عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2004, 09:29 PM   #27
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تـــــــــــــــابع


لكن أحدا لم يحظ تغير تعابير وجهي ، بل استمرت دانة تقول :


" بل بطل ! أليس كذلك يا سامر ؟ إنه ليس رأيي وحدي بل هذا ما تقوله رغد أيضا ! "



أثارت جملتها هذه اهتمامي البالغ ، هل قالت رغد عني ذلك حقا ؟ هل أبدو كذلك في نظرها ؟


تعلمون كم يهمني معرفة ذلك !



لقد كانت تعتبرني شيئا كبيرا عاليا في الماضي ، و الآن بعدما كبرت ... ترى ماذا أصبحت أعني لها ؟؟





فيما بعد ، نعمت باستحمام طويل و مركز !

نظفت جسدي و ذاكرتي من كل ما علق بهما من أيام السجن ... و بلاء السجن ...

بدوت بعدها ( شخصا محترما ) ، إنسانا مكرما ... رجلا يستحق الاهتمام ....








حينما حضر سامر للغرفة بعد ذلك ، أطلق صفرة حادة مداعبا !


" ما كل هذه الوسامة يا رجل ! بالفعل كأبطال السينيما ! "


ابتسمت ، ثم قلت


" يجب أن تصحبني إلى الحلاق اليوم لأقص شعري ! "

قال :


" أبقه هكذا يا رجل ! تبدو جذابا به ! "






ضحكنا كثيرا ، ثم خرجت معه من الغرفة فإذا بي أرى أمي و أمي يقفان في الردهة ...


ابتسما لرؤيتي ، و تبادلنا حديثا قصيرا ، ثم ذهبنا أنا و أبي و سامر لتأدية صلاة الظهر في المسجد .




عندما عدنا ، و ما أن وطأت قدمي أرض مدخل المنزل ، حتى هاجمت أنفي روائح أطعمة شهية جدا !


أخذت نفسا عميقا متلذذا بالرائحة الرائعة !





ظهرت أمي ، و قادتنا إلى غرفة المائدة ...


و ذهلت للأطباق الكثيرة التي ملأت المائدة عن آخرها ...


" أوه ! كل هذا !؟ "


نظرت إلى أمي بتعجب ، فابتسمت و قالت :


" تفضل بني بالهناء و العافية "




لا أخفيكم أن معدتي كانت تستصرخ !


انقبضت مصدرة نداء استغاثة ، ثم توسعت أقصى ما أمكنها استعدادا للكميات الكبيرة التي أنوي التهامها !





في هذه اللحظة تذكرت صديقي سيف ، قلت :


" سيف ! يجب أن اتصل بسيف ! "



و ذهبت إلى حيث يجلس الهاتف بسكون ، و اتصلت به في الشقة حيث كنا


اعتذر سيف عن الحضور و قال أنه لا يود التسبب بأي حرج على أفراد العائلة في هذا الوقت ، لكنه وعد بالحضور مساء ...




اتخذت مجلسي حول المائدة ، على يمين والدتي ... ، فيما سامر إلى يساره



و أخيرا أقبلت الفتاتان ، دانة و رغد ... فجلست دانة إلي يمين والدي ، و بقي الكرسي الأخير ... المقابل لي شاغرا ...




أقبلت رغد فجلست مقابلي على ذلك الكرسي ، و اتضح لي فيما بعد أنني جلست على الكرسي الذي تجلس هي عليه في العادة !



كانت ترتدي رداءا طويلا ، و حجابا .



لا أخفيكم أنني كنت أشعر بشيء كلسعة الكهرباء كلما التقت نظراتنا عفويا



إنها صغيرتي رغد !

محبوبتي المدللة التي حرمت من رؤيتها و العناية بها لثمان سنين ...

تعرفون ما تعني لي ...

و قد كبرت و لم يعد بإمكاني مداعبتها كالسابق ...



إنني أريد أن أطعمها هذه البطاطا المقلية بيدي !





إنني أشعر بأنها تراقبني !

ليست هي فقط ... بل الجميع يراقبني


إنني رغم شهيتي العظمي للطعام تصرفت بلباقة و تهذيب ، و أكلت بنفس السرعة التي بها يأكلون ....


و لكن لوقت أطول ... و لكميات أكبر !


ما أشهى أطباق أمي !


كل شيء يبدو لذيذا جدا ... حتى الماء ...

لم أذق للماء طعما منذ ثمان سنين ...

و هل للماء طعم ؟؟



أنا أعتبر نفسي دخلت الجنة بخروجي من ذلك الجحيم ... السجن ...


الحمد لله ...










أمور كثيرة قد تحدثنا عنها ألا أن السجن لم يكن من ضمنها مطلقا


كما أنني لم أكن مقبلا على الحديث ، بل الاستماع ... و علمت عن أشياء كثيرة و تطورات جديدة حدثت في البلاد و الحياة خلال سنوات غيابي .






و كانت رغد أقلنا حديثا ، بل إنها بالكاد تنطق بكلمة أو كلمتين من حين لآخر



كنت أريد أن أتحدث معها ...

أسألها عما عملت في غيابي ...

أمسك بيديها ...

أمسح على شعرها ...

أضمها إلي ...

كما كنت أفعل سابقا ... فهي طفلتي التي اشتقت لها كثيرا جدا جدا ... أكثر من شوقي لأي شخص آخر ...

لست بحاجة لوصف المزيد فانتم تعرفون ...

لكنها الآن أمامي فتاة بالغة ترتدي الحجاب ... لا أجرؤ حتى على إطالة النظر إليها أكثر من بضع ثوان ...



هل تتصورون كيف هو شعوري الآن ؟؟




لقد قضيت ثمان سنوات من العذاب... تغير في الدنيا خلالها ما تغير ، ألا أن حبي لهذه الفتاة لم يتغير ... و إن لم أعد الماضي الجميل و علاقتي الرائعة بها فسوف أصاب بالجنون !








قلت ، في محاولة مستميتة لإحياء الماضي الميت و إشعارها و إشعار نفسي بأن شيئا لم يتغير :



" رغد ... صغيرتي ... إلى أين وصلت في الدراسة ؟ "



رغد رفعت بصرها إلي في خجل ، و قد تورد خداها ، و قالت :



" أنهيت الثانوية ! و سوف ألتحق بإحدى الكليات العام المقبل "



ابتسمت بسعادة ! فطفلتي الصغيرة ستدخل الجامعة !



" عظيم ! مدهش ! أبهجتني معرفة ذلك ! وفقك الله "



ابتسمت رغد بخجل شديد ، ثم قالت :


" و أنت ؟ هل أنهيت دراستك أم لا زال هناك المزيد بعد ؟؟ "








تصلبت تماما لدى سماعي هذا السؤال ...


و نقلت بصري إلى أمي ... أبي ... سامر ... و دانة ...


و علامات الذهول صارخة في وجهي ...




أبى قال مرتبكا :


" يكفي لحد الآن ! هل تظنين أننا سنتركه يغادر ثانية ! مستحيل "




نظرت إلى أمي و سامر ، فإذا بهما يتحاشان النظر إلي ...

أما دانة فكانت مشغولة بتقطيع الطعام و مضغه ...

و رغد ، حين عدت ببصري إليها وجدتها تبتسم ...





شعرت باستياء كبير لهذه الحقيقة التي فاجؤوني بها ...


لم يبد على رغد أنها تعلم ... أنني كنت في السجن !


هل أخبروها بأنني سافرت لأدرس ؟؟






انزعجت كثيرا لاستنتاج ذلك ، و فقدت شهيتي لتناول المزيد ...


لكنني شربت حصتي من عصير البرتقال كاملة ، لعلمي المسبق بأن رغد هي التي حضرته ...






بعد الغذاء ذهبت مع أهلي في جولة داخل المنزل لأتعرف على أجزائه ، و كان موضوع جهل رغد بأمر سجني يسيطر على تفكيري ... و يتعسني ...




و انتهزت أول فرصة سنحت لي فسألت والدي :


" ألا تعلم رغد بأنني ... كنت في السجن ؟؟ "


والدي تردد قليلا ثم أجاب :


" لم يكن بإمكاننا إخبارها بشيء كهذا ذلك الوقت ... ثم كبرت ... و دانة ... و لم نجد داعيا لإعلامهما بالحقيقة "






غضبت كثيرا من هذا التصرف ، فأنا الآن وضعت في وجه المدفع ... لا أعرف كيف ستتصرف رغد حين تعلم بالأمر ... و لا حتى دانة ...





الاستياء كان واضحا على وجهي ، فقال أبي :

" هون عليك يا وليد ... نتحدث عن ذلك فيما بعد "









كان الأمر شديد الأهمية بالنسبة لي ...





في المساء ، كنت أشاهد التلفاز مع والدي و والدتي في غرفة المعيشة ، ثم أردت الاتصال بصديقي سيف لأؤكد عليه الحضور





لم أشأ استخدام الهاتف الذي يقع فوق التلفاز مباشرة لذلك خرجت من غرفة المعيشة و توجهت نحو المطبخ ... و هو الأقرب إلى الغرفة ...




لقد كان الباب مغلقا ، لذا طرقته أولا ...



فتح الباب قليلا و ظهرت دانة


" أهلا وليد! أتريد شيئا ؟؟ "

" أردت استخدام الهاتف "


ابتسمت دانة و قالت :

" اذهب إلى غرفة المعيشة أو الضيوف !"


استغربت ، فقلت :


" هاتف المطبخ لا يعمل ؟ "


ابتسمت مجددا و قالت :


" بلى ! لكن رغد بالداخل ! "






شيء أثار جنوني ... فقبضت يدي بقوة ... و قهر


بعد أن كانت رفيقتي أينما ذهبت ، أصبحت ممنوعا من الدخول إلى حيث توجد هي ...



لن يستمر الوضع هكذا لأنني سأجن حتما ...



لسوف أتحدث مع أبي بهذا الشأن في أقرب فرصة ... لا ... بل الآن !






و استدرت قاصدا غرفة الضيوف ألا أنني وقفت فجأة و بذهول ... حين رأيت باب المطبخ يتحرك ، و يفتح ، و يخرج سامر منه !



خرج سامر مبتسما و أغلق الباب ، و بقيت محملقا فيه بذهول ...




سامر نظر إلي و ابتسم و قال :


" غرفة الضيوف من هنا "




أنا بقيت واقفا مصعوقا ... و أخيرا تحرك لساني المعقود فقلت :


" رغد ... بالداخل ؟؟ "


أجاب مبتسما :


" نعم ! ... لم تجلب الحجاب معها "





جننت ، و لم أعد قادرا على فهم شيء أو تصور شيء !

ببلاهة و اضطراب و تشتت فكر قلت ، و أنا أشير بإصبعي إلى سامر :


" لكن ... أنت ... ؟؟؟ "




سامر رفع حاجبيه و فغر فاه بابتسامة استنتاج ، كمن فهم و أدرك لتوه أمرا لم ينتبه له من قبل ...




" آه ! تقصد أنا ... ؟؟ نعم ... فـ... نحن ... "




و ضحك ضحكة خفيفة ، ثم أتم الجملة التي قضت على آخر آخر ما كان في ّ من بقايا فتات وليد :


" نحن ... مخطوبان ! "