05-02-2005, 02:20 PM
|
#90
|
(حلا نشِـط )
|
تـــــــــــــــــابع
اتسعت حدقتا الفتاة التي أطلت من فتحة الباب ... و ألقت علينا جميعا نظرة مذهولة و قالت :
" سيد وليد ! "
وليد قال :
" مساء الخير.. هل العم إلياس موجود ؟؟ "
ردت الفتاة :
" خالي في طريقه إلى هنا .. "
ثم عاودت النظر إلينا أنا و دانة ، ثم قالت :
" ما الأمر ؟؟ "
قال وليد :
" فررنا من القصف الجوي... نجونا بأعجوبة "
الفتاة وضعت يدها على صدرها و شهقت .. ثم قالت :
" أ ... أنت ... تقيم في المدينة الصناعية ؟؟ "
أجاب وليد :
" نعم ، مع عائلتي .. "
و أشار إلينا..
ثم قال :
" تدمرت مدينتا.. و الآن.. أصبحنا بلا مأوى.. "
سرعان ما فتحت الفتاة الباب على مصراعيه و قالت :
" هلموا بالدخول "
وليد قال :
" سننتظر العم إلياس.. "
ألا أن الفتاة أصرت :
" تفضلوا رجاء ... "
ثم التفتت إلى الداخل و أخذت تنادي :
" أمي ... "
وليد الآن التفت إلينا و قال :
" تعالا"
ترددنا قليلا ألا أننا سرنا معه إلى الداخل ...
و في النور استطعت أن أرى وجه الفتاة الذي لم يكن جليا قبل قليل...
فتاة شديدة البياض و الشقرة... زرقاء العينين حمراء الخدّين.. أجنبية الملامح..
أقبلت سيدة أخرى نحونا و حين رأت وليد تهللت و رحبت به بحرارة..
السيدة كانت شديدة الشبة بالفتاة..
قالت الفتاة :
" هربوا من المدينة الصناعية يا أمي ! "
امتقع وجه السيدة ثم قالت :
" أوه ربّاه ! حمدا لله على سلامتكم "
و أخذت الفتاة تكرر ذلك أيضا ..
قال وليد :
" سلمكما الله ، شكرا لكما و أعتذر على حضوري إلى هنا ..لكننا بحاجة لمكان آمن نبات فيه ليلتنا هذه "
السيدة الكبرى أشارت إلى وليد بالتوقف عن الحديث و عادت ترحب من جديد .. و التفتت إلينا أنا و دانة ..
وليد قال :
" شقيقتي و ابنة عمّي "
قالت السيدة :
" و أين أبواك ؟ "
قلت :
" لم يعودا من الحج بعد .. أو .. لا أعرف ما حصل معهما ! "
قالت السيدة و هي تشير بيدها نحو المقاعد :
" تفضلوا رجاء .. تفضلوا "
أنا و دانة كنا ممسكتين بيد بعضنا البعض .. واقفتين بحذر و تردد..
وليد تحدّث إلينا قائلا :
" تعالا .. لنجلس هناك "
و سرنا معه إلى المقاعد..
و جلست دانة ملتصقة به و أنا ملتصقة بها..
وليد ألقى نظرة علينا ثم قال مخاطبا الفتاة :
" هل لنا ببعض الماء من فضلك ؟؟ "
" فورا "
و ذهبت الفتاة و عادت تحمل قارورة كبيرة من الماء المعدني و كأسين اثنين..
ملأتهما ماءا و قدّمت الأول إلي و الثاني إلى دانة.. فشربنا بنهم شديد... المزيد و المزيد و المزيد... و وليد و الفتاة و السيدة يراقبوننا بشفقة !
ذهبت الفتاة و أحضرت قارورة أخرى و كأسا ثالثا و دفعتهما نحو وليد ...
" تفضّل "
وليد تناولهما و بدأ يشرب الكأس بعد الآخر حتى أفرغ معظم محتويات القارورة في جوفه..
أيّكم جرّب عطشا كهذا العطش ؟؟
ألا لعنة الله على الظالمين ...
قالت السيدة مخاطبة الفتاة :
" اذهبي و حضّري بعض الطعام.. حضّري الحساء و الشطائر "
و أسرعت الفتاة منصرفة إلى حيث أمرت ..
وليد قال :
" نحن آسفون يا سيدة ليندا .. إننا"
فقاطعته السيدة و قالت :
" لا .. لا داعي لقول شيء يا بني .. ألف حمد لله على نجاتكم .. "
ثم سمعنا صوت الباب ينفتح ، و يدخل منه رجل عجوز ...
ما أن دخل حتى وقف وليد فوقفنا أن و دانة تباعا ..
الرجل ذهل ، و قال بتعجب :
" وليد ؟؟ "
و أقبل وليد نحوه فصافحه ثم أخبره عما حصل معنا ما دعانا للحضور إلى هنا..
و العجوز لم يقل كرما عن السيدة و الفتاة .. بل رحب بوليد و عانقه و حمد الله كثير على سلامته..
حتى هذه الساعة لازلت بين الإدراك و إلا إدراك .. بين الحقيقة و الحلم ، و التصديق و التكذيب...
و لازلت أشعر بتعب لا يسمح لي بالوقوف أكثر من ذلك.. خصوصا على قدم جريحة متألمة.. لذا فإنني هويت على المقعد و ألقيت برأسي على مسنده..
دانة جلست إلى جواري و ربتت على كتفي و قالت :
" رغد.. أأنت بخير ؟؟ "
أنا تنهّدت و أننت .. وليد أقبل هو الآخر نحوي قلقا .. و قال :
" أأنت على ما يرام ؟؟ "
أشرت إلى قدمي .. أنا أتألم..
وليد قال مخاطبا الرجل العجوز :
" أيوجد لديكم مطهرا و ضمادا للجروح ؟؟"
السيدة غابت ثوان ثم عادت تحمل ما يلزم .. وليد قال :
" يجب غسلها أولا .. "
السيدة قالت :
" دورة المياه من هنا "
ألا أنني هزت رأسي ممانعة.. و لزمت مكاني..
دانة قالت بصوت هامس تكلم وليد :
" أنا أريد استخدام دورة المياه "
وليد أستأذن أصحاب المنزل ، ثم نهضت دانة واقفة ، تغطي معظم وجهها بالقميص الموضوع على رأسها...
اعتقد أن الرجل العجوز انصرف هذه اللحظة .. أما السيدة الأخرى فعادت تشير إلى ناحية الحمام :
" من هنا .. "
~~~~~~~~~~
|
|
|
|