عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2004, 06:46 PM   #41
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــــابع

بعد أن غادرت رغد ، هممت بالذهاب إلى غرفة أخي سامر و تأدية الصلاة ثم الاسترخاء لبعض الوقت ...

إنني متعب بعد مشوار الحضور الطويل



نظرت إلى فتحة الباب لأتأكد من أن رغد قد ابتعدت ، ثم قلت :


" أمي ... لم كانت رغد تبكي ؟؟ "


أمي كانت تزين قالب الكعك بطبقة من الشيكولا ، و كانت الكعكة شهية المنظر !


قالت أمي :


" لأنها حرقت فستانها كما رأيت ! تصور ! لقد اشترته يوم الأمس بمبلغ محترم ... ! "



صمت برهة ثم قلت :

" و الآخر أيضا غال الثمن ، و حتى هذا الطقم "


ابتسمت والدتي و قالت :

" إنها تبذر النقود ، هذا أحد عيوبها ! "

أوه هكذا ؟ جيد ... !
لقد عرفت شيئا جديدا عن طفلتي ... أصبحت مبذرة للمال أيضا ؟؟ و ماذا بعد ...؟؟



قلت بتردد :

" هل ... هل ... تحسنون معاملتها ؟؟ "


رفعت أمي بصرها عن الكعكة و نظرت نحوي باستغراب ... ثم قالت :


" طبعا ! بالتأكيد ! بل إننا ... ندللها كثيرا ! "


تنهدت بارتياح نسبي ، و عدت أقول :


" إذن ... لماذا كانت تبكي ؟؟ "



أمي تعجبت أكثر ، و قالت :

" قلت لك ... بسبب الفستان ! "


قلت :

" لا أمي ... أعني قبل ذلك "

" قبل ذلك ؟؟ "

" عندما خرجت لاستقبالي فور وصولي ... "


في غرفة أخي سامر ، و الذي سيصل بعد قليل قادما من المدينة الأخرى حيث يعمل ، اضطجعت على السرير و سبحت في محيط لا نهائي من الأفكار ...



الشيء الذي أثار قلقي هو الطريقة التي وبخت فيها والدتي رغد بعد وصولي بقليل ...

فهل حقا يحسن الجميع معاملتها و يدللها ؟؟


لم أتحمل رؤيتها تبكي ...


عندما كنا في منزلنا القديم ، لم أكن لأسمح لأحد بأن يحزنها بأي شكل من الأشكال ، مهما فعلت

كانت دانه دائما تتشاجر معها أو تضربها ، و كنت دائما أقف في صف صغيرتي ضد أي كان ...
ترى ... هل تذكر هي ذلك ؟؟ أم أنني أصبحت من الماضي المنسي ... و الأحلام الوهمية ... و الذكريات المهجورة ؟؟


حاولت النوم و لم استطع ، لذا عدت إلى غرفة المعيشة فوجدت والديّ و رغد هناك ...


تبادلنا بعض الأحاديث عن عريس دانة ، و هو لاعب كرة ذاع صيته و اشتهر في الآونة الأخيرة ...


قلت :


" و لكن ألا تفكر في متابعة دراستها ؟ إنها لا تزال صغيرة على الزواج ! "


قال أبي :

" لا تريد الدراسة ، و هو عريس جيد ! كما و أنها في سن مناسب ! فليوفقهما الله ! "


لحظات و إذا بسامر يحضر ، و يحظى بترحيب لا يقل حرارة عن ترحيبهم بي ...


بدأ سامر بأكبرنا ، ثم حين جاء دوري ، صافحني بحرارة و شوق كبيرين جدا ... و أطال عناقي الأخوي ...


أشعرني هذا بقربه مني ، بعدما فرقت السنين بيننا ... و بأنني لازلت أملك عائلة تحبني و ترغب في وجودي في أحضانها ...


شيء رفع من معنوياتي المتدهورة


لكن ...


سرعان ما انحطت هذه المعنويات و اندفنت في لب الأرض تحت آلاف الطبقات من الحجر و الحديد و الفولاذ ، حين أقبل إلى رغد يصافحها و يضمها إلى صدره و يقبل جبينها بكل بساطة ...



لو كنت بركانا ... أو قنبلة ... أو قذيفة نارية ، لكنت انفجرت لحظتها و دمرت كوكب الأرض بأسره و نسفته نسفا و حولته إلى مسحوق غبار


لكنني كنت وليد

أو بالأصح ...

شبح وليد ...


ما الذي دعاني لتمالك نفسي ؟؟ لا أعرف ...

لقد كان باستطاعتي أن أحطم رأس أي مخلوق يقف أمامي شر تحطيم

و لو ضربت الجدار بقبضتي هذه لسببت زلزالا مدمرا و لهوى السقف و قضى علينا جميعا ...

لكنني اكتفيت بان أحفر أسناني من شدة الضغط ، و أمزق أوتار يدي من قوة القبض ...



ليت أمي لم تلدك يا سامر

ليتك تتحول إلى أي رجل آخر في العالم ، لكنت استأصلت روحك من جسدك و مزقتك خلية خلية ...



" أين العروس ؟؟ "


سأل أخى و هو لا يزال ممسكا بيد رغد ...


" في غرفتها ! تتزين ! "


قالت رغد ، فقال :

" سأذهب لرؤيتها "

و شد رغد يحثها على السير معه ... و ذهب الاثنان و غابا عن ناظري ...



ليتني لم أعد

أي جنون هذا الذي جعلني أعود فاحترق ؟؟ إنني أكاد انفجر

هل يحس أحد بي ؟؟


سمعت أمي تقول :


" ما بك وليد ؟ أ أنت متعب بني ؟؟ "


متعب ؟؟

فقط متعب ؟؟

ابتعدوا عني و إلا فأنني سأحرقكم جميعا !


رميت بجسدي المشتعل على المقعد و أخذت أتنفس بعمق أنفاس متلاحقة عل الهواء يبرد شيئا مما في داخلي


مرت لحظة صامته إلا عن تيار الهواء المتلاعب في صدري


أمي و أبي لا يزالان واقفين كما هما ... و أنا أشعر بحر شديد و أكاد أختنق ....



رفعت رأسي فإذا بهما يراقبانني ... أظن أن وجهي كان شديد الاحمرار و يتصبب عرقا ...


القلق كان باد على وجهيهما


قلت :


" الجو حار ... "


أمي سارت نحو المكيف و زادت من قوة دفعه للهواء ...


التفت إلى أبي و قلت :


" و هذان ؟؟ متى ارتبطا ؟؟ "


لم يجب أبي مباشرة ، ثم قال :


" عقدنا قرانهما قبل ما يزيد عن السنوات الثلاث "


مزيد من الاختناق و الضيق ... كأن الهواء قد سحب من الغرفة تماما ...


قلت :


" ألا ترى يا والدي أنهما لا يزالان صغيرين ؟ على الأقل رغد ... صغيرة جدا "



أبي قال :


" إننا لن نزوجهما قريبا على أية حال ، فرغد تود الالتحاق بالجامعة أولا و لا أدري إن كان سامر سيفلح في إقناعها بغير ذلك "



أثارت الجملة اهتمامي ، قلت :


" غير ذلك ؟؟ "


قالت أمي :


" قد نزوج الثلاثة في ليلة واحدة قريبا ! "


و ابتسمت ، ثم قالت :


" و يأتي دورك ! "




وقفت مستاء ، و يممت وجهي شطر المطبخ فأنا أحس بعطش شديد و بحاجة لنهر كامل ليرويني و يخمد نيراني ... و تركت والدي ّ في حيرة من أمرهما ...



~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~







تم عقد القران و انتهت الليلة بسلام أخيرا !


لقد بذلت جهودا مضاعفة في تنظيف المنزل بعد مغادرة الضيوف !

أما دانه فكان القلم مرفوعا عنها هذا اليوم !


طلبت من أمي أن تذهب للراحة و توليت أنا ، مع سامر تنظيف الأطباق ...


أما الرجل الناري فلا علم لي بأي أرض يحرق هذه الساعة !


كنت واقفة أمام صنبور الماء البارد أغسل الأطباق ، و سامر إلى جانبي ...

سألته :


" كيف بدا العريس ؟؟ "


أجاب :

" مهذبا و خلوقا و بشوشا ! "

قلت :

" لا يعجبني ! "

ابتسم سامر و قال :

" و لكن لم ؟؟ "

أجبت :

" لا أعرف ! لكنني أجده ثقيل الظل ! إنه مغرور و يتحدث عن نفسه بزهو و خيلاء أمام الكاميرات ! كيف تتحمل دانه زوجا كهذا ؟؟ "



سامر ضحك ، فضحكت معه ...

قال :

" ليس المهم رأيك أنت به ! المهم رأي العروس به ! "


ثم غير نبرة صوته حتى غدت أكثر لطفا و رقة ، و قال :


" و رأيك بي أنا ... "



ارتبكت .. و اضطربت تعبيرات وجهي ، و أخفيت نظراتي في حوض الغسيل !



وصلنا هذه اللحظة صوت حركة عند الباب ، فالتفتنا للخلف فإذا به وليد ...


و صدقوني ، شعرت بماء الصنبور يحرقني !


تبادلنا النظرات ...


قال وليد :


" هل لي بلحاف ؟ سأنام في غرفة الضيوف "


نظف سامر يده و استدار نحو وليد قائلا :


" أوه كلا يا أخي ، بل ستنام في غرفتي و على سريري ، سأنام أنا على الأرض أو في غرفة الضيوف أو أي مكان ! "



لم يظهر على وليد أنه يرحب بالفكرة أو حتى سمعها !

قال :

" أريد لحافا لو سمحت "


كان وجهه جامدا صارما ، و رغم أن سامر كان يبتسم ، ألا أن وليد كان عابسا ...


قال سامر :

" أرجوك استخدم غرفتي ! أنا سأسافر بعد الغد على أية حال "


قال وليد :

" و أنا كذلك . هل لا أحضرت لحافا الآن ؟؟ "


وليد شخص غريب ... نعم غريب !

نحن لا نعرفه ! و لا نعرف كيف هي طباعه و لا كيف كانت حياته في الخارج ... ربما كان صارما جدا ... قلما رأيته يبتسم مذ عودته !


انتهى الأمر بأن نام وليد في غرفة الضيوف ، على المقعد الكبير ، الذي نمت عليه ذلك اليوم ! أتذكرون ؟؟


توقعت أن أجد صعوبة في النوم ... طالما تفكيري مستعمر من قبل وليد ... ألا أنني نمت بسرعة مدهشة !


في اليوم التالي ، اجتمعت العائلة في غرفة الطعام لتناول الفطور الصباحي ، في ساعة متأخرة من الصباح !


أعددنا الأطباق في غرفة المائدة ، و جاء الجميع ليتخذوا مقاعدهم ...


كالعادة جلس والداي على طرفي المائدة ، و دانة إلى يمين أبي ، و سامر إلى يساره ، و هممت بالجلوس على مقعدي المعتاد يمين أمي ، لكنني انتظرت وليد ...


وليد حرك ذات المقعد و قال :


" مقعدك ... "


و تركه و ذهب للجهة المقابلة و جلس إلى يسار أمي ...


جلست أنا على مقعدي المعتاد ، و صار وليد مواجها لي ... وضع يسمح للأشعة المنبعثة من ناحيتة لاختراقي مباشرة !


فجأة ، وقف وليد ... و خاطب دانة قائلا :


" هل لا تبادلنا ؟؟ "


و تبادلا المعقدين ...



ربما رأى الجميع هذا التصرف عاديا ... و فسروه بأن وليد يرغب بالجلوس قرب والده .... أو أي تفسير آخر ... ألا أنني فسرته بأن وليد لا يرغب في الجلوس مقابلا لي ...



صار هذا الوضع هو الوضع الذي نجلس عليه خلال الأيام التي قضاها وليد معنا ...



وليد كان يلتزم الصمت ، و أنا أريد أن أسمع منه أخباره ، و لا أجرؤ على طرح الأسئلة عليه ...



بين لحظة و أخرى ، ألقي نظره باتجاهه ، لكن أعيننا لم تلتق مطلقا ...



بعد الفطور ، ذهب الجميع إلى غرفة المعيشة ، والدي يطالع الصحف و سامر يقلب قنوات التلفاز ، و دانه شاردة الذهن ... فيما وليد و أمي يتبادلان الحديث ، يشاركهما البقية بتعليق أو آخر من حين لآخر


تركت الجميع كما هم ، و ذهبت إلى غرفة الضيوف لرفع اللحاف و ترتيب ما قد يكون مضطربا ...


دخلت الغرفة ، فوجدت اللحاف مطويا و موضوعا على المقعد الكبير ، و على المنضدة المجاورة وجدت سلسة مفاتيح وليد ، و محفظته ...

مشيت بخفة حتى صرت أمام المنضدة و جعلت أحدق في المحفظة بفضول !


و انتقل فضولي من عيني إلى يدي ، فمددتها و نظرت من حولي لأتأكد من أن أحدا لا يراقبني !


انفتحت المحفظة المثنية ، فظهرت بطاقة وليد الشخصية و فيها صورة حديثة له !
بأنفه المعقوف !


و الآن ... ما هي الفكرة المجنونة التي قفزت إلى رأسي ؟

سأرسمه !


لم أدع أي فرصة لعقلي ليفكر ، و أخذت المحفظة و طرت مسرعة إلى غرفتي


و بدأت أرسم رسمة سريعة خفيفة لمعالم وجهه و أنظر للساعة في وجس و خوف ...


ما أن انتهيت ، حتى أسرعت الخطى عائدة بالمحفظة إلى غرفة الضيوف ... و توقفت فجأة و اصفر وجهي و ارتجفت أطرافي ... حين رأيت وليد في الغرفة مقبلا نحو الباب ، يحمل في يده سلسلة المفاتيح ...


أول شيء وقعت عينا وليد عليه هو محفظته التي تتربع بين أصابع يدي !


رفع وليد بصره عن المحفظة و نظر إلي ، فأسرعت بدفن أنظاري تحت قدمي قال باستنكار :


" أظن أنها ... تشبه محفظتي المفقودة تماما ! "


ازدردت ريقي و تلعثمت الكلمات على لساني من شدة الحرج و الخجل ...


قال وليد :

" خائنة ... مبذرة ... و ماذا بعد ؟ هل تسرقين أيضا ؟؟ "


رفعت نظري إليه و فغرت فاهي بذهول ... من هول ما سمعت !

~~~~~~~~~~~