عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان، و إذا حدث كذب، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر"
النفاق في حقيقة الأمر هو طاعون عقلي ملعون، و هو موجود على طول التاريخ و في حلة مد و جذر.
و لكن العجيب هو أمر الناس في هذا العصر!!!
لقد كان المنافق في الماضي يحرص على التخفي لأنه أول من يعرف حقارة ما يفعل، أما اليوم فقد صار النفاق حرفة و تصلد و جه المنافق و انعدم حياؤه و توجت صفاقته لدرجة أنه أصبح لامعا بهذه الصفة.
بل إنه أصبح من المقربين و يحرص الطغاة على ترتيب أمورهما معا، فهم شركاء في البضاعة!!!
و نرى التشابه بين كلمة النفاق و الانفاق، و الأنفاق هي مساحة تحت الأرض يسودها الظلام في أغلب الأحوال و لها أكثر من مخرج يصلها الى سطح الأرض حيث النور و الوضوح.
ففي الظلام تبيت النوايا و تجهز لها الأقنعة المناسبة لتأدية الأدوار المطلوبة ضمن مخططات الافساد و الضرر.
و في العصر الحديث توفر للنفاق أكثر من غطاء ناعم أملس مثل السياسة و الدبلوماسية و المرونة و تسليك الأمور و تمرير المصالح، و بهذة الأغلفة الملساء يتم زرع و تنمية النفاق في عقول النشئ و الأبرياء.
و لا تجد شخصا يولد منافقا، فالمنافق لا يثبت على مبدأ بل يدور حيث رأى مصلحته العاجلة.
تجد الانسان طالما كان بعيدا يتكلم – ربما باقتناع – عن المثاليات، و عندما ينزل الى أرض الواقع بمغرياته و محظوراته يضيع ((نفسيا)) و يظل يتنازل عن مثالياته حتى يصبح حاله نقيضا للمثل التي كان يتحدث عنها حين كان بعيدا ((على البر)).
و يندر أن تجد صاحب العزيمة التي يظل متمسكا بالقيم و المبادئ التي ينادي بها، لأن ذلك يتوقف على درجة إيمانه بما كان يقول، أما من يغرق في التنازلات فقد كان ايمانه ناقصا بما تلقنه.
فتبدل مبادئ الشخص بتغير مواقعه دليل على عدم رسوخ إيمانه بهذه المبادئ، و جدير بالذكر ان الايمان لا يتساوى لكل المبادئ عند الشخص الواحد، فمن الممكن أن يكون راسخ الايمان بمبدأ و يكون مهزوز الإيمان بمبدأ آخر.
و إذا كانت أسباب النفاق معروفة عند الضعفاء و أصحاب الحاجات، فكيف تقبل ممن يدعون حمل أمانة الفكر و الكلمة و القلم!!! عجيب