بين قولين فى الشعر والادب

[ابن الذويبي]

بين قولين
توغل
عبد الحفيظ الشمري





كنا لا نسمع بالتوغل أو الإيغال إلا عند بعض الشعراء العرب، حينما يدلجون في متاهات ليلهم العاطفي الحافل عادة بالخسران، بل كنا نعرف أن هذا التوغل يعني التسلّل الخفي ليلاً، لكن هذه اللفظة باتت الآن كناية عن حالة الأذى اليومي.. الحي والمباشر، أو على الهواء، وأمام العالم. حياتنا في زمن هذه التوغلات الدموية تصعب على الكافر - كما يقول المثل المصري - حتى بتنا لفرط عجزنا نرى أن هناك من يتظاهر نيابة عنا، ويرفع صوته بالشكوى بدلاً من حناجرنا المبحوحة، لأنه يعرف ضمناً أننا أضعف من أن نحتج ولو لمجرد الاحتجاج. التوغل اليومي يأتي عادة دموياً وقاتلاً، ويدار بشكل فج وسافر، وعلى الطريقة التي يريدها أهل الجرافات المجنزرة، والقذائف المدمّرة، وشاحنات الجند المرقطة.. حتى ازداد الإيغال عنفاً وتنكيلاً بأهلنا، وبتنا بين كل توغل وآخر مدربين على الصمت، ومعتادين على ابتلاع نصل الذل الحارق ببلادة متناهية. توغل العدو لم يعد هو ذلك التغلغل الذي يشير إليه الشاعر العربي الراحل (نزار قباني): - تغلغل العدو في ثيابنا -.. إنما بات توغلاً مدمّراً للحرث، وقاتلاً للزرع، وقاصفاً للأرواح، فقد ظل التوغل الصهيوني البشع موارباً وخفياً على مدى عقود، إلا أنه الآن بات أكثر عنفاً وأقوى فجوراً، وأشد وحشية، حتى أصبحنا نرى قادة الأعداء يأتون إلى الاجتماعات المعدة معنا مشياً على جثث الأطفال، وعظام العجائز، وحطام السيارات، وبقايا الأشجار، وقبل هذا وذاك يسحلون كرامتنا بأحذيتهم وهم يعانقون قادتنا في كل اجتماع ثنائي أو رباعي أو خماسي مفتعل.
منقول

استاذن الاستاذ/عبد الحفيظ الشمري

تقبلو حبى ومودتى

ابن الذويبي

[ولد سبيع]

تسلم على النقل المميز وماقصرت طال عمرك

تحيااتي