعطه عشرة آلاف درهم ؛ ففرح الشاعر فرحاً قد يستطار له .
فلما رأى حاله قال : و ‘ني لأرى هذا القول قد وقع منك هذا الموقع . اجعلها عشرين ألف درهم . و كاد الشاعر يخرج من جلده ! فلما رأى فرحه قد تضاعف قال : و إن فرحك ليتضاعف على قدر القول ! أعطه يا فلان أربعين ألفاً . فكاد الفرح يقتله . فلما رجعت إليه نفسه قال له : أنت - جعلت فداك - رجل كريم ، و أنا أعلم أنك كلما رأيتني قد ازددت فرحاً زدتني في الجائزة . و و قبول هذا منك لا يكون إلا من قلة الشكر له ! ثم دعا له و خرج .
قال : فأقبل عليه كاتبه فقال : سبحان الله ! هذا كان يرضى منك بأربعين درهماً ، و تأمر له بأربعين ألف درهم ! قال : ويلك ! و تريد أن تعطيه شيئاً ؟ قال : و من إنفاذ أمرك بد ؟ قال : يا أحمق ؛ إنما هذا الرجل سرنا بكلام و سررناه بكلام ؛ هو حين زعم أني أحسن من القمر ، و أشد من الأسد ، و أن لساني أقطع من السيف ، و أن أمري أنفذ من السنان ، جعل في يدي هذا شيئاً أرجع به إلى شيء ؟ ألسنا نعلم أنه قد كذب ؟ و لكنه قد سرنا حين كذب لنا . فنحن أيضاً نسره بالقول ، و نأمر له بالجوائز ، و إن كان كذباً ؛ فيكون كذب بكذب ، و قول بقول . فأما أن يكون كذب بصدق ، و قول بفعل ، فهذا هو الخسران الذي ما سمعت به !

و جزاكم الله خيراً