:: أتصل بنا ::

 

::+: الواجهه الرئيسيه :+:: ::+: البحث في الاقسام والمواضيع :+::

العودة   منتديات حــلا > +:::::[ الأقسام الأدبية ]:::::+ > مجلس حلا للقصص والروايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-12-2004, 02:29 PM   #1
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

اخي فتوش انا اعرف انه القصة طويلة شوي بس انا حبيت اني انزل تقريبا حلقتين كل اسبوع....فتحمل معانا شوي

اختي روان مشكورة على التعليق الحلوووووو

اختي اسيرة شكرا لك على تعليقك الاكثر من رائع والذي اعتز فيه كثيرا. بالنسبة للقصة هي حقيقية نعم ولكن الاسماء والاماكن تغيرت حفاظا على خصوصويتها

تحياتي لكم
 
قديم 31-12-2004, 02:36 PM   #2
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة السادسة عشر

لقد قضيت خمسة أيام في بيت عائلتي ، كان يمكن أن تكون من أجمل أيام حياتي ... لكنها كانت من أسوأها


كنت أود الرحيل عنهم في أقرب فرصة ، لكنني اضطررت كارها للبقاء بإلحاح من أبي و أمي


سامر غادر يوم الجمعة ، و قد ودعته وداعا باردا ... و غادرت أنا صباح الثلاثاء التالي باكرا .


خلال تلك الأيام الخمسة ...

كنت أتحاشى الالتقاء برغد قدر الإمكان و لا أنظر أو أتحدث إليها إلا للضرورة

و هي الأخرى ، كانت تلازم غرفتها معظم الوقت و تتحاشى الحديث معي ، خصوصا بعد أن قلت لها :


" هل تسرقين ؟ "


اعترف بأنني كنت فظا جدا ألا أنني لم أجد طريقة أفضل لأعبر بها عن غضبي الشديد و مرارتي لفقدها



في آخر الأيام ، طلبت مني والدتي اصطحاب رغد إلى المكتبة لتشتري بعض حاجياتها .


لم أكن لأفعل ذلك ، غير أنني شعرت بالحرج ... إذ أن والدي كان قد عاد قبل قليل من العمل و يسترخي ... فيما أنا أنعم بالراحة و الكسل ، دون مقابل ...
و ربما كان ذلك ، نوعا من الإعتذار ...

في ذلك اليوم كان نوار في زيارة مطولة لشقيقتي ، و مدعو للعشاء معها !


ذهبنا انا و رغد إلى تلك المكتبة العظمى المترامية الأطراف ...


رغد توجهت إلى الزاوية الخاصة ببيع أدوات الرسم و التلوين و خلافها ... و بدأت تتفرج و تختار ما تريد ...


و على فكرة ، علمت أنها رسامة ماهرة ...


لكم كانت تعشق التلوين منذ الصغر !


أخذت أتفرج معها على حاجيات الرسم و التلوين ... ثم انعطفت في طريقي ، مواصلا التفرج ... و لم يعد باستطاعتي رؤية رغد أو باستطاعتها رؤيتي


شغلت بمشاهدة بعض الرسوم المعلقة أعلى الحائط و ما هي إلا ثوان حتى رأيت رغت تقف بجواري !

قلت :

" رسوم جميلة ! "

" نعم . سأشتري الألوان من هناك "

و أشارت إلى الناحية الأخرى التي قدمنا منها ... فعدت معها ...


انهمكت هي باختيار الألوان و غيرها ، فسرت أتجول و أتفرج على ما حولي حتى بلغت زاوية أخرى فانعطفت ...


مضت ثوان معدودة ، و إذا بي أسمع صوت رغد يناديني مجددا ...

استدرت للخلف فرأيتها تقف قربي !

و بيني و بينها مسافة بضع خطوات

تخيلت أنها تريد قول شيء ، فسألتها :

" هل انتهيت ؟؟ "

قالت :

" لا "

تعجبت !

قلت :

" إذن ؟؟ "

قالت :

" لا تبتعد عني "

يا لهذه الفتاة !

قلت :

" حسنا ! "


و مضيت معها إلى حيث كانت أغراضها موضوعة على أحد الأرفف

رأيتها تأخذ أغراضا أخرى كثيرة ، فتلفت من حولي بحثا عن سلة تسوق ، و لم أجد

ذهبت لأبحث عن سلة فإذا بي أسمعها تناديني :


" وليد "

قلت :

" سأحضر سلة لحمل الأغراض "

فإذا بها تترك ما بيدها و تأتي معي !


عدنا مجددا للأغراض ، و تابعت هي اختيار ما تشاء، و تجولت أنا حتى بلغت ناحية الكتب ...

الكثير من الكتب أمام عيني !

يا له من بحر كبير ! كم أنا مشتاق للغطس في أعماقه !


لم أكن قد قرأت كتابا منذ مدة طويلة ... أخذت أتفرج عليها و أتصفح بعضها ... و انتقل من رف إلى آخر ، و من مجموعة إلى أخرى ... حتى غرقت في البحر حقا !

كانت أرفف الكتب مصفوفة على شكل عدة حواجز تقسم المنطقة ...

و الكثير من الناس ينتشرون في المكان و يتفرجون هنا أو هناك ...


دقائق ، و إذا بي أسمع صوت رغد من مكان ما !


كان صوتها يبدو مرتبكا أو قلقا ... لم أكن في موقع يسمح لي برؤيتها ... فسرت بين الحواجز بحثا عنها و أنا أقول :


" أنا هنا "

و لم أسمع لها صوتا !


أخذت ألقي نظرة بين الحواجز بحثا عنها

ثم وجدتها بين حاجزين ...


" أنا هنا ! "


حينما رأتني رغد أقبلت نحوي مسرعة تاركة السلة التي كانت تحملها تقع على الأرض و حين صارت أمامي مباشرة فوجئت بها تمسك بذراعي و ترتجف !


كانت فزعة !

وقفت أمامي ترتعش كعصفور مذعور !

نظرت إليها بذهول ... قلت :

" ما بك ؟؟ "

قالت و هي بالكاد تلتقط بعض أنفاسها :

" أين ذهبت ؟ "

أجبت :

" أنا هنا أتفرج على الكتب ! ... ما بك ؟؟ "

رغد ضغطت على ذراعي بقوة ... و قالت بفزع :


" لا تتركني وحدي "


نظرت إليها بشيء من الخوف ، و القلق ... و الحيرة ...

فقالت :

" لا تدعني وحدي ... أنا أخاف "


لكم أن تتصوروا الذهول الذي علاني لدى سماعي لها تقول ذلك ... و رؤيتها ترتجف أمام عيني بذعر ...


لقد ذكرني هذا الموقف ، باليوم المشؤوم ...


قلت :


" أ أنت ... بخير ؟؟ "


فعادت تقول :

" لا تتركني وحدي ... أرجوك ... "


لم يبد لي هذا تصرفا طبيعيا ... توترتُ خوفا و قلقا ... و تأملتها بحيرة ...


سرنا باتجاه السلة ، فأردت سحب ذراعي من بين يديها لحمل السلة و إعادة المحتويات إلى داخلها ... لكنها لم تطلقها بسهولة ...


و عوضا عن ذلك تشبثت بي أكثر ثم بدأت بالبكاء ...



لم يكن موقفا عاديا ، لذا فإن أول شيء سألت أمي عنه بعد عودتنا للبيت :


" ما الذي جعل رغد تفزع عندما تركتها في المكتبة و ابتعدت قليلا ؟؟ "


أمي نظرت إلي باهتمام ... ثم قالت :


" ماذا حدث ؟؟ "

" لا شيء ... ذهبت ألقي نظرة على الكتب و بعد دقائق وجدتها ترتجف ذعرا ! "


عبس وجه والدتي ، و قالت :


" و لماذا تتركها يا وليد ؟ قلت لك ... انتبه لها "


أثار كلام أمي جنوني ، فقلت :


" أمي ... ماذا هناك ؟؟ ما لأمر ؟؟ "


قالت أمي بمرارة :


" لديها رهبة مرضية من الغرباء ... تموت ذعرا إذا لم تجد أحدنا إلى جانبها ... إنها مريضة بذلك منذ سنين ... منذ رحيلك يا وليد ! "


لقد صدمت بالنبأ صدمة هزت كياني و وجداني ...

أخبرتني أمي بتفاصيل حدثت للصغيرة بعد غيابي ... و الحالة المرضية التي لازمتها فترة طويلة و الذعر الذي ينتابها كلما وجدت نفسها بين غرباء ...

لم يكن صعبا علي أن أربط بين الحادث المشؤوم و حالتها هذه

و كم تمنيت ...

كم تمنيت ...

لو أن عمّار يعود للحياة ... فأقتله ... ثم أقتله و أقتله ألف مرة ...


إنه يستحق أكثر من مجرد أن يقتل ....


قالت أمي :


" و عندما توالت الهجمات على المنطقة ، اشتد عليها الذعر و المرض ... و وجدنا أنفسنا مضطرين للرحيل مع من رحل عن المدينة ... لم يكن الرحيل سهلا ، لكن العودة كانت أصعب ... قضيت معها فترات متفرقة في المستشفى ... لم تكن تفارقني لحظة واحدة ! بمشقة قصوى ذهب والدك و شقيقك لزيارتك في العاصمة ، تاركين الطفلة المريضة و أختها في رعايتي في المستشفى ، ألا أنهما منعا من الزيارة و أبلغا أن الزيارة محظورة تماما على جميع المساجين ! "



و أمي تتحدث و أنا رأسي يدور ... و يدور و يدور ... حتى لف المجرة بأكملها

تساؤلات كان تملأ رأسي منذ سنين ، و جدت إجابة صاعقة عليها دفعة واحدة ...


أسندت رأسي إلى يدي ...


رأتني أمي أفعل ذلك فقالت :


" بني ... أ أنت بخير ؟؟ "


رفعت يدي عن رأسي و قلت :


" و لماذا ... لماذا زوجتموها لسامر و هي بذلك السن المبكر جدا ؟؟ "


قالت :


" لمن كنت تظننا سنسلم ابنتنا ؟؟ إنها تموت ذعرا لو ابتعدت عنا ... هل تتصور أنها تستطيع الخروج من هذا المنزل ؟؟ لا تخرج في مكان عام إلا بوجود أبيك أو سامر ... كانت ستتزوجه عن عاجلا أم آجلا ... فرفعنا الحرج عنهما لبقائهما في بيت واحد "


قلت :


" لكن يا أمي ... إنها ... إنها .... "


و لم تخرج الكلمة المعنية ...


أتممت :


" إنها صغيرة جدا ... ما كان يجب أن تقرروا شيئا كهذا ... "


و تابعت :


" كان يجب ... كان يجب ... إن ... "


و لم أتم ...


ماذا عساي أن أقول ... ؟؟ لقد فات الأوان و انتهى كل شيء ...


لكن الأمور بدت أكثر وضوحا أمامي ...


هممت بالذهاب إلى غرفة سامر التي أستغلها ، من أجل تنفس الصعداء وحيدا ...


توقفت قبل مغادرتي لغرفة المعيشة حيث كنا أنا و أمي ...


التفت إليها و قلت :


" أ لهذا لم تخبروها بأنني دخلت السجن ؟؟؟ هل أخبرتموها أنني ... لن أعود ؟؟ "


والدتي قالت :


"أخبرناها بأنك قد تعود ... و لكن ... بعد عشرين عاما ... و قد لا تعود ... "


كانت أمي تبكي ...


بينما قلبي أنا ينزف ...


قلت :


" و لكنني عدت ... "


والدتي مسحت دموعها وابتسمت ، ثم تلاشت الابتسامة عن وجهها ... و نظرت إلي باهتمام و قلق ...


قلت :

" و يجب أن أرحل "


و تابعت طريقي إلى غرفة سامر ...




فضول لم استطع مقاومته ، و قلق شديد بشأنها دفعني للاقتراب من غرفة رغد المغلقة ... و من ثم الطرق الخفيف ...



" أنا وليد "


بعد قليل ... فتح الباب ...


كنت أقف عن بعد ... أطلت رغد من الداخل و نظرت إلي


رأيت جفونها الأربعة متورمة و محمرة أثر الدموع


قلت :


" صغيرتي ... أنا آسف ... "


ما أن قلت ذلك ... حتى رفعت رغد يديها و غطت وجهها و أجهشت بكاءا


زلزلني هذا المشهد ... كنت أسمع صوت بكائها يذبذب خلايا قلبي قبل طبلتي أذني ّ


قلت بعطف :


" رغد ... "


رغد استدارت للخلف و أسرعت نحو سريرها تبكي بألم ...


بقيت واقفا عند الباب لا أقوى على شيء ... لا على التقدم خطوة ، و لا على الانسحاب ...


" رغد يا صغيرتي ... "


لم تتحرك رغد بل بقيت مخفية وجهها في وسادتها تبكي بمرارة ... و يبكي قلبي معها ...


" رغد ... أرجوك كفى ... "

ثم قلت :

" توقفي أرجوك ... لا احتمل رؤية دموعك ! "


و لم تتحرك رغد ...


تقدمت خطوة واحدة مترددة نحو الداخل ... و نظرت إلى ما حولي بقلق و تردد ...


المرآة كانت على يميني ، و حين تقدمت خطوة رأيت صورتي عليها ... و حين التفت يسارا ... رأيت صورتي أيضا !


فوجئت و تعلقت عيناي عند تلك الصورة !


لقد كانت رسمة لي أنا على لوحة ورقية ، لم تكتمل ألوانها بعد !


نقلت بصري بين رغد الجالسة على السرير تغمر وجهها في الوسادة ، و صورتي على الورقة !


كيف استطاعت رسمي بهذه الدقة !؟ و بمظهري الحالي ... فأنفي محفور كما هو الآن !


كيف حصلت على صورة لي لترسمها ، أم أنها رسمتها من خلال المرات القليلة العابرة التي نظرت فيها إلي ... !؟


" يشبهني كثيرا ! أنت بارعة ! "


ما أن أنهيت جملتي حتى قفزت رغد بسرعة ، و عمدت إلى اللوحة فغطتها بورقة بيضاء بسرعة و ارتباك !


ثم بعثرت أنظارها في أشياء كثيرة ... بعيدا عني ... و أخذت تفتح علب الألوان الجديدة التي اشترتها من المكتبة باضطراب ...


رجعت للوراء ... لم أكن أملك فكرة لما علي فعله الآن ! ماذا علي أن أفعل ؟؟

أظن ... أن علي الخروج حالا



الجملة التي ولدت على لساني هذه اللحظة كانت :

" أحب أن أتفرج على رسوماتك ! "


و لكن أهذا وقته !


رجعت خطوة أخرى للوراء و أضفت :


" لاحقا طبعا ... إذا سمحت ِ "


رغد توجهت نحو مكتبتها و أخرجت كراسة رسم كبيرة ، و أقبلت نحوي و مدتها إلي ...


في هذه اللحظة التقت نظراتنا


كان بريق الدموع لا يزال يتلألأ في عينيها الحمراوين ، ينذر بشلال جارف ...


أخذت الكراسة ....

و قلت و قلبي يتمزق :


" لا تبكي أرجوك ... "



لكن الدمعة فاضت ... و انسكبت ... و انجرفت ... تقود خلفها جيشا من الدموع المتمردة ...


" رغد ... سألتك بالله كفى ... أرجوك ... "


" لا أستطيع أن أتغلب على ذلك ... كلهم مرعبون ... مخيفون ... أشرار ... يريدون اختطافي "

و انفجرت رغد في بكاء مخيف ... هستيري ... قوي ... و ارتجفت أطرافي ذعرا و غضبا و قهرا كدت أصرخ بسببه صرخة تدوي السماء ...


أراها أمامي كما رأيتها ذلك اليوم المشؤوم ... و أضغط على الكراسة في يدي و أكاد أمزقها ...

تمنيت لو أستطيع تطويقها بين ذراعي بقوة ... كما فعلت يومها ... لكنني عجزت عن ذلك

~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:44 PM   #3
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــابع


تمنيت لو ...

لو أخرج جثة عمار من تحت سابع أرض ... و أقتله ، ثم أمزقه قطعة قطعة ... خلية خلية ... ذرة ذرة ...


لو يعود الزمن للوراء ... لكنت قتلته في عراكي معه آخر مرة ... و لم أدع له الفرصة ليعيش و يؤذيك ...


إنني كنت السبب ...

نعم أنا السبب ...

و قد انتقم مني أبشع انتقام ...

و أي انتقام ؟؟

ثمن بقيت أدفعه منذ ذلك اليوم ، و حتى آخر لحظة في حياتي البائسة ...

ما ذنب صغيرتي في كل هذا ...؟

خسئت أيها الوغد ...


هنا أقبلت أمي التي يبدو أنها سمعت بكاء رغد ... و وقفت إلى جانبي لحظة تنقل نظرها بني و بين رغد ، ثم تقدمت إلى رغد

" عزيزتي ؟؟ "


رغد ارتمت بقوة في حضن والدتي ... و هي تبكي بألم صارخ ... و تقول بين دموعها :


" لا تتركوني وحدي ... لا تتركوني وحدي ... "


أمي طوقت رغد بحنان و أخذت تربت عليها بعطف و تهدئها ...


ثم نظرت إلى باستياء و قالت :


" لماذا يا وليد ؟؟ "








في غرفة سامر ، أجلس على السرير ، أقلب صفحات كراسة رغد ...


الكثير من الرسومات الجميلة ...لأشياء كثيرة ... ليس من بينهم صورة لأحد أفراد العائلة غير دانة !


صورة لها و هي صغيرة و غاضبة !

و العديد من صور أشياء خيالية ... و أشباح !

لا أعرف ما الذي تقصده بها ...


كانت ساعتان قد انقضتا مذ خرجت من غرفتها تاركا إياها تهدأ في حضن والدتي

الآن أسمع طرقا على الباب


" تفضل "


و دخلت والدتي


" وليد ... العشاء جاهز "


تركت الكراسة على السرير و خرجت مع أمي قاصدين غرفة الطعام . قبل أن نصل، همست أمي لي :


" وليد ... لا تثر ذلك الأمر ثانية رجاءا "

فأومأت برأسي موافقا .




و لم أسمح لنظراتي أن تلتقي بعيني رغد أو للساني أن يكلمها طوال الوقت .


بعد ذلك ، ذهبت مع أبى نتابع آخر الأخبار عبر التلفاز ، في غرفة المعيشة


لا يزال الدمار ينتشر ... و الحرب التي هدأت نسبيا لفترة مؤقتة عادت أقوى و أعنف ... و أخذت تزحف من قلب البلدة إلى الجهات الأربع ...


تم غزو مدينتين أخريين مؤخرا ، لم تكن الحرب قد نالت منهما حتى الآن ... و تندرج المدينة الصناعية التي نحن فيها الآن ، في قائمة المدن المهددة بالقصف ...


كنت مندمجا في مشاهدة لقطات مصورة عن مظاهرات متفرقة حدثت صباح اليوم في مدن مختلفة من بلدنا .... و رؤية العساكر يضربون المدنيين و يقبضون على بعضهم ...


منظر مريع جعل قلبي ينتفض خوفا ... و أثار ذكريات السجن المؤلمة المرعبة ...


في هذا الوقت ، أقبلت رغد تحمل مجموعة من الكراسات و اللوحات الورقية ، و جاءت بها إلي !


" تفرج على هذه أيضا ... هذا كل ما لدي "


وضعتُ الكراسات علة المنضدة المركزية ، و جلست رغد على مقعد مجاور لمقعدي ... تراقبني و تنتظر تعليقاتي حول رسوماتها الجميلة ...


إن عيني كانت على الرسومات ، ألا أن أذني كانت مع التلفاز !


بعدما فرغت من استعراض جميع الرسومات قلت :


" رائعة جدا ! أنت فنانة صغيرتي ! أهذا كل شيء ؟؟ "


رغد ابتسمت بخجل و قالت :


" نعم ... عدا اللوحة الأخيرة "


و أخفت أنظارها تحت أظافر يديها !


لماذا قررت رغد رسمي أنا ؟ و أنا بالذات !؟؟

إنها لم ترسم أحدا من أفراد عائلتي ... فهاهي الرسومات أمامي و لا وجود لسامر مثلا فيما بينها !


قلت :


" متى تنهينها ؟ "


لا زالت تتأمل أظافرها و كأنها تراهم للمرة الأولى !


قالت :

" غدا أو بعد الغد ... "

قلت :

" خسارة ! لن أراها كاملة إذا ! "


رفعت رغد عينيها نحوي فجأة بقلق ، ثم قالت :

" لماذا ؟ "

أجبت :

" لأنني ... سأرحل غدا باكرا ... كما تعلمين ! "


اختفى صوت الأخبار فجأة ، التفت إلى التلفاز فإذا به موقف ، ثم إلى أبي ، و الذي كان يحمل جهاز التحكم في يده ، فرأيته ينظر إلي بعمق ... و إلى أمي فوجدتها متسمرة في مكانها ، تحمل صينية فناجين و إبريق الشاي ...


و كنت شبه متأكد ، من أنني لو نظرت إلى الساعة لوجدتها هي الأخرى متوقفة عن الدوران !

حملق الجميع بي ... فشعرت بالأسى لأجلهم ... كانت نظرات الاعتراض الشديد تقدح من أعينهم


أول من تحدث كان أمي :


" ماذا وليد ؟؟ و من قال أنك سترحل من جديد ؟؟ "


صمت قليلا ثم قلت :

" قلت ذلك منذ أتيت ... انتهت الزيارة و لابد لي من العودة "


قال والدي مقاطعا :

" ستبقى معنا يا بني "


هززت رأسي ، و قلت :

" و العمل ؟؟ ماذا أفعل ببقائي هنا ؟؟ "


و دار نقاش طويل حول هذا الموضوع ، و بدأت أمي بالبكاء ، و رغد كذلك !

و حين وصلت دانة ـ و التي كانت لا تزال تتناول العشاء مع خطيبها في غرفة الضيوف ، و جاءت تسأل أمي عن الشاي ، و رأت الوجوم على أوجهنا ثم عرفت السبب ـ بكت هي الأخرى !


أردت أن أختصر على نفسي و عليهم آلام الوداع .. سرعان ما قلت :

" سأخلد للنوم "


و ذهبت إلى غرفة سامر


أخذت أقلب كراسة رغد مجددا ...

كم أثارت ذكريات الماضي ... كم كانت شغوفة بالتلوين ! لقد كنت ألون معها ببساطة ! كم أتمنى لو ... تعود تلك الأيام ...



جمعت أشيائي في حقيبة سفري الصغيرة التي جئت بها من مدينتي


ضبطت المنبه ليوقظني قبل أذان الفجر بساعة ...


كنت أريد أن أخرج دون أن يحس أحد بذلك ، لئلا تبدأ سلسلة عذاب الفراق و ألم الوداع ... كالمرة السابقة ...


و حين نهضت في ذلك الوقت ، تسللت بهدوء و حذر خارجا من المنزل ...


كان السكون يخيم على الأجواء ... و الكون غارق في الظلام الموحش ... إلا عن إنارة خافتة منبعثة من المصباح المعلق فوق الباب


خرجت إلى الفناء الخارجي ، و كان علي أن أترك الباب غير موصد ... و سرت إلى البوابة الخارجية ... فإذا بي أسمع صوت الباب يفتح من خلفي ..

~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 02:47 PM   #4
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــابع

استدرت إلى الوراء ... فإذا بي أرى رغد تطل من فتحة الباب !


صمدت في مكاني مندهشا !


رغد أخذت تنظر إلى و إلى الحقيبة التي في يدي ... ثم تهز رأسها اعتراضا ... ثم تقبل إلي مسرعة ...

" وليد ... لا ... لا ترحل أرجوك "


حرت و لم يسعفني لساني بكلمة تناسب مقتضى الحال ... سألتها :


" لم ... أنت مستيقظة الآن ؟؟ "


رغد حدقت بي مدة ، و بدأت الدموع تنحدر من محجريها ...


" أوه ... كلا أرجوك ! "


قلت ذلك بضيق ، فأنا قد خرجت في هذا الوقت خلسة هروبا من هذا المنظر ...


ألا أن رغد بدأت تبكي بحدة ...


" لا تذهب وليد أرجوك ... أرجوك ... ابق معنا "


قلت :


" لا أستطيع ذلك ... أعني ... لدي عمل يجب أن أعود إليه "

و في الحقيقة ، لدي واقع مر يقف أمامي ... علي أن أهرب منه ...


رغد تهز رأسها اعتراضا و استنكارا ... ثم تقول :


" خذني معك "


ذهلت لهذه الجملة المجلجلة ! و اتسعت حدقتا عيني دهشة ...


رغد قالت :


" أريد أن أعود إلى بيتنا "


" رغد !! "


دخلت رغد في نوبة بكاء متواصل ، خشيت أن يخترق صوتها الجدران فيصل إلى البقية و يوقظهم ... و نبدأ دوامة جديدة من الدموع ...


قلت :

" رغد ... أرجوك كفى ... "


رغد قالت بانفعال ، و صوتها أقرب للنوح منه إلى الكلام :

" أنا ... وفيت بوعدي ... و لم أخن اتفاقنا ... لكنك كذبت علي ... و لم تعد ... و الآن بعد أن عدت ... تبادر بالرحيل ... و تنعتني بالخائنة ؟ إنك أنت الخائن يا وليد ... تتركني و ترحل من جديد "


كالسم ... دخلت هذه الكلمات إلى قلبي فقتلته ... و زلزلتني أيما زلزلة ...


قلت مندهشا غير مستوعب لما التقطت أذناي من النبأ الصاعق :


" لم ... لم ... تخبري أحدا ... ؟؟ "


رغد هزت رأسها نفيا ...


قلت بذهول :


" و لا ... حتى ... سامر ؟؟ "


و استمرت تهز رأسها نفيا و بألم ...

فشعرت بالدنيا هي الأخرى تهتز و ترتجف من هول المفاجأة ... تحت قدمي ّ


قالت :


" كنت أنتظر أن تعود ... لكنهم أخبروني أنك لن تعود ... و لا تريد أن تعود ... و كلما اتصلت بهاتفك ... وجدته مقفلا ... و لم تتصل لتسأل عني و لا مرة طوال هذه السنين ... لماذا يا وليد ؟؟ "


لحظتها تملكتني رغبة مجنونة بأن أضحك ... أو ... أو حتى أتقيأ من الصدمة !
لكن ...
ما الجدوى الآن ...


كبتّ رغبتي في صدري و معدتي ، و رفعت نظري إلى السماء ... أُشهد ملائكة الليل على حال ٍ ليس لها مثيل ...


و حسبي الله و نعم الوكيل ...


سمعت صوت تغريد عصفور شق سكون الجو ... و نبهني للوقت الذي يمضي ...

و الوقت الذي قد مضى ...

و الوقت القادم المجهول ...

كم سخرت الدنيا مني ... فهل من مزيد ؟؟؟


" صغيرتي ... أنا ذاهب ... "


رغد ظلت تنظر إلي و تبكي بغزارة ... و لم يكن باستطاعتي أن أمسح دموعها ...


استدرت موليا إياها ظهري ... لكن صورتها بقيت أمام عيني مطبوعة في مخيلتي ...


سرت خطى مبتعدا عنها ... نحو البوابة الرئيسية للفناء ، و فتحتها ...

قلت :

" اقفلي الباب من بعدي .. "


دون أن التفت نحوها ... فهو دوري لأذرف الدموع ... التي لا أريد لأحد أن يراها و يسبر غورها ...



" وليــــــــــد "



و كعصفور يطير بحرية ... بلا قيود و لا حدود ... و لا اعتبار لأي شيء ... أقبلت نحوي ...



استدرت ... و تلقيت سهما اخترق صدري و ثقب قلبي ... و بعثر دمائي و مشاعري في لحظة انطلقت فيها روحي تحلق مع الطيور المرفرفة بأجنحتها ... احتفالا بمولد يوم جديد ...





منذ الساعة التي أجريت فيها المقابلة الشخصية ، و طرح علي السؤال عن خبراتي و مؤهلاتي و عملي في السابق ، أدركت أن الأمر لن يكون يسيرا ...



حصلت على الوظيفة رغم ذلك بتوصية حادة من صديقي سيف ، الذي ما فتئ يشجعني و يحثني على السير قدما نحو الأمام



و خلال الأشهر التالية ، واجهت الكثير من المصاعب ... مع الآخرين .

بطريقة ما انتشر نبأ كوني خريج سجون بين الموظفين ، و تعرضت للسخرية و المعاملة القاسية من قبل أكثرهم




كنت أعود كل يوم إلى المنزل مثقلا بالهموم ، و عازما على عدم العودة للشركة مجددا ، ألا أن لقاءا قصيرا أو مكالمة عابرة مع صديقي سيف تنسيني آلامي و تزيح عني تلك الهموم ...



أصبح صديقي سيف هو باختصار الدنيا التي أعيشها ...




توالت الأشهر و أنا على هذه الحال ، و كنت اتصل بأهلي مرتين أو ثلاث من كل شهر ... اطمئن على أحوالهم و أحيط علما بآخر أخبارهم



علمت أن رغد التحقت بكلية الفنون و أن دانه قد حددت موعدا لزفافها بعد بضعة أشهر .. و أن والديّ يعتزمان تأدية الحج هذا العام ...


أما سامر ، فقليلا جدا ما كنت أتحدث إليه ، حين أتصل و يكون صدفة متواجدا في المنزل ، إذ انه كان يعمل في مدينة أخرى ...



في الواقع ، أنا من كان يتعمد الاتصال في أيام وسط الأسبوع أغلب الأوقات .



لقد تمكنت بعد جهد طويل ، من طرد الماضي بعيدا عن مخيلتي ، ألا أنني لازلت احتفظ بصورة رغد الممزقة موضوعة على منضدتي قرب سريري ـ إلى جانب ساعتي القديمة ـ ألمها ثم أبعثرها كل ليلة !



حالتي الاقتصادية تحسنت بعض الشيء ، و اقتنيت هاتفا محمولا مؤخرا ، ألا أني تركت هاتف المنزل مقطوعا عن الخدمة .



أما أوضاع البلد فساءت عما كانت عليه ... و أكلت الحرب مدنا جديدة ...
و أصبح محظورا علينا العبور من بعض المناطق أو دخول بعض المدن ...



في مرات ليست بالقليلة نتبادل أنا و سيف الزيارة ، و نخرج سوية في نزهات قصيرة أو مشاوير طويلة ، هنا أو هناك ...




في إحدى المرات ، كنت مع صديقي سيف في مشوار عمل ، و كنا نتأمل مشاهد الدمار من حولنا ...

الكثير الكثير من المباني المحطمة ... و الشوارع الخربة ...



مررنا في طريقنا بأحد المصانع ، و لم يكن من بين المباني التي لمستها يد الحرب ... فتذكرت مصنع والدي الذي تدمر ...


قلت :


" سبحان الله ! نجا هذا من بين كل هذه المباني المدمرة ! ألا يزال الناس يعملون فيه ؟؟ "


أجاب سيف :


" نعم ! إنه أهم مصنع في المنطقة يا وليد ! ألا تعرفه ؟ "


" كلا ! لا أذكر أنني رأيته مسبقا ! "


ابتسم سيف و قال :


" إنه مصنع عاطف ... والد عمّار ... يرحمهما الله ! "



دهشت ! فهي المرة الأولى التي أرى فيها هذا المبنى ... !



أخذت أتأمله بشرود ... ثم ، انتبهت لكلمة علقت في أذني ...


" ماذا ؟ رحمهما الله ؟؟ "


سألت سيف باستغراب ، معتقدا بأنه قد أخطأ في الكلام ... قال سيف :


" نعم ... فعاطف قد توفي في العام الماضي ... رحمه الله "


~~~~~~~~~~~~
 
قديم 31-12-2004, 06:54 PM   #5
qaser
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Nov 2004
رقم العضوية: 2609
المشاركات: 43
عدد المواضيع: 5
عدد الردود: 38


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
qaser is on a distinguished road

qaser غير متصل
افتراضي

ياحرام والله

ماساة

شكرا كن كن
 
قديم 31-12-2004, 07:12 PM   #6
اسيرة الصمت
عضو VIP
 
الصورة الرمزية اسيرة الصمت
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jun 2004
رقم العضوية: 25
الدولة: فلسطيــــــــــن
المشاركات: 20,328
عدد المواضيع: 1328
عدد الردود: 19000


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
اسيرة الصمت is on a distinguished road

اسيرة الصمت غير متصل
افتراضي

يسلموووو كن كن ويعطيك الف الف عافية على هالقصة الرائعة

والله قصة رووووووعة بتجنن لكن وين باقي القصة

يلا كن كن بسرعة متشوقة كتيررر اعرف نهايتها هالقصة الجميلة


بايوووووووووووووووووووووووووووووووووو
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 31-12-2004, 08:36 PM   #7
fattoush
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Dec 2004
رقم العضوية: 3726
المشاركات: 6
عدد المواضيع: 0
عدد الردود: 6


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
fattoush is on a distinguished road

fattoush غير متصل
افتراضي

Thanks a lot
 
قديم 31-12-2004, 09:04 PM   #8
fattoush
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Dec 2004
رقم العضوية: 3726
المشاركات: 6
عدد المواضيع: 0
عدد الردود: 6


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
fattoush is on a distinguished road

fattoush غير متصل
افتراضي

Thanks a lot
 
قديم 02-01-2005, 08:09 PM   #9
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الثامنة عشر

أفقت من غفوتي القصيرة ...

كنت أجلس على أريكة بمحاذاة الشاطئ ، تتدلى قدماي في مياه البحر و تعانقان أمواجه الراقصة ...

الهواء كان منعشا جدا و البحر غاية في الجمال ... منظر لم تره عيناي منذ سنين
إنها المرة الأولى منذ تسع سنين ، التي يبتهج فيها صدري و أنا بين أهلي و أحبابي ...


أصوات مجموعة من الأطفال تغلغلت في أعماق أذني و أيقظتني من راحتي النادرة


ما أن فتحت عينيّ الناعستين حتى تلقتا منظرا جعلني أقف منتصبا فورا !


كانت رغد ... صغيرتي الحبيبة ... خطيبة أخي الوحيد ... تجلس على الرمال المبللة تعبث بالماء ... إلى جواري تماما !


نهضت و قد أصابني الروع !

و سرعان ما هبت هي الأخرى واقفة ، تنظر إلي ...

وجّهتُ سهام بصري إلى البحر ... ليبتلع أي شعور يفكر في الاستيقاظ في داخل قلبي ... و خطوت مبتعدا عنها


استوقفتني ، فأخبرتها بأنني ماض للسباحة فقالت بسرعة :

" انتظر ! سأعود لأمي ... "



لم أعرف ما إذا كانت تقصد مني مرافقتها أو مراقبتها تحديدا ، ألا أنها حين سارت مبتعدة بقينا أنا و سامر ـ و الذي خرج من الماء للتو و وقف إلى يساري لا يفصلني عنه غير شبرين ـ نراقبها و هي تبتعد ...




و حين ظهر فتى في طريقها يريد أخذ كرة القدم التي تدحرجت منه نحوها ، اضطربت صغيرتي ... و استدارت نحونا ... و أقبلت مسرعة و أمسكت بذراعي اليمنى و اختبأت خلفها !


أنا طبعا وقفت كالجدار لا أحس بشيء مما حولي و لا أعرف ماذا يحدث و ماذا علي أن أفعل !


أردت أن أسحب ذراعي لكنها غرست أظافرها بي و آلمتني ...


الفتى ذاك كان يحمل الكرة و ينظر بتعجب نحونا


و أمي و دانه أيضا تنظران بتعجب


أما النظرات التي لم أعرف ما طبيعتها هي نظرات أخي سامر ...


" صغيرتي ... صغيرتي ... لا بأس عليك ... اهدئي أرجوك "


رغد الآن تنظر إلى و قد اغرورقت عيناها بالدموع ، و قالت بانفعال و اضطراب :

" لماذا لم تأتِ معي ؟ لماذا تركتني وحدي ؟ هل تريد أن يؤذيني أحد بعد ؟ "



كلمتها هذه جعلت عضلاتي تنقبض جميعها فجأة ، و لا شعوريا مسكت أنا بيديها و شددت عليهما بقوة ...


لحظة جحيم الذكرى ... و أعيينا تحدق ببعضها البعض بحدة ... من عيني يقدح الشرر الحارق ... و من عينها تنسكب الدموع المجروحة ... و في بؤبؤيها أرى عرضا للشريط المشؤوم اللعين ... و صورة لعمّار يبتسم ... و الحزام يتراقص ...


" لكنت قتلته "



نطقت بهذه الجملة لا إراديا و أنا أحدق بها في نظرات ملؤها الشر ... و القهر ...


لقد شعرت بأشياء تتمزق بداخلي ... و أشياء تعتصر ... و أشياء تتوجع و تصرخ ...


كيف لي أن أتحمل موقفا كهذا ؟؟


لو ظل سامر صامتا ، ربما بقيت شهورا واقفا عند نفس النقطة ، ألا أن صوته قطع الحبال المشدودة و أرخى العضلات المنقبضة


" رغد ... "



أطلقنا نظراتنا المقيدة ببعضها البعض و سمحنا لها بالانتقال إلى عيني سامر ...

لا يخفى عليكم الذهول و الحيرة و الدهشة التي كانت تغلف وجه سامر الواقف ينظر إلينا ...


قال :

" رغد ... عزيزتي ... "

و لم ينطق بعدها بجملة واضحة تفسر التعبيرات الغامضة المرسومة على وجهه الحائر ...


رغد الآن بدأت تمسح دموعها و قد هدأت نوعا ما ...


الآن ... تصل أمي و أختي ... و تستدير رغد إليهما ، و تنطق بمرارة :

" قلت لك لا أستطيع ... لا أريد المجيء ... لا أستطيع ... لا تتركوني وحدي "

و انخرطت في مزيد من البكاء المؤلم


أمي أحاطتها بذراعيها و أخذت تتمتم بكلمات لم استطع استيعابها من هول ما أنا فيه ...


ثم رأيتهن هن الثلاث ، رغد و أمي و دانه ، يبتعدن عائدات من حيث أتين ...


سامر ظل واقفا لثوان أخرى ، ثم هم باللحاق بهن ... و حانت منه التفاتة إلي ... فرآني و أنا أنهار على الرمال و أضغط بيدي على معدتي و أتأوه ألما ...


لقد شعرت بأشياء تتمزق و تعصر في أحشائي ... و دوار داهمني دون إنذار مسبق ... و خور و وهن مفاجئ في بدني ... فهويت أرضا ...


كنت أعرف أن قلبي ينزف من الداخل ، كما تنزف أنسجة جسدي كله من شدة الموقف و قسوته ... و شعرت بالدماء تجري بكل الاتجاهات في جسمي ... و أحسست بها تصعد من جوفي ... و تملأ فمي ... ثم تخرج و تنسكب على الرمال ملونة إياها هي و يدي المرتكزة عليها باللون الأحمر ...
الآن ... تستطيع عيناي رؤيتها بوضوح ... تماما كما ترى النور ...

دماء حقيقية خرجت من جوفي ممزوجة بعصارة معدتي المتلوية ألما ...



" وليد ! "


رفعت رأسي ، فإذا بي أرى سامر ينظر إلى موضع الدماء بذعر ...


" ما هذا ؟؟ "


ما هذا ؟ أظن أنها دماء ! و هي المرة الأولى التي تخرج فيها دمائي من جوفي ... و أنا أشعر بألم حاد جدا في معدتي ...

ما هذا ؟

أظن أن هذا عرضٌ لمرض ٍ ما ...







بعد فترة ... كنا نجلس قرب موقد الجمر ، نستنشق الأدخنة المتصاعدة من المشويات ... و نتلذذ برائحتها الشهية ...



كان والدي يقلب الأسياخ و يهف الجمر ... و كلما نضج اللحم في أحد الأسياخ دفعه إلى واحد منا ، فيلتهمه بشهية كبيرة ...


و الآن جاء دوري ...

" تفضل يا وليد "


كنت أود مشاركتهم هذه الوجبة اللذيذة التي لم أذق لها طعما منذ سنين ... لكن الآلام الحادة في معدتي حالت دون إقبالي على الطعام ...


" شكرا أبتاه ... لا أستطيع التهامها فمعدتي مضطربة جدا "


قال سامر :


" لقد تقيأ دما قبل قليل "


الجميع ينظر إلى الآن بقلق ...

ابتسمت و قلت :

" ربما أكلت شيئا لم تتقبله ! لا تكترثوا "


أمي قالت بقلق :

" بني ... عساه خيرا ؟؟ "

" لا تقلقي أماه ... ستهدأ بالصيام لبعض الوقت "



ثم حاولت تغيير مجرى الحديث ...



أبي مد سيخ اللحم المشوي نحو الشخص التالي قائلا :

" نصيبك يا رغد "



رغد كانت تجلس على مؤخرة البساط ، بعيدة عن موقد الجمر الذي نجتمع قربه ...


رغد نهضت ، و أقبلت نحونا و مدت يدها و أخذت السيخ ، ثم همت بالعودة إلى المؤخرة ...



نهضت أنا و قلت :


" تفضلي هنا ... أنا سأتمشى قليلا "


و ابتعدت كي أدع لها المجال لتجلس مكاني ، قرب الجميع ... و تستمتع معهم بوجبة الشواء الشهية ...




ذهبت أولا نحو سيارة أخي ، و استخرجت علبة السجائر التي كنت أضعها في جيب بنطالي الذي استبدلته بملابس السباحة ... ثم انطلقت إلى البحر ... و جلست على الرمال ... أدخن بشرود



صوت أبي الجهور كان يصلني خافتا ضاحكا ... إذن فالجميع يستمتعون بوقتهم
كم أتمنى لو أعود للحياة الدائمة معهم ... ليتني أستطيع ذلك ...


ليتني أستطيع رمي الماضي في قلب البحر ... و نسيانه ...

بعد قرابة النصف ساعة جاءتني دانة


ابتسمت عند رؤيتي لها ، فابتسمت هي الأخرى ألا أنها سرعان ما حملقت بي بتعجب ...


" أنت تدخّن ؟؟ "


مرّغت السيجارة التي كانت في يدي في الرمل المبلل ، إلى جوار أختها ... و ابتسمت ابتسامة واهنة تنم عن الاستسلام و القنوط ...


" عادة سيئة ... لا خلاص منها ! "


دانه جلست إلى جانبي و أخذت تراقب الأمواج المتلاطمة ... ثم قالت :


" لم أكن أعلم بذلك ! لو كان نوّار يدخن لرفضت الارتباط به ! لا أطيق رائحة هذه المحروقة السامة ! "


قلت ببعض الخجل :

" معذرة "


ثم أضافت مداعبة :

" و على فكرة ... فإن جميع الفتيات مثلي أيضا ! و إن استمررتم في التدخين فسوف فستسببون أزمة عزّاب و عوانس ! "
 
قديم 02-01-2005, 08:11 PM   #10
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــابع

أطلقتُ ضحكة عفوية على تعليقها خرجت من أعماق صدري ممزوجة ببقايا الدخان!
قلتُ بعد ذلك :

" إذن ... هل استعديتما للزفاف ؟؟ "

بشيء من الخجل قالت :

" تقريبا ... إنه يريد أن نتزوج بعد عودة والديّ من الحج مباشرة ! أبي يود تأجيل ذلك شهرين أو ثلاثة ... أما والدتي فتراه موعدا مناسبا جدا ، و تريد أن يتزوج سامر و رغد معنا دفعة واحدة ! "



و هذا خبر ليس فقط يحبس الأنفاس في صدري و يعصر معدتي ، بل و يستل روحي من جسدي ... و لن أعجب إن رأيتها تنسكب على الرمال أمامي كما انسكبت دمائي !


في هذه اللحظة أقبل سامر و رغد ... لينضموا إلينا


قال سامر :

" هل لنا بالانضمام إليكما ؟ تركنا الوالدين يشويان السمك ! "


قالت دانة ضاحكة :

" أوه أمي ! من سيلتهم المزيد ؟ أخبرتها ألا تحضر السمك و لكنها مولعة به كثيرا ! "


و استدارت نحوي :


" وليد كيف معدتك الآن ؟ ألا تحب أن تتناول بعض السمك المشوي ؟؟ "


" كلا ، لا طاقة لي بالطعام هذه الليلة "


و جلس سامر إلى جانبي الآخر ، و رغد إلى جانب دانة ...


قال :


" فيم كنتما تتحدثان ؟؟ "

قالت دانة :

" فيكما أنت و رغد ! كنت أخبر وليد أنكما حتى الآن لم تتخذا قرارا نهائياحاسما بشأن موعد الزفاف ! "


سامر ابتسم و قال :


" أنا جاهر و في انتظار أوامر العروس ! "


العروس هي رغد ! و رغد هي صغيرتي الحبيبة ... التي كنت أحلم بالزواج منها ذات يوم ... ثم فقدتها للأبد ... فهل لكم أن تتخيلوا حالي هذه اللحظة ؟؟



قالت دانة :

" هيا يا رغد ! قولي نعم و دعينا نحتفل سوية ! "

ثم غيرت النبرة و قالت مداعبة :

" و لكن كوني واثقة من أنني سأكون الأجمل بالتأكيد ! "


أذناي طارتا نحوها ، حتى كادتا تلتصقان بشفتيها أو حتى تخترقان أفكارها لأعلم ما ستقوله قبل أن تقوله ... تكلمي رغد ؟؟


رغد ظلت صامتة ... و أنا أذناي تترقبان بصبر نافذ ... هيا يا رغد قولي أي شيء ... ارمني بسهام الموت واحدا بعد الآخر ...

اطعنيني بخناجر الغدر و حطمي قفصي الصدري و مزقي الخافق الذي ما فتئ يحبك مذ ضمك إليه طفلة يتيمة وحيدة ... توهم أنها خلقت من أجله فجاءت قذائفك تدمر قلعة الوهم التي بنيتها و عشت بداخلها 15 عاما ... أو يزيد ...


و أقسم ... أقسم أنك لو تزوجت مع شقيقتي في نفس الليلة ، فإني سأتخلى عنها و أخذلها و أدفن نفسي بعمق آلاف الأميال تحت الأرض ، لئلا أحضر أو أشارك أو أبارك ليلة تزفين فيها إلى غيري ... مهما كان ...




بعد كل هذه المشاعر التي تصارعت في داخلي في ارتقاب كلمتها التالية ... و أذاني تصغيان باهتمام و تركيز شديد أكاد معه أسمع دبيب النمل ...

بعد كل هذا ... جاءني السهم المباغت التالي :


" وليد ... ما رأيك ؟؟ "


أنى لي أن أصف ما أود وصفه و أنا بحال كهذه ؟؟


تسألينني أنا عن رأيي ؟؟ رأيي في ماذا ؟؟

في أن تتزوجي شقيقي اليوم أو غدا أو بعد قرن ؟؟

في أن تذبحيني اليوم أو غدا ... أو بعد قرن ؟؟

أتشهد أيها البحر ؟؟
ألا يا ليتك تبتلعني هذه اللحظة ... فأمواجك العاتية ستكون أكثر لطفا و رحمة بحال رجل تسأله حبيبة قلبه : ما رأيك بموعد زفافي !



تحركت يداي إلى علبة السجائر الموضوعة على الأريكة الجالسة خلفي ، و تناولت واحدة و أشعلتها في محاولة مستميتة للفرار من جملة رغد ، التي كنت قبل ثواني أتوق لسماعها و أرسل أذنيّ نحو لسانها لالتقاط الجملة بسرعة فور خروجها ...


بدت اللحظة التالية كالساعة بل كالقرن في طولها ..

سحبت نفسا عابقا بالدخان المنبعث من السيجارة المضغوطة بين شفتي ...

و أطلقت زفرة قوية ... حسبت معها أن روحي قد انطلقت ، و الدخان قد لوث الكرة الأرضية بكاملها ...


قلت ... بعدما عثر لساني على بضع كلمات مرمية على جانبية :


" الأمر عائد إليكما "


و وقفت ...


و قلت :


" معذرة ... سأدخن في مكان آخر "



و انصرفت عنهم ...


سرت مبتعدا ، و وقفت موليا إياهم ظهري ... انفث السموم من و إلى صدري و أقاوم آلام قلبي و معدتي ... و أحترق .





بعد فترة ، انتهت رحلتنا و آن أوان العودة إلى البيت ...


لم أكن أريد أن أركب سيارة سامر ... فقربه و قربها مني يعني مزيدا من الألم و الاحتراق ، لكنني حين رأيت دانة تركب سيارة والدي ، و رغد تقف عند سيارة سامر ... توجهت تلقائيا و جلست على المقعد الأمامي ، لأمنعها من الجلوس عليه !


مشوار العودة كان طويلا مملا ... فقد التزمنا الصمت ... و رغد نامت !



" وصلنا عزيزتي ! "


قال سامر ذلك و هو يلتفت إلى الوراء ، ليوقظ رغد ...

كنا قد وصلنا قبل الآخرين ...

فتحت أنا الباب و هبطت من السيارة ، و رأيت رغد تستفيق ...

ذهبت إلى مؤخرة السيارة أفرغ حقيبتها من حاجيات الرحلة ، ثم أحملها إلى داخل المنزل ...


و أقبل سامر يساعدني ، و حين وصلت إلى الباب ، جاءت رغد بمفتاح سامر و فتحته لي ... و انطلقت مسرعة نحو الباب الداخلي تفتحه على مصراعيه لأدخل بما تحمل يداي ، و أتجه نحو المطبخ ...

وضعت الأشياء في المطبخ و استدرت راغبا في العودة لجلب البقية ... رغد واقفة عند باب المطبخ تراقبني ...



حين مررت منها ...


" وليد "


وقفت ... و عاودني الشعور بالألم في معدتي فجأة ... يكفي أن أسمعها تنطق باسمي حتى تتهيج كل أوجاعي ...


لم أرد ، و لكنني توقفت عن السير منتظرا سماع ما تود قوله ...

" وليد "

عادت تناديني ... تعصرني ...

" نعم ؟؟ "

قالت :

" ألم يعد يهمك أمري ؟؟ "

فوجئت بسؤالها هذا فالفت إليها مندهشا ...

كانت عيناها حمراوين ربما من أثر النوم ... و لكن القلق باد عليهما ...

" لم تقولين ذلك !؟ "

قالت :

" لم لم تبد رأيك بشأن زواجي ؟؟ "

تصاعدت الدماء المحترقة إلى شرايين وجهي و ربما إلى حلقي لكنني ابتلعتها عنوة


قلت :

" إنه أمر يخصكما وحدكما ... و لا شأن لي به "


رغد هزت رأسها اعتراضا ثم قالت :

" لكن وليد ... أنا ... "


و لم تتم الجملة ، إذ أن أخي سامر أقبل يحمل بعض الأغراض ، فسرت أنا خارجا لجلب المتبقي منها ...




فيما بعد ، و سامر يحمل بطانية و وسادة قاصدا الذهاب للنوم في غرفة الضيوف و تركي أنام في غرفته ، كما أصر ... و قبل أن يخرج من الغرفة توقف و قال :


" وليد ... هل لي بسؤال ؟ "

" تفضل ؟؟ "

تأملني لحظة ثم قال :

"وليد ... لماذا ... قتلت عمّار ؟؟ "

~~~~~~~~~~
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذي حياتي NOOR ELHOODA الإرشيف الأدبــي 14 15-03-2006 05:37 AM
هذه حياتي هلوول مجلس حلا لعذب الكلام 9 03-01-2006 10:11 AM
قصة حياتي / قصيدة وردة الحب مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 12 26-10-2005 06:50 PM
أمنية حياتي dark angel مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 4 10-04-2005 03:30 AM
هذه حياتي حلاه الكون مجلس حلا لعذب الكلام 4 28-01-2005 06:30 PM


الساعة الآن 01:48 PM


العاب فلاش
بلاك بيري
العاب ماريو
لعبة ماريو
العاب تلبيس
العاب طبخ
العاب باربي
لعبة باربي
سبونج بوب
العاب دورا
العاب سيارات
العاب ذكاء
صور 2014
صور شباب
فيسات بلاك بيري
نشر البن
العاب بنات
صور حب
صور ٢٠١٤
صور٢٠١٤
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd