وصفــة
--------------------------------------------------------------------------------
ضَجَّ طِفْلي بالبُكاءْ .
ضَجَّ مِن غيرِ انتهاءْ .
أزعجتني حِدّةُ الصّوتِ
فأومأتُ لَهُ أن ينتهي ..
لكنّهُ داهَمَني بالإبتداءْ .
رُحْتُ أرجو مِنهُ أن يَسكُتَ
لكِنْ
مَزَّقتْ صَرختُهُ سَمْعَ الرّجاءْ !
لَمْ أطِقْ أكثَرَ
أجزَلْتُ لَهُ الوَعْدَ بأنّي
سَوفَ أبتاعُ لَهُ الحلوى
إذا لِلصَّمتِ فاءْ
بَدَّدَتْ صَرختُهُ وَعْدي
كذرّات الهَباءْ .
وكأنَّ الوَعْدَ بالحلوى وَعيدٌ
يَقتضي تَجريعَهُ مُرَّ الدَّواءْ .
وَإذ اسِتنفدتُ صَبري
هَبَطتْ كَفّي إلي أسْفَلِهِ
فارتفعَ الصّوتُ لأعنانِ السّماءْ .
عِنْدَها قُلتُ بسرّي:
أيُّ مُرٍّ يَدفَعٍُ الطّفلَ
إلي عِصيانِ أمري ؟!
هُوَ لا ريبَ يُعاني مِن بَلاءٍ
دُونَهُ كُلُّ بَلاءٍ وَعَناءْ
وَلَدي فَحْصي لَهُ
أدركتُ حالاً
أنَّهُ يَصرُخُ مِن ضِيقِ الِحذاءْ !
حالَما خَلّصْتُهُ مِنهُ
جَري مُبتهجاً
وانسابَتْ الهَدأةُ للبيتِ
ووافاني الصَّفاءْ .
لَوْ غدا شَعبي أبيّاً وعَنيدًا
مِثْلَ طِفْلي ..
وَلَوِ الحاكِمُ
قد فاءَ إلي الحكمةِ مثلي ..
لاستقرّا في هَناءْ
وَلَما فكَّرَ أيُّ مِنهُما
أن يَحتمي مِن بَعضِهِ
بالغُرَباءْ