توبة مبكية مضحكة

[جاسر]

قبل أن أحكي قصة توبتي أريد أن أصف محيط نشأتي, فقد نشأت في مدينة سياحية في تونس محاطة بأصدقاء لا يعرفون أي شيء عن الاسلام و لا يتقنون الا تقليد السياح ففي الصيف يفوتوننا عددا, الا أن ابي واحد من المتدينين الأقلاء ربما لأننا ننتمي في الأصل الى عائلة الأدارسة في المغرب ...

وهي من سلالة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ـحسب مؤرخ تونسي ـ, فقد فرض علي أبي الصلاة من صغري, فكنت أجمعها في الليل وكنت أرتدي دائما الملابس المكشوفة و أضع كيلغرامات من مواد التجميل ولا ألجأ الى الله الا في الامتحان ولكني لا أفعل ما تفعله صديقاتي من سهر في الملاهي وفساد و زنى وعلاقات مع السياح, لا خوفا من الله بل حبا و احتراما لوالدي لأن أغلب السكان يعرفونه, وانتقلت الى الجامعة لأتخصص في اللغة الايطالية وأنا على نفس المنوال لا فساد ولا عبادة، لا تمتع بالدنيا ولا ضمان الجنة...
حتى جاء أتعس يوم في حياتي، يوم وفاة والدي هكدا على غفلة و أصبحت يتيمة.....
عندما أفقت من صدمة دامت طويلا بسبب شدة حبي لأبي و ضعف ايماني, اتصلت بامام الجامع و قد كان صديقه وسألته كيف أفيد أبي بعد وفاته فأخبرني عن "ولد صالح يدعو له" ,و أنا لست كدلك, و طلب مني أن أحاول مطالعة الكتب الدينية التي تركها وهي كثيرة جدا، حتى تصله حسنات استفادتي من كتبه.
وهكدا عدت الى البيت وبدأت من هاك اليوم أقرأ الكتب بصعوبة لأني وللأسف متخصصة في اللغات الحية، وفات الأوان للتراجع فقد كنت في الثالثة من التعليم الجامعي.
...حتى وصلت الى كتاب يصف سيدنا محمد عليه السلام, لون شعره وعينيه الواسعتين...انها نفس اوصافي...جلست أمام المرآة أتأمل وجه الشبه وأفكر:نسبي يعود الى آل البيت و مع كل الشبه الا يمكن ان اكون قد ورثته عنه؟ أتكشفين شعرك وتزيينين عينيك لجلب الانتباه و الاغراء وهما من الرسول عليه الصلاة والسلام؟
و هكدا, كانت تلك الفكرة السخيفة والمضحكة سبب توبتي, وبكل شجاعة لبست الحجاب فسخر مني أصدقائي ورفضوني فتخليت عنهم و بدأت حياة جديدة: صلاة حاضرة,صيام الاثنين و الخميس,قيام الليل،بر والدتي, حفض قرآن....
ثم بدأت التضحيات:
ـ أتخرج هده السنة ولكني لا أستطيع العمل في التعليم نظرا لارتدائي الحجاب و أرفض العمل في السياحة طبعا و أنا لست نادمة أبدا.
ـ تخليت عن عدة عروض مغرية للزواج لأسباب دينية و ربما لن أتزوج أبدا لو لن أجد زوجا متدينا.
ـ تخليت عن أصدقائي أو تخلوا هم عني.
وأنا مستعدة لتضحيات أخرى و أكبر في سبيل الله.
و في الختام أرجو أتستفيدوا من حكايتي و لا تترددوا في التضحية في سبيل دينكم, فالايمان الحق هو بالفعل ولا بالقول

منقول عن صديق لى
جاسر