عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-2004, 09:53 PM   #24
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــابع


" و لكن لا جدوى ! كيف ستدخل للداخل ؟ "





بالطبع ستكون الأبواب و النوافذ جميعها مغلقة و موصدة من الداخل ، ألا أنني أستطيع تدبر الأمر !



قلت :


" سترى ! "


و انطلقت نحو الحديقة ...




لم تعد حديقتنا كما كانت في السابق ، خضراء نظرة ... بل تحولت إلى صحراء صفراء جافة ...



انقبض قلبي لدى رؤيتها بهذا الشكل ...



أخذت أتلفت فيما حولي و سيف يراقبني باستغراب


وقعت أنظاري على أدوات الشي التي نضعها في إحدى الزوايا ، في الحديقة

كم كانت أوقاتا سعيدة تلك التي كنا نقضيها في الشواء





توجهت إليها و أخذت احفر الرمال ...


" ما الذي تفعله بربك يا وليد ؟؟! هل أخفيت كنزا هناك ؟؟ "


و ما أن أتم سيف جملته حتى استخرجت مفتاحا من تحت الرمال !



تبادلت أنا و سيف النظرات و الابتسامات ، ثم قال :



" عقلية فذة ! كما كنت دائما ! "

و ضحكنا ...



كنت أخفي مفتاحا احتياطيا في تلك الزاوية تحت الرمال منذ عدة سنوات ...




و أخيرا دخلت المنزل





للحظة الأولى أصابت جسدي القشعريرة لرؤية الأشياء في غير أمكنتها ...

تجولت في الممرات و شعرت بالضيق للسكون الرهيب المخيم على المنزل ...

عادة ما كان البيت يعج بأصوات الأطفال و صراخهم ...





صعدت إلى للطابق العلوي قاصدا غرفة نومي ، حيث تركت ذكريات عمري الماضي ... و حين هممت بفتح الباب ، وجدتها مقفلة ...



" تبا ! "



توجهت بعد ذلك إلى غرفة رغد الصغيرة ، المجاورة لغرفتي مباشرة .. مددت يدي و أمسكت بالمقبض ، و أغمضت عيني ، و أدرت المقبض ، فلم ينفتح الباب ...

كانت هي الأخرى مقفلة

أدرت المقبض بعنف ، و ضربت الباب غيظا ... و ركلته من فرط اليأس ...








أخذت أحاول فتح بقية الغرف لكنني وجدتها جميعا مقفلة

فشعرت و كأن الدنيا كلها ... مقفلة أبوابها أمامي ...





عدت إلى غرفة رغد و أنا منهار ...


جثوت على الأرض و أطلقت العنان لعبراتي لتسبح كيفما تشاء ...



" أين ذهبتم ... و تركتموني ؟؟ ... "


أغمضت عيني و تخيلت ...


تخيلت الباب ينفتح ، فأرى ما بالداخل ...


على ذلك السرير تجلس رغد بدفاتر تلوينها ، منهمكة في التلوين ...


و حين تحس بدخولي ترفع رأسها و تبتسم و تهتف : وليــــــــد !


ثم تقفز من سريرها و تركض إلي ... فألتقطها بين ذراعي و أحملها عاليا !





" أين أنتم ؟ عودوا أرجوكم ... لا تتركوني وحيدا ... "






كنت أبكي بحرقة و مرارة و عيناي تجولان في أنحاء المنزل و أتخيل أهلي من حولي ... هنا و هناك ...


و أتوهم سماع أصواتهم ...


لقد رحلوا ... و تركوا المنزل خاليا و الأبواب مقفلة ... و وليد وحيدا تائها ...


هل تخلوا عني ؟؟

هل أصبحت في نظرهم ماض يجب نسيانه ؟

مجرما يجب إلغائه من الحسبان ؟؟

كيف يمتنعون عن زيارتي و السؤال عني كل هذه السنين ...

ثم يرحلون ...


أخرجت الصورتين اللتين احتفظ بهما منذ سنين من أحد جيوبي ... و جعلت أتأمل وجوه أهلي و أناديهم ... واحدا تلو الآخر كالمجنون ...

أبي ...

أمي ...

سامر ...

دانه ...

رغد ...

لقد عدت !

أين أنتم ؟؟

أجيبوا أرجوكم ...










سيف ظل واقفا يراقب عن بعد ...



كنت لا أزال جاثيا عند باب غرفة رغد غارقا في الحزن و البكاء المرير ... حين لمحت شيئا لم أكن لألمحه لو لم أجثو بهذا الوضع ...



من بين دموعي المشوشة للرؤية أبصرت شيئا تحت باب غرفتي


مددت أصابعي و أخرجته ببعض الصعوبة ، فإذا به قصاصة ورق صغيرة مثنية


و حين فتحتها وجدت التالي :




( وليد ، لقد ذهبت مع أمي و أبي و دانة و سامر إلى المدينة الصناعية . عندما تعود تعال إلينا . أنا أنتظرك كما اتفقنا . رغد )




لكم أن تعذروا سيف للذهول الذي أصابه حين رآني أنهض واقفا فجأة ، و أطلق ضحكة قوية بين نهري الدموع الجاريين !




" وليد !! ماذا دهاك ؟؟ "




نظرت إليه و أنا أكاد أقفز فرحا و قلت :


" إنها رغد العزيزة تخبرني بأنهم في المدينة الصناعية ! هل رأيت شيئا كهذا ؟؟ "



و أخذت أحضن الورقة و الصور بجنون !



سيف قال :


" عقلية ... فذة ... أظن ذلك ! ! "





و ضحكنا من جديد .











و بعد يومين ، حين رتب سيف أموره للسفر ، انطلقنا أنا و هو بالسيارة ميممين وجهينا شطر المدينة الصناعية ...





لقد تكبلنا مشاقا لا حصر لها أثناء الطريق ، إذ أن الشوارع كانت مدمرة و اضطررنا لسلك طرق ملتوية و مطولة جدا ...



كما و أننا واجهنا عقبات مع الشرطة المحليين



إنني لمجرد روية شرطي ، ارتعش و أصاب بالذعر ... حتى و إن كان مجرد شرطي مرور ...



لن أطيل في وصف الرحلة ، لم يكن ذلك مهما ... فرأسي و قلبي و كلي ... مشغول بأهلي و أهلي فقط ...


و أولهم ... مدللتي الصغيرة الحبيبة ...

رغد ...

رغد ...

أنا قادم إليك أخيرا ...

قادم أخيرا ...











وصلنا للمدينة الصناعية مساء اليوم التالث ، و قد نال منا التعب ما نال

لذا فإن سيف أراد استئجار شقة نقضي فيها ليلتنا لنبدأ البحث في اليوم التالي ...



" ماذا ؟ لا أرجوك ! لا أستطيع الانتظار لحظة بعد ! "


تنهد سيف و قال :


" يا عزيزي دعنا نبات الليلة و غدا نذهب إلى بلدية المدينة و نسألهم عن أهلك ! أين تريدنا أن نبحث الآن ؟؟ نطرق أبواب المنازل واحدا بعد الآخر ؟؟ "



" أجل ! أنا مستعد لفعل ذلك ! "



ابتسم سيف ، ثم ربت على كتفي و قال :


" صبرت كثيرا ! اصبر ليلة أخرى بعد ! "




لم تمر علي ساعات أبطأ من هذه من قبل ...

لم أنم حتى لحظة واحدة و أصابني الإعياء الشديد و الصداع

و في اليوم التالي ، وقفنا عند إحدى محطات الوقود ، و ذهب سيف لشراء بعض الطعام و هممت باللحاق به ، لكنني شعرت بالتعب الشديد ...




عندما عاد سيف ، التفت نحوي مقدما بعض الطعام إلي :


" تفضل حصتك ! "


هززت رأسيا ممتنعا ، فأنا لا أشعر بأي رغبة في الطعام فيما أنا قد أكون على بعد قاب قوسين أو أدنى من أهلي ...




أسندت رأسي على المعقد و رفعت يدي إلى جبيني و ضغطت على رأسي محاولا طرد الصداع منه ...



" أ أنت بخير ؟؟ "


سألني سيف ، فأجبت :


" صداع شديد "


" خذ تناول بعض الطعام و إلا فإنك ستنهار ! "




و هززت رأسي مجددا ...

ثم التفت إليه و قلت :


" هل لي ببعض المال ؟؟ "



أخرج سيف محفظته من جيبه و دفعها إلي ... فأخذتها ، و فتحت الباب قاصدا النزول و الذهاب إلى البقالة المجاورة ...




ما كدت أقف على قدمي حتى انتابني دوار شديد فانهرت على المقعد ...




" وليد ! "




تركت رجلي متدليتين خارج السيارة و أنا عاجز عن رفعهما


سيف أسرع فعدّل من وضعي و سأل بقلق :




" أ أنت بخير ؟؟ "


" دوار ... "



أسرع سيف فقرب عبوة عصير من شفتي و قال :


" اشرب قليلا "


رشفت رشفتين أو ثلاث ، و اكتفيت . سيف كان قلقا و ظل يلح علي بتناول بعض الطعام ألا أنني لم أكن أشعر بأدنى رغبة حتى في شم رائحته ...




بعد قليل ، زال الدوار جزئيا و فتحت عيني ، و مددت بالمحفظة إلى سيف و قلت :



" هل لي بعلبة سجائر ؟ "