عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2004, 06:34 PM   #36
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــــــــــــابع


في ذات اللحظة رن هذا الأخير ، و قفزت مسرعة إليه !



" مرحبا ! هنا منزل شاكر جليل ... من المتحدث ؟ "


كانت ابتسامتي تعلو وجهي ، و حين وصلني صوت الطرف الآخر :


" رغد ! أهذه أنت ؟؟ "


تلاشت الابتسامة بسرعة ، و قلت بشيء من الخيبة :


" نعم ... سامر ، إنها أنا "



و بعد بضع عبارات تبادلناها ، دفعت بالسماعة إلى والدي :


" إنه سامر ... لن يحضر الليلة "


و انصرفت عن المطبخ .

حين سافر سامر ... لم أبك كما بكت أمي ...

و كما بكيت لسفر وليد ...






لم يكن هناك أي هاتف في غرفة نومي ، لذا جلست في غرفة المعيشة قريبة من التلفاز ، و كلما رن هاتف بادرت برفع السماعة قبل أن تنقطع الرنة الأولى !



و في كل مرة أصاب بخيبة أمل ....



لكن ...

لماذا أنا متلهفة جدا للتحدث إليه ؟؟




بعد فترة ، حضر الضيوف المرتقبون ، العريس و والداه و أخته الوحيدة ، صديقة دانه



لو أؤلف كتابا في وصف دانه لسببت أزمة ورق !


سألخص ذلك بقول : كانت غاية في الجمال ، و الخجل ، و اللطف ، و السعادة !





تم الاتفاق على كل شيء ، و تعين تحديد يوم ليلة الخميس المقبلة لعقد القران !




لم أجلس مع ضيفتينا غير دقائق متفرقة ، و تمركزت عند الهاتف في انتظار اتصال من اتصل رجال العالم كلهم ببيتنا سواه !




عند العاشرة و النصف ، استسلمت ...

و ذهبت في اتجاه غرفتي ..

مررت بغرفة دانه ، فوجدتها مشغولة بإزالة المساحيق و الإكسسوارات التي تزين بها شعرها !



" كنت جميلة ! "


نظرت إلي بغرور ، و قالت :


" اعرف ! "


ثم استطردت :


" و سأكون أجمل في الحفلة ! علي أن أذهب للسوق غدا لشراء الحاجيات ! "


" عظيم ! أنا أيضا سأشتري فستانا جديدا و بعض الحلي ! "


ابتسمت دانه بسعادة ، و قالت :

" كم أنا متوترة و قلقة ! ستكون حفلة رائعة "


ثم أضافت ببعض الخبث :


" أروع من حفلتك "


لم أكن في السابق أتضايق كثيرا لتعليق كهذا ، ألا أنني الآن شعرت بالانزعاج ... قلت :



" أنا لم تقم لي حفلة حقيقية ... لم يكن يوما مميزا "


قالت :


" وضعي أنا يختلف ! سأتزوج من أشهر لاعبي الكرة في المنطقة ، و أغناهم أيضا ... شيء مميز جدا ! ... والدي وعدني بليلة لا تنسى ! "




أصابني كلامها بشيء من الخذلان و الحزن ، فأنا لم يعمل والدي لأجلي شيئا يذكر ليلة عقد قراني ... هممت بالانصراف ، توقفت قبل أن أغلق الباب ، و سألت :



" هل سيكون وليد موجودا ؟؟ "


شيء ما برق في عينيها و قالت :


" نعم ، بالتأكيد سيكون موجودا ... لا يمكنه أن يتخلى عني أنا ! "







ذهبت إلى غرفتي و أنا حزينة ...

فوليد لم يتصل

و دانه تسخر مني

و من الطريقة التي تمت خطبتي بها ...

رغم أنها كانت أكثر من أقنعني بأنه لابد لي من الزواج من سامر ...

فهو أقرب الناس إلي ، و هو يحبني كثيرا ، و هو مشوه بشكل يثير نفور

بقية الفتيات ...

و بسببي أنا ...
فيما كنت أسخن بعض الفاصوليا على لهيب الموقد في المطبخ ، حضر صديقي سيف .


لم أكن أتوقع زيارته ،كانت الساعة السادسة مساءا ، لكنني سررت بها



" تفضل ! إنني أعد بعض الفاصوليا ... عشاء مبكر ! ستشاركني فيه "


قلت ذلك و أنا أقوده إلى المطبخ ...


حينما وصل و شم رائحة الفاصوليا قال بمرح :


" تبدو شهية ! سأتناول القليل فقط ، فلدي ضيوف على العشاء هذا المساء "


وضعت مقدارين منها في طبقين صغيرين ، مددت بأحدهما نحو صديقي و قلت :


" جرب طهو ـ أو بالأحرى تسخين يدي ! "


تناول سيف بعضها و استساغ الطعم ... ثم قال :


" لكنها لا تقارن بأطباق والدتي ! يجب أن تشاركنا العشاء الليلة يا وليد "


ابتسمت ابتسامة باهتة ، و لم أعلق ...


" هيا يا وليد ! سأعرفك على زملائي و أصدقائي في العمل "


قلت :


" كلا لا يمكنني ، لدي ارتباطات أخرى "


سيف نظر إلي باستنكار ...


" أية ارتباطات ؟؟! "


ابتسمت و قلت :


" سآخذ الأطفال إلى الملاهي ! فقد وعدتهم بذلك "


سيف كان يحرك الملعقة باتجاه فمه ، فتوقف في منتصف الطريق و قال :


" أي أطفال ؟؟ "


قلت بابتسام و أنا أقلب الفاصوليا في الطبق لتبرد قليلا :


" رغد و دانة و سامر ! سأجعلهم يستمتعون بوقتهم ! "



أعاد سيف الملعقة و ما حوت على الطبق ... و ظل صامتا بضع ثوان ...



" ما بك ؟ ألم يعجبك ؟ "


أعني بذلك الفاصوليا



سيف تنهد ثم قال :


" وليد ... ما الذي تهذي به بربك ؟؟ "


تركت الملعقة تنساب من يدي ، و قد ظهرت علامات الجدية على وجهي الكئيب و قلت :


" أتخيل أمورا تسعدني ... و تملأ فراغي ... "


هز سيف رأسه اعتراضا ، و قال :


" ستصاب بالجنون إن بقيت هكذا يا وليد ! بل إنك أصبت به حتما ... ينبغي أن تراجع طبيبا "



دفعت بالكرسي للوراء و أنا انهض فجأة و استدير موليا سيف ظهري ...
سيف وقف بدوره ، و تابع :


" لا تفعل هذا بنفسك ... أتريد أن تجن ؟؟ "



استدرت إلى سيف ، و قلت :


" ما الفرق ؟ لم يعد ذلك مهم "


" كلا يا وليد ... لا تعتقد أن الدنيا قد انتهت عند هذا الحد ... لا يزال أمامك المستقبل و الحياة "


قاطعته بحدّة و زمجرت قائلا :


" المستقبل ؟؟ نعم المستقبل ... لرجل عاطل عن العمل متخرج من السجن لا يحمل سوى شهادة الثانوية المؤرخة قبل ثمان سنين ! و يخبئ بعض النقود التي استعارها من أبيه في جيب بنطاله ليشتري بها الفاصولياء المعلبة فيسد بها جوعه ... نعم إنه المستقبل "




سيف بدأ يتحدّث بانفعال قائلا :


" تعرف أن فرص العمل في البلد ضئيلة بسبب الحرب ، لكنني سأتدبر الأمر بحيث أتيح الفرصة أمامك للعمل معي ... "


قلت بسرعة :


" معك ؟ أم عندك ؟؟ "



استاء سيف من كلمتي هذه و همّ بالانصراف .


استوقفته و قدمت إليه اعتذاري ...

لقد كان اليأس يقتلني ... و لا شيء يثير اهتمامي في هذه الدنيا ...

قال سيف :


" المزيد من الصبر ... و سترى الخير إن شاء الله "



ثم تقدّم نحوي و قال :


" و الآن ... تعال معي ... فالأشخاص الذين سيتناولون العشاء معنا سيهمك التعرف إليهم "



لكنني رفضت ، لم أشأ أن أظهر أمام رجال الأعمال و أحرج صديقي ، لكوني شخص تافه خرج من السجن قبل أسابيع ...




" كما تشاء ... لكنك ستحضر غدا ! عشاء خاص بنا نحن فقط ! "


أومأت إيجابا ، إكراما لهذا الصديق الوفي ...

قال سيف :


" يا لك من رجل ! لقد أنسيتني ما جئت لأجله ! "

" ما هو ؟؟ "

" تلقيت اتصالا من والدك اليوم ، يريد منك أن تهاتفه للضرورة "




شعرت بقلق ، فلأجل ماذا يريدني والدي ؟؟



" أتعرف ما الأمر ؟؟ "

" لا فكرة لدي ، لكن عليك الاتصال بهم فورا "



و أشار إلى الهاتف المعلق على الجدار ...

قلت :



" الخط مقطوع ! "

" حقا ؟؟ "

" كما كانت الكهرباء و المياه أيضا ! تصور أنني عشت الأيام الأولى بلا نور و لا ماء ! "


ضحك سيف ثم قال :


" معك أنت يمكنني تصور كل شيء ! هل تريد هاتفي المحمول ؟ "

" لا لا ، سأتصل بهم من هاتف عام "



سار سيف نحو الباب مغادرا ، التفت قبل الانصراف و قال :


" موعدنا غدا مساءا ! "

" كما تريد "





و عدت إلى طبقي الفاصوليا التي بردت نوعا ما ، و أفرغتهما في معدتي ...


لم يكن في المنزل أي طعام ، و كنت اشتري المعلبات و التهم منها القدر الذي يبقيني حيا ...






تعمدت عدم الاتصال بأهلي طوال الأسابيع الماضية ، و عشت مع أطيافهم داخل المنزل

حاولت البحث عن عمل و لكن الأمر كان أصعب من أن يتم في غضون بضع أسابيع أو أشهر ...





في ذلك المساء ذهبت إلى أحد المحلات التجارية لشراء بعض الحاجيات ، قبل أن أجري المكالمة الهاتفية .



حين حان دوري للمحاسبة ، أخذ المحاسب يدقق النظر إلي بشكل غريب !

نظرت إليه باستغراب ، فقال :



" ألست وليد شاكر ؟؟ "


فوجئت ، فلم يبد لي وجه المحاسب مألوفا ... قلت :


" بلى ... هل تعرفني ؟؟ "


قال :


" و هل أنساك ! متى خرجت من السجن ؟؟ "



عندما نطق بهذه الجملة أثار اهتمام مجموعة من الزبائن فأخذوا ينظرون باتجاهي ...


شعرت بالحرج ، و تجاهلت السؤال ... فعاد المحاسب يقول :


" ألم تعرفني ؟ لقد كنت ُ زميلا للفتى الذي قتلته ! عمّار "



أخذ الجميع ينظر باتجاهي ، و شعرت بالعرق يسيل على صدغي ...


جاء صوت من مكان ما يقول :


" أ تقول أن المجرم قد خرج من السجن ؟؟ "



تلفت من حولي فرأيت الناس جميعا ينظرون إلي بعيون حمراء ، يقدح الشرر من بعضها ، و ينطلق الازدراء من بعضها الآخر ...


شعرت بجسمي يصغر ... يصغر ... يصغر ... ثم يختفي ...


~~~~~~~~~~~~~~~~