:: أتصل بنا ::

 

::+: الواجهه الرئيسيه :+:: ::+: البحث في الاقسام والمواضيع :+::

العودة   منتديات حــلا > +:::::[ الأقسام الأدبية ]:::::+ > مجلس حلا للقصص والروايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-2005, 11:58 AM   #71
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــــابع

عادت دانة و رغد بعد قليل تحملان الكعكة و كؤوس العصير ... و قامتا بتوزيعها علينا جميعا ...

الذي آلمني هو أنها ـ أي صغيرتي رغد ـ كانت تعاملني بنفور شديد ... حتى أنها حين جاء دوري لأخذ كأس عصيري لم تدع لي المجال لأخذه ، بل أمسكت هي به و وضعته على المنضدة الماثلة أمامي بسرعة كادت تدلق محتوياته فوقها !

كانت الكعكة لذيذة جدا ... قلت :

" ما ألذها ! سلمت يداك يا دانة ! أنت ماهرة "

قالت دانة بزهو :

" شكرا يا أخي ، سترى ! سأذيقك أصنافا لذيذة من الحلويات فأنا ماهرة في إعدادها ! "

قلت :

" عظيم ! فأنا أحب الحلويات ! "

و التفت نحو رغد و قلت :

" و أنت ؟؟ "

رغد رفعت بصرها عن قطعة الكعك التي بين يديها ببطء ، و نظرت إلي بنفاذ صبر و قالت :

" أنا لا أحب الحلويات "

قلت :

" أقصد ماذا ستذيقيننا من صنع يدك ؟؟"

لم يبد على رغد أنها تريد تباديل الأحاديث معي ... قالت بضجر :

" لا شيء ... "

قالت دانة :

" إنها كسولة ! لا تحب الطهو و لا تجيده ! لا أعرف كيف ستتولى مسؤولية بيتها المستقبلي ! مسكين سامر ! "

ضحك سامر و قال :

" سأعود لأمي كلما قرصني الجوع ! "

و أخذ الجميع يضحكون عدانا أنا و هي ...

قالت دانة و هي تضحك :

" أو صبّر معدتك بالبطاطا المقلية المقرمشة ! "

و استمروا في الضحك بمرح ...

رغد وقفت الآن بغضب و قالت :

" أنتم تسخرون مني "


الجميع توقف عن الضحك ، و نظروا إليها باهتمام ... كانت منفعلة ...

قال سامر :

" لا عزيزتي نحن نمزح فقط ! "

قالت :

" بل تسخرون مني "

و توجم وجهها بما يوحي بدموع على وشك الانهمار ...


وقفت أنا و قلت :

" معذرة ... صغيرتي "


التفتت رغد نحوي بعصبية و قالت بحدة :

" أنت أسكت ... آخر من يُسمح له بالكلام "

صعقت بهذا الرد الجارح و علاني الصمت العميق ...

الجو صار مشحونا بتيارات متعارضة متضاربة ، و النظرات أخذت تصطدم ببعضها محدثا فرقعة !

و الآن ؟؟

خرجت رغد مسرعة من الغرفة في غضب و استياء ...

بقينا بعد خروجها بعض الوقت صامتين منصتين لفرقعة نظراتنا الحائرة !

وقف سامر هاما باللحاق بها ، ألا أن أمي طلبت منه أن يلتزم مكانه ...

" دعوها فهي اليوم في مزاج شديد التعكر "

قالت هذا أمي ، فعقبت دانة :

" اليوم فقط ؟؟ بل كل يوم ! لا أدري ما ذا جرى لهذه الفتاة مؤخرا ! "


كنت أنا لا أزال واقفا أنظر ناحية الباب ...

قالت أمي :

" اجلس بني ! "

فجلست على طرف المعقد مشدود العضلات ... على أهبة النهوض !

تنهد أبي و قال أبي :

" أمرها يقلقني "

قالت أمي :

" و أنا كذلك ، لست ُ مطمئنة للسفر و تركها ! "

قالت دانة :

" خذاها معكما ! أنا لا أطيق تصرفاتها هذه ! "

أبي التفت إلي و قال :

" احرص في التعامل معها ... كن حليما ... "

قالت دانة :

" إنها لا تزال غاضبة منك ! كان الله في عونك على مراسها هذا ! "

بعد قليل آن أوان مغادرة والدي و سامر ، الذي سينقلهما إلى المطار ثم يذهب إلى شقته في المدينة الأخرى ...


أخذت أحمل الحقائب و أنقلها إلى سيارة أخي ، و عندما انتهيت من وضع الحقيبة الأخيرة و دخلت المنزل وجدت والدتي تقف عند الباب الداخلي ...

قالت :

" أعطاك الله العافية يا بني "

" عافاك الله أماه "

هممت بالدخول ألا أن أمي أمسكت بذراعي و استوقفتني ...

" وليد "

نظرت إليها بحيرة ... قلت :

" نعم أمي ؟؟ "

أمي تحدثت بصوت منخفض ، و بنبرة جدية ... و تعبيرات قلقة ، قالت :

" انتبه لرغد جيدا يا بني "

تعجبت ! قلت :

" بالطبع أمي ! "

أمي بدا المزيد من القلق جليا على وجهها و قالت :

" كنا سنؤجل حجنا للعام التالي لكن ... كتبه الله لنا هذا العام ... هكذا قضت الظروف يا بني "

و هذا زادني حيرة !

قالت :

" لو أن الظروف سارت على غير ذلك ... لكانت الأوضاع مختلفة الآن ... لكنه قضاء الله يا ولدي ... سأدعوه في بيته العظيم بأن يعوّضك خيرا مما فاتك ...
فلنحمده على ما قسم و أعطى "


قلت :

" الـ ... حمد لله على كل شيء ... أمي أنت ِ تلمحين لشيء معين ؟؟ "

قالت :

" لم تتغير هي عمّا تركتها عليه قبل سنين ... كما لم تتغير أنت ... "

ثم أضافت :

" ألا أن الظروف هي التي تغيرت ... و أصبح لكل منكما طريقه ... "


توهج وجهي منفعلا مع كلمات أمي و الحقيقة الصارخة أمامي ...


لم أستطع البنس ببنت شفة أمام نظرات أمي التي كشفت بواطن نفسي ...


قالت :


" اعتن بها كما يعتني أي شقيق بشقيقته ... كما تعتني بدانة ، و ادع معي الله أن يسعدهم هم الثلاثة ، و أنت معهم "


في هذه اللحظة فتح الباب و ظهر بقية أفراد عائلتي بما فيهم رغد ، و خرجوا واحدا تلو الآخر ... و اجتمعنا قرب بعضنا البعض في وداع مؤلم جدا ...


بالنسبة لي ، فقد اعتدت فراق أحبتي و جمدت عيناي عن أي دموع

أما البقية فقد كانت الدموع تغرق مشاعرهم ...

كلمات أمي ...

و كلمات أبي كذلك

و توصيتهما الشديدة على الفتاتين

و خصوصا رغد ، جعلتني أشعر بالخوف ...

فهل أنا أهل لتحمل مسؤولية هذا البيت و من به في حين غياب والدي ّ ؟؟

و هل هي مسؤولية خطرة تقتضي منهما كل هذه التوصيات و التنبيهات ؟؟

خرج الثلاثة ، فعدنا نحن الثلاثة إلى الداخل ... و قضيت وقتا لا بأس أراقب دموع الفتاتين ...


كنا نجلس في غرفة المعيشة ... و الحزن يخيم على الأجواء فشعرت بالضيق

قمت بتشغيل التلفاز فرأيت مشهدا مريعا لآثار قصف تعرضت له إحدى المدن هذا اليوم ... فزاد ذلك ضيقي ...

كم كنت مرتاحا هانئا في مزرعة نديم !

ليتني أعود إلى هناك !

قلت ـ في محاولة لتغيير الأجواء و طرد الكآبة ـ

" ما رأيكما بالذهاب في نزهة بالسيارة ؟؟ "


دانة تفهمت و قدّرت الأمر ، فقالت :

" نعم يا ليت ! هيا بنا "

نظرت إلى رغد أنتظر جوابها ، لكنها ظلت صامتة ...

قلت :

" ما رأيك ؟ "

قالت بصوت حاد و نبرة جافة مزعجة :

" لا أريد الذهاب لأي مكان "

دانة قالت :

" إذن سنذهب و أنت ابقي هنا "

رغد بسرعة التفتت إلى دانة و قالت :

" تتركاني وحدي ؟؟ "

قالت دانة :

" ما نصنع معك ؟؟ أنا بحاجة لبعض الهواء المنعش ... أما أن تأتي معنا أو ابقي مخنوقة وحدك "

وقفت رغد منفعلة و قالت :

" كان علي ّ أن أذهب معهما ... كم كنت غبية ... ليتني ألحق بهما الآن "

وقفت أنا و حاولت تهدئة الوضع فقلت :

" لا بأس ... سنؤجل نزهتنا لوقت لاحق ... لا تنزعجي هكذا صغيرتي "

رغد التفتت نحوي بعصبية و قالت صارخة :

" لا شأن لك أنت بي ... مفهوم ؟؟ لا تظن أنك أصبحت مسؤولا عني ... لا تزعج نفسك في تمثيل دور المعتني فهذا لم يعد يناسبك ... يا كذّاب "



اللهم استعنا بك على الشقاء !



ذهبت الصغيرة الغاضبة إلى غرفتها ... و بقيت مع دانة التي بدت مستاءة جدا من تصرف رغد ... اقترحت عليها بعد ذلك الجلوس في الفناء الخارجي فرحبت بالفكرة

خرجنا معا و جلسنا على المقاعد القريبة من الشجرة ... و بدأنا نتحدث عن أمور شتى ...

أخبرت دانة عن مزرعة صديق لي قمت بزيارتها مؤخرا و أعجبتني ... و عن متفرقات من حياتي ... ألا أنني لم أشر إلى السجن ، و لا ما يتعلق به ...

شقيقتي بدت متلهفة لمعرفة كل شيء عني ! و كأنها اكتشفت فجأة أن لديها شقيق يستحق الاهتمام و الفخر !
اعتقد أنها كانت تنظر إلي بإعجاب و فخر بالفعل !

بعد مدة حضرت رغد ...

كانت عيناها حمراوين ...

قالت :

" دانة ، مكالمة لك "

أجابت دانة :

" من ؟؟ "

قالت رغد :

" من غيره ؟ خطيبك المبجل "

دانة نهضت بسرور و استأذنت للدخول ...


و لحقت بها رغد بعد ثوان ، و بقيت وحيدا إلى أن سمعت ُ الآذان يرفع ...


دخلت ُ بعدها و استعددت للخروج لتأدية الصلاة في المسجد المجاور . كانت دانة في غرفتها أما رغد فأظنها في غرفة المعيشة !

خرجت إلى الفناء و فيما أنا أعبره نحو البوابة الخارجية سمعت صوت نافذة يفتح و نداء باسمي

" وليد "

التفت نحو الصوت فإذا بها رغد تطل من النافذة المشرفة على الفناء و تقول :

" إلى أين تذهب ؟؟ "

قلت :

" إلى المسجد "

قالت :

" ستتركنا وحدنا ؟؟ "

حرت في أمري !

قلت :

" هل هناك مشكلة ؟؟ سأصلي و أعود فورا ... تعالي و أوصدي البابين ... "

وافتني بعد قليل و وقفت عند البوابة و بيدها المفتاح .

قالت :

" لا تتأخر "

قلت :

" حسنا "

و عندما عدت بعد أداء الصلاة كانت هي من فتح الباب لي ...

قدّمت لي مفتاحين و قالت :

" هذا لبوابة السور و هذا للباب الداخلي ، احتفظ بهما "

" شكرا لك "

تولت رغد قاصدة دخول المنزل فناديتها

" رغد "

التفتت إلي ، و قالت بنفس ضائقة :

" نعم ؟؟ "

قلت :

" أما زلت ِ غاضبة مني ؟؟ كيف لي أن أكسب عفوك ؟؟ "

قالت :

" لا يفرق الأمر معي شيئا "

و همّت بالانصراف ، قلت :

" لكنه يفرق معي كثيرا "

توقفت و قالت :

" حقا ؟؟ "

" نعم بالتأكيد ... "

" هذا شأنك ... لا دخل لي به "

و انصرفت ...


الواضح أنني سألاقي وقتا عصيبا ... كان الله في عوني ...

بعد ساعات ، أعدت دانة مائدة العشاء و لم تشاركنا رغد فيه ... لقد مضت الليلة الأولى من ليالي تولي ّ مسؤولية هذا المنزل على هذه الحال ..


في الصباح التالي كنت أجلس مع دانة في المطبخ ، و رغد على ما يبدو لا تزال نائمة ...

قلت :

" أخبريني دانة ... كيف أقدم المساعدة ؟؟ فأنا أجهل الأمور المنزلية ! "

ضحكت دانة و قالت :

" لا تهتم ! أنا أستطيع تولي الأمور وحدي ! "

" أرغب في المساعدة فأنا بلا شاغل ! أخبريني فقط بما علي فعله ! "

و باشرت المساعدة في أعمال المنزل !

ليس الأمر سيئا كما قد يظنه البعض ، كما أنه ليس من تخصص النساء فقط !


كنت أرتب الأواني في أرففها الخاصة حين دخلت رغد إلى المطبخ ...

~~~~~~~~~~~~
 
قديم 04-01-2005, 11:59 AM   #72
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

كانت دانة آنذاك تفتش في محتويات الثلاجة ...


قالت رغد :

" صباح الخير "

التفتنا لها و رددنا التحية . الحمد لله ، تبدو أكثر هدوءا هذا الصباح !


قالت دانة :

" تناولنا فطورنا قبلك ! "

قالت رغد :

" غير مهم "

قالت دانة و هي لا تزال تقلب بصرها في محتويات الثلاجة :

" إنني حائرة ما أطهو للغذاء اليوم !؟ ماذا تودان ؟؟ "

و نظرت باتجاهي ، فقلت :

" أي شيء ! كما يحلو لك "

ثم نظرت باتجاه رغد و سألتها :

" ما ذا تقترحين ؟؟ "

قالت رغد :

" لا شيء "

" لا شيء ؟؟ "

" لا تعملي لي حسابا فأنا حين أرغب بشيء سأصنعه بنفسي "

قالت دانة بعد تنهد :

" أما زلت ِ على ذلك ! أف ٍ منك ! "

رغد انسحبت فورا من المطبخ ...


وضعت أنا الأواني في أماكنها و قلت لدانة :

" دانة ... لا تكوني فظة معها ! "

" أنا يا وليد ؟؟ ألا ترى كيف ترد علي بنفس مشمئزة ؟؟ "

" لكن .. أرجوك لا تعامليها بخشونة .. لحين عودة والدي ّ .. "

" لا تقلق . لن أتعمد إزعاجها .. تصرّف أنت معها "


مضت ساعات و الفتاة حبيسة غرفتها ... الأمر ضايقني كثيرا ... و قبل ذهابي لتأدية صلاة الظهر في المسجد طلبت من دانة أن تذهب لتفقدها ، و عندما عادت سألتها عنها فقالت :

" لم تفتح لي الباب ! عنيدة ! "

الأمر زاد من قلقي و خوفي ... و بعدما عدت ، سألتها عنها فكررت الإجابة ذاتها ...

" حسنا ... سوف ... سوف أحاول التحدث معها ... أيمكنني ذلك ؟؟ "

" حاول وليد !علك تحرز نجاحا ! "


ذهبت بعد تردد ، و طرقت باب غرفتها ...

" هذا أنا وليد "

لم ترد علي ... شعرت بخوف ... فعدت أطرق الباب طرقا أقوى و أنادي :

" رغد ... صغيرتي هل أنت بخير ؟؟ "

و لما لم تجب أصابني الجنون ... ماذا لو أن مكروها قد حل بها و نحن لا نعلم ؟؟

طرقته الآن بقوة و عصبية ...

" رغد افتحي الباب أرجوك ... "

كدت أفقد السيطرة على نفسي لو لم ينفتح الباب في اللحظة الأخيرة !


ظهرت رغد ... و راعني المظهر الذي كانت عليه ...


كيف لي أن أتحمل رؤية ذلك ؟؟

صغيرتي أنا ... مدللتي الغالية ... تتبعثر دموعها الغالية سدى لتشربها المناديل ... و ينتهي مصيرها إلى سلة المهملات ؟؟

" ماذا تريد ؟ "

قالت بصوت حزين مخنوق ... التف حول عنقي أنا و خنقني حتى الموت ...

قلت :

" ما بك صغيرتي ؟؟ "

قالت و تعبيرات وجهها تزداد حزنا و كآبة :

" ماذا تريد قل لي ؟؟ "

قلت :

" صغيرتي ... أريد أن تتوقفي عن البكاء و الحزن أرجوك ... أنا قلق عليك "

قالت :

" قلق علي ؟ "

" نعم يا رغد ... "

" و لم ؟ هل يهمك أمري ؟؟ "

" و هل هذا سؤال ؟ طبعا يهمني ! لم أنا هنا الآن ؟؟ "

" لأن والدي طلب منك ذلك ، و وجدت نفسك مضطرا للحضور . لم تكن لتحضر لأجل أحد ... خصوصا فتاة غبية تصدّق قسم الكذّابين و تُستغفل بكأس بوضا يشتريه لها رجل مثلك ليلهيها بها قبل الرحيل "

صعقت لسماعي كلماتها ...

قفزت الدموع من عينيها قفزا و قالت و هي آخذه في البكاء بانفعال :

" تسخر مني ؟؟ أتظنني تلك الطفلة اليتيمة الوحيدة التي تخليت عنها قبل سنين و هي في أحوج الأوقات إليك ؟؟ "

" رغد "

" أسكت ... ! "

صمت ، و أنا في قلبي صرخة لو أطلقتها لحطمت زجاج المنزل ...

" لا تدعي القلق علي يا كذاّب ... لا أريدك أن تعتني بي ... فلدي خطيب يهتم لأمري و يحرص علي ... أفضل منك .... أليس هذا هو كلامك ؟ يا ابن عمّي الكذّاب ؟؟ "


لا إراديا رفعت يدي و ضربت الباب بقوة و انفعال من فرط الغضب ...


عندها ، توقفت رغد عن الكلام و عن البكاء أيضا ... و نظرت إلي بفزع ...


كانت النار تتأجج في صدري و لو لم أمسك أعصابي ، لكنت أحرقت المنزل بمن فيه


قلت بعصبية لم أملك إخفاءها :


" لا تتحدثي معي بهذه الطريقة ثانية يا رغد ... فهمت ؟؟ "


رغد كانت تبدو مذعورة و تنظر إلي بدهشة ...

قلت :

" إنك لا تعرفين شيئا ... لا تقلبي علي ّ المواجع و دعي هذه الأيام تمر بسلام ... أتسمعين ؟؟ "


و أوليتها ظهري و انصرفت عنها ...


جلست في الردهة ... و جلست معي و تحديدا في رأسي كلمات رغد الأخيرة ...

( لدي خطيب يهتم لأمري و يحرص علي أفضل منك )


تبا لك يا سامر !


بعد نصف ساعة رأيت رغد تعبر الردهة ... في طريقها إلى المطبخ ...


ألقت علي ّ نظرة غريبة ، ثم تابعت سيرها ...


لحقت بها أنا بعد قليل ، فرأيتها تقشر البطاطا و تقطعها ... كانت دانة قد انتهت من إعداد المائدة ...

قالت :

" الغذاء جاهز ... تفضل وليد "

رافقت دانة و أنا أسير ببطء و تردد ... إلى غرفة المائدة حيث الوجبة اللذيذة التي أعدتها ...

" قل لي ما رأيك ؟؟ "

" أنت ماهرة يا دانة ! محظوظ هو نوّار ! "

ابتسمت بخجل و قالت :

" شكرا لك ... "

ثم قالت :

" على فكرة دعاني للعشاء في مطعم هذه الليلة ! "

" جميل ! "

ثم استدركت و قلت :

" ماذا قلت ؟؟ للعشاء في مطعم ؟؟ "

" نعم "

" و ... نحن ؟؟ "

قالت :

" هل تودان مرافقتنا ؟؟ "

ابتسمت و قلت :

" لا ، لا أقصد .. لكن .. "

" آه فهمت ! لا تقلق ! سأعد لكما طعاما قبل انصرافي ! "

" أوه لم أقصد هذا دانة ! إن ذهبت ستبقى رغد وحدها ! "

دانه رفعت نظرها نحو السقف لتفكر ، ثم قالت :

" لكن غدا السبت و سوف تنام مبكرة ! أنت من ستظل وحيدا ! "

" لا يفرق الأمر معي كثيرا ... "

فلطالما عشت وحيدا ... لا تشاركني أيامي سوى الهموم و الذكريات ...

" فيم شردت أخي ؟ "

سألتني دانة حين رأتني سارحا ... قلت :

" دانة ... اذهبي و استدعي رغد لتجلس معنا "

" لن تفعل ! أعرفها ! "

" إذن ... دعينا نذهب نحن إليها ! "


و قرنت القول بالعمل !

رفعت الطبق الرئيسي و حملته إلى المطبخ ، و وضعته وسط الطاولة ... بينما رغد تجلس على أحد المقاعد و تأكل أصابع البطاطا من طبق أمامها

حين رأتني نظرت إلي بدهشة ، فقلت :

" أنا أيضا أحب البطاطا المقلية ! هل لي بمشاركتك ؟؟ "

و للمرة الأولى منذ عودتي للمنزل أرى ابتسامة على وجهها ـ و إن كانت ابتسامة سطحية ...

جلست على أحد المقاعد ، فقرّبت هي طبق البطاطا مني و تناولت بعضها ...

أقبلت دانة تحمل بقية الأطباق و ترتبها أمامنا واحدا بعد الآخر ...

صحيح أن رغد لم تشاركنا طعامنا و لا حتى الحديث ألا أنها على الأقل شاركتنا المائدة ، و التنظيف أيضا !

بعد عدة ساعات حضر نوّار و جالسته بعض الوقت قبل أن يخرج هو و دانه للاستمتاع بسهرة خاصة ...

نوّار شخص مغرور بالفعل و اتفق مع رغد في حكمها عليه !

بعدما خرجت دانة أدركت أنني أصبحت في البيت منفردا مع رغد !

هي كانت تجلس في غرفتها منذ ساعات ، و أنا أتجول في المنزل بملل لا أجد ما أفعله ... !

رن الهاتف فأسرعت إليه ... لأشغل نفسي به ... كنت انتظر اتصالا من والدي لكن الذي اتصل هو آخر شخص كنت أود سماع صوته ... أخي سامر !

سأل عن أحوالنا و ما إلى ذلك ، ثم طلب مني أن استدعي رغد ...

ألكم أن تتصوروا ذلك ؟؟

أستدعي رغد لكي يتبادل الأحاديث معها هو ...

رغد لم تكن تملك هاتفا في غرفتها لذلك حين أخبرتها أتت معي و جلست في نفس الغرفة تتحدث معه !

في وضع كهذا ، فإنه لمن اللياقة و الذوق أن أنصرف ... لكنني لم أرغب في الانصراف ...
بل على العكس ... استرققت السمع عمدا لأعرف ما يدور بينهما من أحاديث ...

" ذهبت مع خطيبها و تركتني وحدي ! لكنني كنت أدرس ، و بعد قليل سآوي للنوم ... لا تقلق علي عزيزي "

عزيزي ؟؟

عزيزي ؟؟

لا يمكنني تحمل المزيد ... ألقيت بالصحيفة التي كنت أتظاهر بقراءتها و نهضت مستاءً و ذهبت إلى غرفة سامر ، و ذرعتها جيئة و ذهابا حتى صدّعت أرضها !

تناولت إحدى السجائر ـ و التي كنت على وشك الإقلاع عنها ـ و خرجت من الغرفة ، و من المنزل ، إلى الفناء الخارجي رغبة في التدخين ...

إلى أن تنتهي الأيام المتبقية لي في هذا المنزل فإنني بالتأكيد سأتدهور و أعود إلى الصفر ...

سمعت الباب يفتح بعد خروجي ببرهة ... و أتت رغد

" إلى أين تذهب ؟؟ "

التفت إليها و قلت :

" ليس لأي مكان ... سأدخن هنا فقط "

قالت :

" لا تخرج وليد ، أنا وحدي "

وحدك ؟ أليس ( عزيزك ) معك ؟؟ عودي إليه !

" أعرف "

توقعت بعد ذلك أن تعود للداخل لإتمام مكالمتها ، لكنها على العكس من ذلك خرجت و وقفت قرب الباب ... تراقبني !

قالت :

" يجب أن أخلد للنوم الآن ... أغادر عند السابعة و النصف صباحا "

" حسنا . اطمئني ، سأنهض في الوقت المناسب "

صمتت قليلا ، ثم قالت :

" ألن تنام الآن ؟؟ "

" لا ! لا يزال الوقت مبكرا بالنسبة لي ، كما و أنني سأنتظر دانة ... اذهبي أنت "

و ظلت واقفة مكانها ...

و حين رأت علامات التعجب فوق رأسي قالت :

" ألن تأتي معي ؟؟ "

" إلى أين ؟؟ "

" إلى الداخل "

" سأبقى هنا لبعض الوقت ! "

و لم أر منها أي بادرة تشير إلى أنها تعتزم الدخول !

" ما المشكلة ؟؟ "

" لا تخرج وليد رجاء ً "

" لا أنوي الخروج أبدا ... "

" إذن أدخل "

يا لهذه الفتاة ! ألم تعد تصدقني أبدا ؟؟ أم تظن أنني سأرحل و أتركها و دانة هكذا ؟؟

تخلصت من سيجارتي ، و دخلت معها . هي ذهبت للنوم و أنا بقيت أشاهد التلفاز لساعتين ، حتى عادت دانة من سهرتها !

" وليد سأذهب و نوّار غدا لشراء بعض حاجيات منزلنا عصرا و قد أغيب حتى الليل "

" و رغد ؟؟ تتركينها وحدها ؟؟ "

" لا ! أتركها معك ! "


في صباح اليوم التالي نهضت باكرا و استعددت لمرافقة رغد إلى الجامعة ...

كنت في المطبخ و قد أعددت بعض الشاي و جعلت أحتسيه ببطء .. و أراقب عقربي الساعة اللذين يقتربان من السابعة و النصف ...

و أخيرا ظهرت رغد !

أهناك أجمل من أن تستقبل صباحك برؤية وجوه من تحب ؟؟


قلت :

" صباح الخير ... صغيرتي "

ردت بشيء من الخجل ... !

قلت :

" أأ ... أ نذهب الآن أم .. ترغبين بتناول الفطور ؟؟ "

نظرت رغد نحو إبريق الشاي الذي أعددته ، و قالت :

" هل من مزيد ؟؟ "

قلت متوترا :

" نعم ، أعتقد ، أجل ... تفضلي "

و أنا في خشية من ألا يعجبها طعم الشاي البسيط الذي أعددته !

سكبت لها قليلا منه في أحد الأكواب و رشفت منه قليلا

لم يظهر على وجهها أي استياء

الحمد لله ! فشايي مقبول الطعم !

و بعدها شربت المقدار كاملا ، ثم غادرنا المنزل

الجو كان منعشا جدا و من خلال نوافذ السيارة النصف مفتوحة تتسلل تيارات الهواء الباردة عابثة بشعري !

رغد كانت تجلس خلفي ملتزمة الصمت ... و رغم برودة الجو ، ألا أن مجرد وجودها في الصورة يكفي لجعل الحريق ينشب في داخلي ....

في عصر ذلك اليوم و بعدما خرجت دانة مع خطيبها بقينا وحدنا في المنزل ، هي في غرفتها كالعادة ، و أنا لا أجد ما أفعله !

شعرت بملل شديد و أجريت عدة مكالمات مع بعض معارفي من أجل تمضية الوقت ألا أن الساعات مرت بطيئة جدا ...

لم لا أخرج في نزهة بسيطة ... و آخذها معي ؟؟

أتراها ترحب بذلك ؟؟

أ أكون مجنونا إن طلبت ُ هذا ؟؟

لم لا أجرّب ؟!


ذهبت إلى غرفتها و طرقت الباب ، و بعد قليل فتحته ...


" هل أنت مشغولة ؟؟ "

" أهناك شيء ؟؟ "

" كنت ... أرغب بالخروج للتنزه لبعض الوقت و شراء بعض الحاجيات "

و بدا على وجهها الاعتراض و قالت بسرعة :

" و تتركني وحدي ؟؟ "

قلت :

" لا ، لا ... أصطحبك معي ... إن كنت لا تمانعين ؟ "

ترددت رغد قليلا ثم قالت :

" حسنا و لكن لفترة قصيرة فأنا أريد أن أذاكر "

" نعم ، لساعة لا أكثر "

و خرجنا معا ...


~~~~~~~~~~~~~~~~
 
قديم 04-01-2005, 12:02 PM   #73
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــابع

حينما مررت قرب إحدى الصيدليات أوقفت سيارتي و هممت بالنزول قائلا :

" سأشتري بعض الأشياء و أعود سريعا "

رغد فتحت الباب مباشرة و هي تقول :

" سآتي معك "

قلت :

" لن أتأخر ! "

قالت :

" ليكن ، سآتي معك "

كنت أنوي شراء ما نفذ من أدويتي ، و بعض الأشياء الأخرى ...

تجولت بالسيارة على الشوارع الداخلية للمدينة ... و مررنا بعدة محلات و متاجر ...

سألتها بعد ذلك عما إذا كانت ترغب في شراء أي شيء ، أجابت بالنفي ، قلت :

" و لا حتى ... بعض البوضا ؟؟ "

قالت :

" البوضا ثانية ؟؟ لم ؟ هل قررت الرحيل هذه الليلة ؟؟ "

انزعجت من كلامها فقلت :

" و هل أنا مجنون لأرحل و أترككما وحدكما ؟؟ "

قالت :

" لا ... لست مجنونا "

ثم أضافت :

" إنما كذاّب "

عند هذه اللحظة قررت إنهاء جولتنا القصيرة ، و عدت إلى البيت .

لم أنطق بكلمة بعد ، و دخلنا المنزل و ذهبت هي مباشرة إلى غرفتها و بقيت أنا في الردهة ، أكثر ضيقا مما كنت عليه قبل خروجي ...

لماذا لا تتوقف عن نعتي بهذا ؟؟

ألا تدرك أنها تجرحني ؟؟

يجب أن أضع نهاية لهذا الموقف ...

فيما بعد ... ذهبت لأسألها عما إذا كانت ترغب في أن نحضر عشاء ً من أحد المطاعم ، بما أن دانة ستتناول عشاءها مع خطيبها ...

كان باب الغرفة مفتوحا و كانت هي تستعرض بعض لوحاتها ...

" أيمكنني أن أتفرج عليها ؟؟ "

" حسنا ... هذه الجديدة "

كانت الرسومات جميلة و متقنة ... و فيما أنا أتفرج عليها واحدة تلو الأخرى رأيت شيئا أذهلني !

أتذكرون صورتي التي رسمتها رغد في السابق ! كانت ضمن المجموعة ... ألا أن شيئا قد تغير !

كانت العينان حمراوين !

عندما وقعت يدي و عيني على هذه الصورة ، أسرعت رغد بسحبها مني !

قلت :

" دعيني أرى ! "

قالت بارتباك :

" هذه لا ! "

قلت :

" ماذا فعلت ِ بعيني ّ ؟؟ "

قالت :

" لا شيء ! "

" لكن لم طليتهما باللون الأحمر ؟ "

نظرت نحوي بحدة و قالت :

" هكذا هي عيون الكذابين "

اشتططت غضبا و رميت ببقية اللوحات على المكتب و خرجت من الغرفة ...

و نسيت أمر العشاء و كل أمور الدنيا عدا موقف رغد المزعج مني ...

و من حينها بدأت أعاملها بالمثل ... ببعض الجفاء .

توالت الأيام ، و الأجواء بيننا متنافرة ، أقوم بواجباتي بمصمت و لا أتبادل أحاديث تذكر معها ... حتى أقبل يوم الأربعاء ، و هو اليوم الذي يأتي سامر فيه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع معنا ...

مع اقتراب موعد حضوره تعمدت ملازمة الغرفة فأنا لا أريد أن أشهد استقبالا حميما من النوع الذي يقرح المعدة ... بين الخطيبين ....

و أول حديث دار بينه و بيني :

" ألا يمكنك أخذ إجازة من الآن يا سامر ؟ "

" لا أستطيع ! و لكن ... هل واجهت أي مشاكل ؟؟ "

" لا ، غير أنني سئمت و أود المغادرة ! "

و انتهزت فرصة تواجد سامر و قضيت معظم الوقت خارج المنزل ...

ليس لأنني أرغب في الترويح عن نفسي بل لأنني لا أرغب في التواجد في مكان يجمعهما ...

و مهما توهمت أنها عادت لي ، في النهاية ... استيقظ على الواقع المر ... أنها أصبحت له .



~ ~ ~ ~ ~ ~ ~








أخبرني سامر بأن وليد أبلغه عن سأمه من رعايتنا أنا و أختي دانة !

الأمر أزعجني كثيرا ... رغم أنني أعرف أنه لا يهتم بنا .. أو على الأقل لا يهتم بي .

لم تكن بالفترة الهينة تلك التي قضيتها مع وليد تحت سقف واحد !

كنت أجبر نفسي على التظاهر بالاستياء و الانزعاج منه لأكتم حقيقة تصرخ في داخلي ... أنا سعيدة بوجوده و أكاد أطير فرحا ...


و فرحتي هذه تنتهي في الليل ببحر من الدموع و الآهات ، للمصير الذي ينتظرني

ليت أحدا يشعر بي !

ليت أحدا ينقذني !

سامر كانت يتحدث معي بلهفة و شوق ... و كلما رأيت منه هذه المشاعر كرهت نفسي و كرهت الدنيا أكثر فأكثر ...

لم يكن لدي سوى نهلة أبثها همومي ...

و سأدعوها الليلة لقضاء بعض الوقت معي بعد أن يغادر سامر

وليد كان قد خرج منذ الصباح و لم يعد حتى الآن !

إنها الرابعة عصرا و سامر يريد الذهاب ...

ألهذا الحد هو ـ أي وليد ـ متضايق من وجوده معنا و لم يصدق أن جاء سامر ليخرج دودة !

" تأخر وليد ! سأتصل به "

قال سامر ، فعقبت :

" ربما رحل ! "

نظر إلى سامر باستغراب و قال :

" رحل ! مستحيل طبعا ! كيف يرحل هكذا ؟؟ "

قلت :

" إنه يرحل هكذا دون مقدمات ! أم نسيت ذلك ؟؟ "

" لكن الآن مستحيل "


و ذهب للاتصال به .

عندما فرغ من مكالمته قال :

" إنه في طريقه إلى هنا "

و شعرت بالاطمئنان ...

قلت :

" متى ينقضي هذا الأسبوع ... "

كنت أعني أن تعود أمي و يعود أبي ، و تعود الأمور إلى أماكنها ، ألا أن سامر فهم حسب مزاجه !

ابتسم ابتسامة لطيفة و أمسك بيدي و قال بصوت حنون :

" أنا أيضا أنتظر على نار ! متى يا رغد ! متى ينقضي ! "

و لم ينقذني من نظراته تلك غير رنة الهاتف ...

أسرعت إليه و كان والدي على الطرف الآخر ...

كان والداي يتصلان من حين لآخر خلال الأيام المنصرمة ، و هذه المرة تعمدت الإطالة في الحديث معهما و استدعيت دانة من أجل وضع حواجز بيني و بين نظرات سامر ...

أنا لم أعد أحتمل ... ليتني أستطيع قول شيء ... سامر ... سامحني ... لكني لا أحبك ... و لا أريد الزواج منك ! ألا تلاحظ ذلك ؟؟
بعد قليل وصل وليد ...


قال سامر ممازحا :

" ما هذا يا رجل ! أخبرني أين كنت تتسكع كل هذه الساعات !؟ "

وليد لم يبد عليه أي علامات المرح ! بل كان عابسا !

قال سامر :

" علي ّ أن أذهب الآن ... "

ثم أضاف و هو ينقل بصره بيني و بين دانة :

" اعتني بشقيقتي و عروسي جيدا ! "

قال وليد بنبرة حادة تنم عن الاستياء :

" لست بحاجة لتوصية ، ماذا تظنني كنت أفعل ؟ أتركهما و أتسكع في الشوارع ؟؟ "


فوجئنا أنا و سامر و دانة بالنبرة الغريبة التي تحدث بها وليد ، و كلماته الجدية القوية !

سامر قال :

" كنت أمزح يا رجل ما بك ! ؟؟ "

لم يرد وليد ... بل جلس على المقعد ، و نزع ساعته و أخرج هاتفه المحمول و محفظته و مفاتيحه من جيبه و وضعها جميعا على المنضدة و أسند رأسه إلى المسند بشكل يفهم الناظر إليه بأنه مستاء جدا ...

تبادلنا نحن الثلاثة النظرات ... المتعجبة


قال سامر :

" ما بك وليد ؟؟ "

" لا شيء "

" تبدو مستاء ... هل حدث شيء ما ؟؟ "

" قلت لك لا شيء ! ألا تسمع ؟؟ "

صمت الاثنان قليلا ، ثم قال سامر :

" إن كان البقاء هنا يزعجك لهذا الحد ... "

و لم يتم إذ أن وليد قال مقاطعا :

" أنا هنا الآن ... انصرف مطمئنا على عروسك و أختها ... إن هي إلا أيام فقط و ينتهي كل شيء "

لم يجرؤ أحدنا على النطق بكلمة بعد ...

رافقنا سامر إلى البوابة الخارجية و قبل انصرافه قال :

" هل هناك شيء ؟؟ هل هو عصبي هكذا معكما ؟؟ "

دانة قالت :

" لا مطلقا ! على العكس تماما ، لكن ... اعتقد أن شيئا ما حدث معه و هو في الخارج ! "

عندما عدنا للداخل ، وجدنا وليد و قد اضطجع على المقعد و غطى عينيه المغمضتين بذراعه ...

شعرت بالقلق الشديد عليه ... إذ يبدو من تصرفه و منظره الآن أن شيئا ما قد ضايقه كثيرا ... فهل هو مستاء من البقاء معنا ؟؟

قالت لي دانة :

" سيمر نوّار لاصطحابي إلى السوق بعد قليل "

" ماذا ؟؟ ستخرجين و تتركيني ؟؟ "

" ألن تأتي نهلة لزيارتك الليلة ؟؟ "

" بلى و لكن إلى ذلك الحين ، هل سأظل وحدي ؟؟ "

" وحدك ؟؟ و معك كل هذا ؟؟ "

و أشارت بيدها نحو وليد

قلت بقلق :

" إنه يبدو مخيفا ! "

ضحكت دانة و قالت :

" حتى وليد !؟ أخشى أنك تشعرين بالخوف من زوجك أيضا ! "

و انصرفت إلى غرفتها تستعد للخروج ...

بقيت أنا واقفة أراقب وليد الذي يبدو أنه نام !

خطوة خطوة ، بهدوء تام اقتربت منه !

كان لدي فضول لألقي نظرة عن كثب على الأشياء التي وضعها على المنضدة !

يبدو شكل ميدالية المفاتيح جذابا ! مع أنه قديم !

مددت يدي بحذر حتى أمسكت بالميدالية و حركتها ببطء فأصدرت صوتا خفيفا ، راقبت وليد بتمعن ، و لم ألحظ عليه أي حركة ...

الآن الميدالية في يدي ! ما أكثر المفاتيح !

و الآن ، هل أستطيع أن ألقي نظرة على الهاتف أيضا ؟؟ إنه من طراز مختلف عن هاتفي سامر و أبي !

مددت يدي نحو الهاتف و لم أكد ألمسه !

" ماذا تفعلين !؟ "

قال وليد فجأة وهو يزيح ذراعه عن عينيه و ينظر إلي !

جفلت و أصبت بالروع فانتفضت فجأة !

وقعت المفاتيح من يدي على المنضدة

هم وليد بالجلوس و رأيت وجهه شديد الإحمرار و زخات من العرق تلمع على جبينه ...

شعرت بارتباك شديد و قبل أن يستوي جالسا أطلقت ساقي للريح و فررت هاربة !

في غرفتي بعد ذلك تنفست الصعداء !

كم يبدو مخيفا هذا الرجل !

هل ظن أنني أحاول سرقته ؟؟

ما الذي دفع بي إلى حماقة كهذه !

عندما أخبرت نهلة بالأمر لاحقا انفجرت ضاحكة

كنت قد اصطحبت نهلة إلى غرفتي كالعادة ، و تركت وليد في البداية مع حسام ثم وحيدا بعد انصرافه

عادة ما تطول جلساتنا أنا و نهلة و بالتالي سيظل وليد وحيدا في المنزل ، و أخشى أن يخرج ...

" سوف أذهب لأتأكد من وجوده ! "

" هيا رغد ! لا أظنه سيغادر و هو يعلم أنك وحدك ! "

" بل أنت ِ معي ! "

قالت نهلة و هي تنفخ صدرها و تقطب حواجبها و ترفع كتفيها ـ كعادتها حين تتقمص شخصية رجل :

" ما دمت ُ معك فلسنا بحاجة لوجود أي وليد ! "

خرجت من الغرفة لهدفين : لجلب بعض العصير ، و لتفقد وليد !

و الهدفان وجدتهما في المطبخ !

واحد بارد

و الثاني حار !

هو يجلس على المقعد يقلب صفحات إحدى الصحف ، لكني متأكدة من أن عينيه تخترقان الأوراق !

تناولت ثلاثة كؤوس و ملأت اثنين منها بالعصير البارد الذي أعددته قبل ساعة و وضعتهما في صينية ...

ثم قلت :

" أترغب ببعض العصير ؟؟ "

قال دون أن يرفع عينيه عن الصحيفة :

" نعم ، شكرا "

سكبت العصير في الكأس الثالث و حملته إليه ...

وضعته قربه على المنضدة ، و سرعان ما أمسك به و دلق نصف محتواه في جوفه دفعة واحدة !

كان باردا جدا ، و يكاد يتجمد !

كيف استطاع شربه بهذا الشكل !؟؟

~~~~~~~~~~
 
قديم 04-01-2005, 12:04 PM   #74
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

كل هذا و عيناه محدقتين في الصحيفة !

حملت الصينية و سرت نحو الباب ...

" رغد "

نطق باسمي بغتة كدت معها أترنح و أسقط الصينية من يدي بما حوت !

التفت إليه فرأيته ينظر إلي ...

قلت :

" نعم ؟؟ "

فجاء صوتي أشبه بصوت تلميذة نسيت حل الواجب و تقف بذعر أمام معلمتها !

قال :

" هل أجلب لكما طعاما للعشاء من أحد المطاعم ؟؟ "

قلت بسرعة :

" ماذا ؟؟؟ لا ! "

قال :

" و لكن هل ستتركين ضيفتك دون عشاء ؟ "

" لا تهتم ، إنها نهلة لا غير ! ... "

" و لكن ... حسنا ... كما تشائين "

و عاد يطالع الصحيفة...

هممت أنا بالإنصراف ، ثم توقف و قلت :

" لا تخرج وليد "

فرأيت عينيه تنظران إلي من فوق الصحيفة ... بحدّه !

أسرعت خطاي نحو غرفتي حيث نهلة ، دفعت إليها بالصينية فأمسكت بها و أنا تهالكت على السرير !

" حمدا لله على السلامة ! "

ضحكت من تعليق نهلة رغم أنني لا أجد الوقت مناسبا للضحك !

قلت :

" مرعب يا نهلة ! اليوم يبدو مخيفا جدا ! كالفهد الأسود ! "

" صحيح ؟؟ دعيني أرى ! "

" أوه نهلة ! توقفي عن ذلك ! "

ضحكت نهلة و وضعت الصينية على المنضدة و أحضرت لي العصير و هي تقول :

" خذي اشربي ، فأنت ِ تبدين كاللبؤة الحمراء ! "

أخذت منها الكأس و رشفت رشفة صغيرة ...

" بارد جدا ! "

قالت نهلة :

" أنت حارة جدا ! هيا اشربيه ! "

بعدما فرغنا من شرب العصير ... قلت :

" اليوم ... بدا مستاء ً من شيء ما ... عندما يكون مغتاظا فإنه يصبح ... يصبح ... جذابا جدا ! "

نهلة كتفت يديها و قالت :

" رغد ! عدنا للجنون ؟؟ ! "

كلمتها هذه أيقظتني من غفوتي القصيرة في عالم الوهم ...

و حين رأت نهلة تعبيرات الأسى تعود للظهور على وجهي قالت بعطف :

" عزيزتي ... أنا قلقة بشأنك و أخشى ... أن تحطمي نفسك بهذا الشكل "

وقفت كشخص يخرج من البحر ... و يرفع رأسه للأعلى محاولا الفرار من الأمواج التي لا شك مهلكة إياه ... و قلت :

" إن كان علي أن أعيش مع شخص لا أحبه طوال عمري ، فهل كثير علي أن أسعد نفسي بأوهام عابرة قبل الغرق في بحر الواقع ؟؟ "

وقفت نهلة ازائي و قالت :

" لم يفت الأوان بعد ... إن أردت أن تتشبثي بطوق النجاة ... "

طردت الأفكار السخيفة التي غزت رأسي لحظتها ، و هززت رأسي لأتأكد من نثرها خارجا ...

ثم قلت :

" دعينا من ذلك ، ما رأيك بالخروج معي إلى السوق غدا سأشتري ملابس للعيد !؟؟ "

نهلة استجابت لرغبتي في محي الألم ، و قالت مشجعة :

" فكرة رائعة ! "

بعدما انصرفت نهلة ، و كان ذلك قرابة العاشرة مساءا ، بحثت عن وليد فوجدته يشاهد التلفاز في غرفة الضيوف ...

" وليد "

لم يجب ، فقط نظر إلي ...

" أنا آسفة لكنني أخشى البقاء في البيت مع ابنة خالتي وحدنا "

لم يعلّق !

قلت :

" دانة لم تعد "

" أعرف "

" أأ ... أردت أن أطلب منك شيئا ... إن سمحت "

" تفضلي ؟؟ "

" غدا أود الذهاب إلى بيت خالتي لأصطحب نهلة إلى السوق ... ممكن ؟؟ "

" حسنا "

و أبعد نظره عني ، إلى التلفاز !

قلت :

" أترافقنا إلى السوق ؟ "

قال بنفاذ صبر و ضيق :

" ألم أقل حسنا ؟؟ إذن حسنا "

لم تعجبني الطريقة التي تحدث بها ... و لكني أردت أن أوضح الأمر أكثر :

" أعني أن تلازمنا أثناء التسوق ... أيمكنك ذلك ؟؟ "

قال بنبرة ضايقتني كثيرا جدا :

" نعم ، كما تأمرين يا ابنة عمي ... ألست هنا لحراستك ؟ سأنفذ وصايا خطيبك و والديه بدقة ، ماذا بعد ؟؟ "

وقفت مذهولة من جملته هذه ... فهل يظن هو أن وجوده يعني فقط مهمة حراسة و خدمة موكلة إليه سينتهي منها و يختفي من جديد ؟؟
هل أعني أنا له فقط مهمة مؤقتة مجبور على تنفيذها كارها ؟؟

قلت بانفعال :

" انس الأمر ، لن أذهب معك لأي مكان "

و خرجت من الغرفة بسرعة ، و إلى غرفتي ... و إلى دموعي !

دقائق و إذا به يقف عند الباب ...

" أنا آسف رغد ! أرجوك لا تبكي بسببي "

مسحت دموعي و قلت بعصبية:

" أنا الآسفة لأنني حملتك ما لا ترغب في تحمله ! و لكن من كان ليرافقني و أبي و سامر غائبان ؟؟ من كان سيهتم لأمري و أنا لا أهل لي سواكم ؟؟ "

قال :

" لم أقصد ... أرجوك لا تسيئي فهمي "

قلت :

" حسام لا يوافق أبدا على مرافقتنا إلى السوق و إلا لكنا ذهبنا معه ... إن هي إلا أيام و تتخلص من هذا العبء الثقيل و مني "

وليد قال بعصبية :

" قلت لك لم أقصد هذا .. سأرافقكما إلى حيث تشاءان توقفي عن البكاء الآن "

وليد كان مستاءا جدا كما ظهر من تعبيرات وجهه و انفعاله

كتمت دموعي رغما عنها ، و أنهيت المشادة بسلام ...

في اليوم التالي رافقنا إلى السوق و اشتريت الكثير من الحاجيات .. و الأسواق كانت مزدحمة جدا بالناس ! فغدا هو عيد الحجاج !

و كان من بين ما اشتريت هدية لدانة و أخرى لوليد ! طبعا لم أدعه يلحظهما ...

كان يسير إلى جانبنا و يساعدنا في حمل الأكياس ! و نهلة بين حين و آخر تلقي بتعليقاتها المداعبة حوله !

اعتقد أنني بالغت كثيرا في تسوقي ! و بالتأكيد شعر وليد بالضجر ... ألا أن وجوم وجهه منعني من تقديم أي اعتذار !

عندما أوصلنا نهلة إلى بيتها دخلت معها لبعض الوقت لألقي تحياتي على العائلة ، و خرج حسام و تحدث مع وليد ...

اخترت هدية لدانة هذه المرة علبة أنيقة لحفظ المجوهرات ، أما لوليد ـ و لأنني لا أفهم في هدايا الرجال و قلما أهدي أبي أ و سامر شيئا ـ فقد اشتريت له ميدالية مفاتيح أكثر جمالا و أناقة من ميداليته الحالية !

كنت سعيدة بما اشتريت ! هل ستعجبه هديتي ؟؟

عندما عدنا للبيت وجدنا دانة و قد دعت خطيبها لقضاء أمسية معها في المنزل ...

ما أن علم وليد بوجود نوار حتى سأل دانة :

" متى سيغادر ؟؟ "

قالت :

" منتصف الليل ! لم ؟؟ "

قال :

" مادام موجودا هنا إذن أستطيع الخروج قليلا ! "

و نظر باتجاهي ...

لم يكن باستطاعتي منعه ... لكنني اغتظت من إثباته مرة بعد أخرى بأنه يفتش عن أقل فرصة ليغادر المنزل ... و يبتعد عني ...
هذا أثار جنوني و سخطي الشديد !

و مرت الساعات و أنا وحيدة في غرفة المعيشة ... دانة تستمتع بوقتها مع خطيبها المغرور في ليلة العيد و وليد يتجول في مكان ما ... و أنا مرغمة على مشاهدة التلفاز وحيدة !

أوف ... متى يعود هذا ؟؟

و اقتربت الساعة من الثانية عشر منتصف الليل ... أنا أشعر بالنعاس و لكنني لا أستطيع النوم قبل أن يعود !

لماذا لم يعد حتى الآن ؟؟

هل فعلها و رحل ؟؟

طبعا مستحيل ...

كنت على وشك الاتصال به حين سمعت صوت الباب ينفتح ، فأسرعت نحو المدخل و رأيت وليد يدخل و يغلق الباب خلفه

حين رآني قال :

" ألا زلت ِ مستيقظة !؟ "

قلت بتوتر :

" لماذا تأخرت ؟؟ "

قال :

" هل حدث شيء ؟ "

قلت :

" و هل كنت تنتظر أن يحدث شيء حتى تعود ؟؟ لا تدعني وحيدة هكذا ثانية "

و زادني حنقا البرود الذي قابلتني به نظراته !

و ببساطة قال :

" حسنا "

ثم سار ذاهبا إلى غرفة سامر !

لماذا يعاملني بهذا البرود ؟؟ أكاد أجن ... لم لا يدع لي فرصة لأعطيه هديته ؟؟

بعد نصف ساعة غادر نوّار ، و تعجبت دانة لدى رؤيتي ساهرة لهذا الوقت أمام التلفاز !

" متى ستنامين ؟؟ "

" متى ما شعرت بالنعاس ! "

و تركتني هي و أوت إلى فراشها ... ففكرت في إهدائها الهدية غدا ...

الساعة الثانية عشر و النصف ، رأيت جاء وليد إلى غرفة المعيشة ...

كان شعره مبللا ... لابد أنه كان يستحم !

قال :

" ألم تنامي بعد ؟؟ "

قلت :

" لا أشعر بالنعاس ... أصابني الأرق و الإجهاد ! "

لم يكترث لي ، بل ذهب إلى المطبخ ، ثم عاد و مر بي قبل ذهابه للنوم ... قال :

" تصبحين على خير "

و أولاني ظهره ...

سيطر علي الغضب من إهماله لي ! قبل أن ينصرف ناديته بسرعة :

" وليد "

استدار إلي و لم يتكلم بل انتظر سماع ما سأقوله ...

أنا فقدت شجاعتي التي كنت أتوهم امتلاكي لها ... و وقفت بخجل و ارتباك و أنا اخفي العلبة خلف ظهري !

وليد راقبني بحيرة و ضجر !

اقتربت منه شيئا فشيئا و أنا مطأطئة الرأس خجلا و بالتأكيد وجنتاي متوهجتان احمرارا !

رفعت بصري بحياء و قلت :

" كل عام و أنت بخير "

ثم أظهرت الهدية و قدّمتها إليه :

" هذه لك "

لقد كانت يداي ترتجفان و أنا أقدمها نحوه ، و بالتأكيد لحظ هو ذلك ...

نظراتنا الآن متشابكة ... كنت أبحث عن أي كلمة شكر أو إشارة سرور ...
و أخيرا ابتسم وليد ابتسامة جميلة مذهلة و قال بارتباك ...

" و ... أنت ِ بخير ! ... أأ ... شكرا ! "

وليد مدّ يده و أمسك بالهدية ...

قال :

" هل أفتحها ؟؟ "

غضضت بصري حياء ً و قلت :

" كما تشاء "

و هم هو بفتحها ، بينما قلبي أنا يخفق بشدة !

لكن الصوت الذي سمعته ليس صوت انفتاح العلبة ، بل صوت انفتاح باب ...

رفعت نظري إليه و حدقنا ببعضنا برهة ، و نحن نسمع صوت باب المدخل ينفتح ...

شعرت بذعر ...

قلت :

" ما هذا ؟؟ "

وليد سار ببطء و حذر ذاهبا ناحية الباب و تبعته أنا بخوف ...

قال وليد قبل أن يصل إلى المدخل :

" من هناك ؟؟ "

أنا أردت أن أمسك بيد وليد من الذعر ... ربما يكون أحد اللصوص ...

وليد أشار إلي أن ألزم مكاني ، و تقدم هو نحو المدخل ...

أوشك قلبي على الوقوع أرضا ...

و للمفاجأة المذهلة رأينا سامر يظهر أمامنا !

وقفنا متسمرين في مكانينا في ذهول !

قال وليد :

" سامر !! "

سامر نظر إلينا بدهشة هو الآخر ، و قال :

" آه ! أنتم مستيقظون ؟ "

قال وليد :

" هل هناك شيء ؟؟ "

قال سامر :

" أردت أن أفاجئكم بظهوري غدا ! لكن أُفسِدت المفاجأة ! "

الآن سامر نظر إلي و ابتسم ، و قال :

" لم أشأ أن يمر العيد و أنا بعيد جئت أشارككم ! "

و أقبل نحوي ، و أمسك بيدي و قال :

" عروسي ... كل عام و أنت ِ بخير ! "

~~~~~~~~~~~~
 
قديم 04-01-2005, 07:59 PM   #75
اسيرة الصمت
عضو VIP
 
الصورة الرمزية اسيرة الصمت
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jun 2004
رقم العضوية: 25
الدولة: فلسطيــــــــــن
المشاركات: 20,328
عدد المواضيع: 1328
عدد الردود: 19000


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
اسيرة الصمت is on a distinguished road

اسيرة الصمت غير متصل
افتراضي

THANKSSSSSSSSSSSSSSS
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
 
قديم 18-01-2005, 03:10 PM   #76
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الثانية و العشرون

لم تمر ليلتي بسلام ...

و رغم أنني نمت متأخرة على غير العادة ألا أنني نهضت باكرا ...


لم يكن أحدهم قد نهض آنذاك ، و بعد قليل نهضت دانة و ذهبنا للمطبخ لإعداد كعكة العيد !

دانة كانت مفعمة بالحيوية و النشاط أما أنا فكنت في غاية الكسل و الملل و الكآبة أيضا ...



بعد مدة اجتمعنا نحن الأربعة حول مائدة الفطور ... و تناولنا حصصنا من الكعكة ...

سامر كان متحمسا جدا و منفعلا ، و يتحدث عن النزهات التي ينوي القيام بها هذا اليوم ...


قالت دانة :

" أنا لن أشارككم فأنا سأخرج مع خطيبي ! "

قال وليد :

" و أنا سأخرج الآن "

و نهض مباشرة ...

سامر قال :

" إلى أين ؟؟ "

" سأتجول في المنطقة "


و سرعان ما غادر


قال سامر :

" ما به ؟ لا يبدو طبيعيا ! "

قلت :

" إنه يريد الرحيل "

قال :

" لن يغادر قبل زفافنا على أية حال ! "

ثم ابتسم ابتسامته التي تزعجني و هو يقول :

" بعد أيام فقط ... "



أهداني سامر زوجا من الأقراط الذهبية ، أما أنا فأهديته إحدى لوحاتي !

لم تكن لدي فكرة عن شيء جديد أهديه إليه !

قضينا نهار العيد ، أنا و سامر نتجول من مكان لآخر ...

و عند العصر ، و نحن في الطريق إلى البيت قال سامر :

" حصلت على هذا اليوم بصعوبة ، لا زال أمامي مشوار العودة الطويل "

قلت :

" أنت تكلف نفسك مشقة ! ما كان يجدر بك الحضور ! "

سامر التفت إلي باستغراب و قال :

" لا أحضر ؟؟ في يوم مميز كهذا ؟؟ "

قلت :

" أقصد .. مشقة السفر ... حضورا و ذهابا ... "

قال :

" لأجلك أنت ِ "


صمت ، و أخذت أراقب الأشياء المتحركة من حولي من خلال النافذة ...


بعد قليل ، قال سامر :

" لم كنت ساهرة لذلك الوقت المتأخر ... البارحة ؟؟ "


التفت نحوه بتعجب !

قلت :

" لم أشعر بالنعاس قبلها ... "

و أضفت :

" كما و أن ... وليد كان قد عاد قبل ذلك بقليل من الخارج ، و لم أشعر بارتياح للنوم و هو خارج المنزل "


قال :

" هل ... يسهر بعيدا كل ليلة ؟؟ "

" لا ! أبدا ... فقط البارحة ، ربما حضر أحد احتفالات العيد ! "

عندما عندنا للمنزل كنا أول الواصلين

تجازوت الساعة السادسة و لم يعد لا وليد و لا دانة ... سامر بدأ يلقي بنظرة بين حين و آخر عليها في اضطراب ...

" تأخرا ! يجب أن أغادر الآن فأمامي مشوار طويل "

و المشوار بين المدينتين يستغرق ساعات يقضيها سامر في قيادة السيارة

لابد أنه متعب الآن ! فقد قضينا ساعات أيضا في السيارة ...



قام سامر و اتصل بوليد ، و يبدو أن هذا الأخير أخبره بأنه لن يعود قريبا

لذا أتى سامر و قال :

" أ آخذك إلى بيت خالتك ؟؟ "

لم أحبذ الفكرة و مع ذلك اتصلت بهم ، و لم أجد أحدا ... لابد أنهم ذهبوا أيضا للتمتع بيوم العيد ...


قلت :

" أين هو وليد ؟؟ "

" يقول أنه في مكان بعيد ، و قد يتأخر في الحضور ... "

و تنهد سامر باستياء !


إنها المرة الأولى التي يكون فيها معي و يرغب في الذهاب !

قبيل الثامنة ، خرجنا مجددا و اشترينا عشاء خفيفا من مطعم قريب و عندنا للمنزل

و أيضا لم نجد أحدا هناك ...

عاود سامر الاتصال بوليد بعد العشاء ...

" إن علي ّ الذهاب الآن ... فمتى ستعود ؟؟ "



و من خلال تعابير سامر المستاءة استنتجت رد وليد !


قال سامر :

" و الآن هللا حضرت ؟؟ "

بعد أقل من ساعة من المكالمة وصل وليد ...


بادره سامر بالعتاب :

" تأخرت يا وليد كثيرا .. متى سأصل إلى شقتي ؟؟ "

قال :

" شاركت الآخرين مهرجانات العيد ... لا أحد يبقى في المنزل في يوم كهذا "


فهمت أنه يقصد أن وجودي يعيقه عن الترفيه عن نفسه في يوم مميز ...


التزمت الصمت ... قال سامر :

" سأذهب الآن ... "

و صافحني ، ثم صافح وليد و قال :

" تصبحان على خير "




بقيت مع وليد ... وحيدين في المنزل ...


حينما رأيت الضجر باد عليه قلت :

" إن كنت تود الذهاب لمتابعة سهرتك في مكان ما ... فخذني إلى بيت إحدى صديقاتي ثم اذهب "


و ببساطة تجاهلني !

قلت بغضب :

" وليد أنا أتحدث معك ! "

الفت إلي و قال :

" أسمعك ، لكنني لست مجنونا لأفعل ذلك "

صمت قليلا ، ثم قلت :

" أنا آسفة ... للتسبب بإزعاجك طوال هذه المدة ... بقيت بضع أيام "

لم يرد ...

قلت :

" أنا أستطيع المكوث في بيت خالتي ، لكن المشكلة مع دانة ... و إلا لكنا وفرنا عليك عناء البقاء معنا "


رماني وليد بنظرة مخيفة أخرست لساني !


لم أشأ أن أتركه وحيدا و أنعزل في غرفتي ... أحضرت كراستي و عدّة الرسم إلى غرفة المعيشة ، حيث يجلس هو ، و بدأت أرسم !


وليد كان يتصفح قنوات التلفاز و لا يجد فيها من يجذبه للمتابعة

لكنه مهووس على ما يبدو بالأخبار ...

بعد قليل ، أوقف وليد التلفاز و أخذ الهاتف ، و طلب أحد الأرقام ...

أنا لم أكن أرسم بقدر ما كنت أراقب تحركاته ...

و هاهو يتحدّث إلى الطرف الآخر :

" مرحبا ، أنا وليد شاكر "

( ........................ )

( أهلا بك آنسة أروى ، كل عام و أنتم بخير ، كيف هي أموركم ؟؟ )

تركت القلم من يدي و أصغيت باهتمام ...

( ماذا ؟؟ متى حدث ذلك ؟؟ )

( ...................... )

" أوه ... أنا آسف ... و كيف حالتها الآن ؟؟ أهي أفضل ؟؟ "

( .................... )

" لا تقلقي ، بلغيها و العم سلامي ... و أخبريهما بأنني سأعود في أقرب فرصة إن شاء الله "

( .................. )


" شكرا لك ، وافوني بأخباركم أولا بأول ، تصبحين على خير "

و أنهى المكالمة ...

و عاد و شغّل التلفاز ، ألا أنه كان شاردا ...

من تكون أروى هذه ؟؟

تركت اللوحة جانبا ، و قلت بعد تردد قصير ضعيف غلبه الفضول الشديد :

" وليد "

" نعم ؟؟ "

" من كنت تحدّث ؟؟ "

بدا عليه الاستغراب ، ثم قال :

" لم السؤال ؟؟ "

" لاحظت ... استيائك من خبر وصلك من الطرف الآخر ... خيرا ؟؟ "

قال :

" زوجة صديقي رحمه الله تعرضت لنوبة قلبية و ترقد في المستشفى "

صمت ّ قليلا ثم سألته :

" و هي من كنت تتحدّث معها ؟؟ "

" كلا . هذه ابنتها "

ابنة صديقه ؟ إذن لابد أنها مجرد طفلة !
بعد قليل أوقف وليد التلفاز و نهض هاما بالمغادرة

قلت :

" إلى أين ؟؟ "

التفت إلي بانزعاج و قال :

" سأذهب للنوم ، إلا إذا كنت ِ تريدين من حارسك البقاء ساهرا لحين نومك ؟ "

لم أجب ، فأنا لم أجد الكلمات المناسبة ... و هو لا يدرك كم هي جارحة كلماته و قاسية معاملته ...

ليته يعرف !

استدار ليخرج فعدت أناديه :

" وليد "

تنهد و هو يلتفت نحوي قائلا :

" ماذا الآن ؟؟ "



تابع الحلقة الثانية والعشرون

تقدمت نحوه قليلا ، و فتشت في وجهه عن أي ملامح تشجعني على سؤالي ، لكنني لم أجد ... فبقيت صامتة ...

" نعم ؟؟ ماذا لديك ؟؟ "

توترت ، لكني بعدها جمعت غبار شجاعتي و قلت :

" هل أعجبَتـْـك ؟؟ "

" ما هي ؟؟ "

" الهدية ! "

وليد بعثر نظره هنا و هناك ، ثم قال :

" لا أذكر أين تركتها ... آسف ! "

ّّّّّّّ~~~~~~~~~~~~
 
قديم 18-01-2005, 03:12 PM   #77
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــابع

هنا عند هذه اللحظة تمزّقت أوهامي ...
فإن كان قد أضاع هدية أعطيتها له مساء الأمس ...قبل أن يفتحها ... فكيف بماض ولى منذ تسع سنين ؟؟


و إدراكي لحقيقة أن وليد لم يعد وليد ... قتل كل رغبة في الحياة و السعادة لدي ...

الأيام التالية قضيتها حبيسة الغرفة في أنهار من الدموع ... حتى أن دانة و التي عادة ما تتهمني بأنني أتدلل بدموعي هذه بدأت تقلق بشأني و صارت تحضر لي الطعام إلى غرفتي ...

زارتني نهلة ، و خالتي ... الجميع يحاول التحدث ليعرف سبب حزني ألا أنني لم أكن أدع الفرصة لهم ...

و عندما تتصل أمي أكتفي بكلمات بسيطة معها أو مع أبي ، و أعود إلى غرفتي ...

أما سامر ، فقد كنت أتحاشى الحديث معه قدر الإمكان ...

في إحدى الليالي ، جاءتني دانة و قالت بمرح ـ محاولة بث البهجة في قلبي ـ

" رغد ! أنت مدعوّة على العشاء معي و مع وليد في أرقى مطاعم المدينة ! هيا بسرعة وليد ينتظرنا "

هي نظرة عابرة ألقيتها على دانة ثم أشحت بوجهي عنها و قلت :

" لن أذهب "

" ماذا رغد ! هيا لا تدعي الفرصة تفوتنا ! "

" لا أريد دانة رجاء ً دعيني وحدي "

دانة اقتربت مني ... و قد غطت وجهها تعبيرات القلق و قالت :

" هيا رغد ! "

هززت رأسي اعتراضا ، فقالت :

" إذن سنذهب و نتركك وحدك ! "

كانت تعرف أن نقطة ضعفي هي الوحدة ... و أتت تستخدمها كسلاح لجبري على الذهاب معهما ...

حدقت بها لبرهة ثم قلت :

" افعلا ما تشاءان "

رفعت حاجبيها دهشة و قالت :

" رغد ! معقول ! هل تخلّصت من الخوف ! "

قلت بعصبية :

" اذهبا و اتركاني وحدي ... دعيني وحدي يا دانة ... دعيني وحدي ... "

و انخرطت في بكاء مرير ...



دانة خرجت ... و بعد قليل عادت مع وليد ...





~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




أحوال صغيرتي كانت غريبة ، و أصبحت مقلقة آخر الأيام ...

في الواقع هي كانت مستاءة جدا منذ أن قدمت ، ألا أن استياءها ازداد مؤخرا ...

كانت تحبس نفسها في الغرفة ، و لا تشاركنا لا الطعام و لا الكلام .

قررت أن نخرج معها لتناول العشاء في أحد المطاعم و من ثم التنزه فعلّ ذلك ينعشها ... ألا أن دانة أخبرتني بأنها رفضت القدوم معنا و قالت لها
( اذهبا و دعوني وحدي )

في السابق كانت دانة تترجم تصرفات رغد على أنها تدلل ، فهي متدللة جدا ... ألا أنها الآن قالت :

" أنا قلقة يا وليد ... هناك شيء تخفيه عنا ... لا أعرف ما الذي يحزنها هكذا "


كنت خلال الفترة الأخيرة أتحاشى اللقاء بها ، فلا قلبي و لا معدتي بقادرين على تحمل المزيد ... ألا أنني هذه اللحظة لم أتمالك نفسي و ذهبت مع دانة إلى رغد ...


الأخيرة كانت في غرفتها تبكي بغزارة تفطر قلب الحجر ... فكيف بقلبي أنا ؟؟


حاولت التحدث معها ألا أنها لم تستجب لي ، و قالت بعصبية :

" اخرجا و دعاني و شأني "

بقيت أيام على موعد عودة والدي ّ من رحلة الحج ... ربما يعود كل شيء على ما كان بعد عودتهما ...

و لكن إلى ذلك الحين يجب أن أفعل شيئا !



صبرت ساعة أو ما شابه ، ثم عدت إليها بمفردي ... و للأسى وجدتها لا تزال تبكي ...


" رغد ... انهضي ... دعينا نذهب لأي مكان تحبين ! "

ما وصلني منها أي جواب ...

كانت تجلس على السرير و تضع الوسادة في حضنها ...

" رغد ... ما بك ؟؟ أخبريني ؟؟ "

" لا شيء "

" إذن لم تبكين ؟ "

" لا لسبب "

" أرجوك ... أبلغيني بما يزعجك ؟؟ "

" قلت لا شيء "

" ربما أنا ؟؟ "

حين قلت ذلك نظرت إلي رغد نظرة غريبة مليئة بالمعاني ...

" إن ... كنتِ منزعجة بسببي ... فأنا آسف ... ما هي إلا أيام معدودة و يعود والداي و سامر ... "

عندها أغمضت رغد عينيها و ارتفع صوت بكائها المرير ...

كيف لي أن أحتمل رؤيتها هكذا ؟؟

بصعوبة بالغة منعت يدي من التربيت على كتفيها ... و لكنني لم أستطع منع نفسي من قول :

" صغيرتي الغالية كفى أرجوك ... لا أحتمل دموعك "

رغد قالت :

" أخرج "

و كررت الكلمة مرتين ، فغادرت الغرفة و أنا في قعر التعاسة و الكآبة ...



عند الفجر كنت في طريقي للخروج من المنزل قاصدا المسجد ...

فيما أنا أمر من غرفة المعيشة سمعت صوتا يصدر من هناك ...


سرت بحذر حتى دخلت الغرفة ، و أذهلتني رؤية رغد تبكي و تنحب هناك

" رغد ! "

التفتت إلي رغد بذعر إذ يبدو أنها لم تنتبه لقدومي ... ثم نهضت واقفة بارتباك ...


تقدمت منها ، و قلت :

" بالله عليك أخبريني ... ما بك ؟؟ "

رغد أرادت الخروج لكنني وقفت سادا فتحة الباب مانعا إياها من الخروج

" أخبريني ما بك أولا "

" دعني و شأني "

" لن أدعك حتى تخبريني "

" و لم تود أن تعرف ؟؟ ماذا يهمك أنت ؟؟ "

" يهمني كل شيء يتعلق بك ... كل شيء "

" كذّاب "


انقبضت عضلاتي استياء ً ... و استدرت للمغادرة ...

خطوت خطوتين ، و توقعت أن تخرج رغد من بعدي ، ألا أنها لم تخرج ...

عدت إلى الغرفة فرأيتها جاثية على الأرض باستسلام تام للدموع ...

نفس الجلسة التي كانت تجلسها و هي طفلة ، حين يعتصرها الألم ...


دنوت منها حتى صرت ازاءها مباشرة ، و انحنيت و قلت بصوت أجش :

" أرجوك يا رغد .. أرجوك توقفي عن هذا و أخبريني بما يزعجك ، و أيا كان ... أنا سأزيحه عنك نهائيا "

رغد رفعت نظرها ... كأنها تطلب التأكيد ...

قلت :

" أي شيء يضايقك و يحزنك لهذا الحد ... أبلغيني و أنا أبعده عنك .. "

" صحيح ؟؟ "

" نعم يا رغد ، لا تظني أنني فقط أكذب و أدعي ... لا تعرفين كم هي غالية دموعك عندي ... "

" مهما كانت غالية ... هناك ما هو أغلى ... و هناك ما لا يمكن فعله أبدا"

" أخبريني أنت فقط ، و سترين "

رغد هزت رأسها نفيا ... و قالت :

" لا لن تفعل ! لن تستطيع شيئا ! "

" أخبريني ماذا تريدين ؟؟ "

" أريد أمي "

قلت بتعجب :

" تريدين أمي !؟؟ "

هزت رغد رأسها اعتراضا و قالت في صيحة قاتلة :

" أريد أمي أنا ... لا أمك أنت ... أنا أريد أمي ... فهي من يستطيع مساعدتي ... لو بقيت حية ... لا أحد منكم يستطيع ... هل يمكنك إحضارها إلي ؟؟ "


فوجئت بقولها هذا و شعرت بشرايين قلبي تتفجر بعنف ...

أيعقل أنها لا تزل تفكر في أمها ـ التي لم تعرفها يوما ـ حتى الآن ؟؟

أتقصّر أمي في شيء للحد الذي يجعل رغد تبحث عن المساعدة من أمها الراحلة منذ 15 عاما ؟؟

بعدما انتهت من نوبة بكائها قالت بتحد ٍ :

" هل تستطيع إحضار أمي إلي ؟؟ "

وجدت نفسي أقول :

" اعتبريني أنا أمك ... "

ثم أضفت :

" ألم أكن كذلك ذات يوم ؟؟ "

نظرت إلي رغد بيأس ...

قلت :

" لطالما كنت ِ تعتمدين علي و تثقين بي ... "

و لما لم أجد منها تفاعلا ... نهضت و أنا أقول :

" سأذهب لتأدية الصلاة "



عدت من الخارج بعد قليل ، و لم أجدها ... ذهبت إلى غرفة سامر و اضطجعت على سريره و أخذتني دوامة الأفكار إلى عالم من المتاهات و الدهاليز ...


تذكرت ... يوما كنت فيه في غرفتي بمنزلنا القديم ، و سمعت طرقا خفيفا على الباب ... و حين فتحته ، وجدت رغد تبكي بألم ... مليئة بالخدوش و الكدمات ...


أعتقد أنني تعلقت بها ابتداء ً من ذلك اليوم ... و لا أعلم انتهاء ً بأي يوم ؟؟

فجأة ... سمعت ُ طرقات خفيفة بالكاد التقطتها أذناي ، ما يدل على تردد اليد الطارقة ...


قمت و فتحت الباب ... و وجدت رغد تقف عنده ...

كانت عيناها شديدتي التورم و الاحمرار ، و وجهها شديد الحزن و الكآبة ...

قلت :

" صغيرتي ... "

ما أن نطقت بذلك حتى قفزت الدموع من عينيها ... حاولت تهدئتها ... فمسحت الدموع و لملمت شيئا من شتات قوتها و همت بالكلام ... لكن التردد كان مسيطرا عليها ...

قلت مشجعا :

" نعم صغيرتي ... قولي ما تودين ؟ "

ازدردت ريقها و سحبت عدة أنفاس ... ثم نظرت إلي نظرة مريرة ...

تراجعت ، و خطت خطوة للوراء لكنني استوقفتها :

" هيا رغد ... أنا أسمعك "

" لن تستطيع مساعدتي "

" بلى سأفعل ... قولي ماذا يحزنك ؟؟ "

هنا انفجرت بالبكاء و غطت وجهها بيديها و قالت بصوت متقطع :

"أنا ... أنا ... لا أريد أن ... أتزوج سامر "




لقد كان ذلك هو آخر شيء أتوقعه على الإطلاق ... الذهول الذي أصابني و هول المفاجأة لم يدعا لي فرصة للتفكير ... أو حتى استيعاب الموقف
ألا أن الألم و المرارة التي رأيتها في عيني رغد وهي تستنجد ... و تبحث بيأس عن شخص ينقذها رغم كل اعتبار ... و القنوط الذي دفعها للتفكير في أمها المتوفاة منذ إن كانت هي طفلة صغيرة ... و شعوري بالمسؤولية عليها ... كلها أمور امتزجت مع بعضها البعض و دفعتني في النهاية لقول :

" اطمئني ، لن يكون لك إلا ما تريدين "

الآن ، دخلتُ مرحلة جديدة ... و بدأت الحلقة الأولى من سلسلة المصاعب التي واجهتها فيما بعد ...

حين سألتها ساعتها :

" تقصدين ... تأجيل الزفاف ؟؟ "

قالت و هي تنفي :

" لا أريده ... أنا لا أريده "

و عندما سألتني قبل انصرافها :

" أحقا ؟ تستطيع فعل شيء لأجلي ؟ "

أجبتها :

" أي شيء ... مهما كان .. ثقي بي "




فأي شيء أغلى و أهم عندي من راحة و سعادة رغد ؟؟

في النهار التالي بدت هي أكثر راحة و ابتهاجا ، و خرجت من عزلتها و بدأت تعود للحياة ...

شاركتنا الوجبات و الجلسات ، و النزهات ... و بدت لحد ما راضية ...

حتى أن دانة قالت لي تعليقا على تقلب أحوال رغد :

" أ رأيت ! قلت لك ! سبحان مقلّب الأحوال ! "



في يوم الأربعاء التالي ، يوم حضور سامر للزيارة ، بدت في غاية التوتر و القلق ...

طلبت منها أن تذهب إلى بيت خالتها ، كما صرفت دانه مع خطيبها بشكل ما ، و بقيت وحدي في البيت أنتظر ...


عندما حضر سامر استقبلته استقبالا طبيعيا ، و حين سأل عن الاثنتين أبلغته عن أمرهما ...

~~~~~~~~~~~~
 
قديم 18-01-2005, 03:20 PM   #78
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــابع

تركت له فرصة ليرتاح من عناء السفر ... و بعدها أخبرته بأن هناك ما يجب أن يعرفه ...


التوتر تملكه بطبيعة الحال ... أما أنا فتظاهرت بالبرود بينما النيران تأكل أحشائي ...

أخي لم يكن يتحدث عن شيء غير الزواج المرتقب ... إنني أدرك كم هو مولع برغد و يحبها بشغف ... و أدرك معنى أن يجد المرء نفسه فجأة محروما ممن يحب و يتمنى ... كيف لي ألا أدرك هذا و أنا صاحب التجربة المرة القاسية ... ؟


لكن ... بالنسبة لي أنا ... فلا شيء يهم بعد رغد ... و كل شيء يهون من أجل رغد ...

و إن كنت ارتكبت جريمة من أجلها ... فهل سيصعب علي تحطيم أخي في سبيل راحتها ؟؟


" خيرا يا وليد ؟؟ "

خير !؟ أتظنه خيرا يا سامر ! سامحني يا أخي فأنا ... أنا كنت و لا زلت مجرما ...

قلت بدون مقدمات :

" إنه بشأن زواجك "

" ماذا بشأن زواجي ؟؟ "

نظرت إليه بجدية و قلت بصوت قوي و ثابت :

" يجب تأجيله "

نظر إلي ببلاهة و عدم استيعاب :

" تأجيله ؟؟ "

" أنا جاد يا سامر . ركّز معي . زواجك سيتأجل إلى أجل غير مسمى "

" وليد ... هل لك أن تتحدّث بوضوح أكثر ؟؟ "

" بوضوح أكثر يا أخي ... العروس لا ترغب في الزواج الآن و إلى أن تحدد هي الوقت الملائم سيتم تأجيل كل شيء "




كانت هذه الجرعة الأولى التي لم استطع سقيه أكثر منها ...

سامر هاج و ماج و غضب و ثار و تخبط بجمل متعارضة متناقضة ... ثم قرر الذهاب لإحضارها من بيت خالتها

قلت له :

" ليس الآن ... سأحضرها أنا بعد قليل "

حدثت بيننا مشادة قال فيها سامر :

" أريد التحدّث معها مباشرة :

قلت :

" أنا أتحدّث نيابة عنها "

قال :

" بل سأتحدّث إليها هي ، فهي صاحبة الشأن "

قلت :

" و أنا المسؤول عنها الآن "

قال بعصبية :

" مسؤول عنها في حال غيابي لكنني موجود و أنا زوجها ... فلماذا تخبرك أنت و لم تخبرني ؟؟ "

قلت :

" كيف ستخبرك بشيء كهذا !؟ إنها مرعوبة من الفكرة فهي تدرك أن الأوان قد فات للتراجع ... و الزفاف بعد أيام ... "

" و ما الذي جعلها تغير رأيها هكذا فجأة ؟؟؟ إننا كنا معا يوم العيد و لم تأت بذكر شيء عن هذا مطلقا "

" بل كان الموضوع يشغلها منذ فترة ... و أنتم من ضغط عليها ... لكن الفتاة بحالة سيئة تزداد يوما بعد يوم بسبب اقتراب الموعد ... ألم تلاحظ ذلك ؟؟

قال سامر :

" تبا "

و سار بانفعال نحو المخل يريد الذهاب لإحضارها ...

" انتظر يا سامر "


لم يكن يصغي إلي ، و لكنه و بمجرد أن فتح الباب وقف متسمرا في مكانه ...


و ظل ممسكا بالباب المفتوح و ينظر إلى الخارج ...

ثوان ٍ و إذا بي أرى رغد تدخل المنزل ، يتبعها ابن خالتها حسام !

أول ما نظرت ، نظرت إلي ... تود استنباط مكنون ما حصل ... ثم نظرت إلى سامر و من التعبيرات الكاسية لوجهه المكفهر أدركت أنني تحدّثت معه ...


حسام كان أول من تحدّث إذ ألقى التحية ... فرددناها ، و دعوته للدخول ...


قال :

" أوصلت ابنة خالتي و أردت أن القي التحية ... "

رحبت به ، و دعوته للدخول إلى غرفة الضيافة ، و حدّثت رغد قائلا :

" اذهبي إلى غرفتك "


سامر قال :

" انتظري رغد "

فقلت مقاطعا :

" فيما بعد ، رغد اذهبي إلى غرفتك "

دخلت مع الضيف إلى غرفة الضيوف .

قال حسام ، و هو يلحظ شحنات غريبة في الجو :

" أهناك شيء ؟؟ "

قلت :

" كلا ! "

ثم فتحت موضوعا للحديث ...

بالي كان مشغولا هناك مع رغد ... دقائق و استأذنت الضيف و ذهبت أبحث عنها ...

وجدتها و سامر في الردهة ، و هي مطأطئة الرأس و تبكي ، فيما سامر يتحدث بعصبية ، بل بصراخ ...


قلت :

" كفى سامر ، لنؤجل ذلك قليلا "

" لا تتدخل أنت ! دعنا نناقش أمرنا وحدنا "

نظرت إلى رغد فرأيت الاستنجاد و الخوف يملأان عينيها ...

سامر كان منفعلا جدا ... قال :

" و الآن يا رغد أخبريني ما الذي جعلك تغيرين رأيك بعدما رتبنا كل شيء ؟؟ هل أنا أجبرتك على هذا ؟؟ ألم أترك تحديد الموعد لك ؟؟ ألستِ من قرر الزواج مع دانة في النهاية ؟؟ "

رغد لم تتكلم ، بل انحنت برأسها على ذراعها و استرسلت في البكاء ...

سامر قال :

" سيتم كل شيء كما خططنا له تماما "

رفعت رغد رأسها و تنقلت ببصرها بيننا و حاولت النطق :

" لكن ... "


قاطعها سامر صارخا :

" كما خططنا يا رغد ... فلا مجال للتراجع الآن "

قلت بعصبية و غضب :

" سامر كفى ... كيف تجرؤ على الصراخ عليها ؟؟ "

زمجر سامر بغيظ :

" وليد لو سمحت لا تتدخل أنت "

قلت :

" بل سأتدخّل ... لا أسمح لأحد بمخاطبة رغد بهذا الشكل "

قال :

" و من ينتظر الإذن منك ؟ من تظن نفسك ؟ انسحب رجاء ً "

لكني بقيت واقفا في مكاني ...

سامر تقدم من رغد و أمسك بذراعها يحثها على السير قاصدا الذهاب إلى غرفتها ...

رغد حاولت التملص ، ألا أن سامر أطبق عليها بقوة قائلا :

" تعالي إلى الداخل "

قلت بانفعال :

" أتركها يا سامر "

نظر إلي بانزعاج و سار معها خطوتين نحو الغرفة ...

قلت :

" اتركها يا سامر قبل أن أفقد أعصابي "

زمجر بصوت عال :

"قلت ُ انصرف أنت "


و في هذه اللحظة ... فقدت بالفعل السيطرة على أعصابي ، و التي كنت كابحا إياها منذ زمن ...

اندفعت نحو سامر بلا تفكير و أمسكت بذراعه و سحبته بعنف حتى تحررت رغد من قبضة يده ، و قلت :

" قلت دعها و شأنها أيها الجبان "

و سددت إلى بطنه لكمة قوية من قبضي جعلته يترنح ... و يهوي ... و يتلوى ...

انقضضت عليه و هو على الأرض و أمسكت بكتفيه و جعلت أهزهما بعنف و عصبية و أقول :

" حين تقول أنها لا تريد الزواج الآن فهذا يعني أنها لن تتزوج الآن ... أفهمت ؟؟ ... "


نهضت ، و قلت لرغد :

" اذهبي إلى غرفتك "


رغد نظرت إلى سامر ... فقلت لها :

" هيا ... "



في نفس اللحظة ، حضر حسام و الذي على ما يبدو أنه سمع شجارنا فأقبل متعجبا ...

" ماذا يحدث ؟؟ "

رغد حين رأت حسام أقبلت نحوه و هو تقول :

" أعدني إلى خالتي ... "

نهض سامر ... و نادى :

" رغد "

رغد و هي مذعورة و تبكي قالت لحسام :

" أعدني إلى خالتي ... لا أريد العيش هنا "

سامر الآن يسير نحو رغد ، و حسام ينظر إليها و يسأل :

" ماذا حدث رغد ؟؟ "

سامر قال بحدة :

" الأمر لا يعنيك يا هذا "

حسام قال بانفعال :

" إذن فهي حقيقة ... أنتم من تجبرونها على هذا الزواج ... "

سامر وقف مصعوقا يحدق برغد ... و أنا مصعوق أحدّق بحسام ...

قال حسام موجها الحديث إلى رغد :

" أليس كذلك ؟؟ "



رغد قالت بانهيار :

" دعوني و شأني ... دعوني و شأني ... "

و ركضت نحو غرفتها و أغلقت الباب ...

سامر همّ باللحاق بها ألا أنني اعترضته و قلت :

" دعها وحدها ... لا تضطرني لفقد أعصابي من جديد "


سامر حينها غير اتجاهه و دخل غرفته و صفع الباب بقوة


بقينا أنا و حسام ...

قال :

" ماذا حصل ؟؟ "

لم أجبه ... لذا قال :

" أنا استأذن ... "

و هم بالمغادرة ...

استوقفته و سألته :

" حسام ... لم استنتجت أن هناك من يجبر رغد على الزواج ؟؟ "

قال :

" أنا لم أستنتج ، أنا أعرف ذلك "

دهشت لقوله ، فسألته :

" و من أخبرك ؟؟ "

تردد قليلا ، ثم قال :

" شقيقتي "

بعدما غادر ، صبرت قليلا ثم ذهبت إلى رغد ...

كانت غارقة في الدموع ... قالت :

" أ رأيت ؟؟ لقد قضي الأمر ... لن تستطيع شيئا "

قلت :

" لماذا لم تخبريني بذلك قبل الآن ؟؟ "
رغد نظرت إلي بألم و قالت :

" ما الفرق ؟؟ النتيجة واحدة ... إنه نصيبي "

قلت بإصرار :

" لا أحد سيستطيع إرغامك على ما لا تريدين ... و أنا على قيد الحياة ...
و بمجرد أن يعود والداي ... هذا الزواج سيلغى تماما "


~~~~~~~~~~
 
قديم 18-01-2005, 03:23 PM   #79
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الثالثة و العشرون

خرجت لإحضار بعض متطلبات المنزل في صباح اليوم التالي ، و قضاء بعض الحوائج .

نمت الليلة الماضية على مقعد في الردهة ... بعدما أعياني التفكير المتواصل .

عندما عادت دانة و أرادت الذهاب إلى سامر لتحييه منعتها ، و بنبرة حادة طلبت منها أن تلزم غرفتها حتى الصباح ...

لم أكن أريد لشجار أن ينشب تلك الليلة ، أردت فرصة يتمكن فيها الجميع من ترتيب أفكارهم و استيعاب حقائق الأمور .


حين عدت إلى المنزل وجدت أختي دانة جالسة في المطبخ في وضع يقلق ...

قلت :

" خيرا ؟ هل حصل شيء ؟؟ "

قالت :

" رغد المجنونة ! قررت تأجيل زفافها ! لا يفصلنا عن ليلة الزفاف غير ليال معدودة "

صمت ، و لم أعقّب .

قالت :

" ألن نفعل شيئا ؟؟ "

قلت :

" دعها هي تفعل ما تريد "

تعجبت و استاءت في آن واحد ، و قالت :

" تعني أن الأمر لا يزعجك ؟؟ "

" ليس للحد الذي تتوقعين ... لا أريد أن يضطرها أحد لفعل مالا تريد "

" لكن الزفاف بعد أيام ! سامر مستاء جدا ... إنه مشتعل كالبركان "

شعرت بالضيق ، قلت :

" هل تحدّثت ِ معه ؟ "

" لم أكد ، تحدّثت ُ مع رغد ، ثم جاء و طلب منّي تركهما بمفردهما ... "

انزعجت من الفكرة ، قلت :

" أين ؟ "

" في غرفتها "



تركت الأكياس التي كنت أحملها تنساب من يدي و ذهبت إلى هناك .

عندما اقتربت من الباب ، سمعت صوت أخي .

كان يتحدّث بعصبية ... أصغيت فإذا بي أسمع رغد تتحدث باكية .

لم أحتمل ، طرقت الباب و قلت بحدة :

" سامر "

ثوان ٍ و إذا بالباب ينفتح و يخرج أخي .

كان مكفهر الوجه مقطب الحاجبين متورم الأوردة .

" نعم ؟ "

نظرت إلى ما ورائه فرأيت رغد ، و وجهها الكئيب المبلل بالدموع .

قلت :

" أرغب في التحدث معك "

" فيما بعد يا وليد "

ألقيت نظرة أخرى على رغد فطأطأت الأخيرة برأسها بأسى و استسلام . قلت :

" الآن يا سامر "

قال بعصبية :

" ألا ترى أنني مشغول بالنقاش مع خطيبتي ؟ "

و مجرد نسبها إليه يحرّض شياطين رأسي على الشر و القتال .

قلت و الدماء تصعد إلى وجهي و النار تشتعل شيئا فشيئا :

" حسنا ، لكن ... بهدوء ... لا أريد لأي دمعة أن تراق "




و انصرفت .

بقيت جالسا على مقربة ... أضرب أخماسا بأسداس ... و أشد قبضتي و أرخيهما بين فينة و أخرى .


بعد قرابة الساعة ، سمعت الباب يفتح فنهضت مسرعا ... رأيت سامر يمشي أمامي فلما رآني قال :


" سوينا الأمور "

قلت بذهول و خوف :

" ماذا تعني ؟ "

قال :

" سنتم الزواج كما خططنا له "

أدق الشعيرات الدموية في وجهي أحسست بها تتفجر فجأة .

قلت :

" و رغد ؟؟ "

قال :

" أقنعتها "

قلت :

" أقنعتها ؟؟ أم أجبرتها ؟؟ "

قال بعصبية :

" اذهب و اسألها لتتأكد بنفسك "

سرت من فوري نحو غرفة رغد . طرقت الباب و قلت :

" أنا وليد "

لم أسمع جوابا . قلت :

" أ أدخل ؟ "

" نعم "

سامر كان يقف خلفي .

فتحت الباب و رأيت رغد تجلس على السرير تخفي نظرها تحت قدميها .

قلت :

" صغيرتي "

ترددت قليلا ثم رفعت رأسها و نظرت إلي . كنت أرى في عينيها نظرات الخوف و الاستسلام . ربما هذا ما جعلها تتردد في النظر نحوي . قلت :

" هل كل شيء على ما يرام ؟ "

نظرت نحو سامر ثم نحوي و قالت :

" نعم "

لم أرتح للإجابة مطلقا ، قلت :

" و الزفاف ؟؟ نؤجله أو نقيمه ؟ "

قالت :

" نقيمه "

صمت برهة ثم قلت :

" أ واثقة من ذلك ..؟ أخبريني بما تريدينه أنت لا ما يريده سامر و الجميع "

رغد نظرت نحو سامر ثم قالت :

" نعم . واثقة "

قلت :

" إذن لماذا أخبرتني بأنك لست ِ مستعدة للزواج الآن ؟؟ لماذا غيرت رأيك بهذه السرعة ؟؟ "

لم تجب . قلت :

" هل يجبرك سامر على شيء ؟ "

سامر قال بعصبية :

" و لماذا أجبرها ؟ بربّك يا وليد دع الأمور تسير كما هي "

التفت إليه و قلت :

" ابتعد أنت ، و دعني أتحدث معها بحرية "

قال :

" بل ابتعد أنت ، لاحظ أنك تتحدّث إلى خطيبتي أنا "

هيجتني الكلمة مرة أخرى و أيقظت من كان نائما من شياطيني ... قلت بانفعال :

" ابتعد يا سامر و لا تدعني أفقد أعصابي من جديد "

و التفت إلى رغد و قلت :

" اسمعي يا رغد ، لن يحدث شيء لا تريدينه أنت . إياك و الخوف من شيء . فإن كنت ترغبين في تأجيل الزواج فأخبريني الآن بصراحة ... هل تريدين ذلك أم أنك مضطرة إليه ؟؟ "


رغد طأطأت برأسها من جديد و أخفت وجهها خلف يديها و أجهشت بكاءً .

ثار جنوني و أنا أراها هكذا ... التفت نحو سامر الذي لا يزال يقف خلفي و قلت :

" لن يقام هذا الزفاف و أنا حي أرزق "

سامر صاح بعصبية :

" وليد لا شأن لك بهذا "

" لن أسمح لأحد بأن يرغم صغيرتي على شيء مطلقا "

" ما قال أننا نرغمها ؟؟ "

و التف نحو رغد و قال بعصبية :

" هل أنا أرغمتك ؟؟ أخبريه "

رغد وقفت و أولتنا ظهرها و صاحت :

" دعاني و شأني . سأفعل ما تريدون جميعا . دعوني وحدي "

قلت :

" أ رأيت ؟ "

سامر دخل الغرفة و اتجه نحوها و أمسك بكتفيها و أدارها باتجاهنا و هو يقول :

" واجهينا يا رغد ... قولي له أنك قررت ِ ذلك و لم يجبرك أحد "

رغد قالت بعصبية :

" بل أجبرتموني "

حملقنا كلانا فيها ، و قال سامر :

" من أجبرك ؟ "

قالت :

" كلكم . و إن ليس بشكل مباشر. ليس أمامي إلا الرضوخ لقدري . لما تريدون أنتم جميعا .. لما تخططون أنتم جميعا .. كلكم "

أنا و سامر تبادلنا النظرات الحادة ...

قال :

" إذن فأنت ِ لا تريدين الزواج الآن ؟؟ "

قالت بعصبية و هي تصرخ في وجه سامر :

" لا ... لا ... لا "

كان سامر يمسك بكتفيها ، لكن يده تحركت الآن ... و فجأة سددت صفعة إلى وجهها ... أمام عيني ...


ربما لم يكن في الصفعة من القوة ما يحدث الألم الجسدي بمقدار ما كان فيها من إيلام معنوي ... صاحت صغيرتي :

" آي "

و وضعت كفها على خدها المتألم ...

أنا .. أرى صغيرتي .. مدللتي .. حبيبتي رغد .. تتلقى صفعة على وجهها من يد كائن بشري ... أي ٍ كان .. أمام عيني هاتين ؟؟

" سامر ! أيها الوغد ... كيف تجرؤ ؟؟ "

و قبل أن أدع له الفرصة حتى ليلتفت إلي قفزت قفزة واحدة باندفاع إليه و انقضضت عليه ، و ووجهت لكمة قوية فتاكة نحو وجهه ...

تلاها سيل متواصل من القذائف التي أشبعت بها جسد أخي من رأسه حتى إخمصي قدميه ...

الرغبات التي كبتها في صدري منذ الطفولة ... و لم أجرؤ على التعبير عنها خرجت كلها من داخلي دفعة واحدة ...

ضربته بوحشية و عنف لم أضرب بهما سواه ، و لم أضرب بهما مثيله منذ سنين

صرت أرفع فيه و أخفض ... و أهز و أرمي ... و ألكم و أرفس .. و ألوي و أثني .. و أمارس كل أنواع الضرب المبرح التعذيبي الذي تلقيته في السجن على أيدي العساكر ... في جسد أخي ...


جن جنوني و لم أتمالك نفسي ... لم أملك منعها أو إيقافها ... ضربت و ضربت حتى أصاب عضلاتي الإعياء و تصبب العرق من جسدي كله ... و نفذ الهواء من غرفة رغد فما عدت بقادر على التنفس ...

و لم يكن أخي يقاوم أو يدافع ... بل استسلم لضرباتي.. لا أدري أمنعه من صدها الذهول أم العجز ؟؟

لم أنته من درس الضرب هذا إلا بعد أن فرغت شحناتي كلها .. و تطايرت شياطيني من رأسي واحدا بعد الآخر ...

يداي كانتا تطوّقان عنقه بينما كنت أجثو على صدره ... أكاد أخنقه ...

لا أعرف ما الذي جعلني أتوقف ...

قلت و أنا أشد الضغط على عنقه تارة و أرخي قبضتي تارة :

" ألا تعرف ما الذي أفعله بمن يتجرأ على إيذاء صغيرتي ... ؟؟ "

شددت الضغط و سامر ينظر إلي بفزع و خوف ...

قلت :

" أقتله ... "




و تراءت لي صورة عمّار و هو يبتسم ابتسامته الأخيرة للدنيا ... قبل أن أكسر جمجمته بالصخرة ...


حررت عنق أخي من قبضتي فجأة ... و نهضت كالمجنون ... أتلفت يمينا و يسارا ... كأنني أبحث عن عمّار ... خيّل إلي أنه معي الآن ...


لكن عيني وقعتا على أربع أعين تنظر إلي بذعر و فزع و ذهول

اثنتان منها تخصان أختي دانة ، و الأخريان المغمورتان بالدموع هما عينا صغيرتي المذعورة رغد ...


مشيت نحو رغد ، فسارت هي للوراء خوفا ... حتى اصطدمت بالجدار ...

و لمّا صرت أمامها مباشرة قلت :

" زواجك من هذا المخلوق منته تماما ، و إن حاول أي شخص إرغامك على أي شيء ، فويل له مني "




خرجت بعد ذلك من الغرفة و من المنزل و إلى الفناء الخارجي ... أفرغ ما تبقى من غضبي في السجائر ...



بعد قرابة الساعة و النصف حضرت السيدة أم حسام لزيارة رغد .

~~~~~~~~~~
 
قديم 18-01-2005, 03:37 PM   #80
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــابع




كنت أعلم أن الأمر لن ينتهي بسلام .

ها قد أقبلت خالتي و تعقّدت الأوضاع أكثر فأكثر ...

خالتي تحدّثت مباشرة إلى سامر و قات له أن أقل ما يجب فعله هو تأجيل موعد الزفاف حتى تستقر الأمور .

سامر و الذي كان مثخنا بالكدمات محمر الوجه متهيج الأعصاب طلب منها بنبرة حادة ألا تتدخل ، ألا أن خالتي قالت :

" لن أدعكم تتحكمون في مصير ابنتي كيفما شئتم "

ثم نظرت إلى و قالت :

" سآخذها معي إلى أن تعود أم وليد و نضع حدا لهذا الزواج "


سامر اعترض و كذلك دانة ، ألا أنني تشبثت بخالتي و خرجت معها رغم ذلك .

حين كنت أعبر الفناء الخارجي وجدت وليد هناك ..

قال :

" إلى أين ؟ "

خالتي تولت الإجابة :

" سآخذها معي لبعض الوقت "

لم أر في عيني وليد أي اعتراض ، فخرجت معها ...




في غرفة نهلة ذرفت الكثير من الدموع و أنا أروي لها ما حدث و أصف الهجوم الوحشي الذي قام به وليد ... و أرعبني .


" كنت أعرف أن هذا ما سيحدث ... الآن أنا أحدثت شرخا في العائلة ... ماذا سيفعل والداي حين يعودان ؟؟ أنا نادمة على تهوري ... كان يجب أن أرضخ لقدري ... "

" يكفي يا رغد ... أنت لم ترغبي في الزواج منه ، هذه الحقيقة إذن دافعي عنها "

قلت :

" لأجل ماذا أدافع عنها ؟ ماذا سأربح إن تخلصت من سامر و جعلت الجميع يتخذ مني موقفا معاديا ؟ ثم ماذا ؟ هل تتخيلين كيف سأعيش بينهم و قد حصل ما حصل ؟ "

" ابقي معنا هنا "

" مستحيل ... عمّي هو ولي أمري ... إنه أبي و لا يمكنني العيش في غير بيته "

" ستعيشين في بيت زوجك ! "

" أي زوج هذا ؟؟ "

" الذي تحبين ! "

قلت بألم و يأس :

" و هل تعتقدين أنه بعد أن أنفصل عن أخيه سيكون من الطبيعي أن أرتبط به هكذا ببساطة ! أم هل تظنين أن وليد يفكر بي ؟ "

" إذن لماذا ساندك في موقفك ؟ "

" لأنه يشعر بالمسؤولية تجاهي .. كما لو كنت واجبا عليه تأديته لا أكثر ... "

و هي حقيقة مرة أتجرعها لحظة بعد لحظة ... رغما عني .

ساعات طويلة قضيتها في التفكير ... إلام سيؤول أمري بعد الذي حصل ؟

و كلما تخيلت الوحشية التي طغت على وليد هذا الصباح شعرت بالخوف و الفزع .. أهذا هو ابن عمي الذي كنت أعرف ؟؟

أهذا هو الرجل الذي أحببت ؟

إنني حتى لا أجرؤ الآن على مجرد النطق باسمه ...



عندما عدت إلى البيت في المساء لم يكن هو موجودا ، استقبلتني دانة بوجه عابس مليء باللوم و العتاب ...

قالت :

" هل أنت راضية عما فعلت ِ ؟ أي جنون هذا الذي أصابك ؟ "

كنت أريد الهروب منها ألا أنها لحقتني و تابعت كلامها بكل إصرار و قسوة :

" رغد اخبريني ماذا جرى لك ؟ إن سامر حزين جدا فهل يرضيك هذا ؟ ألا تشعرين بما يحس به ؟ ألا تعلمين أنه متلهف للزواج منك منذ زمن ؟ إنه يحبك بجنون .. أنت ِ خالية من المشاعر تماما كالجدار الذي خلفك "


قلت بعصبية :

" حلّي عنّي ! اتركوني و شأني "

" لا لن أدعك و شأنك و أنا أراك تحطمين أخي بهذا الشكل . ستتزوجين منه و ينتهي الأمر كما رسمنا له "

قلت :

" و ماذا عن مشاعري أنا ؟؟ ألا يحق لي الزواج من الرجل الذي اختاره ؟ "

نظرت إلي دانة بدهشة و قالت :

" ماذا تقصدين ؟؟ أنك لا تريدين أخي ؟ "

التزمت الصمت ، قالت :

" لا تحبين أخي ؟؟ "

قلت بانفعال :

" بلى أحبه ... تماما كما تحبينه أنت ِ .. كأخي الذي تربيت معه ... فهل علي أن أتزوج من أخي ؟؟ "

دانة بدت مذهولة و قالت بتردد :

" رغد ... ما الذي تعنينه ؟؟ أتعنين أنك ... تحلمين بالزواج من شخص آخر ؟؟ "

فاجأني سؤالها و أربك تعبيرات وجهي ، ما جعل الشكوك تكبر في ر أسها ...

صمتت برهة ثم قالت :

" لقد فهمت ... فهمتك أيتها الخبيثة ... إذن فقد أقنعتك خالتك و عائلتها ... تبا لكم جميعا "

لم استطع قول كلمة بعد .. بقيت أحملق في دانة بذهول و تشتت ، أما هي فقالت :

" سأخبر والدتي بكل شيء ... سترين "


و تركتني و انصرفت .


لازمت غرفتي لبعض الوقت ثم ذهبت إلى غرفة سامر ... حينما طرقت الباب و ذكرت اسمي لم يأذن لي بالدخول ... ألا أنني فتحت الباب و تركته نصف مغلق .. و تقدّمت إلى الداخل .


سامر كان يجلس على كرسي مكتبه في شرود و حزن ... حينما وقعت عيناه علي رأيت فيهما بحرا من الآهات و الألم ...


سامر نهض و وقف ليواجهني ، كنت أعرف أنني لا أستطيع مواجهته .. ألا أنني لا أستطيع أيضا تركه هكذا ..


تقدم سامر نحوي و قال بصوت كئيب :

" لماذا يا رغد ؟ "

لم أقو َ على إبقاء عيني مركزتين في عينيه بل هويت بهما نحو الأرض في خجل و خذلان .. و شعور بالذنب و الإثم ...

اقترب مني أكثر و أمسك بوجهي و رفعه إليه ليجبرني على النظر إليه .. و قال :

" أخبريني .. لماذا ؟ هل فعلت ما ضايقك مني ذات يوم ؟ "

هززت رأسي نفيا ... أبدا ... مطلقا ...كلا .. إنه لم يكن هناك من يهتم بي و يحرص على مشاعري و يحسن معاملتي بمقدار ما كان سامر يفعل ..

قال :

" إذن لماذا ؟ أن .. تؤجلي الزفاف ربما بعد عسر كبير أجد له مبررا أو آخر .. أما أن .. أن .. تهدمي جسر الوصل بيننا هكذا فجأة .. فجأة و دون سابق تلميح .. و تعلني أنك أجبرت ِ على الارتباط بي .. و أنك لم ترغبي في ذلك يوما .. بعد كل هذه السنين يا رغد .. بعد كل هذه السنين .. فهذا ما لا أستطيع أن أجد له أي تفسير أو سبب مهما فتشت .. لماذا أخبريني ؟؟ "


فاضت الدموع من عيني جوابا على سؤال لم يعرف لساني له إجابة .. سامر أخذ يمسح دموعي .. و قال بعطف :

" أنا آسف لما حصل هذا الصباح .. كنت مجنونا .. سامحيني "

أغمضت عيني إشارة إلى أنني قد نسيت الأمر .. و حين فتحتهما رأيت لمعان دمعة محبوسة في عين سامر المشوهة .. يخشى إطلاق سراحها ..

قال :

" لا تفعلي هذا بي يا رغد .. تعلمين كم أحبك .. "

و طوّقني بين ذراعيه بعاطفة حميمة ...
فتحت المجال أمام سامر للتعبير عن مشاعره ، و بقيت أسيرة بين ذراعيه فترة من الزمن .. لم أتحرك إلا حين سمعت صوتا قادما من ناحية الباب فالتفت كما التفت سامر .. و رأينا وليد يقف هناك .


لا أستطيع أن أصف لكم النظرات الوحشية المرعبة التي كان يرمينا بها .. لقد كنت أشعر بها تلسعني و تحرقني ..




تابع الحلقة الثالثة والعشرون

تقدّم خطوة بعد خطوة ، تكاد خطواته تهز الأرض من قسوتها .. كان الشرر يتطاير من عينيه و هو يحملق في سامر و يعض على أسنانه ..

شعرت بالخوف .. تراجعت للوراء .. اختبأت خلف سامر .. امتدت يدا وليد و أمسك بتلابيب سامر بعنف و قال :

" قلت لك لا تحاول استدرار تعاطفها ثانية .. حذّرتك من الاقتراب منها حتى يعود والدي .. ألم تفهم ؟ "

ثم سحبه و دفع به نحو الجدار ..

سامر رفع رجله و سدّد ركله بركبته إلى وليد ، فقام هذا الأخير بلكم سامر بعنف على خدّه المشوه ..

وليد قال و هو يلصق سامر بالجدار بقوة :

" لن أسمح لرغد بالزواج منك .. أفهمت ؟ لا تستحق رجلا مشوها مثلك "

قال سامر :

" نعم ، فالأفضل لها الزواج من القتلة المجرمين "

و ما إن قال سامر ذلك حتى تحوّل وليد إلى وحش .. نعم وحش .. فهو أقل وصف يمكنني نعته به ..

صرخت :

" توقفا "

ألا أن الاثنين دخلا في عراك مميت ...

أسرعت أجري بحثا عن دانة .. فوجدتها في غرفتها تتحدث إلى خطيبها .. صرخت :

" أسرعي دانة .. يتقاتلان مجددا "

دانة تركت السماعة و جاءت تركض معي ..


حاولنا التدخل لفض العراك الجنوني ألا أننا فشلنا تماما .. و أخذت كل واحدة منا تصرخ من جهة دون جدوى ..


يد الغلبة كانت بطبيعة الحال لوليد الذي كان يفوق سامر بدانة وبنية و قوة ..

استمر العراك فترة من الزمن .. كنت أصرخ و أنا أبكي

" توقفا .. يكفي "

ألا أن أحدهما لم يكن ليستجب لي ...

قلت :

" أنا سأتزوج من سامر .. سأفعل ما تريدون .. هذا يكفي .. يكفي .. "

ألا أن ذلك لم يزد الأمرإلا وطيسا ..

دانة التفتت نحوي و صرخت بوجهي :

" هذا كلّه بسببك أنت .. أيتها اللعينة رغد ابتعدي عن وجهي الآن .. "

و دفعت بي نحو الخارج عنوة ..


ركضت أنا نحو غرفتي و جعلت أبكي بصراخ .. و أنادي أمي و أبي ..



~~~~~~~~~~
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذي حياتي NOOR ELHOODA الإرشيف الأدبــي 14 15-03-2006 05:37 AM
هذه حياتي هلوول مجلس حلا لعذب الكلام 9 03-01-2006 10:11 AM
قصة حياتي / قصيدة وردة الحب مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 12 26-10-2005 06:50 PM
أمنية حياتي dark angel مجلس حلا للشعر وهمس القوافي 4 10-04-2005 03:30 AM
هذه حياتي حلاه الكون مجلس حلا لعذب الكلام 4 28-01-2005 06:30 PM


الساعة الآن 03:58 AM


العاب فلاش
بلاك بيري
العاب ماريو
لعبة ماريو
العاب تلبيس
العاب طبخ
العاب باربي
لعبة باربي
سبونج بوب
العاب دورا
العاب سيارات
العاب ذكاء
صور 2014
صور شباب
فيسات بلاك بيري
نشر البن
العاب بنات
صور حب
صور ٢٠١٤
صور٢٠١٤
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd