:: أتصل بنا ::

 

::+: الواجهه الرئيسيه :+:: ::+: البحث في الاقسام والمواضيع :+::

العودة   منتديات حــلا > +:::::[ الأقسام الأدبية ]:::::+ > مجلس حلا للقصص والروايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-2005, 08:12 PM   #1
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

ذهبت مباشرة إلى غرفتي ، قبل أن تحضر أمي و دانه ثم تطلبان مني مساعدتهما في الغسل و التنظيف ...


فأعمال المنزل هي آخر آخر شيء أفكر بالقيام به في هذه الساعة ، و هذه الحال

يكاد قلبي ينفطر أسى ... لحقيقة مرة أتجرعها رغما عني

وليد لم يعد يهتم لأمري ... و لم أعد أعني له ما كنت و أنا طفلة صغيرة ...


ربما ظن الجميع أنني أويت لفراشي و نمت ... فعادتي أن أنام مبكرة ، ألا أنني قضيت ساعات طويلة في التفكير و الحزن ... و الألم و الدموع أيضا

لماذا يعاملني وليد بكل هذا الجفاء و يبتعد كلما اقتربت ؟؟

و دليل آخر ... تكرر صباح اليوم التالي ...


فقد نهضت متأخرة ... و وجدت الجميع مجتمعين في غرفة المعيشة يتناقشون حول أمور شتى ...


دخلت الغرفة فتوقف الجميع عن الحديث ، و ألقيت تحية الصباح ... ثم خطوت باتجاه أحد المقاعد راغبة في مشاركتهم أحاديثهم ...


و الذي حدث هو أن وليد نهض ، و هم بالمغادرة ...

شعرت بألم حاد في صدري ...

قلت :

" كلا ... ابق حيث أنت ... أنا عائدة إلى غرفتي ... اعتذر على إزعاجكم "

و استدرت بسرعة مماثلة للسرعة التي بها انهمرت دموعي ...
و غادرت المكان ...



ذهبت إلى غرفتي و سبحت في بحر دموعي ...

وافتني أمي بعد قليل و رأتني على هذه الحال



" رغد يا عزيزتي ... لا تأخذي الأمر بهذه الحساسية ! إنه لا يقصد شيئا ... لكنه الحياء ! "


انفجرت و تفوهت بجمل لم أفكر فيها إلا بعد خروجها ، من شدة تأثري ...

قلت :

" إذا كان وجودي في هذا البيت يزعجه فأنا سأرحل إلى بيت خالتي ... ليأخذ حريته التامة في التجول حيثما يريد "


أمي صدمت بما قلت ، و حملقت بي باندهاش ...

" رغد ! كيف تقولين ذلك ؟؟ "


" إنه يتعمد تجاهلي و تحاشي ّ ... كأنني فتاة غريبة و موبوءة ... أ لهذا الحد لم يعد يطيقني ؟ ألم أعد أعني له شيئا ؟؟ ألم يكن يعني لي كل شيء في الماضي ؟؟ "


و سكت ، التقط بعض الأنفاس و أمسح الدموع بكومة من المناديل متكدسة في يدي ... كنت أبكي بانفعال ...

والدتي قالت فجأة :

" و الآن ؟؟ "


نقلت بصري من كومة المناديل المبللة في يدي ، إلى عيني أمي و نظراتها المقلقة ...

و الآن ؟؟


أعتقد أن أمي كانت تلمح إلى شيء ، لم تجرؤ على التصريح به ... و إن قرأت بعض معالمه في عينيها ...


إنها نفس النظرة التي رمقتني بها تلك الليلة ، ليلة رحيل وليد السابق ، قبل أذان الفجر ...


و خفت ... من الحقيقة التي لا أريد أن أكتشفها أو يكتشفها أي كان ... حقيقة الشعور بالحرارة التي تتأجج داخلي كلما كان وليد على مقربة ..






في ذات اليوم ، أصررت على الذهاب إلى بيت خالتي و تناول الغذاء مع عائلتها

كنت أريد أن أبتعد مسافة تسمح لي بالهدوء ، فنبضاتي لا يمكن أن تهدأ و وليد في مكان قريب ...



هناك فوجئت بأمر آخر !


خالتي انفردت بي لبعض الوقت في إحدى الغرف و بدون أية مقدمات سألتني :

" هل صحيح أنك ... أنك لا ترغبين في الزواج من ابن عمك سامر ؟؟ "

دهشت و هالني ما سمعت ... قلت بذهول :

" أنا ؟ من ... قال ذلك ؟؟ "


خالتي كانت تحدثني بجدية و قلق واضحين ...

قالت :

" لقد سمعَتْك سارة تخبرين نهلة بهذا ذات مرة ... و ذكرت الأمر على مسمع مني و من حسام ... و من حينها و هو و أنا معه في جنون ! "



لم أع ِ الأمر بالسرعة المفروضة ، بل بقيت أحملق بدهشة و بلاهة في عيني خالتي ... و ربما هي فسرت صمتي موافقة على ما تقول ...


" رغد ... أخبريني بكل شيء ... فإن لم تكوني ترغبين في الزواج من ذلك المشوه فثقي بأنني لن أسمح لهذا الزواج بأن يتم أبدا "









فيما بعد ، كنت أجلس مع نهلة في غرفتها دون وجود سارة ـ لوحدنا أخيرا !


قلت :

" و تقولين أنها لا تعي شيئا ؟ إنها أخطر مما ظننت ! يا لجرأتها ... كيف تخبر خالتي و حسام بأمر كهذا !؟ هل أنا قلت ذلك ؟؟ "


نهلة تنهدت و قالت :

" هذا ما ترجمه دماغها الصغير ! لقد قلت أنك لا تريدين الزواج الآن ! أخضعتني أمي لاستجواب مكثف ، و أخي حقق معي مطولا بسبب هذا الأمر ! "

" يا إلهي ! "


ابتسمت نهلة ابتسامة سخرية ماكرة ، ثم وقفت فجأة و نفخت صدرها هواء ً ، و رفعت كتفيها عاليا ، و قطبت حاجبيها و عبست بشكل غريب مرعب و قالت بنبرة خشنة ـ تقلد حسام :


" أمي يجب أن تتأكدي من الأمر لأنني إن اكتشفت أنهم أرغموها على هذا الزواج أو استقلوا كونها يتيمة و صغيرة و ضعيفة ، فأقسم بأنني سأشوه النصف الآخر من وجه ذلك اللئيم الماكر "



قفزت أنا واقفة بغضب ...

" نهلة ! "

ألا أنها تابعت تمثيل المشهد :


" قلت لك يا أمي ... تدخلي و امنعي هذا الارتباط منذ البداية ... أترين أن فتاة في الرابعة عشر هي مدركة بالقدر الكافي لتحديد مصيرها في أمر كهذا ؟؟ كيف تجرءوا على فعل هذا كيف ؟؟ كيف ؟؟ ويل لذاك المشوه مني "


" يكفي نهلة ... "


قلت بعصبية ، فعادت نهلة إلى شخصيتها الطبيعية ، و قالت :

" هذا ما كان يحصل كل يوم ! تعرفين أن حسام يبغض خطيبك من ذلك الحين ! "


قلت :

" لا أقبل أن ينعته أحد بالمشوه ... و تشوه وجهه ليس شيئا يستحق أن يعير عليه"



نهلة جلست على السرير ، و قالت :

" ليس بسبب التشوه هو ناقم منه ! تعرفين ! إنه بسببك أنت ! لازال مولعا بك ! "


انزعجت من هذا ... فقد كنت أظن أن الأمر قد انتهى ... لكن ...


" أرجوك نهلة لنغير الموضوع ... لقد أكدتُ لوالدتك أن سارة فهمت خطأ ... و إن بدا عليها عدم الاقتناع ... لكن لندع الأمر ينتهي الآن ... "


و أتيت و جلست قربها ... ثم اضطجعتُ مسترخية على السرير ...


" إذن ... ماذا قررت ؟ مع دانه أم بعدها ؟؟ "


تنهدت بانزعاج من الموضوع برمته ... قلت :


" لم أقرر يا نهلة ... لماذا يطاردني الجميع بهذا السؤال ؟؟ "


نهلة أمسكت بيدي اليمنى و أخذت تحرك خاتم الخطوبة حول إصبعي البنصر و تقول :

" لأن هذا الخاتم سئم البقاء حول هذا الإصبع ! إنها أربع سنوات يا رغد ! "


قلت :

" لكنني لا أزال صغيرة ! ألا ترين ذلك ؟؟ أريد أن أتخرج من الجامعة أولا.. و أريد أن ... تتغير علاقتي بسامر فأنا لا أشعر بشيء مميز تجاهه "


كنت أنظر إلى السقف ، و لكن رأس ابنة خالتي ظهر أمامي فجأة ... و أجبرني على النظر إلى عينيها ...


قالت :

" تقصدين لا تحبينه ... "


و كان تقريرا إجباريا لا سؤالا ...

التفت يمينا فأمسكت هي بوجهي و أعادته حيث كان و أجبرتني على النظر إلى عينيها الناطقتين بالحق ...

" لا تهربي رغد ! أنت لا تحبينه ! "


استسلمت ... و غضضت بصري ... أتحاشى تلك النظرة الثاقبة الفاهمة ...

نهلة هي أكثر شخص يفهمني و أبوح إليه بأسراري و كل ما يختلج مشاعري ...



نهلة مسحت على رأسي بعطف و قالت :

" رغد ... لا تتزوجيه إذا لم تكوني ترغبين في ذلك ... إنه كالأخ بالنسبة إليك ! أبقيه أخا فأنت بحاجة إليه كأخ لا كزوج ! "


" نهلة ! ... "


و ضربت أنفي بإصبعها ضربة خفيفة و هي تقول :

" أليس كذلك ؟؟ "



عدت أحدق بها ... في حيرة من أمري ...

قلت :

" من أتزوج إذن ؟؟ "


هي ابتسمت و قالت بمكر :


" أخي حسام ! "


رفعت رأسي و صدمت جبينها بجبيني عمدا ثم جلست و أخذت هي تمثل دور المتألمة !

" آه ... رأسي ! كسر في الجمجمة ! انجدوني ! "



قلت بنفاذ صبر :

" قلت لك ! لا تتوبين !"

قالت و قد بدت عليها الجدية الآن :

" صدقيني يا رغد ... إنه مهووس بك ! "

قلت :

" و الآخر كذلك ! لم تظنينه يلح علي بالزواج ؟ إما أن نتزوج أو يفتش عن وظيفة أخرى تبقيه قربي ! "


قالت ، تنظر إلي بعين شبه مغمضة و حاجبيها مرفوعين أقصاهما :

" من مثلك ! عاشقان في وقت واحد ! يا للحظ ! كم أنا مسكينة ! "


" قلت لك لا تتوبين ! أوه نهلة ! لسوف أطلب من خالتي التفتيش عن عريس لك حتى أتخلص منك كما تخلصت من دانه ! "


ضحكت نهلة و قالت :

" سأتزوج من شقيق زوجك حتى آتي للعيش معك ! لن تتخلصي مني ! "


و استمرت في الضحك ...


الجملة أثارتني كثيرا ... غضبت و قلت بانفعال لا يتناسب و دعابتها العفوية :

" قلت لك دعي وليد و شأنه ... لا تأتي بذكر هذا ثانية أ فهمت ِ ؟؟ "



نهلة ابتلعت ضحكتها و نظرت إلي بشيء من التعجب و الحيرة ...

" ما الأمر رغد ! كنت أمزح ... لم انفعلت هكذا ؟؟ "


خجلت من نفسي فأنا لا أعرف لم انفعلت بهذا الشكل بينما هي تمزح ليس إلا ...

بل ، و حتى لو كان كلامها غير مزاح ... لم علي الانفعال هكذا ؟؟


اعتقد أن وجهي تورد ... فنظرات نهلة توحي بأنها تلحظ شيئا غريبا على وجهي ...

التفت نحو اليسار أخفي شيئا مما قد يكون ظاهرا على وجهي دون أن أملك القدرة على مواراته لكن توتري كان أوضح و أفصح من أن يغيب عن ذهن نهلة ... التي تعرفني عز المعرفة ...



" رغد ... ماذا دهاك ؟؟ "

" أنا ؟ لا شيء ... لا شيء "



و الآن استدرت كليا ، و أوليتها ظهري ... بل و سرت نحو المجلة الموضوعة على المنضدة قرب سرير نهلة ... متظاهرة بالبرود ...


قالت تحاصرني :

" وليد غائب الآن ؟؟ "

قلت :

" لا ... عاد إلينا منذ يوم أمس الأول ... "


و أمسكت بالمجلة ، و جلست على السرير ، و أخذت أقلب صفحاتها و ألْهي نفسي بالتفرج على الأزياء و المساحيق و العطور ... و حتى الأخبار السياسية و الرياضية ... و صور اللاعبين !

" أوف ! "

أغلقت المجلة بسرعة ، بعد أن وقعت عيناي على صورة نوّار يبتسم !

يا إلهي ! كم أنفر من هذا الشخص ! رغم أنه محبوب من قبل الكثيرين و الكثيرات !


" ماذا دهاك ؟؟ "

" إنه ذلك المغرور ! من أمنيات حياتي ... أن أتصفح مجلة ذات يوم ثم لا أجد صورة له فيها ! يا له من شخص بغيض ! أتساءل ما الذي يجذب هؤلاء البشر إليه ؟؟ دانه المسكينة ! "

" و لم مسكينة ..؟ ألست تقولين أنها تحبه ؟؟ "

" كثيرا ! إنه سيعود الليلة من رحلته و ستقيم الدنيا و تقعدها من أجله ! لابد أنها الآن تعد أطباق العشاء و الكعك من أجله ! الحمد لله إنني لست معها في المطبخ هذه الساعة ! "


و ضحكنا بمرح ...

ثم قالت :

" و خطيبك سيرحل اليوم ؟ "

" نعم ... خلال ساعتين "

" إذا ... ألا يجدر بك أن تكوني معه الآن ؟؟ "


~~~~~~~~~~
 
قديم 02-01-2005, 08:14 PM   #2
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

وقفت ... و سرت في الغرفة بضع خطوات حائرة ... فقد خرجت من منزلي منذ الصباح ، و هاهي الساعة تتجاوز الثالثة ظهرا ... و لابد أن سامر ينتظر عودتي الآن ...


قلت :

" إنه مع وليد ... الكل محتفٍ بعودته و مشغول به ! من سيذكرني هذه اللحظة ؟؟ "

قالت :

" هل سيرحل وليد عاجلا ؟ "

" لا .. على ما أظن و أتمنى "

" تتمنين ؟؟ "



وقعت في شركي ! قلت محاولة التصحيح و التعديل :

" أقصد نتمنى جميعا ... فلا أحد يود رحيله و والداي سيحزنان كثيرا جدا كالمرة السابقة و التي سبقتها إن رحل ... أتمنى أن يستقر هنا و يريح الجميع "


ربما كان الحمرة تعلو وجهي هذه المرة أيضا ...

و الآن ... إي شيء أشغل يدي به تغطية على اضطرابي هذا ؟ ألا يوجد في الغرفة مجلة أخرى ...؟؟

وقع بصري على مجموعة زجاجات العطر أمام مرآة الغرفة ، فذهبت أليها أشمها واحدة تلو الأخرى ...


أقبلت نهلة و وقفت إلى جانبي ...


قالت :

" ربما لديه ارتباطات هامة هناك ! عمل ... منزل ... عائلة ... زوجة ! "



استدرت إليها و قد اكفهر وجهي ... و قلت بسرعة :

" إنه غير متزوج "

" أحقا ؟؟ "


كانت نظراتها تشكيكية مخيفة ! قلت :

" طبعا ! و هل تظنين أنه سيتزوج دون إبلاغنا ! مستحيل ! ما يبقيه هناك هو العمل ... ليته يجد فرصة للعمل هنا و يستقر معنا ... "


قالت :

" لتضمنوا عدم رحيله ... زوجوه ! "


و أضافت و هي تبتسم بمكر :

" أنتم الثلاثة في ليلة واحدة ! و نتخلص منكم ! "


رفعتُ إحدى زجاجات العطر أمام وجهها بغتة و تأهبتُ لرش العطرعلى عينيها !


" أوه لا لا رغد كنت أمزح ! "


و فرّت و صرت أطاردها حتى جلسنا على السرير نضحك بشدة !


بعد قليل ... قلت :

" علي العودة للبيت ! سامر ينتظر اتصالي ! "

و قمت ، متوجهة إلى الهاتف الموضوع على مكتب نهلة ...

و اتصلت بالمنزل ... و إذا بالدماء تتصاعد من جديد و بغزارة إلى وجهي ... و نهلة تقترب مني و تراقبني ...


" وليد ؟ إنها أنا "

" ( مرحبا ... رغد ) "

" إمم .. أود التحدث إلى سامر "

" ( سامر ... أظنه يستحم الآن ! هل تريدين شيئا ؟ ) "

" أأأ ... أريد أن يأتي إلي ّ ... هل لا أبلغته بأنني أنتظره ؟ "

" ( حسنا ) "

" شكرا "

" العفو ... صغيرتي "



و أغلقت السماعة بصعوبة ... فقد كانت يدي ترتجف !

و بدأت أتنفس بعمق و أشعر بالحر ... و أيضا ... أتصبب عرقا !


نهلة وقت أمامي مباشرة تشاهد الاضطراب الذي اعتراني فجأة ... بحيرة و فضول


" رغد ... "

" نعم ؟؟ "

" لماذا تنفعلين كلما جيء بذكر وليد !؟ "

" أنا ؟؟ من قال ذلك !؟ "


و مدت نهلة يدها و تحسست جبيني براحتها ...

" إنك تغلين ! وجهك أحمر ناضج و جبينك مبلل بالعرق ! "


أربكتني كثيرا كلمات نهلة ... و حاولت التملص من نظراتها لكنها حاصرتني ...


ابتعدت عنها و ذهبت إلى حيث أضع عباءتي لأرتديها استعدادا للمغادرة !


" و لكن خطيبك لم يحضر بعد ! "

" سأستعد ... "


كنت أريد أن أنشغل بشيء بعيدا عن نظرات نهلة التي تخترق أعماقي ...


كنت أضبط حجابي مولية إياها ظهري ...

قالت :

" خطيبك شاب جيد يستحق فتاة رائعة مثلك ! "

تابعت ترتيب حجابي دون أن أعير جملتها هذه اهتماما ...

قالت :

" و أخي شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلك ! "

و لم ألتفت إليها ! حتى لا أدع لها مجالا لفتح الموضوع مجددا !

و تابعت ارتداء عباءتي ...

" و وليد شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلي ! "


استدرت فجأة نحو نهلة ... باضطراب و توتر و انزعاج جلي شديد ! ...

اصطدمت نظراتنا الحادة العميقة ... و بقينا لبضع ثوان نحملق في بعضنا البعض ...

نهلة أوقعت بي ...

إنها خبيثة !

كنظراتها التي ترشقني بها الآن ...

أتت نحوي ... و رفعت يدها و أمسكت بعباءتي و سحبتها ...

" رغد يا ابنة خالتي العزيزة ... لن تخرجي من هنا حتى أعرف ما حكايتك مع وليد ! "







بعد عشر دقائق كنت أجلس في السيارة إلى جانب سامر ...

" هل تحبين أن نتجول قليلا قبل العودة ؟؟ "

" كما تشاء "

قضينا قرابة الساعة نجول في شوارع المدينة ... و نتبادل الأحاديث ...

سامر ... و الذي لم يجد الفرصة السانحة قبل الآن لفتح الموضوع ، سرعان ما تطرق إليه ...

" الوقت يمضي يا رغد ... لقد بدأت أضيق ذرعا بالوحدة هناك ... لا أريد أن أخسر وظيفة ممتازة كهذه ، لكنني لا أريد أن أبقى بعيدا أطول من ذلك ... "


حرت و لم أجد تعقيبا ملائما ... و ربما صمتي أحبط سامر ... ففقد حماسه للمتابعة بعد بضع جمل ...



حينما وصلنا إلى المنزل ، وجدنا والدي ّ و وليد يجلسون في الفناء الخارجي ، حول الطاولة الصغيرة القريبة من الشجرة الطويلة ، بجانب الباب الداخلي ...


كان الجو جميلا ... و العصافير تغرد بحماس على أغصان الشجرة ... و الدخان يتصاعد من أقداح الشاي الموزعة على الطاولة ...


سامر كان يمسك بيدي ، ثم أطلقها و سار نحوهم بسرعة ...

" شاي أم وليد ! أين نصيبي ؟؟ "

و انضم إليهم ...

ألقيت نظرة على وليد فرأيته ينظر نحوي و لكن سرعان ما بدد نظراته نحو الفراغ ... لم يكن يريد النظر إلي ...

علي أن أنصرف قبل أن ينهض مغادرا ظانا بأنني سأنضم إليهم ...


توجهت نحو الباب و دخلت إلى الداخل ...


كنت بالفعل أتمنى أن أشاركهم ! و لكن لو فعلت ... فبالتأكيد سيغادر وليد ...



ما أن دخلت حتى وصلتني رائحة الكعك الشهية ! و سرت إلى المطبخ !


" دانه ! رائحة كعكتك زكية جدا ! دعيني أتذوقها ! "


" عدت ِ أخيرا ! لا يا عزيزتي ! هذه لنوّار و نوّار فقط ! "


" و هل سيأكل الكعكة كاملة ! مسكين ! كيف سيلعب إذا انفجرت معدته ؟ "


نظرت إلي ّ بانزعاج و صرخت :


" رغد ... انصرفي فورا ! "


ضحكت و خرجت ، متوجهة إلى غرفتي حيث وضعت حقيبتي و عباءتي ، و وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي ...


لم يكن الإفلات من محاصرة نهلة سهلا ... أي حكاية لي مع وليد ؟؟؟ ما أكثر الحكايات !


أريد أن أنضم إليهم !


على الأقل ... سأراقبهم من النافذة !


و بسرعة خرجت من غرفتي قاصدة الذهاب إلى النافذة المشرفة على الفناء الأمامي ... حيث هم يجلسون ...



من تتوقعون صادفت في طريقي ؟؟

نعم وليد !


دخل للتو ... و حينما رآني توقف برهة ... ثم سار مغيرا طريقه ...


ربما كان يود القدوم من ناحيتي ألا أنه غير مساره و انعطف ناحية المطبخ ...


أ لهذا الحد لا يريد أن يراني أو حتى يمر من ممر أقف أنا فيه ؟؟


" وليد "


ناديته بألم ... إذ أن تصرفه هذا جرحني ...


لم يلتف إلي ، و رد ببرود :


" نعم ؟ "


تحشرج صوتي في حنجرتي ... و بصعوبة نطقت ، فجاء صوتي خفيفا ضعيفا لم أتوقع أنه سمعه ... لكنه سمعه !


" أريد أن أتحدث إليك "

" خيرا ؟ "


كل هذا و هو مدير ظهره إلي ... أمر ضايقني كثيرا ...

" وليد ... أنا أحدثك ! أنظر نحوي ! "

استدار وليد بتردد ، و نظر إلى عيني نظرة سريعة ثم طارت أنظاره بعيدا عني ...

كم آلمني ذلك ...

قلت :

" لماذا لا تود التحدث معي ؟؟ "

بدا مضطربا ثم قال :

" تفضلي ... قولي ما عندك "

و تنهد بضيق ...

قلت بمرارة :

" إذا كنت لا تود الاستماع إلي ... و لم يعد يهمك أمري ... فلا داعي لقول شيء "

وليد التزم الصمت ...

ثم و بعد أن طال الصمت بنا ، استدار راغبا في الانصراف ...


أنا جن جنوني من إهماله لي بهذا الشكل ... و أسرعت نحوه و قبضت على يده و قلت بحدة و مرارة :


" انتظر ... "


وليد سحب يده و استدار نحوي بغضب ... و رأيت النار تشتعل في عينيه ... كان مرعبا جدا ...


الدموع تغلبت علي الجفون ... و تحررت من قيودها و شقت طريقها بإصرار و شموخ على الخدين ...

وليد توتّر ... و تلفت يمنة و يسرة ... ثم قال :

" لماذا تبكين الآن ؟؟ "


قلت بعدما أغمضت عيني أعصر دموعها ... ثم فتحتهما :

" لماذا لم تعد تهتم بي ؟ لماذا تتحاشاني ؟ لماذا تعاملني بهذه الطريقة القاسية و كأنني لا أعني لك شيئا ؟؟ "


الرعب ... و الذعر و الهلع ... أمور أثارتها نظراته الحادة المخيفة التي رماني بها بقسوة ... قبل أن يضربني بكلماته التالية :


" يا ابنة عمي ... لقد كبرت ِ و لم تعودي الطفلة المدللة التي كنتُ أرعاها ... أنت الآن امرأة بالغة ... و على وشك الزواج ... لدي حدود معك لا يجوز تخطيها ... و لديك سامر ... ليهتم بأمرك من الآن فصاعدا "



و تركني ... و سار مبتعدا إلى الناحية التي كان يريد سلكها قبل ظهوري أمامه ...



اختفى وليد ... و اختفت معه آمال واهية كانت تراودني ... وليد الذي تركني قبل تسع سنين ، لم يعد حتى الآن ..



مسحت بقايا دموعي و آثارها ... و خرجت إلى حيث كان والدي ّ و سامر يجلسون حول الطاولة ...


أقبلت نحوهم فوقف سامر مبتسما يزيح الكرسي المجاور له إلى الوراء ليفسح المجال لي للجلوس ...


سامر ... كان دائما يعاملني بلطف و اهتمام بالغ ، و يسعى لإرضائي و إسعادي بشتى الوسائل ...



اقتربت من سامر و نقلت بصري منه ، و إلى والديّ ، ثم إلى أكواب الشاي و الدخان الصاعد من بعضها ... ثم إلى الخاتم المطوق لإصبعي منذ سنين ... ثم إلى عيني سامر اللتين تراقباني بمحبة و اهتمام ... ثم قلت :


" سامر ... لقد اقتنعت ... سنحتفل مع دانه "


~~~~~~~~~~~~~~
 
قديم 03-01-2005, 04:15 AM   #3
fattoush
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Dec 2004
رقم العضوية: 3726
المشاركات: 6
عدد المواضيع: 0
عدد الردود: 6


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
fattoush is on a distinguished road

fattoush غير متصل
افتراضي

Alf Shokor
 
قديم 03-01-2005, 12:41 PM   #4
اسيرة الصمت
عضو VIP
 
الصورة الرمزية اسيرة الصمت
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jun 2004
رقم العضوية: 25
الدولة: فلسطيــــــــــن
المشاركات: 20,328
عدد المواضيع: 1328
عدد الردود: 19000


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
اسيرة الصمت is on a distinguished road

اسيرة الصمت غير متصل
افتراضي

:)
يعطيك الف الف عافية

مشكووووووووووووووووووور كن كن
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 04-01-2005, 11:54 AM   #5
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الواحدة و العشرون

عندما اقتربت من المنزل اتصلت بهاتفه فأجابني والدي ، و أخبرته أنني قد وصلت ...

والدي خرج لاستقبالي عند باب السور الخارجي للمنزل ، و طبعا استقبلني استقبالا شديد الحرارة !

بعدها ذهبت معه إلى غرفة المعيشة حيث وجدت أمي و أختي دانة ، و اللتين بدورهما رحبتا بي ترحيبا حميما ...

ثم ذهبت دانة لإبلاغ البقية عن وصولي

و البقية تعني : سامر + رغد ...

قالت :

" إنهما يختبئان في غرفة الضيوف ! سأفاجئهما ! "

كانت مازحة ، أو ربما جادة ، في كلا الحالتين هذا يشعرني بالانزعاج ... من أول لحظة !

جلست مع والدي ّ و سكبت لي أمي عصير البرتقال الطازج في أحد الكؤوس و قدمته لي ...

" تفضل بني ...هذا نصيبك "

نصيبي ؟؟ هل كانوا يحسبون لي حسابا ؟؟ إني أرى أربعة كؤوس شُرب محتواها ، و هذا كأسي الخامس ...

بعد قليل أقبل أخي سامر فاتحا ذراعيه ...

قمت و عانقته ، و منها شعرت بأول آلام المعدة !

قال :

" ما شاء الله ! ماذا كنت تأكل يا رجل ! إنك تنتفخ مرة بعد مرة ! "

الجميع ضحك ، و تمتمت والدتي بعبارات التهليل و التكبير و الصلوات !

قلت :

" هل أبدو سمينا لهذا الحد ؟؟ "

قال سامر :

" سمين ؟ لا ! بل عظيم البنية و مفتول العضلات ! يا رجل هل كنت تمارس رياضة حمل الأثقال أم ماذا ؟؟ "

قلت :

" كنت آكل بقرة مشوية كاملة كل يوم ! "

و هنا أقبلت دانة فدخلت و أغلقت الباب من بعدها و قالت مداعبة و موجهة حديثها إلى أبي :

" سيسبب لنا الإفلاس ! هات مصروفا آخر ! "

أبي قال و هو يضحك :

" أفلست ُ بسببك يا ابنتي ! أما كفاك كل ما أخذت ؟؟ "

قالت و هي تضحك :

" من قال لك أن تزوّج ثلاثة أبناء دفعة واحدة ! ؟ "

قال سامر :

" ما ذا لو انضم الكبير إلينا ! ؟ "

يقصدني بذلك !

أمي ابتسمت و نظرت إلي و قالت :

" دعوا الكبير لي ! لن أسلمه لامرأة ما و أنا لم أتهنى بعد به ! "

و ضحكنا جميعا ...

ربما هم يضحكون من قلوبهم لكنني أضحك مجاراة لهم ...

و أدور بعيني فيما بينهم ... و أشعر بشيء ناقص ...

طبعا تعرفون ما أعني !


الصغيرة المدللة لم تأت ِ لتحيتي و لا للعشاء معنا ، و الساعات تمر و هي في غرفتها و حين كررت سؤالي عنها لوالدتي بعد العشاء قالت :

" إنها منزعجة منك ! "

قلت :

" مني أنا ؟؟ "

" نعم ! فأنت على ما يبدو كنت قد وعدتها بألا تسافر دون وداعها ثم خرجت خلسة ! "

قالت دانة :

" دعك من هذه الفتاة المتدللة يا وليد ! لها ألف مزاج في اليوم الواحد ! يا إلهي كيف سأتحمل تصرفاتها وحدي طوال هاذين الأسبوعين ! "

سامر قال :

" حذار من القسوة على عروسي يا دانة ! و إلا حبستك في المطبخ ليلة زفافك ! "


الجميع كان يضحك بمرح ، ألا أنني كنت أشعر برغبة في غرس الشوكة التي أمسك بها في صدر شقيقي ...

توقفوا عن الحديث عن الزفاف المشؤوم هذا ... أفرغت الدنيا من المواضيع ؟؟

قلت مغيرا مسار الحديث الذي كان متمركزا حول الزواج المترقب :

" متى ستعودان من رحلة الحج تحديدا ؟ "

قال أبي :

" ليلة السابع عشر من شهر الحج إن شاء الله "

إنها فترة طويلة سأضطر لتمضيتها مع رغد تحت سقف واحد !

ليت الأيام تنقضي بسرعة !


رغد لم تظهر حتى الآن ... حقيقة هي أنني أنظر ناحية الباب بين الفينة و أختها و أرتقب طلوعها ...


كم اشتقت إليها ... ! هكذا بدون أي تكلّف و ادعاء ، أنا اشتقت إليها !


مرت الساعات و لم تظهر فتملكني الضيق و الانزعاج ... و لولا الحياء و الحرج لذهبت بنفسي إليها ... أهي غاضبة مني لهذا الحد حقا ؟؟


و الشخص الذي ذهب إليها كان بطبيعة الحال شقيقي ...

و بعد أن ذهب لم يعد ...


على الأريكة الضيقة رميت بجسدي فغرقت في أعماقها ... في غرفة الضيافة .

و للعجب نمت بسرعة لم أتوقعها ! و حين نهضت وجدت جسدي غارقا في العرق !

ساعات الصباح انقضت و الصغيرة لم تظهر ، أكاد أجن ... لم لا تأت لتحيتي و لو بشكل عابر ؟؟

على مائدة الغذاء انتظرت حضورها فلما لم أجدها سألت :

" أين رغد ؟؟ ألن تشاركنا ؟؟ "


دانة بدأت بالضحك ، قم قالت :

" إنها تقلي البطاطا ، فأطباقنا اليوم لم تعجبها و ستأكل البطاطا المقلية كالعادة ! "


نظرت نحو أمي و قلت :

" أرجو ألا أكون السبب في ... "

أمي هزّت رأسها نفيا و قالت :

" لا أبدا بني ! إنها لا تحب السمك كما تعلم كما و أنها كثيرا ما تتغيب عن المائدة خصوصا في الفترة الأخيرة ! "

قالت دانة بحدّة :

" تتدلّل ! "

قال أبي :

" دعوها تفعل ما تشاء "

قال سامر :

" سأستدعيها "

وقفت أنا و قلت :

" أنا سأستدعيها "

و تحركت فورا لأسبق سامر ...

حين وصلت إلى المطبخ وجدت الباب شبه مغلق . طرقته و قلت :

" أيمكنني الدخول ؟؟ "

سمعت صوت رغد يرد علي ...

" من أنت ! ؟ "

عجبا ! من أنا ؟؟ من عساي أكون !؟ بالطبع وليد ! قلت :

" وليد ! "

قالت :

" وليد ؟ لا ! "

ثم إذا بي أرى الباب يغلق بدفعة قوية !

تراجعت ُ للخلف خطوة و بقيت محدقا في الباب ...

هل تقصد أنها لا ترتدي الحجاب ؟

قلت :

" هل أذهب ؟؟ "

قالت :

" ماذا تريد ؟ "

" فقط ... أن ألقي التحية و ... أسأل عن الأحوال "

" بخير و شكرا و اذهب "


شعرت بالحرج من ردها هذا ، فقلت معتذرا :

" سأذهب ، أنا آسف "

و استدرت منصرفا ...

فجأة سمعت الباب ينفتح من خلفي ، فالتفت إلى الوراء ...


هناك عند الفتحة ، رأيت عيني رغد تطلان علي !

ظهرت رغد واقفة أمامي ... بحجمها الصغير و وجهها الطفولي و حجابها الطويل الذي يكاد يصل إلى ركبتيها !

لدى رؤيتي لها بعد كل تلك المدة من الغياب شعرت بأن قلبي قد تخدّر و أعصابي قد تبلّدت ... و عضلاتي استرخت لبرهة كادت تفقدني توازني .

قلت بصوت خفيف و بابتسامة تفجرت على وجهي رغما عني :

" كيف حالك صغيرتي ؟؟ "

صغيرتي كانت تنظر إلي بنظرات ملؤها الغضب و الانزعاج ... كأنني أقرأ في وجهها كلمات اللوم و التأنيب و التوبيخ ... و الشتم أيضا !


قلت :

" أنا آسف ! "

رغد أشاحت بوجهها عني ، و استدارت و دخلت المطبخ ، تاركة الباب مفتوحا .


توجهت رغد نحو الموقد ، تحرك أصابع البطاطا في المقلاة ...

تجرأت و خطوت خطوة للداخل ، و خطوة أخرى فأخرى حتى صرت على مقربة من الوعاء الذي أعدته لوضع البطاطا المقلية فيه ...

هاهي الآن تضع أول دفعة من البطاطا فيه ... دون أن تلتفت إلي ...


قلت :

" تبدو شهية ! "

لم تعلّق !

قلت :

" أتسمحين لي بتذوقها ؟؟ "

قالت :

" تفضل "

طبعا دون أن تلتفت إلي ...

و لأنني كنت مخدّر الإحساس فأنا لم أشعر بحرارة البطاطا المقلية لا بين أصابعي و لا في فمي !

بل حتى طعمها لم أشعر به ، ألا أنني قلت :

" لذيذة ! "

قالت :

" خذها إن شئت "

" شكرا ، سأتناول الغذاء الآن "

بقيت صامتة و هي تخرج دفعات البطاطا واحدة بعد الأخرى حتى انتهت ...

ثم رفعت الطبق و وضعته على المائدة و سحبت الكرسي استعدادا للجلوس ...

قلت :

" ألن تأتي معنا ؟؟ "

قالت :

" لن آكل من أطباقكم "

قلت :

" تعالي بطبقك "

" لا داعي "

و جلست على الكرسي ، و انتظرت مغادرتي !

و عوضا عن الانصراف اقتربت ُ من الطاولة قليلا و قلت :

" صغيرتي ... هل أنتِ غاضبة مني ؟؟ "

لم تجب ...

قلت :

" أنا آسف ... سامحيني "

رغد الآن رفعت بصرها إلى و قالت بحنق :

" أطلب السماح ممن استهنت بعظمته لخداعي ... يا كذّاب "


كأنها خنجر مسموم طعنت كلماتها صدري بعنف ...

لم يكن أمامي إلا الانسحاب مخذولا ...

عدت وحيدا إلى من كانوا ينتظرون عودتي برغد ... و حين رأيت أعينهم جميعا تحدق بي بتساؤل ، قلت :

" لا تود الحضور ... "

و جلست على مقعدي و بدأنا تناول وجبتنا ...

لم يكن مضغ الطعام و بلعه من السهولة بمكان ... لقد اشتد على الألم، لا أدري أ بسبب الطعام الغير مهضوم ، أم بسبب الخناجر التي طعنت أحشائي ؟؟

ربما لاحظت والدتي شيئا فقد كانت تعلق :

" كل يا وليد ! ما بك لا تأكل ؟؟ "

من حين لآخر ...

هل يطيب لي الطعام و صغيرتي متخذة مني هذا الموقف ؟؟

في وقت لاحق ، اجتمعنا كلنا في غرفة المعيشة ، عدا رغد ...

والدي طلب من دانة استدعائها فهو يود قضاء الوقت معنا جميعا قبل السفر ... ذهبت دانة ثم عادت تقول :

" لا تريد الحضور ! و عندما قلت لها أنها تتصرف كالأطفال صرخت في وجهي ثم بدأت بالبكاء ! أوه خذاها معكما و خلصاني من سخافتها يا والدي ! "

جميعنا تبادلنا النظرات ...

والدي قال :

" دانة ... تحاشي الاصطدام بها يا بنيتي ، دعيها تفعل ما تشاء "

دانة قالت :

" كالعادة يا أبي ستقول لي ذلك ، حسنا، أنا لا شأن لي بهذه الطفلة الكبيرة ... أترك الأمر لوليد بالكامل حتى لا يتهمني أحد بأنني متعجرفة معها "

همّ سامر بالنهوض ألا أن أمي استوقفته و قامت هي ، و ذهبت إلى رغد ...

قال أبي موجها كلامه لي :

" اعتني بشقيقتيك جيدا يا بني ، دانة لن تتعبك في شيء ، فهي معتمدة على نفسها في تصريف أمورها ، لكن رغد ... معتمدة علينا كثيرا ... و طلباتها لا تنتهي ! "

قالت دانة معقبة :

" هذا لأنك تدللها كثيرا يا أبي ! كما الأطفال تماما ! "

والدي قال :

" دانة إياك و تعمّد مضايقتها ... رجاءً "

سامر قال :

" إياك ! "

دانة نقلت بصرها بين الاثنين ثم قالت :

" لا تخشيا على مدللتكما الصغيرة ! "

و التفتت نحو و قالت :

" ألقي عليك المسؤولية كاملة ! "

أنا وجدت الثلاثة يحملقون بي بمختلف التعبيرات المتقلبة على أوجههم ...

قلت بتردد :

" لا تقلقوا ... سيسير كل شيء على ما يرام ... "

بينما أنا في الداخل شديد القلق

~~~~~~~~~~
 
قديم 04-01-2005, 11:56 AM   #6
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــابع

أنا مستاءة بشكل لا يمكنكم تصوّره !

سأتزوج بعد ثلاثة أسابيع من سامر ، فيما يقف وليد إلى جانبي ليعتني بي أثناء ابتعاد أمي عني ...

ثلاثة أمور جعلتني في غاية التوتر خصوصا هذا اليوم ، و آخر شيء كنت لأتقبله هو كلمات السخرية من دانة التي ترددها منتقدة إياي ...

لم أحتمل كل ذلك و بدأت بالبكاء بشكل غريب !

هم يجلسون الآن معا يودعون بعضهم البعض و أنا قابعة هنا أبلل المناديل بالدموع المالحة المتدفقة بغزارة ...

أريد أن أبقى مع والديّ قبل رحيلهما !

ليت وليد يختفي !

ليتني أنا من يختفي !

ليتكم أنتم أيضا تختفون !

سمعت صوت والدتي تناديني ، من خلف الباب المغلق ...

" نعم أمي "

والدتي فتحت الباب و دخلت قبل أن تدع لي الفرصة لمسح دموعي ، و التي و إن مسحتها لا أسهل عليها من أن ترى آثارها مطبوعة على وجهي ...

أمي نظرت إلى بقلق و حيرة و قالت :


" و بعد ؟؟ ما نهاية حكايتك هذه ؟؟ ما بك يا رغد أخبريني ؟؟ "

" لا شيء أمي "

" إذن ... لم تحبسين نفسك في غرفتك و تسبحين في بركة الدموع هذه ؟؟ "

قلت بانفعال :

" لا شيء أمي لا شيء ... لا شيء ... لا شيء ... "

و انخرطت في البكاء باستسلام ...

لم أقاوم أو أواري أي دمعة تحدتني بالظهور ... بكيت بحرقة ... لم أعهدها من قبل ... لم أكن أشعر بمثل هذه الأشياء تتحرك في صدري قبل الآن ... لكنني أشعر الآن بصرخة كبيرة تود الانطلاق رغما عني ... إنني منهارة و أريد من يواسيني ...
من يسندني ... من يساعدني ... من ينقذني مما أنا مقبلة عليه ...

من ؟
من ؟؟


أمي أقبلت نحوي ، و مسحت بيدها الحنونة على رأسي و ربتت على كتفي بلطف

قالت :

" بنيتي ... أخبريني ما بك ... إنني قلقة عليك و لا أريد السفر قبل أن أطمئن ... ما بك ؟؟ مم أنت مستاءة ؟ "


أنظر إلى أمي ، فأرى في عينيها عالما كبيرا محيرا ... أرى فيها أكواما من القلق و الخوف ... و الخشية و الاضطراب ...

ليتك يا أمي تدخلين إلى أعماقي و ترين بنفسك ...

أترين يا أمي ؟؟

إنني لا أريد أن تسافري و تتركيني ...

أيقلقك ذلك ؟؟

إنني لا أريد الزواج من سامر ...

أيفجعك ذلك ؟؟

إنني أريد أن استعيد وليد ...

أيذهلك ذلك ؟؟

إنني أريد أن تعود أمي للحياة ...

أيقتلك ذلك ؟؟

إنني أموت ببطء يا والدتي ...

أيرضيك ذلك ؟؟

أموت و أنا لم أحي َ بعد ...

لم أولد بعد !

أترين كل ذلك يا أمي ؟؟


" لا شيء أمي ... لا شيء ... "

برقت دموع في عيني والدتي لتأثرها بحالتي هذه ، و الدموع في عين أمي هي شيء لا أحتمله مطلقا... مطلقا

مسحت دموعي بسرعة و قلت :

" أمي ... لا شيء صدقيني ، أنا فقط متأثرة لسفركما ، فهي أول مرة في حياتي تبتعدان فيها عني ... لا أتصور حياتي بدونكما "

والدتي ضمتني إلى صدرها و قالت :

" ستعيشين حياتك بسعادة و راحة مرضية ... لا تقلقي ... فابني سيعتني بك جيدا كما نفعل نحن ... الله قسم هكذا "


رفعت رأسي و نظرت إليها بشيء من الحيرة ... فكلماتها بدت غامضة ، فقالت هي:

" و الآن عزيزتي ... ألن تأتي لمجالسة والدك ؟ إن هي إلا فترة قصيرة ثم نسافر ! "

أجبت بإذعان :

" بلى "

و استدركت :

" وليد معكم ؟؟ "

قالت :

" بالتأكيد ... "

طبعا هو معهم ! أين يمكن أن يكون ؟؟

أخذت حجابي و سرت نحو المرآة لارتدائه ، و هالني منظر عيني الحمراوين و جفوني المتورمة !

تركت الحجاب جانبا و مضيت لأغسل وجهي ...

عندما خرجت من دورة المياه وجدت أمي تنتظرني ...


قالت :

" هيا عزيزتي ... "

ارتديت حجابي على عجل و أقبلت نحوها ...

قالت :

" سيسير كل شيء على ما يرام ، و إن احتجت شيئا لا تترددي في طلبه من دانة أو وليد أو سامر ... سنبقى على اتصال دائم "


بعدها ذهبنا إلى غرفة المعيشة ...

كانوا جميعهم مندمجين في الأحاديث المختلفة ، و ما أن رأونا حتى قال سامر :

" تعالي رغد ! كنا نوصي الكبير و العروس بك خيرا ! "

والدي قال موجها حديثه إلي و هو يبتسم بابتهاج :

" أهلا بالعزيزة المدللة ! تعالي و اجلسي قرب أبيك ليرتوي منك قبل السفر "


سرت ُ كالآلة نحو المقعد الذي يجلس عليه أبي و جلست إلى جواره ، ففتح ذراعه و أحاطني بها ...
قال :

" ما بك صغيرتي ؟ على الوجبات لست معنا ، و في الجلسات لا تشركينا ! ألن تشتاقي لشيبتي هذه ؟؟ "

سامر ضحك ، و دانة نظرت إلى السقف باستنكار ... و أمي ابتسمت ، أما الكائن الأخير فلم ألتفت نحوه لأعرف ما فعل !


قلت :

" بلى ... كثيرا جدا ! خذاني معكما ! "

قال سامر مداعبا :

" و أنا أيضا ! "

قالت دانة :

" ماذا عنّي ؟؟ "

قلت :

" نتركك مع المغرور ! "

ضحك من ضحك ، أما صوت وليد ـ و الذي كان خفيفا و مع هذا تمكنت مجسات أذني من التقاطه ـ فجاء في الكلمتين التاليتين :

" تقصدينني أنا ؟؟ "

و أجبرني سؤاله على الالتفات إليه ...

لقد كان ينظر إلي بغرابة ...

لم أرد عليه ، بل التفت إلى أبي

و دانة تولت الإيضاح بنفسها إذ قالت :

" بل تقصد خطيبي ... فهي لا تطيقه و تنعته بالمغرور دوما "

الآن أنا التفت إلى دانة و قلت بصوت حاد :

" على الأقل ... خير من الكذابين "

بعض الصمت خيم علينا لبعض الوقت ...

و بعض الندم شعرت ُ به لبعض الوقت !

قال أبي :

" و من الكذابون بعد يا ترى ؟؟ "

قلت :

" بعض معارفي يا أبي ! لا يطاقون ! ... "

و الآن تكلم وليد و قال :

" المغرورون ، و الكذابون ، و الخونة كذلك ... كلهم لا يطاقون ! "

التفت إلى وليد و قلت :

" من تقصد ؟؟ "

قال :

" بعض معارفي يا ابنة عمي ... لا يطاقون ! "

بدا كل هذا سخف ! أليس كذلك ؟؟

قال سامر :

" دعونا من هذا ... و لنعد إلى موضوعنا .. لدينا عروسان ، بالتالي موكبا زفاف ... أبي و وليد ، من سيقود موكب من ؟؟ دعونا نحدد الآن "


قلت أنا بسرعة :

" أنا أريد أبي "

التفت سامر نحو دانة و قال :

" إذن أنت مع وليد "

دانة نظرت إلى وليد و قالت :

" إذن يجب أن تستأجر سيارة فخمة من أجلي ! أفخم من سيارة سامر ! "

والدتي ضحكت و قالت :

" يا لتفكيركن العجيب يا فتيات هذا الزمن ! "

قالت دانة :

" لن أقبل بسيارة قديمة كهذه ! "

و وجهت كلامها إلى وليد قائلة :

" لم لا تستبدل سيارتك يا وليد ؟؟ لقد عثى عليها الدهر ! "

قال وليد :

" سأفعل ... عندما تتحسن الأحوال ! "

الأحوال بالتأكيد يقصد بها الأحوال المادية !

و لكن هل ابن عمي هذا ضئيل المال ؟؟ ألم يذهب للدراسة في الخارج ؟ لا بد أن لديه شهادة عظيمة تمكنه من احتلال وظيفة مرموقة ... ذات دخل محترم !
مثل سامر !


لا أدري ما كان يقصد بتحسن الأحوال هذه !


وليد قال :

" أ لديك دراسة هذه الفترة ؟ "

طبعا كان يقصدني ! لكنني تظاهرت بأنني لم أنتبه !

لذا قال والدي :

" نعم لمدة خمسة أيام قبل إجازة العيد ... ، ستأخذها للجامعة خلال هذه الأيام "

قال وليد :

" حسنا ، أهناك أي تغيير في مواعيدك ؟؟ "

الكل ينظر إلي بانتظار جوابي !

قلت بنفور :

" لا ، و لكنني أفكر في عدم الذهاب هذه الأيام "

قال وليد :

" لم ؟؟ "

قلت باستياء :

" ليس من شأنك "

بعض الصمت سكن الغرفة تلاه صوت أبي :

" لم لا تودين الذهاب رغد ؟؟ "

قلت :

" لا أريد ترك دانة وحيدة معظم النهار "

دانة نظرت إلي بتشكك و قالت :

" لا تكترثي بشأني ! سأقضي الوقت في إعداد الطعام و العناية بالمنزل ! "

ثم أضافت بجرأة :

" و التنزه مع نوّار ! "

قالت أمي :

" على ذكر الطعام ... ماذا عن كعكتك يا دانة ؟؟ "

قامت دانة و قالت :

" آه نعم ... سأحضرها لكم الآن ... "

و ذهبت إلى المطبخ ، فقمت أنا و لحقت بها ...

~~~~~~~~~~
 
قديم 04-01-2005, 11:58 AM   #7
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــــابع

عادت دانة و رغد بعد قليل تحملان الكعكة و كؤوس العصير ... و قامتا بتوزيعها علينا جميعا ...

الذي آلمني هو أنها ـ أي صغيرتي رغد ـ كانت تعاملني بنفور شديد ... حتى أنها حين جاء دوري لأخذ كأس عصيري لم تدع لي المجال لأخذه ، بل أمسكت هي به و وضعته على المنضدة الماثلة أمامي بسرعة كادت تدلق محتوياته فوقها !

كانت الكعكة لذيذة جدا ... قلت :

" ما ألذها ! سلمت يداك يا دانة ! أنت ماهرة "

قالت دانة بزهو :

" شكرا يا أخي ، سترى ! سأذيقك أصنافا لذيذة من الحلويات فأنا ماهرة في إعدادها ! "

قلت :

" عظيم ! فأنا أحب الحلويات ! "

و التفت نحو رغد و قلت :

" و أنت ؟؟ "

رغد رفعت بصرها عن قطعة الكعك التي بين يديها ببطء ، و نظرت إلي بنفاذ صبر و قالت :

" أنا لا أحب الحلويات "

قلت :

" أقصد ماذا ستذيقيننا من صنع يدك ؟؟"

لم يبد على رغد أنها تريد تباديل الأحاديث معي ... قالت بضجر :

" لا شيء ... "

قالت دانة :

" إنها كسولة ! لا تحب الطهو و لا تجيده ! لا أعرف كيف ستتولى مسؤولية بيتها المستقبلي ! مسكين سامر ! "

ضحك سامر و قال :

" سأعود لأمي كلما قرصني الجوع ! "

و أخذ الجميع يضحكون عدانا أنا و هي ...

قالت دانة و هي تضحك :

" أو صبّر معدتك بالبطاطا المقلية المقرمشة ! "

و استمروا في الضحك بمرح ...

رغد وقفت الآن بغضب و قالت :

" أنتم تسخرون مني "


الجميع توقف عن الضحك ، و نظروا إليها باهتمام ... كانت منفعلة ...

قال سامر :

" لا عزيزتي نحن نمزح فقط ! "

قالت :

" بل تسخرون مني "

و توجم وجهها بما يوحي بدموع على وشك الانهمار ...


وقفت أنا و قلت :

" معذرة ... صغيرتي "


التفتت رغد نحوي بعصبية و قالت بحدة :

" أنت أسكت ... آخر من يُسمح له بالكلام "

صعقت بهذا الرد الجارح و علاني الصمت العميق ...

الجو صار مشحونا بتيارات متعارضة متضاربة ، و النظرات أخذت تصطدم ببعضها محدثا فرقعة !

و الآن ؟؟

خرجت رغد مسرعة من الغرفة في غضب و استياء ...

بقينا بعد خروجها بعض الوقت صامتين منصتين لفرقعة نظراتنا الحائرة !

وقف سامر هاما باللحاق بها ، ألا أن أمي طلبت منه أن يلتزم مكانه ...

" دعوها فهي اليوم في مزاج شديد التعكر "

قالت هذا أمي ، فعقبت دانة :

" اليوم فقط ؟؟ بل كل يوم ! لا أدري ما ذا جرى لهذه الفتاة مؤخرا ! "


كنت أنا لا أزال واقفا أنظر ناحية الباب ...

قالت أمي :

" اجلس بني ! "

فجلست على طرف المعقد مشدود العضلات ... على أهبة النهوض !

تنهد أبي و قال أبي :

" أمرها يقلقني "

قالت أمي :

" و أنا كذلك ، لست ُ مطمئنة للسفر و تركها ! "

قالت دانة :

" خذاها معكما ! أنا لا أطيق تصرفاتها هذه ! "

أبي التفت إلي و قال :

" احرص في التعامل معها ... كن حليما ... "

قالت دانة :

" إنها لا تزال غاضبة منك ! كان الله في عونك على مراسها هذا ! "

بعد قليل آن أوان مغادرة والدي و سامر ، الذي سينقلهما إلى المطار ثم يذهب إلى شقته في المدينة الأخرى ...


أخذت أحمل الحقائب و أنقلها إلى سيارة أخي ، و عندما انتهيت من وضع الحقيبة الأخيرة و دخلت المنزل وجدت والدتي تقف عند الباب الداخلي ...

قالت :

" أعطاك الله العافية يا بني "

" عافاك الله أماه "

هممت بالدخول ألا أن أمي أمسكت بذراعي و استوقفتني ...

" وليد "

نظرت إليها بحيرة ... قلت :

" نعم أمي ؟؟ "

أمي تحدثت بصوت منخفض ، و بنبرة جدية ... و تعبيرات قلقة ، قالت :

" انتبه لرغد جيدا يا بني "

تعجبت ! قلت :

" بالطبع أمي ! "

أمي بدا المزيد من القلق جليا على وجهها و قالت :

" كنا سنؤجل حجنا للعام التالي لكن ... كتبه الله لنا هذا العام ... هكذا قضت الظروف يا بني "

و هذا زادني حيرة !

قالت :

" لو أن الظروف سارت على غير ذلك ... لكانت الأوضاع مختلفة الآن ... لكنه قضاء الله يا ولدي ... سأدعوه في بيته العظيم بأن يعوّضك خيرا مما فاتك ...
فلنحمده على ما قسم و أعطى "


قلت :

" الـ ... حمد لله على كل شيء ... أمي أنت ِ تلمحين لشيء معين ؟؟ "

قالت :

" لم تتغير هي عمّا تركتها عليه قبل سنين ... كما لم تتغير أنت ... "

ثم أضافت :

" ألا أن الظروف هي التي تغيرت ... و أصبح لكل منكما طريقه ... "


توهج وجهي منفعلا مع كلمات أمي و الحقيقة الصارخة أمامي ...


لم أستطع البنس ببنت شفة أمام نظرات أمي التي كشفت بواطن نفسي ...


قالت :


" اعتن بها كما يعتني أي شقيق بشقيقته ... كما تعتني بدانة ، و ادع معي الله أن يسعدهم هم الثلاثة ، و أنت معهم "


في هذه اللحظة فتح الباب و ظهر بقية أفراد عائلتي بما فيهم رغد ، و خرجوا واحدا تلو الآخر ... و اجتمعنا قرب بعضنا البعض في وداع مؤلم جدا ...


بالنسبة لي ، فقد اعتدت فراق أحبتي و جمدت عيناي عن أي دموع

أما البقية فقد كانت الدموع تغرق مشاعرهم ...

كلمات أمي ...

و كلمات أبي كذلك

و توصيتهما الشديدة على الفتاتين

و خصوصا رغد ، جعلتني أشعر بالخوف ...

فهل أنا أهل لتحمل مسؤولية هذا البيت و من به في حين غياب والدي ّ ؟؟

و هل هي مسؤولية خطرة تقتضي منهما كل هذه التوصيات و التنبيهات ؟؟

خرج الثلاثة ، فعدنا نحن الثلاثة إلى الداخل ... و قضيت وقتا لا بأس أراقب دموع الفتاتين ...


كنا نجلس في غرفة المعيشة ... و الحزن يخيم على الأجواء فشعرت بالضيق

قمت بتشغيل التلفاز فرأيت مشهدا مريعا لآثار قصف تعرضت له إحدى المدن هذا اليوم ... فزاد ذلك ضيقي ...

كم كنت مرتاحا هانئا في مزرعة نديم !

ليتني أعود إلى هناك !

قلت ـ في محاولة لتغيير الأجواء و طرد الكآبة ـ

" ما رأيكما بالذهاب في نزهة بالسيارة ؟؟ "


دانة تفهمت و قدّرت الأمر ، فقالت :

" نعم يا ليت ! هيا بنا "

نظرت إلى رغد أنتظر جوابها ، لكنها ظلت صامتة ...

قلت :

" ما رأيك ؟ "

قالت بصوت حاد و نبرة جافة مزعجة :

" لا أريد الذهاب لأي مكان "

دانة قالت :

" إذن سنذهب و أنت ابقي هنا "

رغد بسرعة التفتت إلى دانة و قالت :

" تتركاني وحدي ؟؟ "

قالت دانة :

" ما نصنع معك ؟؟ أنا بحاجة لبعض الهواء المنعش ... أما أن تأتي معنا أو ابقي مخنوقة وحدك "

وقفت رغد منفعلة و قالت :

" كان علي ّ أن أذهب معهما ... كم كنت غبية ... ليتني ألحق بهما الآن "

وقفت أنا و حاولت تهدئة الوضع فقلت :

" لا بأس ... سنؤجل نزهتنا لوقت لاحق ... لا تنزعجي هكذا صغيرتي "

رغد التفتت نحوي بعصبية و قالت صارخة :

" لا شأن لك أنت بي ... مفهوم ؟؟ لا تظن أنك أصبحت مسؤولا عني ... لا تزعج نفسك في تمثيل دور المعتني فهذا لم يعد يناسبك ... يا كذّاب "



اللهم استعنا بك على الشقاء !



ذهبت الصغيرة الغاضبة إلى غرفتها ... و بقيت مع دانة التي بدت مستاءة جدا من تصرف رغد ... اقترحت عليها بعد ذلك الجلوس في الفناء الخارجي فرحبت بالفكرة

خرجنا معا و جلسنا على المقاعد القريبة من الشجرة ... و بدأنا نتحدث عن أمور شتى ...

أخبرت دانة عن مزرعة صديق لي قمت بزيارتها مؤخرا و أعجبتني ... و عن متفرقات من حياتي ... ألا أنني لم أشر إلى السجن ، و لا ما يتعلق به ...

شقيقتي بدت متلهفة لمعرفة كل شيء عني ! و كأنها اكتشفت فجأة أن لديها شقيق يستحق الاهتمام و الفخر !
اعتقد أنها كانت تنظر إلي بإعجاب و فخر بالفعل !

بعد مدة حضرت رغد ...

كانت عيناها حمراوين ...

قالت :

" دانة ، مكالمة لك "

أجابت دانة :

" من ؟؟ "

قالت رغد :

" من غيره ؟ خطيبك المبجل "

دانة نهضت بسرور و استأذنت للدخول ...


و لحقت بها رغد بعد ثوان ، و بقيت وحيدا إلى أن سمعت ُ الآذان يرفع ...


دخلت ُ بعدها و استعددت للخروج لتأدية الصلاة في المسجد المجاور . كانت دانة في غرفتها أما رغد فأظنها في غرفة المعيشة !

خرجت إلى الفناء و فيما أنا أعبره نحو البوابة الخارجية سمعت صوت نافذة يفتح و نداء باسمي

" وليد "

التفت نحو الصوت فإذا بها رغد تطل من النافذة المشرفة على الفناء و تقول :

" إلى أين تذهب ؟؟ "

قلت :

" إلى المسجد "

قالت :

" ستتركنا وحدنا ؟؟ "

حرت في أمري !

قلت :

" هل هناك مشكلة ؟؟ سأصلي و أعود فورا ... تعالي و أوصدي البابين ... "

وافتني بعد قليل و وقفت عند البوابة و بيدها المفتاح .

قالت :

" لا تتأخر "

قلت :

" حسنا "

و عندما عدت بعد أداء الصلاة كانت هي من فتح الباب لي ...

قدّمت لي مفتاحين و قالت :

" هذا لبوابة السور و هذا للباب الداخلي ، احتفظ بهما "

" شكرا لك "

تولت رغد قاصدة دخول المنزل فناديتها

" رغد "

التفتت إلي ، و قالت بنفس ضائقة :

" نعم ؟؟ "

قلت :

" أما زلت ِ غاضبة مني ؟؟ كيف لي أن أكسب عفوك ؟؟ "

قالت :

" لا يفرق الأمر معي شيئا "

و همّت بالانصراف ، قلت :

" لكنه يفرق معي كثيرا "

توقفت و قالت :

" حقا ؟؟ "

" نعم بالتأكيد ... "

" هذا شأنك ... لا دخل لي به "

و انصرفت ...


الواضح أنني سألاقي وقتا عصيبا ... كان الله في عوني ...

بعد ساعات ، أعدت دانة مائدة العشاء و لم تشاركنا رغد فيه ... لقد مضت الليلة الأولى من ليالي تولي ّ مسؤولية هذا المنزل على هذه الحال ..


في الصباح التالي كنت أجلس مع دانة في المطبخ ، و رغد على ما يبدو لا تزال نائمة ...

قلت :

" أخبريني دانة ... كيف أقدم المساعدة ؟؟ فأنا أجهل الأمور المنزلية ! "

ضحكت دانة و قالت :

" لا تهتم ! أنا أستطيع تولي الأمور وحدي ! "

" أرغب في المساعدة فأنا بلا شاغل ! أخبريني فقط بما علي فعله ! "

و باشرت المساعدة في أعمال المنزل !

ليس الأمر سيئا كما قد يظنه البعض ، كما أنه ليس من تخصص النساء فقط !


كنت أرتب الأواني في أرففها الخاصة حين دخلت رغد إلى المطبخ ...

~~~~~~~~~~~~
 
قديم 18-01-2005, 07:03 PM   #8
اسيرة الصمت
عضو VIP
 
الصورة الرمزية اسيرة الصمت
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jun 2004
رقم العضوية: 25
الدولة: فلسطيــــــــــن
المشاركات: 20,328
عدد المواضيع: 1328
عدد الردود: 19000


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
اسيرة الصمت is on a distinguished road

اسيرة الصمت غير متصل
افتراضي

ميررررررررررررررررررررررررررسي كتيررر كن كن

يسلمووووووووو ايديك


بايوووووووووووووووووووووووووو
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 23-01-2005, 01:57 AM   #9
fattoush
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Dec 2004
رقم العضوية: 3726
المشاركات: 6
عدد المواضيع: 0
عدد الردود: 6


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
fattoush is on a distinguished road

fattoush غير متصل
افتراضي

Thankssssssssss
 
قديم 05-02-2005, 02:10 PM   #10
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الرابعة و العشرون

كلما تذكّرت الدمعة الحبيسة في عين سامر، التي كاد يطلقها لحظة عناقنا الأخير.. تفجرت عوضا عنها عشرات الدموع من محجري.

لم يكن ما فعلته شيئا يغتفر.. إنه سامر رفيق الطفولة و الصبا و المراهقة.. إنه أعز إنسان لدي.. لكنه ليس الأحب..

في صباح اليوم، عندما رأيته.. تلوّت أمعائي و أصابني مغص شديد مفاجئ للكدمات التي شوهت ما لم يكن مشوها من جسده النحيل.

حين حاولت التحدّث إليه لم يرد علي، حتى بدأت أقنع نفسي بأن اللكمات التي تلقاها فكه قد أعجزته عن النطق ، ألا أنه تحدّث مع دانة التي انفردت به مطولا في غرفتها .

بالتأكيد كان حوارهما يدور حولي و حول ما سببته من مشكلة معقدة بغبائي و تهوّري...

و كل هذا، لأنني اكتشفت أنني أحب وليد !

أحب رجلا وحشا مفترسا... لم يسبب لي منذ ظهوره في حياتي من جديد غير الألم و المعاناة...

و لو استهلكت كل كلمات الندم الموجودة على وجه الأرض، ما كفاني ذلك لأعبّر عما أشعره هذه اللحظة من الذنب...

الآن، أنا فتاة طائشة ناكرة للجميل و المعروف، حطّمت قلب الرجل الذي يحبها و يتلهف لإسعادها، من أجل رجل لم تعرف عن حقيقته شيئا أكيدا، غير أنها تحبه..وتتمناه.. و حينما يعود والداي، و يرحل وليد، كما رحل سامر، فإن كل شيء سينتهي.. و أفقد عائلتي.. و أعود يتيمة وحيدة كما قدمت إليهم قبل 15 عاما...


بين الفينة و قرينتها تجيء ابنة خالتي نهلة لتتفقدني، فتراني كما تركتني.. أهيم في أفكار بائسة لا نهائية.. في ضياع و تشتت.
كنت أحاول النوم على سريرها، إذ أنني قضيت الليلة الماضية ساهرة سهر النجوم.. وحيدة وحدة القمر.. باكية بكاء المطر.. تعيسة تعاسة السواد المخيم على السماء... تتلاعب بي الأفكار تلاعب الرياح بورقة شجر صفراء جافة.. فقدت فرعها و أصلها و جذرها و تاهت في صحراء لا نهاية لا.. و لا بداية.


" أما زلت مستيقظة ؟ "

سألتني نهلة و القلق الشديد يتملكها و يحوّل وجهها البشوش الصريح إلى مغارة من الغموض و الحيرة..

قلت:

" أنى لعيني النوم يا نهلة، و قد فعلت ُ ما فعلت ؟ .. غدا مساءا سيعود والداي.. ماذا أقول لهما ؟ يا إلهي لا أريد أن أريهما وجهي.. "

" هّوني عليك يا رغد، لستِ أول و لا آخر فتاة تحل ارتباطها من خطيبها بعد سنين من الخطوبة ! لا عليك يا ابنة خالتي.. هل تعتقدين أنهم سيطردونك من المنزل مثلا من جراء فعلتك هذه ؟؟ "

قلت:

" لا أستحق العيش تحت كنفهم بعد الآن... بل لا أجرؤ على العودة إليهم ! أوه لو رأيت الطريقة التي خاطبتني بها دانة هذا اليوم.. "


و تذكّرت كلماتها القاسية التي وجهتها إلي بعد مغادرة سامر، مكسور الخاطر...


قالت نهلة:

" و منذ متى كانت طيبة معك ! إنها دائما قاسية عليك، دعك ِ منها.. لكن عندما تعود أمك يا رغد، أخبريها بحقيقة الأمر.. أخبريها بأنك لم تحبي سامر يوما و أنك... تحبين وليد !"

قلت بأسى و اعتراض:

" مستحيل ! لا يمكن أبدا... و لا بشكل من الأشكال ! كيف يا نهلة كيف ؟؟ و ماذا سأجني من قول هذا ؟ أم تظنين أنها ستقول : لا بأس ، ننقلك من سامر إلى وليد ، بهذه البساطة ؟؟ "



و جعلت أندب حظي الذي أوقعني في مأزق كهذا..

" ليته لم يسافر و يتركني.. ليته لم يعد ! ليتني أستطيع التوقف عن التفكير به ! ليته يحس بي... ليت معجزة سماوية تجعله يرتبط بي و تجعل سامر ينساني.. ليته يختفي من حياتي و قلبي.. ليته يظهر الآن و ينتشلني من كل هذا ! "



و حشود من الأمنيات تمنيتها في عجز عن تحقيق أي منها... أو حتى تخيّل تحقيقها.. ألا أن واحدة منها تحققت فورا !

طرق الباب هاهنا و دخلت سارة و قالت:


" قريبك الكبير أتى يا رغد "


نظرت نحو سارة بقلق مفاجىء و انعقد لساني، فتحدّثت نهلة بالنيابة و قالت :
" من تعنين سارة ؟؟ "

قالت :

" وليد الطويل ! "


أنا و نهلة تبادلنا النظرات ذات المعنى، ثم قلت:

" ماذا يريد ؟؟ "

سارة قالت وهي مبتهجة:

" سأل أولا عن والدي و أخي، و كلاهما غير موجود ! ثم قال: ( هل ابنة عمي رغد هنا ؟ ) قلت ( نعم ) قال: ( هللا استدعيتها من فضلكِ يا آنسة ؟).. قال عنّي آنسة ! "

و بدت مسرورة بهذا الاكتشاف العظيم ! إنها آنسة ! ما أشد فراغ رأس هذه الفتاة !
يبدو أنها المرة الأولى التي تسمع فيها أحدا يطلق عليها هذا اللقب !

قلت:

" أين هو ؟"

قالت:

" في الخارج ! عند الباب "

نظرت إلى نهلة و قلت:

" لا أريد العودة إلى البيت.. لابد أنه جاء لاصطحابي إلى هناك. لن أذهب "

و سرعان ما كانت سارة على وشك الذهاب إليه و هي تقول:

" سأخبره بذلك "

نهلة صرخت:

" انتظري سارة ! ما بالك ما أن تلتقط أذناك كلمة حتى أسرع لسنك ببثها ؟ اذهبي و أخبري أمي عن قدومه حتى تتصرف ! "

و انصرفت سارة مذعنة للأمر ! و بكل سرور !

بعد ثوان حضرت خالتي، و قالت:

" سأذهب للتحدث إليه، لا تقلقي "




ألا أن قلقي بدأ يتضاعف هذه اللحظة...

ذهبت خالتي ثم عادت بعد دقيقتين تقول:

" يرغب في التحدث معك، تركته واقفا في الحديقة "

هممت بالنهوض، فقالت:

" ما لم ترغبي في ذلك فسأصرفه "

قلت:

" لا داعي خالتي. سأصرفه بنفسي "

و تلوت ُ بعض الآيات في صدري لتمنحني القوة على الوقوف أمامه من جديد !
في الحديقة الصغيرة الأمامية للمنزل، وجدت وليد واقفا على مقربة من الباب. سرت إليه أجر قدميّ جرا... في خوف و اضطراب.

كنت أعلم أن خالتي و ابنتيها يراقبنني من النافذة !


حينما صرت أمامه، بادر هو بإلقاء التحية ، ثم سألني :

" أ أنت بخير ؟؟ "

إنه سؤال عادي جدا يتداوله الناس عشرات المرات في اليوم لعشرات الأسباب ، ألا أنني احتجت وقتا قياسيا للتفكير في الإجابة !

هل أنا بخير ؟؟

لما رأى وليد ترددي و حيرتي قال:

" تبدين بحال أفضل.. "

نطقت لا إراديا بصوت خفيف:

" نعم "

قال:

" هل نعود إلى البيت إذن ؟؟ "

هنا تحدثت بصوت عال مندفع:

" لا ! "

فوجىء وليد بردي فقال:

" لم ؟ إنها الثامنة.. هل تودين البقاء أكثر ؟؟ "

قلت:

" نعم "

" إلى متى ؟ تأخر الوقت ، دعينا نعود فقد تركت دانة وحدها "

" لا ! "

بعد وهلة واصل وليد كلامه:

" هل تنوين المبيت هنا ؟؟ "

" نعم "

" هذه الليلة فقط ؟ "

" لا "

" كل ليلة ؟؟ "

" نعم "

" أتمزحين ؟؟ "

" لا "

" إذن فأنت جادّة ؟؟ "

" نعم "

" و هل تظنين أنني سأسمح بهذا ؟ "

" لا "

لم أكن أنظر إلى وليد بل إلى الحشيش الأخضر المغطي للأرض...في تشتت.. لكنه حين قال:

" لا أم نعم ؟؟ "

انتبهت ُ لسؤاله الأخير، و لجوابي الأخير... و رفعت عيني إليه بارتباك و قلت:

" نعم.. أعني بالطبع نعم "

قال:

" بالطبع لا "

~~~~~~~~~~
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذي حياتي NOOR ELHOODA الإرشيف الأدبــي 14 15-03-2006 05:37 AM
هذه حياتي هلوول مجلس حلا لعذب الكلام 9 03-01-2006 10:11 AM
قصة حياتي / قصيدة وردة الحب مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 12 26-10-2005 06:50 PM
أمنية حياتي dark angel مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 4 10-04-2005 03:30 AM
هذه حياتي حلاه الكون مجلس حلا لعذب الكلام 4 28-01-2005 06:30 PM


الساعة الآن 01:04 PM


العاب فلاش
بلاك بيري
العاب ماريو
لعبة ماريو
العاب تلبيس
العاب طبخ
العاب باربي
لعبة باربي
سبونج بوب
العاب دورا
العاب سيارات
العاب ذكاء
صور 2014
صور شباب
فيسات بلاك بيري
نشر البن
العاب بنات
صور حب
صور ٢٠١٤
صور٢٠١٤
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd