"مازلت بانتظارك قاتلي" 000 في ردي على "عبق الياسمين"

[فري بيبي]

منزل قديم 000
شرفة مفتوحة 000
تطل من نافذتها تلك الثلاثينية المسكينة 000
وجه شاحب عاف كل أنواع الحداثة والاهتمام 000
شعر مجعد 000 خصائلة مشوهه 000 بل ممزقه 000
عينين ناعستين 000 لم تذوقا للنوم طعماً منذ زمن بعيد 000
يدين ترتجفان 000
ليس من برد الجو القارس 000
ولا من نعومة تلك اليدين 000
يدين شاحبتين 000
لكنهما فعلاً ترتجفان 000 وبقوة 000

من خلف تلك الفتاة 000
أثاث قديم 000
سرير تنام عليه بقايا حشرات عاف عليها الزمن 000
ستارة ملتفة حول نفسها 000 تنتظر منيتها 000
جدار صامت 000 مكتوب على واجهته 000 "مازلت بانتظارك قاتلي" 000

يبدو أنني فهمت السر 000 وعرفت كل ما يدور في خفاء تلك السيدة المنسية 000

مازالت بانتظاره 000
تنتظر أن يحن عليها فيعود 000
يعود إليها بعد سنين عجاف 000
سنين انتظار و ذكريات 000
سنين 000 كانت تراه حبيباً 000
سنين 000 كانت تراه الطبيب لوحدتها 000
سنين 000 كانت تراه المؤنس لوحدتها 000

ولكن 000
تركها ورحل 000
تركها تنتظره حتى يحن فيعود 000

اقتربت من ذلك المنزل 000
حاولت أن أسرق نظرها إلي 000

لكن نظرها كان متجهاً لطريق واحد 000

نعم 000 لقد عرفت هذا المكان 000
إن نظرها متجه لتلك الزاوية 000

لكن 000 لماذا تلك الزاوية بالتحديد 000
فماهي إلا زاوية منسية لا جمال أندلسي فيها و لا زخارف حداثية 000

أخذني حب الفضول 000
اقتربت من تلك الشرفة 000
اقتربت أكثر 000 اقتربت أكثر 000
حتى وصلت إليها 000
وهي مازالت تستمتع بالنظر إلى تلك الزاوية 000

وقفت مجانباً لها 000
وبدأت أنظر 000
لكني لم أجد ما يميز تلك الزاوية 000
سوى بقايا قمامات لا أعرف أصحابها 000

أمعنت النظر أكثر 000
سرقت نظري تلك الباقة من الورد 000
يبدو أنها أعجبتها 000
وتريد أن تحصل عليها 000

ولكن 000
تلك الباقة ماهي إلا باقة مرمية 000
انتهى أصحابها من الانتفاع برائحتها 000 فرموها 000
مخلفينها وراءهم ذكرى 000


صرخت بصوت مبحوح 000
"أين أنت 000 لقد طال انتظاك 000
سأموت 000 سأموت"

ثم سكتت برهة تمسح دمعتها الساقطة 000
ثم صرخت مرة أخرى 000
"لكني لا أريد الموت بعيداً عنك 000
ألا تذكر وعدنا عندما اتفقنا على أن نموت سويأً 000 وكل منا يحضن الآخر 000
أنسيت أننا اتفقنا أن يكون آخر كلامنا 000 الحب القاتل 000
يبدو أنك نسيت 000
نسيت حبأً 000 نسيت قلباً أخذته معك إلى حيث أنت 000
عد حبيبي 000 عد يا طبيبي 000
أرجوك عد" 000

ثم جلست على تلك الأريكة المساقطة المتهالكة 000
ودموعها تسترسل من عينيها 000 قاصدة السقوط إلى الأرض 000

أمسكت واحدة من تلك الدموع المتساقطة 000
وصاحت مبتسمة 000
"اسقطي 000 هذا هو مكانك 000 السقوط أرضاً 000
في حياتي لم أر دمعة تروح لأعلى 000
أتدرين لماذا 000
لأنك ذل 000
أنت ذليلة 000 و دوماً ما تجلبين لصاحبك الذل 000
اسقطي إلى مهدك الأصلي 000 ولا تعودي" 000


من كلماتها تلك 000
أحسست أنها عادت إلى وضعها الطبيعي 000
وأحسست أنها ستعود قوية وتنسى ذاك الماضي الحزين 000

اقتربت منها 000
أدخلت رأسي من شرفة البيت راغباً الحديث معها 000
لعلي أهدئ من روعها 000
وألملم بعضأ من حزنها 000

لم أكمل أحرفي الأولى 000
إلا و انقضت علي بقايا أحرفها 000
"لقد تركني ورحل 000
ترك لي الذكريات و أخذ مني الحاضر والمستقبل 000
دفن أنوثتي بيده 000
كان يحبني 000 أنا متأكدة من حبه لي 000
فقد كان يدللني بكلماته 000 لم تبق كلمة جمعتها قواميس الحب 000 إلا و سمعتها أذني من لسانه الرطب العذب 000
كان يعشقني 000 حتى إنه لم يكن يستطيع أن ينام إلا في حضني 000
"ابتسمت ابتسامة منحرج و أنزلت نظرها للأرض" حتى أنا 000 لم أكن أجيد النوم الحقيقي إلا على حضنه الحاني الدافئ 000 كان حبنا جنوناً 000 كنت مجنونة به 000 "بصوت قوي عالي" حتى هو 000 كان مجنوناً بحبي 00يبدو أنها سقطة القدر 000
تلك عين لا ترحم 000 أخذت قلبه مني 000
جعلته يعيش بعيداً عني 000
لقد تركني وترك حبي للأطلال 000
"أخذت تضحك" 000 لكني مازلت بانتظاره 000
أتصدق أنني لم أبتعد عن هذه الشرفة منذ أن رحل ؟؟؟
لم أخرج من غرفتي هذه من أن ذهب عني وابتعد 000
كل ركن فيها يذكرني به 000
وكل زاوية فيها تذكرني بغزله و جنونه" 000

حاولت أن أقاطعها 000 لكنها كانت مسترسلة في الحديث 000
وكأني سقطت عليها هبة من السماء 000
كانت تريد أن تتحدث 000 لكنها لم تجد من يسمعها 000

اقتربت من الشرفة 000 وأنا مازلت عندها 000
أمسكت برأسي وأدارت نظري لتلك الزاوية المهجورة 000

"هل ترى تلك الزاوية ؟"
قلت : نعم 000 مابها 000 "محاولاً أن أداعبها" 000 يبدو أنك أحببت تلك الباقة من الورد 000


قربت وجهها مني أكثر 000 وكانت اللحظة الأولى التي أرى فيها وجهها عن قرب 000
كان عابساً ميتاً مخيفاً 000 ملامحه ضائعة 000
ثم صرخت في وجهي قائلة 000

"لا 000 تلك كانت زاويتنا 000 كنا نلتقي هناك 000 كان يداعبني بتلك الباقة 000 تلك كانت باقة ورد أهداني إياها منذ زمن 000 ومنذ ذلك الوقت وهي هناك 000 لم تتحرك من مكانها 000 ولا يجرؤ أحد على تحريكها أو لمسها 000 كانت تلك عربون حبنا 000 أرأيت كم هي حمراء فاقعة اللون 000
آآآآآآآآه 000 لقد ذكرتني به 000 أصبحت أتحدث عنه و كأنه أمامي 000
"نظرت إلي بابتسامة صادقة" 000 ما رأيك لو ذهبنا لتلك الزاوية 000 نجلس هناك 000 تداعبني وأداعبك 000 تتوسد حضني و أتوسد دفئك 000
"ثم صرخت" 000 لا 0 لا 000 لا أريد أن نذهب 000
فهو حتماً سيعود 000
أرأيت ماذا كتبت على الجدار 000 "مازلت بانتظارك قاتلي" 000

أتدري لماذا نعتته بقاتلي ؟
لأنه قتل قلبي 000 أخذ مني كل شيء 000
الماضي 0 الذكريات 0 الحاضر 0 وحتى المستقبل 000
لكني مازلت أحبه 000 مازلت مجنونه بحبه 000
لم لا أحبه 000 وهو من علمني الحب 000
صعد بي درجات الحب درجة درجة 000
ولم يمل مني 000 رغم طول الأيام 000 وطول السنين 000
حتماً سيعود 000 سيعود"


أنا في نفسي متيقن أنه لن يعود 000
وحتى إن عاد 000 لن يعود حبهما كما كان 000
لأنها ماتت 000
والموت مرة واحدة 000
لأن الحياة مرة واحدة 000

وإن عاد فلن يعود حبهما المجنون 000
سيعود فاتراً 000
لكني لم أحسن أن أقول هذا الكلام لها 000

أطلت النظر في جملتها 000 مازلت بانتظارك قاتلي 000
لم أجد تفسيراً لكتابتها لهذه الجملة 000
على ذاك الجدار الصامت الميت 000


وأنا واقف على شرفة البيت 000
بدأت بإطفاء بقايا شمعاتها المحترقة 000
و توسدت سريرها بجانب بقايا تلك الحشرات 000
ونامت 000
ويبدو أنها 000
ستنام نوماً أبدياً 000

ستموت بحبها 000 ستموت بصدقها 000 ستموت قلباً عاش محباً ومات حاملاً نفس الحب 000
ستموت مخلدة ذكرى عنوانها 000 مازلت بانتظارك قاتلي 000