من آداب الطريق وأحكامه

[انا انا انا]

د. محمد سليمان النور*

إن من الخير الذي أرشد إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) حقوق الطريق وآدابه، لما للطريق من أهمية بالغة لكل الناس، فالناس جميعا لا يستغنون عن استعماله وسلوكه، والمرافق العامة لا بد لها من ضوابط تصونها وتحقق الانتفاع منها للجميع من غير أذى ولا ضرر، وهذه الآداب قد جاء ذكرها في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ”، قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ: ما لنا بُدٌّ من مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فيها، قال رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) “فإذا أَبَيْتُمْ إلا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قالوا: وما حَقُّهُ؟ قال: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السلام، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عن الْمُنْكَرِ”، وهذا الحديث يدلنا على عدة أمور، منها:

أولا: إن الجلوس على الطرقات منهي عنه، ومن العلماء من حمل هذا النهي على الكراهة التنزيهية، والحكمة من النهي: تتمثل في ألا يضعف الجالس على الطريق عن أداء الحق الذي عليه.

ثانيا: إن في الحديث دلالة على استحباب سد الذرائع أي الوسائل المؤدية للمفاسد؛ فقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الجلوس على الطرقات لما قد يؤدي إليه الجلوس من عدم إعطاء الطريق حقه.

ثالثا: إن درء المفسدة أولى من جلب المصلحة، فقد نهى الحديث أولا عن الجلوس على الطرقات مع ما فيه من الأجر لمن أدى حق الطريق.

رابعا: إن من حق الطريق: غض البصر، وقال بعض العلماء: وأشار الحديث بغض البصر إلى السلامة من التعرض للفتنة بمن يمر من النساء وغيرهن.

كف الأذى

خامسا: إن من حق الطريق: كف الأذى، وأذية المارة ومستخدمي الطريق محرمة، قال الله تعالى: “والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا” وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، فمن أراد الجلوس على الطريق فعليه أي يكف أذاه عن الناس فلا يتعرض للمارين بأي صورة من صور الإيذاء، وقد ذكر العلماء بعض الصور على سبيل التمثيل على الأذى الذي يجب كفه، وربما مثلوا بهذه الأمثلة لكثرة وقوعها من الجالسين على الطريق، ومن هذه الأمثلة: الغيبة المحرمة بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم”، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم المراد بالغيبة في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: “أتَدْرُونَ ما الْغِيبَةُ؟ قالوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إن كان في أَخِي ما أَقُولُ؟ قال إن كان فيه ما تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لم يَكُنْ فيه فَقَدْ بَهَتَّهُ”. وكذلك من الأمثلة على الأذى المحرم: السخرية والاحتقار واللمز؛ قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون”، وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى ها هنا (وَيُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) بِحَسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَاله وَعِرْضُهُ”.

واجب مستخدمي الطريق

وهنا أمر مهم ينبغي التنبيه إليه: وهو أن كف الأذى كما هو واجب على الجالس على الطريق واجب أيضا على مستخدمي الطريق، فلا يجوز لأحد منهم أن يفعل ما ينتج عنه الضرر بالطريق أو بالمستخدمين الآخرين للطريق، أو يؤدي إلى تعريض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، فإن من مقاصد الشريعة الغراء حفظ الأنفس والأموال، وقد جاءت أحكام ونصوص شرعية كثيرة تدل على ذلك منها قوله تعالى: “من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”، وحرم الله قتل النفس المؤمنة بغير حق، وشرع القصاص وهو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه، وذلك منعا للقتل وحفظا لحياة الناس، وجعلت الشريعة عقوبات على القتل حتى لو كان خطأ لأن القتل الخطأ فيه تفريط من القاتل في الاعتناء التام بسلامة حياة الآخرين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال”، ويجب على المسلم الالتزام بنظم المرور وقواعده التي وضعت للحفاظ على سلامة أرواح الناس وأموالهم، فمن القواعد المقررة في الشريعة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فطالما أن هذه النظم تؤدي إلى تحقيق مقصد الشريعة من حفظ أرواح المستخدمين للطريق وأموالهم وليس فيها ما تمنعه الشريعة تكون مطلوبة شرعا، ومن القواعد الشرعية المعروفة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بالإضافة إلى أن طاعة الحكام فيما ليس مخالفا للشرع الحنيف واجبة، فقد جاء في الموسوعة الفقهية: “أجمع العلماء على وجوب طاعة أولي الأمر من الأمراء والحكام”، وبناء عليه فإن الالتزام بقوانين المرور فيما ليس فيه مخالفة للشرع الحنيف، داخل في الطاعة الواجبة لولاة الأمر.

رد السلام

سادسا: من حق الطريق: وهذا الرد واجب في الجملة عند الفقهاء، قال الله تعالى: “وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها”، وصيغة الرد أن يقول المسلم عليه (وعليكم السلام) بتقديم الخبر وبالواو، ويصح أن يقول: (سلام عليكم). بتنكير السلام وتقديمه، ومن دون واو، لكن الأفضل بالواو لصيرورة الكلام بها جملتين، فيكون التقدير: (علي السلام وعليكم)، فيصير الراد مسلما على نفسه مرتين: الأولى من المبتدئ والثانية من الراد نفسه، بخلاف ما إذا ترك الواو، فإن الكلام حينئذ يصير جملة واحدة تخص المسلم وحده.

ويكره السلام أو رده بالإشارة باليد أو بالرأس بغير نطق بالسلام مع القدرة وقرب المسلّم عليه، لأن ذلك من عمل أهل الكتاب: لقوله (صلى الله عليه وسلم) فيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، “ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف”. فإن كانت الإشارة مقرونة بالنطق، بحيث وقع التسليم أو الرد باللسان مع الإشارة، أو كان المسلّم عليه بعيدا عن المسلّم، بحيث لا يسمع صوته فيشير إليه بالسلام بيده أو رأسه ليعلمه أنه يسلّم فلا كراهة

المعروف والمنكر

سابعا: من حق الطريق: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع من المحسنات، ونهى عنه من المقبحات.

والمنكر لغة: الأمر القبيح. وفي الاصطلاح: المنكر ما ليس فيه رضى الله من قول أو فعل.

وقد اتفق الأئمة على مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحكى الإمام النووي وابن حزم الإجماع على وجوبه، وتطابقت آيات الكتاب وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين على أنه من النصيحة التي هي الدين. قال الله تعالى: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.

وهناك شروط لمحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي:

أ - كون المأمور به معروفا في الشرع، وكون المنهي عنه محظور الوقوع في الشرع.

ب - أن يكون موجودا في الحال، وهذا احتراز عما فرغ منه.

ج - أن يكون المنكر ظاهرا من غير تجسس، فكل من أغلق بابه لا يجوز التجسس عليه، وقد نهى الله عن ذلك فقال: “ولا تجسسوا” وقال: “وأتوا البيوت من أبوابها” وقال: “لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها”.

د - أن يكون المنكر متفقا على تحريمه من غير خلاف معتبر، فكل ما هو محل اجتهاد فليس محلا للإنكار.

منقولــ

[rock]

انا انا انا


بارك الله فيكى على طرحك الرائع والشرح الرقيق

وجزاكى به الله بما يجزى به الصالحين

مشكورة اختى الغاليه علىما قدمتى


دمتى فى رعايه الله


الروك

[دينا احمد]

انا انا انا



الله يعطيكى العافية عزيزتى على الموضوع

المتميز وجزاكى الله كل خير وجعله الله في موازين حسناتك

دمتى ودامت مشاركاتك ننتظر جديدك بكل شوق

كل التحية لكى والتقدير

[انا انا انا]

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اخى الكريم الروك الف شكر على مرورك الكريم وحضورك العذب

اختك انا انا انا

[انا انا انا]

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اختى الغالية دينا الف شكر على مرورك الكريم وحضورك العذب

اختك انا انا انا

[ستيف اوستن]

عاشقة القران
كل شكرى وتقديرى لطرحك الرائع
دمتى فى حفظ الرحمن
ستيف

[دموع فلسطين]

انا انا انا


كل الشكر غاليت على الموضوع القيم

والشرح الرااائع

[انا انا انا]

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اخى الكريم ستيف اوستن الف شكر على مرورك الكريم وحضورك العذب

اختك انا انا انا

[انا انا انا]

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اختى الغالية دموع فلسطين الف شكر على مرورك الكريم وحضورك العذب

اختك انا انا انا