عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2004, 09:27 PM   #26
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــــــابع


رغد تنحت جانبا موسعة المجال أمامي ، و عندما اقتربت رفعت رأسها فنظرت إلي برهة ...



" لقد ... كبرت ! "



لم تنطق بأي كلمة ، و نزلت ببصرها أرضا ...


قلت :


" لكنك لم تتغيري كثيرا ... "



رفعت رأسها مرة أخرى و نظرت إلي ، ثم طأطأته من جديد ...


قلت :


" و أنا ؟ هل تغيرت كثيرا ؟؟ "


ترددت قليلا ثم قالت :


" هل بدّلت أنفك ؟ "







ابتسمت ، بل كدت أضحك ، لكنني قلت :


" بدّله الزمن ! هل يبدو سيئا جدا ؟؟ "



رغد قالت دون أن ترفع بصرها عن الأرض :



" على العكس ! "



ثم أسرعت بالخروج من المطبخ ...


استدرت و ناديت :


" رغد انتظري ... "



ألا أنها اختفت بسرعة !



و بسرعة شربت كمية كبيرة من الماء البارد شعرت بها تجري في فمي و حلقي و معدتي و حتى شراييني !




عدت إلى فراشي و أغمضت عيني ...

إنه ليس مجرد حلم ...

لقد عدت إلى أهلي أخيرا

عدت إلى رغد ...

و حتى و أن كبرت و لم تعد صغيرتي المدللة ، فهي لا تزال محبوبتي التي أعشق منذ الصغر ...

و التي أفعل أي شيء في سبيل إسعادها
و التي لا زلت مشتاقا إليها أكثر من أي شخص آخر ...

و التي يجب أن أقربها مني أكثر من أي وقت مضى ...

فهي ...

صغيرتي الحبيبة المدللة ...

حلم حياتي الأول ...

محبوبتي منذ الطفولة ...

قد كبرت أخيرا ....

و أنا استفيق من النوم ، و أشعر بنعومة الوسادة تحت خدي ، و سمك و دفء البطانية فوق جسدي ، و النور يخترق جفني ...


بقيت مغمض العينين ...


حركت يدي فوق الفراش الدافئ الواسع ، و الوسادة الناعمة و أخذت أتحسسهما براحة و سعادة ...


ابتسمت ، و يدي لا تزال تسير فوق الفراش ، و البطانية ، و الوسادة مداعبة كل ما تلامس !



أخذت نفسا عميقا و أطلقته مع آهة ارتياح و رضا ...


كم كان النوم لذيذا ! و كم كنت أشعر بالكسل ! و الجوع أيضا !


آه ... ما أجمل العودة إلى البيت ... و الأهل ...




فتحت عيني ببطء ، و أنا مبتسم و مشرق الوجه

و على أي شيء وقعت أنظاري مباشرة ؟؟

على وجه أمي !



كانت والدتي تجلس على مقعد جواري ، و تنظر إلي ، و دمعة معلقة على خدها الأيمن ، فيما فمها يبتسم !


جلست بسرعة ، و قد اعتراني القلق المفاجئ و زالت الابتسامة و السعادة من وجهي ، و قلت باضطراب :


" أماه ! ماذا حدث ؟؟ "



والدتي أشارت بيدها إلي قاصدة أن أطمئن ، و قالت :


" لا لا شيء ، لا تقلق بني "



لكنني لم أزل قلقا ، فقلت مرة أخرى :


" ماذا حدث ؟؟ "




هزت أمي رأسها و مسحت دمعتها و زادت ابتسامتها و قالت :

" لا شيء وليد ، أردت فقط أن أروي عيني برؤيتك "


ثم انخرطت في البكاء ...


نهضت عن سريري و أقبلت ناحتها و قبلت رأسها و عانقتها بحرارة ...


" لقد عدت أخيرا ! لا شيء سيبعدني عنكم بعد الآن "

طبعا لم يستطع أحدنا النوم تلك الليلة ، غير وليد !


نام وليد في غرفة سامر ، إذ لم يكن لدينا أي سرير احتياطي أو غرفة أخرى مناسبة .


أنا لا أستطيع أن أصدق أن وليد قد عاد !

لقد آمنت بأنه اختفى للأبد

كنت اعتقد بأنه فضل العيش في الخارج حيث الأمان و السلام على العودة لبلدنا و الحرب و الدمار ...


لكنه عاد ... و بدا كالحلم !


لا يزال طويلا و عريضا ، لكنه نحيل !


كما أن أنفه قد تغير و أصبح جميلا !


البارحة لم أتمالك نفسي عندما رأيته أمام عيني ...


كم تجعلني هذه الذكرى أبتسم و أتورد خجلا !




" رغد ! كم من السنين ستقضين في تقليب البطاطا ! لقد أحرقتها ! "


انتبهت من شرودي الشديد ، على صوت دانة ، و حين التفت إليها رأيتها تراقبني من بعد ، و قد وضعت يديها على خصريها ...



ابتسمت و قلت :

" ها أنا أوشك على الانتهاء "




دانة حدقت بوجهي قليلا ثم قالت :


" لقد احمر وجهك من طول وقوفك قرب النار ! هيا انتشليها و انتهي ! "



أنا اشعر بأن خدي متوهجان ! و لكن ليس من حرارة النار !






انتهيت من قلي البطاطا ثم رتبتها في الأطباق الخاصة




مائدتنا لهذا اليوم شملت العديد من الأطباق التي كان وليد يحبها

والدتي أصرت على إعدادها كلها ، و جعلتنا نعتكف في المطبخ منذ الصباح الباكر !

ربما كان هذا الأفضل فإن أحدنا لم يكن لينام من شدة الفرح ...



و الآن هي بالتأكيد في غرفة سامر !





" دانه "



كانت دانة تقطع الخضار لتعد السلطة ، و التفتت إلي بنفاذ صبر و قالت :



" نعم ؟؟ "


قلت :

" هل كان وليد يفضل عصير البرتقال أم الليمون ؟؟ "



رفعت دانة رأسها نحو السقف لتفكر ، ثم عادت ببصرها إلي و هزت رأسها أسفا :

" لا أذكر ! حضّري أيا منهما "



قلت :

" أريد تحضير العصير الذي يفضله ! تذكري يا دانة أرجوك "


رمقتني بنظرة غضب و قالت :

" أوه رغد قلت لك لا أذكر ! اسألي أمي "



وقفت أفكر لحظة ، و استحسنت الفكرة ، فذهبت مسرعة نحو غرفة سامر !


في طريقي إلى هناك صادفت والدي ...





" إلى أين ؟ "


استوقفني أبي ، فقلت بصوت منخفض :


" أريد التحدث مع أمي "


ابتسم أبي و قال :


" إنها عند وليد ! "



تقدمت خطوة أخرى باتجاه غرفة سامر ، ألا أن أبي استوقفني مرة أخرى


" رغد "


التفت إليه

" نعم أبي ؟؟ "



لم يتكلم ، لكنه رفع يده اليمنى و بإصبعه السبابة رسم دائرة في الهواء حول وجهه

و فهمت ماذا يقصد ...






انعطفت نحو غرفتي ، و ارتديت حجابا و رداءا ساترا ، ثم قدمت نحو غرفة سامر و طرقت الباب طرقا خفيفا ...





سمعت صوت أمي يقول :


" تفضل "



ففتحت الباب ببطء ، و أطللت برأسي على الداخل ... فجاءت نظراتي مباشرة فوق عيني وليد !




رجعت برأسي للوراء و اضطربت ! و بقيت واقفة في مكاني ...


أقبلت أمي ففتحت الباب


" رغد ! أهلا ... أهناك شيء ؟؟ "


قلت باضطراب :


" العصير ! أقصد الليمون أم البرتقال ؟ "


أمي طبعا نظرت إلي باستغراب و قالت :


" عفوا ؟!! "



كان باستطاعتي أن أرى وليد واقفا هناك عند النافذة المفتوحة ، لكني لا أعرف بأي اتجاه كان ينظر !



" هل أصنع عصير الليمون أم البرتقال ؟؟ "



ابتسمت والدتي و قالت :


" كما تشائين ! "


قلت :


" ماذا يفضل ؟؟ "




و لم أجرؤ على النطق باسمه !


والدتي التفتت نحو وليد ، و كذلك فعلت أنا ، فالتقت أنظارنا لوهلة ...


قالت أمي :


" ماذا تفضل أن تشرب اليوم ؟ عصير البرتقال أم الليمون ؟ أم كليهما ؟ "



ابتسم وليد و قال :


" البرتقال قطعا ! "


ثم التفتت والدتي إلي مبتسمة ، و قالت :


" هل بقي شيء بعد ؟ "

" لا ... تقريبا فرغنا من كل شيء ، بقي العصير ... و السلطة "

" عظيم ، أنا قادمة معك "





ثم استأذنت وليد ، و خرجت و أغلقت الباب .






و عندما ذهبنا للمطبخ ، وجدنا سامر هناك ، و كان قد عاد لتوه من الخارج حيث أحضر بعض الحاجيات ...




بادلانا بالتحية ثم سأل :


" ألم ينهض وليد ؟ "


قالت أمي :


" بلى ! استيقظ قبل قليل "

" عظيم ! انا ذاهب إليه "






و ذهب سامر مسرعا ، فهبت دانة واقفة و رمت بالسكين و قطعة الخيار التي كانت بيدها جانبا و قالت بانفعال :


" و أنا كذلك "


و لحقت به و هي تقول موجهة كلامها إلي :


" أتمي تحضير السلطة ! "




و في ثوان كانا قد اختفيا ...






ماذا عني أنا ؟؟

أنا أيضا أريد أن أذهب إليه .... !





نظرت إلى أمي فقالت :


" أنا سأقطع الخضار ، حضري أنت العصير ...
قبل قليل ، جاءت رغد و وقفت عند باب الغرفة لعدة ثوان ...

أظن أنها جاءت تسال والدتي عن عصيري المفضل !


يبدو أنها نسيت ذلك ... لطالما كنت آخذها معي إلى في نزهة بالسيارة ، نتوقف خلالها لتناول البوضا أو عصير البرتقال ، أو حتى أصابع البطاطا المقلية !


يا ترى ... ألا تزال تحبها كما في السابق ؟؟




طرق الباب ، ثم دخل أخي سامر و دانة ...



أقبل الاثنان نحوي يحييانني و يعانقانني من جديد ...


قال سامر :


" أحضرت لك بعض الملابس يا أخي ! إنك بحاجة إلى حمام طويل جدا ! "




ابتسمت بشيء من الخجل ، فأنا أعرف أن هندامي كان سيئا ... و شعري طويلا ... و لحيتي نابتة عشوائيا بلا نظام ، و الملابس التي اشتراها لي سيف على عجل خالية من الجمال و الأناقة !


قلت :

" هل أبدو مزريا ؟؟ "


ضحكت دانة و قالت :


" بل تبدو كأحد نجوم السينيما الأبطال ! "



ضحكنا نحن الثلاثة ، ثم قلت :


" بطل بلا عضلات !؟ لا أناسب حتى لدور مجرم ! "



و جفلت للكلمة التي خرجت من لساني دون شعور ... ( مجرم ) ... ألست كذلك ؟؟


~~~~~~~~~~~~~~