الموضوع: وحملها الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2006, 04:08 PM   #2
ابن الارض
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2006
رقم العضوية: 28660
المشاركات: 10
عدد المواضيع: 5
عدد الردود: 5


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
ابن الارض is on a distinguished road

ابن الارض غير متصل
افتراضي رد: وحملها الإنسان


فذلك جزاء من بدَّل نعمة الله ووضعها في غير ما أراد الله . وانظر لو أنَّك عملت في شركة ، ثمَّ زودتك بالراتب والسيارة والمنزل والهاتف وغير ذلك ، ثمَّ وضعت هذا كله في خدمة شركة أخرى ، فماذا تفعل بك الشركة الأولى ؟! وكيف تنظر إلى نفسك وقد قمت بهذه الخيانة والخداع . ولتوثيق الأمر ، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الوفاء بهذه المهمة في الحياة الدنيا عهداً مع الله وميثاقاً ، على الإنسان أن يوفي به : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [ الأعراف : 172] وامتدَّ هذا العهد والميثاق مع جميع الأمم والشعوب وجميع الرسل والأنبياء ومن آمن بهم : " ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل ..." ، " ومن الذين قالوا إنَّا نصارى أخذنا ميثاقهم ..." ، " واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إنَّ الله عليم بذات الصدور ..." . [ المائدة : 7، 12، 14] (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) [ آل عمران : 81] وتتوالى الآيات الكريمة في كتاب الله تكشف لنا مدى امتداد هذا العهد والميثاق في حياة الإنسان ، تأكيداً وتعظيماً : ( ..... وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) [ البقرة : 40] ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) [ النحل : 91] ولخطورة هذه المهمة وأهميتها ، ولخطورة العهد والميثاق ، فإنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الوفاء بهذه المهمة يتمُّ من خلال ابتلاء وتمحيص : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [ الملك :2] (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [ الكهف : 7] (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) [ آل عمران : 179] (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) [ آل عمران : 141 ] وآيات أخرى كثيرة تكشف مدى الابتلاء والتمحيص . ويمضي الابتلاء والتمحيص في حياة الإنسان على سنن لله ثابتة ، وقدر غالب نافذ وحكمة بالغة : (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) [ الفتح 23] لا بدَّ أن تقف أيها المسلم مع نفسك وتستعرض الرحلة الطويلة التي مضت عليها على سنن الله الثابتة : اذكر وأنت في عالم الغيب حين لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم كنت نطفة أمشاجاً ، ثم مررت بأطوار في الرحم ، ثم أصبحتَ مولوداً في هذه الحياة الدنيا تمضي برعاية الله وسننه الماضية الثابتة ، حتى تغادر الدنيا ، فبعثٌ فحساب ، ثمَّ خلود في جنَّة أو في نار ! تأمَّل هذه الرحلة وما هي الحكمة فيها ! وما هي مهمتك في الحياة الدنيا التي يدور عليها الحساب في الآخرة ؟! إن مهمتك هذه في الحياة الدنيا أيها المسلم تهدف لأن تقوم الأمة المسلمة الواحدة التي أمر الله بقيامها لتكون خير امة أخرجت للناس ، ثمَّ لتمضي هذه الأمة كلها بهذه المهمة لتغيير واقع الإنسان على الأرض ، واقع البشرية . أنت أيها المسلم نقطة الانطلاق إذا صدقت الله إيماناً وتوحيداً ، وتزوّدت علماً حقاً من منهاج الله ، ووعيت الواقع من خلال منهاج الله ، ليكون هذا هو زادَك على الطريق وأنت توفي بالمهمة . الزاد الضروري : · صفاء الإيمان والتوحيد وصدقه . · إخلاص النيَّة الواعية لله ،النيَّة التي تحدِّد الهدف والدرب الذي يوصل إلى الهدف والوسائل والأساليب ، بغير ذلك لا تصدق النيّة. · صدق العلم بمنهاج الله . · وعي الواقع من خلال منهاج الله . · سلامة الممارسة الإيمانية في الواقع . لقد بيّن الله لنا هذا كله بلسان عربي مبين ، وبيّن لنا الطريق والصراط المستقيم . وعلى الطريق سيكون الابتلاء والتمحيص ، فلا بدَّ من أن تحاسب نفسك أيها المسلم بصورة مستمرّة وأن تجاهدها حتى تستقيم على أمر الله . و ذلك قوله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) [ العنكبوت :6 ] ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) [ العنكبوت : 69 ] وكذلك الحديث الذي يرويه فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( المجاهد من جاهد نفسه في الله ) [ أخرجه الترمذي وابن حبان ] وكان من فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل صراطه مستقيماً لا عوج فيه حتى لا يضلّ عنه أحد ، وجعله واحداً حتى لا يُخْتلف عليه . إنه صراط مستقيم تمتدُّ عليه التكاليف الربانية معالمَ تضيء الدرب ، فلا ظلمة فيه أمام المؤمن ، إِنّه يشرق بالحق لجميع المؤمنين المتقين صفاً واحداً وأمة واحدة ، يلتزمون صفاء الإيمان والتوحيد ومنهاج الله ـ قرآناً وسنَّة ولغة عربية ـ ، لا يتفرّقون شيعاً وأحزاباً ، يمضون إلى الهدف الأكبر والأسمى ـ الدار الآخرة والجنة ورضوان الله . والمؤمن يمضي يبلّغ رسالة الله إلى الناس كافّة يقول الحق ويبلّغه بكل أسلوب مجدٍ حسب الواقع الذي هو فيه . والله هو الذي يهدي من يشاء ويضلُّ من يشاء على حكمة بالغة عادلة . وجعل الله سبحانه وتعالى بقدره وقضائه دائرة يكون الإنسان فيها مسؤولاً عن نيته وعمله ومحاسباً عليه . وعلى الإنسان أن يتخذ القرار بنفسه حين تبلغه الرسالة ، أيؤمن أم يكفر ، وعليه أن يتحمل مسؤولية قراره . إذن كلفه الله بالتفكير واتخاذ القرار وتحمل مسؤولية قراره ولكل قرار نتيجة : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ) [ الكهف : 29-30] والتفكير الذي يأمرنا الله باتباعه هو التفكير الإيماني الذي يتبع نهجاً يقود إلى الإيمان . ولقد وفّر الله برحمته للناس كل وسائل النهج الإيماني للتفكير : في فطرته التي فطره عليها ، وفي الآيات المبثوثة في السموات والأرض وما بينهما ، وفي الإنسان نفسه : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) [ الروم : 30] (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) [ يونس : 101] (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) [ الذاريات : 20-23 ] فانهض أيها المسلم لمهمتك التي ستحاسَب عليها ، واصدق الله في عملك كله