|
09-02-2011, 09:36 PM | #1 |
نائبة الإدارة |
:::: الــثــبــات ::::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الــثــبــات معنى الثبات : نعني بالثبات الاسمرار في طريق الهداية ، والالتزام بمقتضيات هذا الطريق ، والمداومة على الخير ، والسعي الدائم للاستزادة ، ومهما فتر المرء ، فهنالك مستوى معين لا يقبل التنازل عنه أو التقصير فيه ، وإن زلت قدمه فلا يلبث أن يتوب ، وربما كان بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها ، ذلك هو حال المتصف بخلق الثبات . حماس البدايات : كثيرًا ما نجد شبابـًا يحنون إلى البدايات التي كانوا يتفجرون فيها حيوية ، ويتدفقون حماسـًا ، ويبالغون في الحرص على دقائق السنن ، ناهيك عن البعد عن دائرة الحرام والشبهات ، ثم ماذا ؟ كلَّت النفوس ، وفترت الهمم ، واكتفى بعض الشباب بأن يكونوا من عامة المسلمين ، وهذا أحسن حالاً ممن انقلبوا على أعقابهم ؛ فغدوا يعادون الدعوة ويسخرون من أهلها ، ويحذرون من سبيلها ، إنها معركة تقرير المصير بين الارتداد على الأعقاب والثبات . من صور الثبات : 1- الثبات أمام الأعداء : وللثبات صور تشمل عددًا من جوانب حياة المسلم منها : الثبات في المعركة كما ثبت الرّبيّون الكثير من أنبيائهم ، وكان قولهم : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا)(آل عمرا/147) ، والفئة الصابرة بإمرة طالوت الذين قال الله فيهم : (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا)(البقرة/250) ، وفي ذلك توجيه للمؤمن أن يلتجئ إلى الله طالبـًا منه التثبيت . وخوطب أبناء هذه الأمة بأمر الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا)(الأنفال/45) . ومن الكبائر في ديننا الفرار من الزحف ؛ ولذلك كان من الوصايا العشر التي أوصى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل : ((وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس ، وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت))(رواه أحمد) ؛ لأن الثبات يزيد المؤمنين قوة ، ويوقع في نفوس العدو رهبة ، وتزعزع المواقف يخذل الصديق ويشمت العدو ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمّق هذا المعنى يوم الأحزاب وهو ينقل التراب وقد وارى التراب بطنه وهو يقول : ((لولا أنت ما اهتدينا ، ولا تصدقنا ولا صلينا ، فأنزل السكينة علينا ، وثبت الأقدام إن لاقينا ، إن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا))(رواه البخاري) . 2- طلب الثبات من الله تعالى : ولأن مسألة الثبات على الدين قضية تشغل فكر المسلم فإنه يكثر من الدعاء بها ، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر من قول : ((يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك)(رواه أحمد) . وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخشى على نفسه في مواجهة الجاهلية أن يداهن أو يلين ، ولذلك خاطبه ربنا عز وجل بفضله عليه بأن أخلص ولاءه لله : (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ)(الإسراء/74 ، 75) . 3- المتذبذب يفتن الناس : وقد حذر حذيفة العلماء العباد لأنهم قدوة : " يا معشر القراء استقيموا ، فإن أخذتم يمينـًا وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا "(رواه البخاري) . ولو أن ضلالة المتذبذب يمينـًا وشمالاً يقتصر عليه لهان الأمر ، ولكن يُفتن بضلاله آخرون . وقد كان من وسائل أهل الكتاب في زعزعة صفوف المسلمين أن يتظاهروا بالدخول في الإسلام ، ثم يرتدون ليرتد معهم آخرون ، (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (آل عمران/72) ، فالسعيد من وفقه الله تعالى للثبات ، وخُتم له بخير ومات وهو يعمل عمل أهل الجنة إلى أن يرزقه الله التثبيت حين يُسأل . ولو تأملت في أحاديث الحوض من صحيح مسلم لوجدت أناسـًا مُنعوا منه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فيدعو عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سحقـًا ، سحقًا لمن غيّر بعدي)) ، وفي رواية أخرى : يقال له : ((والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم)) فكان ابن أبي مليكة - أحد رواة هذا الحديث - يقول : " اللهم إنَّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا " ، وكلمة " ما برحوا يرجعون " توحي بالتراجع البطيء المتواصل المؤدي إلى الهاوية ، وربما يصعب الرجوع بعد طول الاستدارج ، فهنيئـًا لمن استدرك نفسه لئلا تزل قدمه بعد ثبوتها . كما نجد كثيرًا من الأدعية تركز على معنى الثبات ، ومن ذلك دعاء عبد الله بن مسعود : " اللهم إني أسألك إيمانـًا لا يرتدّ ، ونعيمـًا لا ينفد "(رواه أحمد) . وقال شداد بن أوس : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا كلمات ندعو بهنّ في صلاتنا : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر وأسألك عزيمة الرشد "(رواه أحمد) . يتبع |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|