عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2004, 06:42 PM   #39
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

تــــــــــــــــــابع

لم تجد ما يحترق هناك ... ثم سمعت صوتها تنادي بقوة:


" رغد تعالي إلى هنا "


ذهبت إليها ، كانت في غرفة الملابس ... تفصل سلك المكواة عن مقبس الكهرباء !


صحت :

" أوه ! يا إلهي ! "


و أسرعت إلى الفستان الذي نسيت المكواة فوقه و خرجت مسرعة لاستقبال وليد !


" انظري ما فعلت ! سترتدينه الليلة محروقا بهذا الشكل ! "


أخذت الفستان و جعلت أدقق النظر في البقعة المحروقة ، و أعض شفتي أسفا و حسرة ...


" ماذا سأفعل الآن ؟؟ "

قلت بيأس ... فأجابت أمي بغضب :

" ترتدينه محروقا ! فنحن لم نشتره لنرميه "


عند هذا الحد ... و لم أتمالك نفسي ...

و انخرطت في بكاء شديد رغما عني ...


في نفس اللحظة التي كانت أمي تغادر فيها الغرفة كان البقية مقبلين يتساءلون عما حدث و ما احترق ...


والدي قال :

" ماذا حصل ؟؟ "

أمي أجابت باستياء :

" تركت فستانها يحترق ! و قبل قليل كسرت الأطباق ! لا أعرف متى ستكبر هذه الفتاة "


كان الأمر سيغدو مختلفا لو أن وليد لم يكن موجودا يرى و يسمع ...

كم شعرت بالحرج و الخجل ...


إنني لست طفلة و مثل هذه الأمور لم تكن لتحدث لو أنني لم أكن مضطربة و مشتتة هذا اليوم ... كما و أن أمي لم تكن لتصرخ بوجهي هكذا لو لم تكن هي الأخرى مضطربة و قلقة ، بسبب الليلة ...


رميت بالفستان جانبا و أسرعت الخطى قاصدة الهروب و الاختفاء عن الأنظار ...



كان وليد يقف عند الباب و يسد معظمه ، و حين وصلت عنده لم يتحرك ...


كنت أنظر إلى الأرض لا أجرؤ على رفع نظري إلى أي منهم ، ألا أن بقاء وليد واقفا مكانه دون أن يتزحزح جعلني أرفع بصري إليه ....


الدموع كانت تغشي عيني عن الرؤية الواضحة ...

وليد نظر إلي نظرة عميقة دون أن يتحرك ...

" إذا سمحت ... "


قلت ذلك ، فتنحى هو جانبا ، و انطلقت أسير بسرعة نحو غرفتي ...


في غرفتي ، أطلقت العنان لدموعي لتفيض بالقدر الذي تريد

كان يومي سيئا ! كم كنت سعيدة في البداية !

و الآن ...

حزينة ... محرجة ... مجروحة الخاطر ... مخذولة ...

بدموع جارية ... و قلب معصور ... و فستان محروق ! و بلا حلي !


أكثر ما أثر بي ... هو الاستقبال البليد الذي استقبلني به وليد ...
و أنا من كنت أحترق شوقا لرؤيته !


غمرت وسادتي البريئة من أي ذنب بالدموع الحارة المالحة ... و بقيت حبيسة الألم و الغرفة فترة طويلة ....


بعد مدة سمعت طرق الباب ... قمت بتململ و فتحته ، فرأيت أمي ...


تحاشيت النظر إليها ، فأنا خجلة منها و لست مستعدة لتلقي أي توبيخ هذه الساعة ...


أمي قالت :


" رغد ! على الأقل ابدئي الاستعداد ! ألم تستحمي بعد ؟؟ "

وجدت نفسي أقول بغضب و انفعال :

" لن استحم ، و لن أحضر معكم و سأنام حتى الغد "


أمي صمتت قليلا ثم قالت بنبرة عطوفة :

" يا عزيزتي لم أقصد توبيخك ، لكنك تتصرفين بشكل غريب اليوم ! هيا ابدئي الاستعداد ... "


رفعت رأسي إليها و قلت :

" بم ؟ لا فستان و لا حلي ! "


تنهدت أمي و قالت :

" ارتدي أي شيء ! ما أكثر ما لديك "


لم اقتنع ، فأنا أريد أن أظهر جديدة في كل شيء الليلة ! أليست ليلة مميزة؟ إنه عقد قران أختي دانه !


قلت :

" لن أحضر دون فستان جديد و مجوهرات ! دعوني أبقى في غرفتي فهذا أفضل و متى ما انتهيتم سأساعدكم في تنظيف المنزل "


و بكيت

بكيت بشدة ، و ليس سبب بكائي هو الفستان أو الأواني المكسورة ! إنه قلبي الذي يعتصر ألما من تجاهل وليد لي بهذه الطريقة !


لماذا فعل ذلك ؟؟

ألم أعد مهمة لديه ؟؟

ألم يعد بألا يسمح لدموعي بالانهمار ؟؟

إنه الذي يفجرها من عيني بغزارة هذه اللحظة ...


أعرف أن أمي تحبني و تدللني ، مثل أبي ... و هذا ما اعتدته منهما ... لذلك حين قالت :


" حسنا ... اذهبي بسرعة مع أبيك لشراء شيء مناسب على عجل "


لم أفاجأ ، بل مسحت دموعي مباشرة خصوصا و هي تنظر إلى الساعة بقلق ...


أخرجت حقيبتي من أحد الأدراج ... و قلت :


" لا أملك مبلغا كافيا "


ذهبت أمي و عادت بعد قليل تحمل بعض الأوراق المالية ، و قالت :


" سأخبر أبيك كي يشغل السيارة ، أسرعي رغد "


و ذهبت ، و ارتديت عباءتي و خرجت بعدها ...


و فيما أنا أجتاز الردهة ، إذا بها مقبلة نحوي تقول :

" لا فائدة يا رغد لقد خرج والدك ! "


كان والدي مشغولا طوال اليوم ، و ها قد غادر من جديد ...

أطلقت تنهيدة يأس مريرة و رميت بالحقيبة جانبا و قلت :


" قلت لك أنني لن احضر ... دعوني و شأني "

و أوشكت على البكاء


أمي قالت :


" قد يعود بعد قليل ... "


لكنني كنت قد فقدت الأمل !


جلست على المقعد و أسندت خدي إلى يدي في أسى ...



" أيمكنني فعل شيء ؟؟ "


كان هذا صوتا رجاليا جعلني أسحب يدي فجأة من تحت خذي فينحني رأسي للأسفل ثم يرتفع للأعلى ...

للأعلى ...

للأعلى !


العملاق وليد !


أمي و وليد تبادلا النظرات ، ثم قالت أمي :


" ننتظر أن يعود والدك ليصحبها إلى السوق ! "


قال :


" لدي سيارة ... إذا كان الأمر طارئا ... "



الأشياء الغريبة الثلاثة بدأت تجري في داخلي و تتسابق !


أمي قالت :


" أنت ... قدمت لتوك ! اذهب و نم قليلا في غرفة سامر ... "

" لست متعبا جدا "

" ... ثم أنك لا تعرف المنطقة ! "

قال و هو ينقل بصره بيني و بين أمي :

" لكنكما تعرفان ! "




أي نوع من الأفكار تعتقدون أنني رأيتها ؟؟

مجنونة !


قالت أمي بتردد :

" إنني مشغولة في المطبخ "


فاستدار وليد إلي و قال :


" و أنت ؟ تحفظين الطريق ؟؟ "


ربما كان سؤاله عاديا

أو ربما استهانة بي ! فهل أنا طفلة صغيرة لا أعر ف الطرق ؟؟


قلت :

" نعم ! طبعا "

ثم نظرت إلى أمي أحاول قراءة رأيها من عينيها ...


أمي بدت مترددة ... لكنها قالت بعد ذلك موجهة كلامها لي أنا:


" ما رأيك رغد ؟؟ "


أنا أقرر قبل أن أفكر في أحيان ليست بالقليلة ! قلت :


" حسنا "


و وقفت و سحبت حقيبتي ...

التفتت أمي نحو وليد و قالت :


" انتبه لها "


وليد دخل على غرفة المعيشة و أحضر مفتاح سيارته ، و الذي كان قد تركه على المنضدة ...


تقدمت نحو باب المنزل و وقفت في انتظاره ، حتى إذا ما أقبل فتحت الباب و خرجت قبله !


خطواتي أنا قصيرة و بسيطة ، كيف لها أن تضاهي خطواته الواسعة الشاسعة !؟

سبقني و خرج من البوابة الخارجية لفناء المنزل ... و سمعت صوت باب سيارة ينفتح ...


ما أن خرجت من البوابة ، حتى وقعت عيناي على سيارة وليد ... نفس السيارة التي كان يقودها منذ سنين ...


المرة الأخيرة التي ركبت فيها هذه السيارة كانت في أسوأ أيام حياتي ...


شعرت بقشعريرة شديدة تجتاحني و ثبت في مكاني و لم أجرؤ على المضي خطوة للأمام ...


وليد شغل السيارة و انتظرني ... و طال انتظاره !


التفت نحو الباب فوجدي واقفة هناك بلا حراك


ضغط على جرس السيارة لاستدعائي لكنني لم أتحرك


الشيء الذي تحرك هو شريط الذكريات القديمة البالية ... الموحشة البائسة ... التي طردتها من خيالي عنوة ...


وليد فتح الباب و خرج من السيارة و نظر باتجاهي و قال :

" ألن تذهبي ؟؟ "


تحركت قدماي دون إدراك مني و اقتربت من السيارة


مددت يدي فإذا بها تلقائيا تتوجه إلى الباب الأمامي ، فأجبرتها على الانحراف نحو الباب الخلفي ، فتحته و جلست على المقعد الخلفي
فيما وليد يجلس في المقدمة و إلى اليسار مني ... يكاد شعره الكثيف يلامس سقف السيارة !


عندما كنا صغارا ، أنا و دانة ... كنا نتشاجر من أجل الجلوس على المقعد الذي أجلس خلفه مباشرة الآن !


وليد انطلق بالسيارة نحو الشارع الرئيسي ثم سألني و هو يراقب الطريق :

" أين نتجه ؟ "


سار وليد ببطء نسبيا يسألني عن الطرق و المنعطفات ، و أرشده إليها حتى بلغنا المكان المطلوب .


كان سوقا صغيرا مليئا بالناس ...


أوقف وليد السيارة ، ففتحت الباب و خرجت و تقدمت للأمام


وليد لم يخرج ، و سمعت صوته عبر نافذة الباب الأمامي المفتوحة يقول :


" كم ستبقين ؟؟ "


تعجبت ، فقلت و أنا أقرب وجهي من النافذة بعض الشيء :

" ألن تأتي معي ؟؟ "



وليد صمت قليلا ، و ربما ارتبك ، ثم قال :

" و هل يجب أن آتي معك ؟؟ "

قلت :

" نعم ! "

قال :

" سأنتظرك هنا ... هذا أفضل "


بقيت واقفة في مكاني لحظة ، فعاد يقول :


" هل يجب أن أرافقك ؟؟ "

قلت :

" أو تعيدني للبيت "

و تراجعت للوراء و مددت يدي قاصدة فتح الباب الخلفي ...


وليد فتح بابه و نزل و دار حول السيارة نصف دورة حتى صار إلى جانبي


قلت :


" من هنا "


و سرنا نحو بوابة المجمع الصغير ، هو مجمع اعتدنا أنا و دانة و أمي شراء حاجياتنا منه

حينما بلغنا المتجر المقصود ، و هو متجر للملابس ، و كان يعج بالكثيرين، دخلته و توجهت نحو زاوية معينة ...


التفت إلى الخلف فوجدت وليد واقفا في الخارج ينظر من خلال زجاج المتجر ...


عدت أدراجي إليه بسرعة ... ثم قلت :

" ألن تدخل معي ؟؟ "

وليد بدا مترددا حائرا ... ربما هو غير معتاد على ارتياد الأسواق !

لذا تحرك ببطء ...


لأنني قمت بزيارة المتجر يوم أمس فأنا أعرف ما يوجد و ما يناسب ، لذا لم استغرق سوى دقائق حتى اشتريت فستانا مختلفا عن فستاني المحروق !


إنه أجمل و أغلى !


حينما هممت بالمحاسبة أخرج وليد محفظته ، و دفع الثمن !


كم أنا خجلة منه ! آمل ألا يفعل ذلك في متجر المجوهرات !

لم يكن وليد يتحدث ، بل كان يسر على مقربة مني بصمت و اضطراب ...


أنا أيضا كنت خرساء جدا !


أقبلنا نحو متجر المجوهرات ، و كان الآخر مزدحما بالناس ، و معظمهم سيدات


دخلناه و أخذت عيناي تفتشان عن الطقم الجميل الذي أغرمت به يوم أمس ... لم يكن موجودا في مكانه فخشيت أن تكون سيدة ما قد سبقتني بشرائه !


جلت ببصري في المتجر حتى وجدت ضالتي ، التفت للوراء فلم أجد وليد ...


تلفت يمنة و يسرة و لم أجده ...


أقبل صاحب المتجر يسألني :


" ماذا أعجبك سيدتي ؟ "

~~~~~~~~~~~~~~~