|
20-06-2006, 05:51 PM | #1 |
مراقبة قسم بنات حلا
|
الرسائل النبوية
ذكرت الموسوعة الإسلامية رسائله صلى الله عليه و سلم إلى كل من المقوقس حاكم مصر، والنجاشي حاكم الحبشة، وهرقل إمبراطور بيزنطة، وملك الفرس، وعدد آخر من الحكام، يدعوهم فيها إلى الإسلام، ثم قالت : إن هذه الرسائل، بالشكل الذي وصلتنا به، لا يمكن أن تقبل على أنها حقيقية أصلية، لأنها تحتوي على تفصيلات تعكس مرحلة متأخرة من ظهور الإسلام وقوته، إن مادتها لا تستحق الثقة التي وضعها الناس فيها.
وقالت : >إنه من الغريب جداً أن يدخل سياسي وديبلوماسي رزين مثل محمد في مغامرة متهورة قبل فتح مكة<. من هذه الفقرات يبدو واضحاً أن الموسوعة الإسلامية استندت في شكها في أصالة الرسائل النبوية إلى معيارين : الأول : أن مضمونها يعكس مرحلة قوة الإسلام، والحال أن تاريخ كتابتها يرجع إلى ما قبل فتح مكة. الثاني : أن حكمة النبي صلى الله عليه و سلم ورزانته تتنافيان مع أي عمل متهوّر. والحقيقة أن هذين المعيارين يرجعان إلى النقد الداخلي لنصوص تلك الرسائل، وإلى الخصائص الشخصية لكاتبها، وهذا أساس معتمد عند العلماء، لكنه ليس الأساس الوحيد ولا الطريق الأول لتحقيق النصوص، إن الطريق الأول لمعرفة صحة مثل هذه الوثائق التاريخية هو الرواية والنقل الصحيح، فإذا صحت الرواية زال الشك. وهذه الرسالة ثابتة بنصوص الحديث النبوي الصحيح، وبإجماع المؤرخين. بل إن أصحاب أمهات كتب الحديث، عقدوا لها أبواباً خاصة بها كما في صحيحي البخاري ومسلم، فالبخاري أخرج كتابه صلى الله عليه و سلم إلى هرقل بنصه في صحيحه في كتاب بدء الوحي باب حديث أبي سفيان عند هرقل. وفي صحيح مسلم " باب كتب النبي صلى الله عليه و سلم إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى اللَّه عز وجل "، أورد فيه حديث أنس بن مالك ـ رضي اللَّه عنه ـ " أن النبي صلى الله عليه و سلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى اللَّه تعالى، وليس النجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه و سلم ". وكتابه صلى الله عليه و سلم إلى كسرى ملك الفرس، أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال مُرْسَلاً من طريق سعيد بن المسيّب، وقد اتفقت كلمة العلماء على أن جميع مراسيل ابن المسيّب صحيحة. وكتابه صلى الله عليه و سلم إلى المقوقس حاكم مصر، ذكره ابن هشام، عن ابن إسحق، وقد صرح فيه ابن إسحق بالتحديث، وما صرح فيه بالتحديث فهو، عند العلماء بالحديث، صحيح. وهكذا يتأكد أن هذه الرسائل نقلت نقلاً صحيحاً وأجمع على صحتها علماء الحديث والسيرة والتاريخ. وما أجمع العلماء على صحته لا يؤثر فيه شك المستشرقين. ثم إن ما ذكرته الموسوعة الإسلامية من أسباب للشك، ليست مسَّلمة، لأن إرسال الرسائل إلى الملوك لا يستدعي وجود قوة عسكرية ضخمة، فهي رسائل لتبليغ الدعوة لا غير، هذا وإن المسلمين ما كانوا قط يعتمدون على القوة العسكرية وحدها في نشر الإسلام، وإنما يعتمدون على تقوى اللَّه وقوة الإيمان بالدرجة الأولى، ولو طبقنا هذا المعيار على الغزوات والفتوحات الإسلامية، لأنكرنا الكثير منها، لأن قوة المسلمين العسكرية لم تكن مكافئة لقوة الكفار. ثم إن النبي صلى الله عليه و سلم لم يبعث هذه الرسائل إلا بعد صلح الحديبية، وهذا الصلح هو الفتح الأكبر، وفيه نزلت سورة الفتح، التي افتتحت بقوله تعالى : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }. وهذا دليل على أن المسلمين صارت لهم قوة وهيبة. وإذا علمنا هذا كلَّه اتضح لنا أن عمل النبي صلى الله عليه و سلم ، حين بعث هذه الرسائل، لم يخرج عن الحكمة والرزانة وحسن السياسة، وأنه بعيد عن وصف التهور والمغامرة الذي أطلقته الموسوعة الإسلامية بتهور ومجازفة. ولتؤكد الموسوعة الإسلامية موقفها المتشكك من هذه الرسائل، سحبت ظلال الشك على مسألتين هامتين هما : .1 عالمية الدعوة الإسلامية. .2 دعوة اليهود والنصارى إلى الإسلام. فيما يتعلق بالمسألة الأولى، قالت الموسوعة الإسلامية : >بالرغم من أن آيات قرآنية مدنية ذهبت أبعد من التصور بأن محمداً نبي للعرب فقط، فإن هذه الآيات التي تقدم دائما على أنها دليل على عالمية الإسلام لم تفسر بتمحيص، وتحتاج إلى تفسير أوسع من معناها الجزئي، فمن المشكوك فيه جداً أن يكون محمد فكر قط في الجماعة الدينية التي أسسها في المدينة على أنها دين عالمي<. وفيما يتعلق بالمسألة الثانية، ادعت الموسوعة أن النبي صلى الله عليه و سلم حتى وهو في قمة نفوذه، لم يوجه قط الدعوة الإسلامية إلى اليهود والنصارى المقيمين في الجزيرة العربية. وادعت أن النتيجة الصحيحة لهذا كله، هي أن نرفض الروايات التي تقول إن محمداً كان يسعى لإدخال الإمبراطورين البيزنطي والفارسي وغيرهما من كبار الحكام خارج الجزيرة العربية، إلى الإسلام. هذا ملخص ما جاء في الموسوعة الإسلامية. والنتيجة التي انتهت إليها في هذه النقطة نتيجة باطلة، لأنها بكل بساطة مبنية على مقدمات وأدلة باطلة، وما بني على الباطل فهو باطل. والادعاء بأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يفكر قط في كون رسالته عالمية، ادعاء باطل ؛ فالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة وتاريخ الدعوة الإسلامية تؤكد بطلانه. وقد فصلت الحديث عن هذه الأدلة في القسم الأول من هذه الدراسة، فلا نطيل بإعادتها هنا. وفيما يتعلق بإنكار توجيه الدعوة الإسلامية لليهود المقيمين في الجزيرة العربية، فقول باطل وحكم بلا دليل، لسبب بدهي واضح، هو أن دعوة الإسلام موجهة إلى الناس كافة، وفي القرآن والحديث والسيرة النبوية، وسيرة الفاتحين من قادة المسلمين، أدلة وافرة تؤكد توجيه الدعوة إلى اليهود والنصارى في الجزيرة العربية وخارجها. وما كان يتمتع به أهل الكتاب من حق الحرية الدينية في ظل الحكم الإسلامي، لا ينفي أن الدعوة كانت موجهة إليهم باستمرار. ومما يدل على دعوتهم إلى الإسلام والتصديق بنبوة النبي صلى الله عليه و سلم من القرآن، قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لّمَا مَعَكُمْ مّنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً }. وقوله تعالى : { وَإِذَا قيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُومِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ }. وقوله تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أرْبَاباً مِّنْ دُونِ اللَّهِ، فَإنْ تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بأنَّا مُسْلِمُونَ }. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم. ولوضوح دلالة هذه الآية على هذا المعنى، ضَمَّنَها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم كتابَه إلى هرقل عظيم الروم، فقد جاء فيه : >أما بعد ؛ أسلم تسلم، وأسلم يؤتك اللَّه أجرك مرتين، فإن توليت، فإنما عليك إثم الأرسيين، ويَا أهْلَ الكِتَابَ تَعَالُوا إلى كَلِمَةِ سَّوَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ألا نَعْبُدُ إلا اللَّه... الآية<. ودعا رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم جماعات من اليهود والنصارى دعوة خاصة في ظروف خاصة ؛ دعا صلى الله عليه و سلم يهود بني قينقاع إلى الإسلام في ظروف خاصة، كما صح في حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال : >كان من حديث بني قينقاع أن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم جمعهم، ثم قال : يا معشر يهود، احذروا من اللَّه مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد اللَّه إليكم<. ودعا صلى الله عليه و سلم أهل خيبر إلى الإسلام، وأمر عليّاً بن أبي طالب، كرم اللَّه وجهه، بدعوتهم حين أعطاه الإذن بالهجوم على حصونهم، قال : >أنفذ إليهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق اللَّه تعالى، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم<، ودعا صلى الله عليه و سلم نصارى نجران إلى الإسلام حين قدم عليه وفدهم، ففي التفسير" أن الوفد ندب لمحاورة رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم حَبْرَيْن، فلما كلماه، قال لهما : أسلما، قالا : قد أسلمنا. قال إنكما لم تسلما فأسلما، قالا : بلى قد أسلمنا قبلك، قال : كذبتما، يمنعكما من الإسلام ادعاؤكما لله ولداً، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير.." .. ولما امتنعوا من الإسلام وارتضوا البقاء على دينهم أقرهم النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك، وبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح ليحكم بينهم في ما اختلفوا فيه، تلبية لطلبهم، وكتب لهم كتاب أمان، واستمر العمل بهذا الكتاب طوال عهد الخلفاء الراشدين. وبهذا يثبت أن الدعوة إلى الدخول في الإسلام كانت تشمل اليهود والنصارى، والأدلة على ذلك من القرآن والحديث والسيرة وافرة، توضح أن دعوى الموسوعة الإسلامية لا قيمة لها. ومن ثم فإن رسائل النبي صلى الله عليه و سلم إلى الملوك والحكام، ثابتة لا شك فيها، وهي دليل عملي على عالمية الإسلام وشمولية رسالة النبي صلى الله عليه و سلم ، وسنته في الجهاد والفتوحات تؤكد ذلك وتوضحه، فأول ما يبدأ به هو الدعوة إلى الإسلام، فإن أبى أهل البلد، دعاهم إلى قبول أداء الجزية إن كانوا من أهل الكتاب، فإن أبوا قاتلهم لتكون كلمة اللَّه هي العليا، ولتحرير الناس من العبودية لغير اللَّه. |
|
|
21-06-2006, 07:32 PM | #2 |
-+[¨¤ نائبة الإدارة ¤¨]+- |
مشاركة: الرسائل النبوية
•.••◙» جروح صامتة «◙••.• يجزاكـ الله الف خير يااختي وجعلها في ميزان حسناتك يا رب وتسلمين ع الموضوعات الرائعه والمفيده ... اختــكـِ |
|
|
21-06-2006, 07:44 PM | #3 |
شخصية هامة
|
مشاركة: الرسائل النبوية
•.••◙» جروح صامتة «◙••.•
تسلمين اختي على التوضيح جزاك الله كل خير و جعله في موازين حسناتك |
|
|
22-06-2006, 04:58 AM | #4 |
موقوف
|
مشاركة: الرسائل النبوية
جروح
بارك الله فيكى وعليكى اختى الغالىة على ما قدمتى لنا وجزاكى الله عنا خيراااااااااااااااااااااااااااااا دمتى فى رعايه الله الروك |
22-06-2006, 06:50 PM | #5 |
][§¤حلا لامِـــع¤§][
|
مشاركة: الرسائل النبوية
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اختى الكريمة جروح صامته الف شكر على موضوعك الرائع جزاك الله كل خير دمت فى حفظ الله وامنه اختك انا انا انا |
|
|
24-06-2006, 03:20 AM | #6 |
(حلا متميز)
|
مشاركة: الرسائل النبوية
جروح صامته
كل الشكر والتقير لطرحك الرائع ستيف |
|
|
24-06-2006, 06:09 AM | #7 |
~*§عضو شرف§*~
|
مشاركة: الرسائل النبوية
جروح صامته
صدقت يا رسول الله وبلغت حق الدعوه كل الشكر لمشاركتك وطرحك الاكثر من قيم متعك الله بخير الدارين وارجو دوما أنا أ كون فى الجوار تقديررررى _شاعر |
|
|
03-02-2007, 09:41 PM | #8 |
مراقبة قسم بنات حلا
|
مشاركة: الرسائل النبوية
مشكورين جميعا على المرور الرائع
|
|
|
03-02-2007, 11:10 PM | #9 | |||||||||
مراقبة القسم الإسلامي
|
مشاركة: الرسائل النبوية
|
|||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة امة الرحمن ; 05-02-2007 الساعة 10:51 PM. |
||||||||||
05-02-2007, 12:56 AM | #10 |
مراقبة قسم بنات حلا
|
مشاركة: الرسائل النبوية
مشكورة امه الرحمن على مرورك الرائع
|
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|