((انظرو قصه أم ريااان لاتياس من رحمه الله ))

[*عابر سبيل*]

لاأدري كيف ومن أين أبدأ ؟ ولكنها حكاية يكتنفها الألم والحزن والدموع لكنهم لم

يزعزعوا الثقة بالله وحسن الظن به سبحانه ، وقد تمخضت عن شيء جمييييل ونعمة

عظيمة وخرجت منها بدروس عظيمة جمة فكم من المحن في طياتها الكثير من المنح .

لقد انقطعت عنكن منذ شهور وذلك بسبب الحمل ، وكعادتي في الحمل فإني أعاني فيه ولابد

من رقودي على السرير والراحة التامة فيه وليس هذا بجديد عليّ ، مرت الشهور بسلام

حتى بلغت الشهر السابع ، ذهبت فيه للمستشفى بعد انقطاعي لمدة شهرين عن المراجعة

لقد كان بطني كبيرا بشكل غير طبيعي حتى من يراني يظن أني حامل بتوأمين . وكالعادة

طلبت الطبيبة إجراء أشعة صوتية وليس هذا بالغريب ، وإذا بي أفاجأ بمن تقوم بالأشعة

أن تطلب حضور الطبيبة على الفور شعرت حينها أن هناك أمر غير عادي ولكن الوقت

كان متأخراً وكان ذلك في شهر رمضان المبارك فطلبت مني الحضور غداً في أول الدوام ،

سألتها ماالأمر ؟ قالت : لاتقلقي .

عدت من الغد لإجراء الأشعة وحضرت الطبيبة وإذا بها تطلب حضور الإستشاري فطلبتُ

حضور زوجي معي ، وهنا كانت المفاجأة ، قالوا : إن في بطن الجنين الكثير من الماء

وأنه ليس هناك مثانة ولايوجد إلا كلية واحدة وكذلك الرأس فيه قليل من الماء ،

والأطراف غير متناسقة مع حجم الجنين ، ونبض القلب غير طبيعي .و....و...

طلبوا من زوجي أن يذهب بي فوراً لأحد المستشفيات المتخصصة لينظروا في الأمر .

خرجت من المستشفى وأنا أذكر الله تعالى ( اللهم إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي

ولكن عافيتك أوسع لي ) وأسأله أن يربط على قلبي ويثبتني والدموع تنسكب على خدي

وأنا أحاول جاهدة أن لايظهر شيء من ذلك أمام بُنياتي حين دخولي عليهن.

حين دخولي للمنزل اتصلت بي أخيتي لتسأل عن حالي وعن الأخبار ، أمسكت بسماعة

الهاتف فاجهشت بالبكاء وسقطت السماعة من يدي ، توجهت لغرفتي بكيت ودعوت الله

أن يلطف بي وأن يرزقني الرضى والثبات وأن يحسن خلقه وخُلُقه .

ذهبت من الغد لمستشفى آخر ، في البداية بدا الطبيب متفائلا وقال أنه سيجري عملية

بسيطة لسحب الماء وتخفيف الضغط عن الجنين ، خرجت من عنده وأنا أردد دعاء

الاستخارة التي لم أتركها في كل خطوة كنت أخطوها في المستشفيات ، ولكنه مالبث أن

غير رأيه بعد إجراء الأشعة فقد تبين له أن هناك تشوهات عديدة كما ظهر في تقرير

الأشعة السابقة ، وقال أن الجنين سيتوفى في أي لحظة لأن الماء يضغط على القلب

والرئتين وأنه وإن خرج للدنيا فلن يعيش أكثر من ساعات ( سبحان الله كيف يجرؤون ).

حمدت الله تعالى وخرجت من المستشفى بعد أن بقيت فيها يومين طلب مني بعدها مراجعته

كل أسبوع لتفادي أي مضاعفات تحصل لي ، كان بطني يكبر يوما بعد يوم بشكل غير طبيعي .

فوضت أمري إلى الله وتوكلت عليه وبدأت بالرقية الشرعية فكنت أفطر في رمضان على

ماء زمزم وقد قرأت فيه الفاتحة 7مرات ، وكنت أقرأ على بطني ، اجتهدت في الدعاء

رغم عدم قدرتي على القيام أو الصلاة إلا المفروضة وأنا جالسة ، دعوت الله كثيراً أن

يُحسن خلقه وخُلُقه وأن يخيب ظنونهم . واستودعت الله نفسي ومافي بطني فهو من

لاتضيع ودائعه سبحانه .

في منتصف الشهر الثامن توجهت لإحدى المستشفيات الكبرى لأن الولادة لابد أن تكون

في مستشفى لديه إمكانيات متقدمة ، دخلت على الطبيبة وبعد حوار معها أريتها تقرير

الأشعة الذي أحضرته معي ، فذهبت إلى الاستشاري وطلبوا مني عمل أشعة صوتية

خلال ذلك كانت الطبيبة متعجبة من حالي وتقول لي : ماشاء الله عليك ماشاء الله عليك

لأنها كانت تتوقع أن ترى إنسانة على الأقل حزينة لا أنها تبتسم ، ولكنها لاتعلم أن ثقتي

بالله لاحدود لها وأنه ليس من الضروري أن كل مايظهر في الأشعة صحيح فالله قادر على

كل شيء.

أجريت الأشعة الصوتية التي استغرقت ساعة كاملة وهذه المرة تبين أن هناك مثانة

وكليتان ولكنهم قالوا أن في بطن الجنين الكثير من الماء وأن القلب والكبد والطحال

متضخمان والأطراف قصيرة أما الرأس فلم تستطع رؤيته . هنا قال الطبيب أنه يود تنويمي

في المستشفى وعمل طلق صناعي لإخراج الجنين لأنه إن بقي حتى التاسع فسيكبر حجمه

أكثر وقد تكون الولادة قيصرية وفرصته في العيش ضعيفة .

طبعا أنا رفضت ماقاله وخرجت من المستشفى وانتظرت الفرج من الله واستمريت في

الدعاء والرقية , وما أن دخلت يومين في الشهر التاسع جاءت الولادة طبيعية ولحظة

خروجه لكِ أن تتصوري الهرج والمرج في المستشفى وكل الأطباء تجمعوا حوله .

وقالت لي الطبيبة طبعا تعلمين حالة الجنين ؟ هززت رأسي وأن ابتسم لها بنعم .

فقالت : جعله الله في موازين حسناتك .

كانت عبارات التعزية والمواساة لي في المستشفى من كل من حضر وقرأ الملف من الأطباء .

طبعاً لم أره فقد أخذوه للعناية المركزة ومكث فيها 12 يوماً ، رأيته في اليوم الثاني لقد

كان بطنه كبيراً ممتلئ بالماء ولكن حالته مستقرة . أتعلمين أن الأطباء كانوا في حيرة من

الأمر ، يقولون أن العجيب أن مايسبب مثل هذا من الأشياء الخطيرة غير موجودة في

الطفل ، فالقلب والكبد والطحال وجميع الأعضاء سليمة .

استمريت في الرقية فكنت أقرأ الفاتحة في الحليب الذي أذهب به للمستشفى ( حليبي )

وكان أبوه يرقيه عند زيارته . وكانت حالته مستقرة طيلة مكوثه في العناية المركزة

وبدأ الماء يتناقص من بطنه ، وقد خرج من المستشفى قبل 10 أيام ، ولازلت أرقيه

وقد تحسنت حالته كثيراً ولله الحمد والمنة . فسبحان من أمره بين الكاف والنون .