كلمات نثرتها على جدران منفاي

[نورفلسطين]

الطبيعه:
تذهب الأجيال وتجيء أخرى ، وتبنى حضارات على أنقاض أخرى،وتنقضى قرون وتحل أخرى،ولا زلت قائمه! تنتظرين أمر الخالق العظيم لك،لا زلت شامخة تحضنين العالم حبا وحنانا ،وتأسرين روحي سحرا وهياما.
أنت أيتها الطبيعه ، كم أبدع بارئي في صنعك ،كم لون يجذب الآماق جعل بين ثناياك، كم مغرد شاد سخره ربي ليطرب مغانيك،وكم من شامخ أبي يرفض الانحناء،ويتحدى زمهرة الرياح جعله ربي حارسا يحميك ،أيتها الأم الحنون كم مرة كنت لدائي الدواء، ولجرحي الشفاء ، دائما أجدك متفرغة لسماع نداء قلبي ،مستعد لاحتضان جوارحي في حضنك الندي،كلما افتضحت عيناي أمري ،وأرسلت دموعها أجدك تبكين مطرا وأنهارا لبكائي ،وتصرخين مزمهرة لاستغاثاتي، وتخفين سري بين جوارحك، فلا يراه رائح ولا غادي ،وتحدثيني صامته بلسان طيورك وجبالك الصامدة، لتبعثي في روحي رغبة جديدة بالتحدي للبقاء.
كذلك كنت في حزني...وإنك أحسن حالا في فرحي،عندما أخرج إليك وعيوني ترقص فرحا ، وأرى طيورك تغني لي طربا ، وأزهارك تتمايل على وقع النغمات،وأشجارك تستقبلني بابتسامات ،حتى شمسك الذهبيه ، تهديني لآلئ براقة
لتضاعف فرحي فرحا، فتترائين لي لوحة جميله ، تحضنها الأرض والسماء، وتداعبين مشاعري لتبعثي في فكري صورا ملهمة ، أكرسها بجهد المقل كتابات أو لوحات ، لتحمل صدى صمتك وعبير أنفاسك إلى العالم ،ليعرفوا للحب طعما آخر ، ويروا للحياة لونا آخر.
هكذا حالك فاتنتي! الصديقة الوفية عند ندره الأصدقاء ، والأنامل الغضة التي تخفي آثار البكاء ،والملهمة الغنية حين ينال من الموهوب العناء ، تصحبيني أينما كنت ، حتى في منفاي أنت الوحيدة التي أخذتها معي من أهلي ، وحملتها من حاجياتي،وأنت ذلك الزاجل الذي أبعث معه رسائل حبي وشوقي لأطفالي الذين غدوا شبابا، أضنى قلبي البعد عنهم ، وأرهق خيالي تذكر قسمات وجوههم.
أيتها الأزهار...أيتها الطيور...أيتها السحب والأمطار احملي سلامي ، وبلغي لهيب شوقي لأغلى أحبائي.