عرض مشاركة واحدة
قديم 31-12-2004, 02:59 PM   #53
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع

" حسنا ... لن أؤذي أظافرك ! سأنشرها أنا ! "

و حملت السلة ، و خرجت للفناء الخلفي ...


وليد ركن السيارة في المرآب ثم خرج منها هو و سامر ...

و هاهما الآن يقبلان باتجاهي ...

سامر نزع نظارته السوداء ...

و سارا متوازيين جنبا إلى جنبت يسبقهما ظلهما ... و يدوسان عليه ...


وليد ... بطوله و عرضه و بنية جسده الضخم ... و الذي اكتسب عدة أرطال مذ لقائي الأخير به قبل شهور ... زادت وجهه امتلاء و جسده عظمة ... و كتفيه ارتفاعا ... و صار يشغل حيزا محترما من هذا الكون و يفرض وجوده فيه !
يخطو خطا أكاد أسمع صوت الأرض تتألم منها !

سامر ... بجسمه النحيل ... و قوامه الهزيل... و وجهه الطويل ... المشوه ...
و خطاه الهادئة البسيطة ... و أنظاره الخجلة التي غالبا ما تكون مدفونة تحت الأرض ...

شيء ما أحدث في نفسي توترا و انزعاجا ...

إنهما مختلفان ...

لماذا تنجرف أنظاري لا إراديا نحو وليد ؟؟؟

لماذا يشدني التيار إليه هو ؟؟

حين صارا أمامي مباشرة ، توقف سامر و قال :


" أ أساعدك ؟؟ "


بينما تابع وليد طريقه مرورا بي ... ثم ابتعد دون أن ينظر إلي ...

لكني كنت أراقبه ...

توقف برهة و استدار مادا يده نحو سامر قائلا :

" المفتاح "


مفتاح السيارة كان يسبح في كفه كسمكة في البحر !

تناول سامر المفتاح منه ، ثم أخذ يساعدني في نشر الملابس على الحبال ... في الحقيقة قام هو بالعمل ... فأنا كنت شاردة و سارحة أفكر ...


هل هذا هو شريك حياتي حقا ؟؟

لماذا علي أنا أن أتزوج رجلا مشوها ؟؟


لقد شغلت الفكرة رأسي حتى ما عدت بقادرة على التركيز في شيء آخر ...

هل حقا سأتزوج سامر ؟؟
كم كانا مختلفين ... و يهما يسيران جنبا إلى جنب ...


في وقت الغذاء ، لم أساهم في إعداد المائدة و وافيت البقية متأخرة بضع دقائق ...

أتدرون ماذا حدث عندما دخلت غرفة المائدة و جلست على مقعدي المعهود ؟؟


قام وليد ... و غادر الغرفة !


تلوت معدتي ألما حين رأيته يذهب ... إنه لا يريد أن يجلس معي حول مائدة واحدة!

الجميع تبادلوا النظرات و حملقوا بي ...


أمي تبعته ، ثم عادت بعد أقل من دقيقة و قالت :


" رغد ... خذي أطباقك إلى المطبخ "


صدمت و اهتز وجداني ... و شعرت بالإهانة ... و بأنني أصبحت شيئا
لا يرغب وليد في وجوده ... شيئا يزعجه ... و يتحاشى اللقاء به ...


نعم فأنا ابنة عمه التي كبرت و أصبحت ... شيئا محظورا ..


رفعت أطباقي و ذهبت إلى المطبخ و انخرطت في بكاء مرير ...


بعد قليل أتتني دانة تحمل أطباقها هي الأخرى :


" رغد ! و لم هذه الدموع أيتها الحمقاء ! "


لم أعرها أذنا صاغية ، فقالت :

" إنه يشعر بالحرج و الخجل ! تعرفين كيف هو الأمر ! هذا من حسن الأدب ! "


قلت :

" لكنني كنت معكم العام الماضي "

قالت :

" ربما لم يكن قد اعتاد فكرة أنك ... كبرت ! "


ليتني لم أكبر !


تركت أطباقي غير ملموسة و خرجت من المطبخ متوجهة إلى غرفتي ،
و دانة تشيعني بنظراتها ...


في الغرفة ... تأملت صورة وليد التي رسمتها قبل شهور ... و انحدرت دموعي ...


أخذت أتخيله ... و هو واقف إلى جوار سامر ... يفوقه في كل شيء يعجبني ...
ثم ...
ثم ...
أتزوج سامر !


لماذا أقارن بينهما هكذا ؟؟



وفي العصر ، أتتني دانة ..

" الم تستعدي بعد ؟ سننطلق الآن ! "

" إلى أين ؟؟ "

" أوه رغد هل نسيت ! إلى الشاطئ كما اتفقنا ! "



بالفعل كنت قد نسيت الفكرة ... و بالرغم من أنني كنت مسرورة جدا بها مسبقا ألا أنها الآن ... لا تعجبني !


" لا أريد الذهاب "


حملقت دانة بي و قالت :

" عفوا ! ألم تكوني أنت المشجعة الأولى ! هل ستبقين في البيت وحدك ؟؟ "



قلت :


" هل سيذهب الجميع ؟؟ "

" بالطبع ! إنهم في انتظارنا فهيا أسرعي ! "



و ذهبت إلى غرفتها تستبدل ملابسها ...


أن أبقى وحدي في البيت هي فكرة غير واردة ... لم يكن أمامي إلا الذهاب معهم ...



توزعنا على سيارتي أبي و سامر ...

جلس وليد على المقعد المجاور لسامر ، و أنا خلفه ، و دانه إلى جانبي ، و تركنا والدي ّ معا في السيارة الأخرى ...



وليد و سامر كانا يتبادلان الأحاديث المختلفة تشاركهما دانة ، أما أنا فبقيت صامتة ... أراقب و استمع ... و أشعر بالألم ...



لم تفتني أي كلمة تفوه بها وليد ... او أي ضحكة أطلقها

كنت أضغي إليه باهتمام بالغ ! حتى كدت أحفظ و أردد ما يقول !



عندما وصلنا ، فرشنا بساطا كبيرا و وضعنا أشياءنا و جلسنا عليه ، ألا أن وليد ظل واقفا ... ثم ابتعد ... و سار نحو البحر ...


إنه لا يرد الجلوس حيث أجلس ...

لماذا يا وليد ؟؟






هل تعرفون كم دقيقة في الساعة ؟؟

ستون طبعا !

و هل تعرفون كم مرة في الساعة فكرت به ؟

ستون أيضا !




و هل تعرفون كم ساعة بقينا هناك ؟؟

ست ساعات !

هل أحصيتم كم وليد جال برأسي خلال الرحلة ؟؟





الثلاثة ، أبي و وليد و سامر ذهبوا للسباحة ، أمي تصف قطع اللحم في الأسياخ و دانة تساعدها ...


و أنا ، معدتي تئن !


" رغد ! لم لا تبتلعين أي شيء ريثما يجهز العشاء ؟؟ لم تضرم النار بعد و سنستغرق وقتا طويلا ! "


نظرت إلى دانة و قلت :


" لم لا تسرعان ؟ "

" لا يزال الوقت مبكرا ! أنت من فوّت وجبة الغداء ! "



لقد كنت جائعة بالفعل ! و فتشت في السلات فلم أجد شيئا يستحق التهامه حتى يجهز طعام العشاء المشوي !



نظرت من حولي فرأيت مقصفا صغيرا على مقربة منا ...


" أريد الذهاب إلى هناك ! "


قالت دانة :

" اذهبي ! "

قلت :

" تعالا معي ! "

ابتسمت دانة ابتسامتها الساخرة التي تعرفون و قالت :


" نعامتي الصغيرة ... تخشى من الظلام ... و ترجف خوفا ... من فئران نيام ! "



و هو مطلع أغنية للأطفال !


غضبت منها فاسترسلت في الضحك ...


تجاهلتها و خاطبت والدتي :


" تعالي معي ... "

أمي مدت يديها الملطختين بعصارة اللحم ، تريني إياهما و قالت :

" فيما بعد رغد "


نظرت نحو الشاطئ فوجدت وليد يجلس على أحد المقاعد ... و والدي و سامر لا يزالان يسبحان ...


التفت إلى دانة و قلت :


" دعينا نقترب من الشاطئ ... أريد أن أبلل قدمي ! "


دانة قالت :

" أنا لا أريد ! اذهبي أنت "

" لا أريد الذهاب وحدي "


و عادت تغني :

" نعامتي الصغيرة ... تخشى من الظلام !! "


أصبحت لا تطاق ... !

و أمي منهمكة في إعداد أسياخ اللحم ...


" اذهبي رغد ... إنهم هناك ! اذهبي عزيزتي ... "


قالت أمي مشجعة إياي ...


لم يكن هناك الكثيرون على مقربة منا ... و لكنني ترددت كثيرا ...



في النهاية أقنعت نفسي بأنهم قريبون من الساحل ، كما أن وليد يجلس هناك ... و لا داعي لأي خوف ...



سرت نحوه و أنا أحس بنظرات أمي تتبعني ... فهي تريد لي التخلص من خوفي المبالغ به ... من أماكن لا تستوجب أي خوف أو حذر ...



كانت أمواج البحر تتلاطم بحرية ... و نسمات الهواء باردة منعشة تغزو صدري الضائق منذ ساعات ... فتفتح شعبه و توسعه ...


اقتربت من وليد ... و لم يشعر بي


تجاوزته نحو الماء ... فلم أحس بحركة منه .. التفت فرأيته مغمض العينين ، و ربما نائم !


سمحت للماء البارد بتبليل قدمي ... و شعرت بانتعاش !



لوّح سامر لي ... فشعرت بأمان أكثر و تجرأت على خطو خطوتين يمينا و يسارا ... ألا أنني لم ابتعد أكثر من ذلك ... لم أخرج عن الحيز الذي يحيط بوليد و يشعرني بالطمأنينة ...



و الآن تجرأت على خطوة أكبر ... و جلست على الرمال المبللة و مددت يدي لألامس الأمواج ...


كان شعورا رائعا !


أقبل مجموعة من الأطفال بألعابهم و أطواق نجاتهم ، و بدؤوا يلعبون بمرح ... كنت أراقبهم بسرور !

ليتني أعود صغيرة لألهو معهم !

التفت للوراء ... إلى وليد ... استعيد ذكريات ظلت عالقة في ذاكرتي ...

كان وليد يلاعبني كثيرا حينما كنت صغيرة ! و في المرات التي نقوم فيها برحلة إلى الشاطئ ... كان يبقى حارسا لي و لدانة !



عدت بنظري للأطفال ... أتحسر !


يبدو أن أصواتهم قد أيقظت وليد من النوم ... سمعت صوته يتنحنح ثم يتحرك ، استدرت للخلف فوجدته يقف و ينظر إلى ما حوله ...


وليد تحرك مقتربا من البحر ... فنهضت بسرعة و قلت :


" إلى أين تذهب ؟؟ "


وليد توقف ، ثم ... قال :

" لأسبح ... "

قلت :

" انتظر ... سأعود لأمي ... "


في نفس اللحظة أقبل سامر يخرج من الماء نحو اليابسة ...


" وليد ... تعال يا رجل ! يكفيك نوما ! "


قال سامر ، فرد وليد :


" أنا قادم ... لكن ألا يجب أن نشعل الجمر الآن ؟؟ "

" لا يزال الوقت مبكرا ! "


و التفت سامر إلي و قال :

" رغد أخبري أمي بأننا سنقضي ساعات أكثر في السباحة ! "


قلت :

" حسنا ! "

بينما تصرخ معدتي : كلا !



سامر خرج من الماء ، و صار واقفا إلى جوار وليد ... و قام ببعض التمارين الخفيفة ...



التفت إلى ناحية البساط الذي نفترشه ، و خطوت متجهة إليه ...



مجموعة من الناس كانوا يلاحقون كرة قدم ... فيضربها هذا و يركلها ذاك ... يتحركون في طريقي ...


وقفت في منتصف الطريق لا أجرؤ على المضي قدما ...

التفت إلى الوراء فوجدت الاثنان يراقباني ...


و إلى حيث تجلس أمي و أختي ... فإذا بهما أيضا تراقباني ...


الآن ... تدحرجت الكرة نحوي و اقتربت من قدمي ... و أقبل اللاعبون يركضون نحوها ...


وصل إلي أحدهم و قال :


" معذرة يا آنسة "


أصبت بالذعر ... فجأة ...


خطوة للوراء ...

ثم خطوة أخرى ...


ثم أطلقت ساقي للريح راكضة باضطراب و فزع ...

إلى حيث جرفني التيار ...

نحو وليد !

~~~~~~~~~~~~~~