عرض مشاركة واحدة
قديم 31-12-2004, 02:44 PM   #48
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــابع


تمنيت لو ...

لو أخرج جثة عمار من تحت سابع أرض ... و أقتله ، ثم أمزقه قطعة قطعة ... خلية خلية ... ذرة ذرة ...


لو يعود الزمن للوراء ... لكنت قتلته في عراكي معه آخر مرة ... و لم أدع له الفرصة ليعيش و يؤذيك ...


إنني كنت السبب ...

نعم أنا السبب ...

و قد انتقم مني أبشع انتقام ...

و أي انتقام ؟؟

ثمن بقيت أدفعه منذ ذلك اليوم ، و حتى آخر لحظة في حياتي البائسة ...

ما ذنب صغيرتي في كل هذا ...؟

خسئت أيها الوغد ...


هنا أقبلت أمي التي يبدو أنها سمعت بكاء رغد ... و وقفت إلى جانبي لحظة تنقل نظرها بني و بين رغد ، ثم تقدمت إلى رغد

" عزيزتي ؟؟ "


رغد ارتمت بقوة في حضن والدتي ... و هي تبكي بألم صارخ ... و تقول بين دموعها :


" لا تتركوني وحدي ... لا تتركوني وحدي ... "


أمي طوقت رغد بحنان و أخذت تربت عليها بعطف و تهدئها ...


ثم نظرت إلى باستياء و قالت :


" لماذا يا وليد ؟؟ "








في غرفة سامر ، أجلس على السرير ، أقلب صفحات كراسة رغد ...


الكثير من الرسومات الجميلة ...لأشياء كثيرة ... ليس من بينهم صورة لأحد أفراد العائلة غير دانة !


صورة لها و هي صغيرة و غاضبة !

و العديد من صور أشياء خيالية ... و أشباح !

لا أعرف ما الذي تقصده بها ...


كانت ساعتان قد انقضتا مذ خرجت من غرفتها تاركا إياها تهدأ في حضن والدتي

الآن أسمع طرقا على الباب


" تفضل "


و دخلت والدتي


" وليد ... العشاء جاهز "


تركت الكراسة على السرير و خرجت مع أمي قاصدين غرفة الطعام . قبل أن نصل، همست أمي لي :


" وليد ... لا تثر ذلك الأمر ثانية رجاءا "

فأومأت برأسي موافقا .




و لم أسمح لنظراتي أن تلتقي بعيني رغد أو للساني أن يكلمها طوال الوقت .


بعد ذلك ، ذهبت مع أبى نتابع آخر الأخبار عبر التلفاز ، في غرفة المعيشة


لا يزال الدمار ينتشر ... و الحرب التي هدأت نسبيا لفترة مؤقتة عادت أقوى و أعنف ... و أخذت تزحف من قلب البلدة إلى الجهات الأربع ...


تم غزو مدينتين أخريين مؤخرا ، لم تكن الحرب قد نالت منهما حتى الآن ... و تندرج المدينة الصناعية التي نحن فيها الآن ، في قائمة المدن المهددة بالقصف ...


كنت مندمجا في مشاهدة لقطات مصورة عن مظاهرات متفرقة حدثت صباح اليوم في مدن مختلفة من بلدنا .... و رؤية العساكر يضربون المدنيين و يقبضون على بعضهم ...


منظر مريع جعل قلبي ينتفض خوفا ... و أثار ذكريات السجن المؤلمة المرعبة ...


في هذا الوقت ، أقبلت رغد تحمل مجموعة من الكراسات و اللوحات الورقية ، و جاءت بها إلي !


" تفرج على هذه أيضا ... هذا كل ما لدي "


وضعتُ الكراسات علة المنضدة المركزية ، و جلست رغد على مقعد مجاور لمقعدي ... تراقبني و تنتظر تعليقاتي حول رسوماتها الجميلة ...


إن عيني كانت على الرسومات ، ألا أن أذني كانت مع التلفاز !


بعدما فرغت من استعراض جميع الرسومات قلت :


" رائعة جدا ! أنت فنانة صغيرتي ! أهذا كل شيء ؟؟ "


رغد ابتسمت بخجل و قالت :


" نعم ... عدا اللوحة الأخيرة "


و أخفت أنظارها تحت أظافر يديها !


لماذا قررت رغد رسمي أنا ؟ و أنا بالذات !؟؟

إنها لم ترسم أحدا من أفراد عائلتي ... فهاهي الرسومات أمامي و لا وجود لسامر مثلا فيما بينها !


قلت :


" متى تنهينها ؟ "


لا زالت تتأمل أظافرها و كأنها تراهم للمرة الأولى !


قالت :

" غدا أو بعد الغد ... "

قلت :

" خسارة ! لن أراها كاملة إذا ! "


رفعت رغد عينيها نحوي فجأة بقلق ، ثم قالت :

" لماذا ؟ "

أجبت :

" لأنني ... سأرحل غدا باكرا ... كما تعلمين ! "


اختفى صوت الأخبار فجأة ، التفت إلى التلفاز فإذا به موقف ، ثم إلى أبي ، و الذي كان يحمل جهاز التحكم في يده ، فرأيته ينظر إلي بعمق ... و إلى أمي فوجدتها متسمرة في مكانها ، تحمل صينية فناجين و إبريق الشاي ...


و كنت شبه متأكد ، من أنني لو نظرت إلى الساعة لوجدتها هي الأخرى متوقفة عن الدوران !

حملق الجميع بي ... فشعرت بالأسى لأجلهم ... كانت نظرات الاعتراض الشديد تقدح من أعينهم


أول من تحدث كان أمي :


" ماذا وليد ؟؟ و من قال أنك سترحل من جديد ؟؟ "


صمت قليلا ثم قلت :

" قلت ذلك منذ أتيت ... انتهت الزيارة و لابد لي من العودة "


قال والدي مقاطعا :

" ستبقى معنا يا بني "


هززت رأسي ، و قلت :

" و العمل ؟؟ ماذا أفعل ببقائي هنا ؟؟ "


و دار نقاش طويل حول هذا الموضوع ، و بدأت أمي بالبكاء ، و رغد كذلك !

و حين وصلت دانة ـ و التي كانت لا تزال تتناول العشاء مع خطيبها في غرفة الضيوف ، و جاءت تسأل أمي عن الشاي ، و رأت الوجوم على أوجهنا ثم عرفت السبب ـ بكت هي الأخرى !


أردت أن أختصر على نفسي و عليهم آلام الوداع .. سرعان ما قلت :

" سأخلد للنوم "


و ذهبت إلى غرفة سامر


أخذت أقلب كراسة رغد مجددا ...

كم أثارت ذكريات الماضي ... كم كانت شغوفة بالتلوين ! لقد كنت ألون معها ببساطة ! كم أتمنى لو ... تعود تلك الأيام ...



جمعت أشيائي في حقيبة سفري الصغيرة التي جئت بها من مدينتي


ضبطت المنبه ليوقظني قبل أذان الفجر بساعة ...


كنت أريد أن أخرج دون أن يحس أحد بذلك ، لئلا تبدأ سلسلة عذاب الفراق و ألم الوداع ... كالمرة السابقة ...


و حين نهضت في ذلك الوقت ، تسللت بهدوء و حذر خارجا من المنزل ...


كان السكون يخيم على الأجواء ... و الكون غارق في الظلام الموحش ... إلا عن إنارة خافتة منبعثة من المصباح المعلق فوق الباب


خرجت إلى الفناء الخارجي ، و كان علي أن أترك الباب غير موصد ... و سرت إلى البوابة الخارجية ... فإذا بي أسمع صوت الباب يفتح من خلفي ..

~~~~~~~~~~