أحرام على الشرق النووي حلال للغرب بكل جنس؟

[الدكتور البربرى]

أحرام على الشرق النووي حلال للغرب بكل جنس؟



قفز إلى ذهني بيت الشعر الشهير لأحمد شوقي الذي يقول:

"أحرام على بلابله الدَّوْحُ ***حلال للطير من كل جنس"

وأنا أتابع جملة من الأخبار عن البرامج النووية للدول الغربية، بينما نشاهد نحن كيف تحتشد هذه الدول لمنع أي دولة أخرى (غير غربية أو غير حليفة أو غير مطيعة) من اقتناء برنامج نووي مدني كان أم عسكري، في حين تمتلك تلك الدول بالفعل النوعين، ولديها ترسانات أسلحة نووية كفيلة بإفناء الحياة على الأرض عدة مرات.

عناوين الأخبار تحمل إلينا أنباء مثل توقيع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك اتفاقية في 9 يونيو 2006 لتبادل الخبرات في مجال إنتاج الطاقة النووية تتوسع بموجبها بريطانيا في قطاع الطاقة النووية الذي لا يمدها سوى بنحو 20% من إجمالي الطاقة الكهربية التي تستهلكها، ينتجها 12 مفاعلا نوويا، 2 منها في أسكتلندا.

أما لماذا فرنسا تحديدا التي عقدت معها بريطانيا الاتفاقية؟ فالإجابة لأن الأولى هي أكبر دولة منتجة ومستهلكة للطاقة النووية في العالم؛ حيث لديها أكبر عدد من المفاعلات (59 مفاعلا) تزودها بحوالي 80% من إجمالي الطاقة التي تستهلكها، ومع ذلك فهي تبرم هذه الصفقة لعدة أهداف، من ضمنها تعزيز قدراتها النووية!.

خبر آخر أذيع من منتصف يونيو الماضي يفيد أن روسيا تبني مفاعلا نوويا عائما، وهو يعد الأول من نوعه في العالم بهدف تزويد مناطقها البعيدة باحتياجاتها من الطاقة؛ حيث سيتم بناء المفاعل في موقع في القطب المتجمد الشمالي يتم فيه بناء الغواصات الروسية النووية.

تطور تكتيكي لا ردة إستراتيجية

هذه هي الأخبار الطازجة، وقد أغرتني بالرجوع للوراء بحثا عن تطورات التوجه على الأقل منذ بداية القرن الذي شهد تصاعد النفور من كل ما يمت للوقود النووي بصلة، والبحث عن بدائل لإنتاج الطاقة النظيفة، وحمى الحفاظ على البيئة، والتحرك للحد من الاحترار العام للكوكب بالاحتباس الحراري.

ولذلك قد يبدو للناظر أن لب ساسة الغرب طاش للقفزات التي حدثت في أسعار النفط في الآونة الأخيرة، ومن ثم ربما يتبادر للذهن أن هناك ردة نووية، لكن الحقيقة أن الغرب لم ولن يتخلى عن الطاقة النووية، وهي خيار إستراتيجي بالنسبة له، لكن تناوله مسألة تكتيك.

خذ مثلا ما أعلن في منتصف عام 2000 حول توصل الحكومة الألمانية وشركات إنتاج الطاقة النووية إلى اتفاق تاريخي يتم بموجبه إغلاق جميع محطات إنتاج الطاقة النووية في البلاد بشكل تدريجي؛ للحفاظ على نظافة البيئة وتقليل انبعاثات غازات الصوبة الزجاجية، وزف الخبر في ذلك الوقت المستشار الألماني جيرهارد شرودر باعتباره وفاء ببرنامجه الانتخابي وتنفيذا لبنوده؛ حيث اتفق مع مديري أربع شركات رئيسية أن المحطات الحالية ستمنح فترة زمنية تستغرق اثنين وثلاثين عاما منذ إنشائها؛ وهو ما يعني أن المحطة الأخيرة ستغلق بحلول عام 2020، الأمر الذي جعل تلك الشركات تعرب عن أسفها.

وهلل ساعتها ساسة ألمانيا؛ لأن الاتفاق يجعلها أول قوة صناعية كبرى تلزم نفسها بالتخلي عن الطاقة النووية، رغم أنها تحصل على ثلث احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية، ومن عجب أن الحجة التي سيقت لتقليص الاعتماد على هذا النوع من الطاقة هي نفسها الحجة التي تتذرع بها المعارضة في معارضة الاتفاق؛ لأنه سيدفع البلاد إلى استيراد طاقة كهربائية من دول مجاورة لا تتمسك بقواعد السلامة النووية أو إلى زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية والغازات المضرة بالبيئة، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون من معامل الطاقة غير النووية في ألمانيا.

لكن لم تمض ثلاث سنوات حتى فوجئنا في نهاية الثلث الأول من عام 2003 باحتجاجات وانتقادات لاذعة وجهها علماء بيئة ألمان لقرار أصدرته حكومتان محليتان في مقاطعتين ألمانيتين يقضي بتخفيف القواعد المفروضة على عمل المفاعلات النووية.

ويتعلق القرار تحديدًا بالقواعد التي تنظم قيام المفاعلات بضخ المياه من أنظمة تبريدها إلى الأنهار؛ حيث أعلنت مقاطعتا بافاريا وبادن فورتمبيرج الواقعتان في جنوبي ألمانيا أن بإمكان المفاعلات النووية أن تضخ مياها من أنظمة التبريد بها في الأنهار يمكن أن تفوق درجة حرارتها الدرجة المسموح بها عادة؛ وذلك بسبب موجة الحر التي ما تزال تضرب المنطقة.

وهي قرارات لا بد أن تلحق الضرر بالحياة البرية؛ لأنه كلما ازدادت سخونة المياه في الأنهار، قلت مستويات الأوكسجين التي تحتفظ بها، وهو ما يزيد من احتمال موت الأسماك.

ويزيد العجب أن تلك القرارات اتخذت حتى لا يحدث قصور في عمل أجهزة التكييف بسبب نقص الكهرباء، وكانت تجتاح أوروبا في ذلك الصيف موجات حارة لم تعتدها القارة العجوز.

أما في أمريكا، فإن ديك تشيني نائب الرئيس انبرى يتحدث عن محاسن الطاقة النووية، وراح يشجع على استخدامها، وقال قبيل منتصف عام 2001، أي قبل أحداث سبتمبر: إن إدارة الرئيس جورج بوش ترغب في تجديد قانون يقضي بإعفاء شركات بناء وتشغيل المفاعلات النووية من المسئولية غير المحدودة عن الحوادث. ركزوا في فحوى هذه الرغبة وما نصت عليه فيما يخص لفظ "بناء".

وفي بريطانيا كشفت الحكومة البريطانية في شهر فبراير عام 2003 أي في أثناء ولاية توني بلير- عن خطط للانتقال إلى أنواع من الطاقة أكثر نظافة وإلى التخلي عن وقود المستحثات والطاقة النووية، ونشرت آنذاك ما أسمته بورقة "الطاقة البيضاء" تتضمن اتخاذ إجراءات لتخفيض واسع في التلوث الذي تعزى إليه ظاهرة الاحتباس الحراري، بيد أن الورقة ذاتها تقول: "إننا لا ننفي احتمال إنشاء محطات نووية جديدة في أي وقت في المستقبل".

السيد توني بلير تراجع عام 2006 عن كل ما جاء في الورقة، وهو كثير ولا يتسع المجال لذكره، من التخلي عن محطات الطاقة النووية، والطاقة النظيفة والبيئة، وتمسك بالعبارة الأخيرة، ويقول الآن بعد الاتفاق الذي عقده مع شيراك: "لا أريد أن ينظر الناس بعد 30 أو 20 سنة إلى الوراء ويقولوا: ماذا كان يفعل هؤلاء الرفاق "يعني نفسه".

فرنسا صريحة للغاية؛ ففي أكتوبر عام 2003 أعلنت وزيرة الصناعة الفرنسية آنذاك نيكول فونتين عن دعمها لإنشاء جيل جديد من محطات الطاقة النووية في فرنسا. وقالت الوزيرة الفرنسية: "فرنسا لا تستطيع الاستغناء عن الطاقة النووية".

وقد أثارت وقتها تصريحات وزيرة الصناعة الفرنسية غضب نشطاء البيئة الذين اتهموها بمحاولة التربح من الصناعة النووية، لكنها ردت عليهم بأنها تدعم إنشاء مفاعل فرنسي ألماني جديد أكثر تطورا وأمانا، وأقل سعرا من المفاعلات الحالية.

وأشارت إلى أن فرنسا لا يمكنها انتظار إنشاء جيل رابع من المفاعلات بحلول عام 2040 كما أنها لن تعتمد على المصادر البديلة للطاقة.

مفاعل روسيا العائم

أجلت موضوع مفاعل روسيا رغم تقدم الحديث عنه؛ لأنها وريثة الاتحاد السوفيتي الذي عانى الويلات من جراء كارثة انفجار مفاعل تشيرنوبل وما زالت، ولا تنتهي كوارثها النووية تارة بغرق غواصة نووية، وأخرى بسبب جنوح أخرى وأسطولها فعال في تلويث كوكبنا بالنفايات والوقود النوويين.

المهم أن المفاعل العائم ليس فكرة وإنما تم بالفعل توقيع عقد المشروع بتكلفة مقدارها 336 مليون دولار أمريكي رغم المخاوف التي أثارها ناشطون في مجال حماية البيئة.

ورغم أن هناك مخاوف من غرق المنشأة، ومخاطر أخرى عند سحبها إلى مناطق رسوها، لكن المسئولين الروس يرون أنه لا أساس إطلاقا لمثل هذه المخاوف.

وفيما تحصل روسيا على 17% من احتياجاتها من الطاقة الكهربية من 31 مفاعلا نوويا لديها، فقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إنه يرغب في رفع هذه النسبة إلى حوالي ربع احتياجات البلاد.

تعرفون طبعا أن أمريكا صاحبة أعتى ترسانة نووية ألقت في 3 أيام قنبلتين نوويتين فوق جزيرتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين إبان الحرب العالمية الثانية في 6 و9 أغسطس عام 1945، ولأن هول الموت والخراب كان فوق ما تحتمله العقول والأذهان، فإن أمريكا مع الدول النووية يطاردون بموجب اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية كل دولة تحاول أن تطور مشروعا نوويا حتى وإن كان سلميا، ولا داعي لضرب الأمثلة.
منقول .

[مــ الحزن ــلاك]

اللهم الحقهم بأصحاب الفيل وارسل عليهم طيرا ابابيل واجعلهم كعصف مأكول

اللهم صب عليهم سوط عذاب

اللهم كن لهم بالمرصاد

اللهم قيض للاسلام يدا للحق ناصرة وللباطل غالبة

اللهم عجل بهلاكهم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

•.••◙» الدكتور البربرى «◙••.•

الله يعطيـــــك الـــــعافيه على المشـــــاركه
وعســـــــــاك علـــــــــى القـــــــــوة
أرق تــحيه منـــي لــــك

[الدكتور البربرى]

مــ الحزن ــلاك
¨¤¨إدارية¨¤¨