عرض مشاركة واحدة
قديم 17-12-2004, 04:47 PM   #29
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الثانية عشرة

لقد قضيت اليوم بكامله في المطبخ !


فبعد وجبة الغذاء العظيمة التي أعددناها صباحا ، الآن نعد وجبة عشاء من أجل وليد و صديقه الذي سيتناول العشاء في منزلنا .




إنني أشعر بالتعب و أريد أن أنام ! لكن دانة لي بالمرصاد ، و كلما استرخيت قليلا طاردتني بقول :


" أسرعي يا رغد ! الوقت يداهمنا ! "



كان سامر يساعدنا و لكنه خرج قبل لحظة ، و الآن أستطيع أن أتحدث عن وليد دون حرج !!



" أخبريني يا دانة ، ما هو التخصص الذي درسه وليد ؟؟ "


دانة منهمكة في صف الفطائر في الصينية قبل أن تزج بها داخل الفرن ...

قالت :

" أعتقد الإدارة و الاقتصاد ! "




صمت قليلا ثم قلت :


" و أي غرفة سنعد له ؟ أظنها غرفة الضيوف ! فالبيت صغير ... ألا توافقينني ؟ "



قالت :


" بلى "



انتظرت بضع ثوان ثم عدت أسأل :



" ألا يبدو أنه قد نحل كثيرا ؟ ألم يكن أضخم في السابق ؟ "


قالت :


" بلى ... كثيرا جدا ! لابد أنه لم يكن يأكل جيدا هناك "



قلت :


" أ رأيت كيف التهم البطاطا التي أعددها كلها ؟ لابد أنها أعجبته ! "



التفتت دانة إلي ببطء و قالت :


" و كذلك أكل السلطة التي أعددتها ، و الحساء الذي أعدته أمي ، و الدجاج و الرز و العصير و كل شيء ! بربك ! هل تعتقدين أن طبقك المقلي هذا هو طبق مميز ! "




قلت مستاءة :


" أنت دائما هكذا ! لا يعجبك شيء أصنعه أنا "



انصرفت دانة عني لتضع صينية الفطائر داخل الفرن ، و ما أن فرغت حتى بادرتها بالسؤال :


" ألا يبدو أقرب شبها من أبي ؟ فأنت و سامر تشبهان أمي ! "


قالت :


" لا أعرف ! "


ثم التفتت إلي و قالت :


" و أنت !؟ من تشبهين ؟؟ "



صمت قليلا ، ثم قلت :




" ربما أمي المتوفاة ! "


لكنها قالت :


" لا ! تشبهين بل شخصا آخر ! "


سألت باهتمام :


" من ؟؟ "


ابتسمت بخبث و قالت :



" الببغاء ! فأنت ثرثارة جدا ! "



رميت بقطعة من العجين ناحيتها فأصابت أنفها ، فأطلقتُ ضحكة كبيرة !


أما هي فقد اشتعلت غضبا و أقبلت نحوي متأبطة شرا !



تركت كرة العجين التي كنت ألتها من يدي و ذهبت أركض مبتعدة و هي تلاحقني

حتى اقتربت من الباب و كدت أفتحه

" انتظري ! وليد بالخارج "

أوقفت يدي قبل أن تدير المقبض و التفت إليها و قلت :

" صحيح ؟؟ "

قالت :

" نعم فهو من طرق الباب قبل لحظة ، دعيني أستوثق من انصرافه أولا "


تنحيت جانبا ، منتظرة منها أن تفتح الباب ، فأقبلت نحوي و على حين غرة ، و بشكل مفاجئ ، ألصقت قطعة العجين على أنفي و ضحكت بقوة و ركضت مبتعدة قبل أن أتمكن من الفرار منها !



أنا فتحت الباب بسرعة لأهرب لكن بعد فوات الأوان !




و تخيلوا من لمحت في الثانية التي فتحت الباب فيها ثم أغلقته بسرعة ؟؟


لقد كان وليد !





كم شعرت بالإحراج و الخجل و ابتعدت عن الباب في اضطراب


لا بد أنه رآني هكذا ... و قطعة العجين ملتصقة بأنفي ! أوه يا للموقف المخجل !




نزعت العجين و رميت به نحو دانة و أنا أقول :


" لماذا تقولي لي أن وليد خلف الباب ؟؟ "


رفعت دانة حاجبيها و قالت :


" بلى قلت لك ! "


" ظننتك تمزحين للإيقاع بي ! لقد رآني هكذا ! "




دانة ابتسمت ابتسامة صغيرة ، ثم قالت :


" أنت و وليد مشكلة الآن ! يجب ألا تغادري غرفتك بعد اليوم ! "


قلت :


" شكرا لك ! إذن أتمي تحضير الفطائر و أنا سأذهب للنوم ! "


في هذه اللحظة فتح الباب فدخل سامر ...


نظر مباشرة إلي و قال :


" ذهب إلى غرفة الضيوف ، إن كنت تودين الخروج "



نظرت إلى دانة ثم إلى سامر ، و الحمرة تعلو خدّيّ و قلت بمكر :


" نعم سأذهب ! "





و انطلقت مسرعة نحو غرفتي ...

غير آبهة بنداءات دانة المتكررة !





بعد أن غسلت وجهي و يدي في الحمام المشترك بين غرفتي و غرفة دانة توجهت نحو سريري و استلقيت باسترخاء


كم كنت متعبة !


إنني لم أنم البارحة كما ينبغي و عملت كثيرا في المطبخ


و للعلم ، فإن العمل في المطبخ ليس أحد هواياتي ، فأنا لا أهوى غير الرسم ، لكنني أردت المساعدة ...



تقلبت على سريري يمينا و يسارا و أنا أفكر ...


ما الذي سيقوله وليد عني !؟


فالفتيات البالغات لا يغطين أنوفهن بقطع العجين !


إلا إذا كانت طريقة جديدة لترطيب البشرة و تغذيتها !





شعرت بالدماء تصعد إلى وجهي بغزارة ... لابد أن وجهي توهج الآن ... لم لا ألقي نظرة !



قفزت من السرير و أسرعت نحو المرآة ... و رأيت حمرة قلما أرى لها مثيل على وجهي هذا !


أبدو جميلة ! و لابد أنني مع بعض الألوان سأغدو لوحة رائعة !


نزلت ببصري للأسفل و فتحت أحد الأدراج ، قاصدة استخراج علبة الماكياج بفكرة جنونية لتلوين وجهي هذه اللحظة !



الشيء الذي وقعت عليه يدي بمجرد أن أدخلتها داخل الدرج كان جسما معدنيا باردا .. أمسكت به و أخرجته دون أن أنظر إليه ثم رفعت به نحو عيني ّ مباشرة ...

إنها ساعة وليد ...






نسيت فكرتي السخيفة بوضع المساحيق ، و عدت حاملة الساعة إلى سريري و استلقيت ببطء


الآن .. الفكرة التي تراودني هي إعادة هذه الساعة لوليد ...


لابد أنه سيفاجأ حين يراها ... و يعرف أنني ظللت محتفظة بها و أرتديها أيضا خلال السنوات الماضية !


قمت فجأة عن سريري و ارتديت ردائي و حجابي و طرت مسرعة للخارج


دعوني أخبركم بأنني قلما أفكر في الشيء مرتين قبل أن أقدم عليه !








لقد أخبرني سامر أنه في غرفة الضيوف و مع ذلك مررت بغرفة سامر ، ثم غرفة المعيشة ، و بالطبع تجنبت المطبخ ، قبل أن أذهب إلى غرفة الضيوف حاملة ساعة وليد بيدي ...






حين وصلت عند الباب ، و كان مفتوحا ، استطعت أن أرى من بالداخل ، و لم يكن هناك أحد غيره ...




وليد كان جالسا على أحد المقاعد ، بالتحديد المقعد المجاور للمنضدة التي تحمل الهاتف و قد كان مثنيا جدعه للأمام و مسندا رأسه إلى يديه ، و مرفقيه إلى ركبتيه في وضع يشعر الناظر بأنه ... حزين !




طرقت الباب طرقا خفيفا ، ألا أنه لم يسمعه

فأعدت الطرق بشكل أقوى و أقوى ، حتى رفع رأسه ببطء و نظر إلي ...



و ما أن التقت أنظارنا حتى علت وجهه تعابير غريبة و مخيفة ...

بدت عيناه حمراوين و جاحظتين و مفتوحتين لحد تكادان معه أن تخرجا من رأسه !





و لمحت زخات العرق تقطر من جبينه العريض



حملق وليد بي بشدة أثارت خوفي ... فرجعت خطوة للوراء ... و حالما فعلت ذلك وقف هو فجأة كمن لدغته أفعى !



أنا ازدردت ريقي بفزع ثم حاولت النطق فجاءت كلماتي متلعثمة :

" كنت ... أعني ... لدي شيء أود إعطائك إياه ... "



وليد ظل واقفا في مكانه كالجبل يحدّق بي بحدّة ... ربما أزعجه أن أحضر بمفردي ... أو ربما ... ربما ...



لم أستطع حتى إتمام أفكاري المبعثرة لأنه تقدم خطوة ، ثم خطوة ، تلو خطو باتجاهي



لقد كنت أمسك بالساعة في يدي اليمنى ، و لا شعوريا تحركت يدي للخلف و اختبأت بالساعة خلف ظهري ...


لا أظن أن وليد رآها و لكن ...



حين صار أمامي مباشرة ، مد يده بسرعة و انقض على يدي اليمنى و سحبها للأمام بعنف




ارتعدت أطرافي و جفلت !



وليد قرّب يدي من عينه و أخذ يحدق بها بنظرات مخيفة و قاسية ، فيما يشد بقبضته عليها حتى يكاد يهشم عظامها ...




نطق لساني بفزع و اضطراب :


" أنا ... لم ... كنت ... سأعيدها إليك ! "



وليد ظل قابضا على يدي بقوة ، و يحدّق في عيني بنظرات تكاد تخترق عيني و رأسي و الجدار الذي خلفي ...



في تلك العيون الحمراء القادحة بالشرر ... رأيت قطرات الدموع تتجمع ... ثم تفيض ... ثم تنسكب ... ثم تشق طريقها على الخد العابس ... ثم تنتهي عند الفك المنقبض ...


لقد تهت في بحر هذه العيون و غرقت في أعماقها ...


أخذتني إلى ذكرى قديمة موجعة ... حاولت جهدي أن ألغيها من ذاكرتي ... فرأيت وليد و هو يبكي بمرارة و شدة ذلك اليوم و هو جاث ٍ فوق الرمال قرب السيارة ..
يمد يده إلي و يقول :


" تعالي يا رغد "



" وليد ... "


نطقت باسمه فإذا به يغمض عينيه بقوة و يعض على أسنانه بشدة .. و يشدد قبضته على يدي و يؤلمني ...



بعدما فتح عينيه ، ظل يحدق في يدي قليلا ، ثم فجأة انتزع الساعة من بين أصابعي و رمى بها نحو الجدار و زمجر بقوة :



" انصرفي "






أنا انتفضت بذعر ... و ارتجفت جميع أطرافي ... فتحركت خطوة للوراء ... ثم انطلقت بأقصى ما أمكنني ... و بأوسع خطى ... و ذهبت إلى غرفتي ... فدخلت و أغلقت الباب بل و أوصدته مرتين ، ثم تهالكت على سريري ...



كان قلبي ينبض بسرعة عجيبة و أنفاسي تعصف رئتي بقوة ... و أنظر إلى يدي فأراها ترتعش ... فيما تشع احمرارا أثر قبضة وليد القوية عليها ...



بعدما هدأت قليلا اقتربت من المرآة فهالني المظهر الذي كساني

أصبحت مرعبة !

ألم أكن جميلة قبل قليل ؟؟




لا أعرف لماذا فعل وليد ذلك ...

هل غضب لأنني ظهرت من المطبخ و العجين يغطي أنفي ، فبدوت كطفلة غبية ؟؟

أم لأنني لم أكن ارتدي الحجاب وقتها ؟؟


أم ماذا ؟؟





و جعلت الأفكار تلعب في رأسي حتى أتعبته ...


الساعة !


لقد حطّمها !


لقد احتفظت بها كل هذه السنين لأعيدها إليه ... لماذا فعل ذلك ؟؟ لماذا ؟؟






شعرت بشيء يسيل على خدي رغما عني

بكيت من الذعر و الخوف ... و الحيرة و الدهشة ...

لا أعرف كيف سيكون لقاؤنا التالي ...

لم يعد هذا وليد !

وليد لم يكن يصرخ في وجهي و يقول :

" انصرفي "


كان دائما يبتسم و يقول :


" تعالي يا رغد !! "






~ ~ ~ ~ ~ ~ ~