عرض مشاركة واحدة
قديم 07-01-2017, 10:49 AM   #1
آهات الندى
(حلا فعّال)
 
الصورة الرمزية آهات الندى
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Feb 2009
رقم العضوية: 46716
المشاركات: 277
عدد المواضيع: 17
عدد الردود: 260


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
آهات الندى is on a distinguished road

آهات الندى غير متصل
Lightbulb 〰اذكروا محاسن أحيائكم〰



خدمات ما بعد الموت)
مقال رائع جدا..
بقلم:
محمد أحمد بارحمة

لا بد أن تموت لنعرف فضلك ونعاملك باحترام، فتلك (خدمات ما بعد الموت).
لقد كان لزاماً أن يموت (فرمان الباكستاني)
الذي أنقذ 14 نفساً في سيول جدة ليعترف البعض أن ثمة خيراً في نفوس الأجانب..

يبقى بعض الناس في الدنيا كرصيف مهمل، لا يلتفت إليه أحد، فإذا مات فاضت المحابر والحناجر بالود المتأخر.. بعض الود والاعتذار المتأخر فاقد لنصف قيمته، كقهوة باردة..الود المتأخر هو عبارة عن(خدمة ما بعد الموت) التي يجود بها الأحياء.. ولو خرجت قبل ذلك لحقنت في الوريد جرعة رضا، ولأعشب بستان القلب..

كتب الشيخ عادل الكلباني: (غازي القصيبي) غضب عليه الجميع في حياته
ثم رضي عنه الجميع بعد مماته، وكأن الموت شرط الرضا، هناك نفوس كأنها (مقبرة) لا تحب ولا تتقبل ولا تحتضن إلا الموتى!!

يقول (ماجد): كنت أذهب مع أخي الأكبر إلى المدرسة وأنا طالب في المرحلة الثانوية، كنت لا أحبذ سماع الأغاني وأخي بالعكس مهووس بها، في كل صباح كنا نمرّ بمقبرة المعلاة بمكة وكان يغلق الصوت عند مرورنا بالمقبرة، وفي أحد الأيام سألته لماذا تغلق الأغاني عند مرورنا بالمقبرة؟ فقال نحترم الأموات!
قلت: والحي الذي بجانبك لماذا لا تحترمه وتغلقها طول ما هو معك؟! قال: يازينك.. ساكت..علمت حينها ان الناس تحترم الأموات ولو لم تعرفهم ولا تحترم بعض الأحياء وهي تعرفهم..ولست متاكدا ما إذا كان هذا من قبيل احترام الميت أم هي رهبة الموت؟..

سمعنا بحيِّ تُخشى عليه الفتنة، ولم نسمع بحيٍّ يُخشى عليه من الحب والود..
لا أدري أكان لزاماً أن يحتاج الناس للموت ليخرج الذين حولهم من مشكلة الخرس العاطفي!

لفحَ نجيب محفوظ برود الحاضرين فصاح: لا أحب الحب الصامت أخبرني بحبك!
بعض الغياب البسيط مندوب إليه كالسفر
ليجعل المشاعر تفيض وتقول ما ظل محبوسا في حجرة الفؤاد..

فلولا غياب علي عزت بيجوفيتش 5 سنوات في زنزانته لما رأينا ورأى خواطر أبنائه (سابينا/ليلى/بكر) في رسائل بعثوها إليه في سجنه وأرفقها في كتابه (هروبي للحرية)، فكان يتنفس ويحيا بها ويقول: "كنت أسعد برسالة أكثر من طبق الطعام"..

كُثُر أولئك الذين انتظروا كلمة لطيفة يتورّد منها القلب كلمة ظلت حبيسة في صدره تمنى لو أخرجها في زمن الإمكان..
(بروني) ممرضة استرالية عملت في رعاية المرضى الذين بقي على وفاتهم القليل لفشل الطب في تأخير الأجل المحتوم..كتبت عن أبرز خمسة أشياء تمنوا أن يتداركوها بعد أن كانت تسألهم ما أكثر ما ندمتم عليه في حياتكم؟..واحد من هذه الأشياء التي ندموا عليها: (كنت أتمنى لو ملكت الشجاعة للتعبير عن مشاعري لأعيش في سلام داخلي نتيجة التعبير الصادق)..

الشيخ الأديب علي الطنطاوي عانى في مرضه واشتكى قلة زواره، وحين زاره مجموعة من دعاة الخليج فرح بهم وشكى الوحشة والوحدة، ولقد عبر بكلمات مُلئت بأنّات الجوى حين كتب: "تمسكوا بأحبتكم جيدا (وعبروا) لهم عن حبكم فقد ترحلون أو يرحلون وفي القلب حديث وشوق"..

(خدمات مابعد الموت).. ظاهرة تهدف إلى تقديس الميت الذي كان مهملاً وهو حي..فهي من طريف الحياة الاجتماعية، سخِر منها علي شريعتي فحكى:
"مات جاري أمس من الجوع وفي عزائه ذبحوا كل الخراف"..!
(خدمات ما بعد الموت:): تجعلنا نُجرّم كسر عظم الميت، وفي الحقيقة كسر عظم الميّت ككسره حيا..

(خدمات مابعد الموت).. حين نبارك قتل الحي ونقول الضرب في الميت حرام!
وردة واحدة أيها الأحياء لإنسان على قيد الحياة أزهى من باقة كاملة على قبره..

وكلمة في زمن الإمكان أجدى من مرثيّه بعد فوات الأوان..
أذكروا محاسن أحيائكم..
  رد مع اقتباس