عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2004, 06:40 PM   #38
$$ كن كن $$
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2004
رقم العضوية: 2278
المشاركات: 122
عدد المواضيع: 19
عدد الردود: 103


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
$$ كن كن $$ is on a distinguished road

$$ كن كن $$ غير متصل
افتراضي

الحلقة الخامسة عشر

أكاد أطير من الفرح ... لأن وليد سيأتي اليوم ...


إنني منذ وقعت عيناي عليه يوم حضوره قبل شهر ، و أنا أحس بشيء غريب يتحرك بداخلي !


أهي كريات الدم في عروقي ؟؟

أم شحنات الكهرباء في أعصابي ؟؟

أم تيارات الهواء في صدري ؟؟



بين الفينة و الأخرى ، أخرج إلى فناء المنزل ... و أترقب حضوره

متى سيصل ؟؟


سامر أيضا سيعود هذه الليلة ، فمنذ سافر للمدينة الأخرى قبل أسابيع من أجل العمل لم نره ...



استدرت للخلف ، فإذا بأمي واقفة عند المدخل الرئيسي ، تنظر إلي !


" رغد ... ما ذا تفعلين ؟؟ "


اضطربت قليلا ، ثم قلت :


لا شيء ...



والدتي ابتسمت ، و قالت :


" لقد قال سامر إنه سيصل ليلا ! لا تُقلقي أعصابك ! "


شعرت بغصة في حلقي و كدت أختنق !


إنني لم أر سامر منذ أسابيع ... و أعلم أنه سيعود ليلا ... لكنني ... لكنني كنت أرتقب وليد !




كان هذا يوم الأربعاء ... ، و في هذا المساء سيتم عقد قران دانة ...

إنها مشغولة جدا هذا اليوم ، و كذلك هي أمي ... و الاضطراب يسود الأجواء ...


" تعالي و ساعدينا ! "



ألقيت نظرة على الباب الخارجي للمنزل ، و مضيت مذعنة لطلب أمي !



كانت دانة تجفف شعرها بمجفف الشعر الكهربائي المزعج ، قلت :

" فيم أساعدك ؟؟ "

و يبدو أن صوته الطاغي منعها من سماعي ، فكررت بصوت عال :

" دانة فيم أساعدك ؟؟ "



انتبهت لي أخيرا ، و قالت :


" تعالي رغد و جففي هذا المتعب ! "



دانة كان لها شعر طويل و كثيف مع بعض التموج ، على العكس من شعري القصير الأملس الناعم !



تناولت المجفف الساخن من يدها و بدأت العمل !



صوت هذا الجهاز قوي و أخشى أن يعيق أذني عن سماع صوت جرس الباب !



مرت الدقائق و أنا أحاول الإسراع من أجل العودة للفناء !


" رغد ! جففي بأمانة ! "


قالت ذلك دانة و هي تنظر إلي عبر المرآة ... فابتسمت !



فستان دانة كان جميلا و أنيقا جدا ، و موضوعا على سريرها بعناية

لدانة ذوق رائع جدا في اختيار الملابس و الحلي و أدوات التجميل !




لدى عبور هذه الفكرة برأسي تذكرت طقم الحلي الذي رأيته ليلة الأمس و أثار إعجابي الشديد و أردت اقتنائه ، غير أن نقودي لم تكن كافية فأجلت الأمر لهذا اليوم



" يجب أن أذهب مع آبى لشراء ذلك الطقم قبل أن يحل الظلام ! "

" حقا ستشترينه ؟ إنه باهظ الثمن ! "

" طبعا سأشتريه ! ماذا سأضع هذه الليلة إذن ؟؟ "

" لم لا تضعين العقد الذي أهدتك إياه والدتي قبل أسابيع ؟؟ "



لم تعجبني الفكرة ، فلقد رأته لمياء ـ شقيقة نوّار ، خطيب دانة ـ يوم حفلتي !


إنها أمور نكترث لها نحن الفتيات !


أو على الأقل ، معظمنا !


قلت :


" بل سأشتري شيئا جديدا ! يليق بقرانك ! "


و ضحكنا !



لمحت والدتي مقبلة من ناحية الباب فأوقفت تشغيل الجهاز و قلت بسرعة :


" هل حضر ؟ "


ثم أضفت بسرعة ، تغطية على الحقيقة :


" أقصد والدي ؟ أريد أن يصحبني لسوق المجوهرات ! "



قالت والدتي :


" ماذا تودين من سوق المجوهرات ؟؟ "

" سأشتري عقدا جديدا أرتديه الليلة ! "




بدا على والدتي بعض الاستياء ... ثم قالت :


" أليس لديك ما يناسب ؟ سأعيرك مما عندي إن شئت "



عرفت من طريقة كلامها أنها لا تريد مني شراء المزيد .



أعدت تشغيل الجهاز و واصلت تجفيف شعر دانة الطويل حتى انتهيت ... بصمت ...



بعدها خرجت من الغرفة قاصدة الذهاب إلى غرفتي ، إذ أن بي شحنة استياء أريد إفراغها ...


و أنا أمر من والدتي قالت :


" رغد اذهبي للمطبخ و أتمي تحضير الكعك ، سأوافيك بعد قليل "


أذعنت للأمر ... و قضيت قرابة الساعة في عمل المطبخ الممل ، حتى أتت والدتي وتقاسمنا العمل ...

بعد فترة همت بالانصراف ، فبالي مشغول بانتظار وليد ، و حين رأتني أمي سائرة نحو الباب :


" إلى أين رغد ؟؟ "

" سأذهب للاستحمام ! "

" انتظري ! تعرفين ما من مساعد لي غيرك اليوم ... ! اغسلي الأطباق و الصواني و رتبي الأواني في أماكنها ، ثم تولي كي و طي الملابس ! العمل كثير هذا اليوم ! "



شعرت بالضيق ! لم أكن أحب العمل في المطبخ و كنت أتولى أقل من ثلث العمل المقسم بيننا نحن الثلاث ، أمي و دانة و أنا ، لكنني اليوم مضطرة للتضحية بنعومة يدي !


أثناء ترتيبي للأواني سمعت صوتا مقبلا من جهة مدخل المنزل الرئيسي



ربما يكون وليد !



أسرعت بوضع الأواني على عجل فانزلق من يدي بعضها و تحطم على الأرضية الملساء الصلبة !


" أوه رغد ! ماذا فعلت ! "

والدتي نظرت إلي بانزعاج ، فزاد ضيقي ..


" انزلقت من يدي ! "


و تركت كل شيء و هممت بالانصراف


" إلى أين ؟؟ "


" سأرى من عند الباب أمي ! "


و لم أكد أغادر ، إذ أن والدي قد وصل ، و دخل المطبخ يحمل الكثير من الأغراض


عدت إلى الأواني المحطمة أرفعها عن الأرض و أنظف الأرضية من شظايا الزجاج


ثم كان علي ترتيب الأغراض التي جلبها أبي في أماكنها المخصصة ... و الكثير الكثير قمت به فيما دانة في غرفتها ، تسرح شعرها و تتزين !


حالما انتهيت من جزء من عمل المطبخ ، قلت لوالدي و الذي كان يجلس على المقعد عند الطاولة يكتب بعض الملاحظات على ورقة صغيرة :


" أبي ... هل لا اصطحبتني إلى أحد محلات الحلي ؟ لي حاجة سأشتريها و أعود "



أمي نظرت إلي و قالت مباشرة :


" عدنا لذلك ؟ خذي ما تشائين من حليي و لا داعي لإضاعة المال و الوقت ! لدينا الكثير لنفعله الآن ! "



قلت :


" و لكن ... إنه جميل جدا و أريد أن أرتديه الليلة ! "


قالت :


" هيا يا رغد ! عوضا عن ذلك رتبي الملابس أو غرفة الضيوف و الصالة ... النهار يودعنا "


لم أناقش أمي ، بل نظرت إلى أبي و هو منهمك في تدوين كلمات على الورقة و قلت :


" أبي ... لن أتأخر ! سأشتريه و نعود فورا ! "


والدي قال دون أن يرفع عينيه عن الورقة :


" فيما بعد رغد ، لدي مهام أخرى أقوم بها الآن "



خرجت من المطبخ و أنا أشعر بالخيبة و الخذلان ... و ذهبت إلى الغرفة الخاصة بالملابس ، أكويها و أطويها و أرتبها ، و دمعة تتسلل من بين حدقتي من حين لآخر ...

كنت أكوي فستاني الجديد الذي سأرتديه الليلة بشرود و أسى ...


لماذا علي أن أعمل بهذا الشكل !؟

لماذا لا يجلب والدي خادمة للمنزل ؟؟


هنا سمعت صوت جرس الباب يقرع ...


لابد أنه وليد !


تركت كل شيء بإهمال و طرت نحو باب المخرج ، في نفس اللحظة التي أقبل فيها والدي نحو الباب ...


قال :


" اذهبي و ارتدي الحجاب ، قد يكون وليد ! "



رجعت فورا إلى غرفة الملابس و سحبت حجابا لي من كومة الملابس
( المجعدة ) و لبسته كيفما اتفق ، و هرعت نحو المدخل ...


فتحت باب المدخل لأطل على الفناء الخارجي ، و أرى أبي و وليد متعانقين عند البوابة الخارجية ...


أقبلت أمي مسرعة و فتحت الباب و خرجت مهرولة إلى وليد ...


وقفت أنا عند الباب الداخلي أنظر و دموعي تفيض من عيني رغما عنها ...


لقد كان وليد واقفا بطوله و عرضه و جسده العظيم ، يحجب أشعة الغروب عن وداع ما غطاه ظله الكبير ، يضم والديه إلى صدره و ينهال برأسه البارز على رأسيهما بالقبل ...


وقفت أراقب ... و أنتظر ...

لقد طال العناق و الترحيب ... و لم يلتفت أو لم ينتبه إلي !
و فيما أنا كذلك ، و إذا بالباب يفتح ، و تنطلق منه دانة مسرعة كالقذيفة الموجهة نحو وليد !



تعانقا عناقا حميما جدا ، و دانة تقول بفرح :

" كنت واثقة من أنك ستحضر ! كنت واثقة من ذلك "


و وليد يضمها إلى صدره ثم يقبل جبينها و يقول :

" طبعا سآتي ! كم شقيقة لدي ؟؟ ... ألف مبروك عزيزتي "


كل هذه الحرارة المنبعثة من اللقاء الحميم أمام عيني جعلتني أنصهر !

و بدا أن دموعي على وشك التبخر من فرط حرارة خدي ّ

وليد !

من أي طينة خلقت أنت ؟؟ و لماذا تنبعث منك حرارة حارقة بهذا الشكل !

ألا تحس الأشجار أن الشمس قد ارتفعت بعد الغروب !؟


و أخيرا ، تحرك الثلاثة مقبلين نحوي ... نحو المدخل ...


أخيرا لامست نظراتي الجمرتين المتقدتين ، المتمركزتين أعلى ذلك الرأس ... مفصولتين بمعقوف حاد ، يزيدهما شرارا ... و حدة ... و اشتعالا !


توهج وجهي احمرارا و تلعثم قلبي في نطق دقاته المتراكضة ... و شعرت بجريان الأشياء الغريبة في داخلي ...

الدماء

سيالات الأعصاب

و الأنفاس !


و هو يخطو مقتربا ، و حجمه يزداد ... و رأسه يعلو ... و عنقي يرتفع !


سقطت أنظاري فجأة أرضا و كأن عضلات عيني قد شلت ! لم أستطع رفعهما للأعلى لحظتها ...


و جاء صوته أخيرا يدق طبلتي أذني ...

بل يكاد يمزقهما !


" كيف حالك صغيرتي ؟؟ "


و كلمة صغيرتي هذه تجعلني أحس أكثر و أكثر بصغر حجمي و ضآلتي أمام هذا العملاق الحارق !

رفعت عيني أخيرا ببعض الجهد و أنا أضم شفتي مع بعضهما البعض استعدادا للنطق !



" بخير ... "



و لكن ... حين وصلت عيناي إلى جمرتيه ، كانتا قد ابتعدتا ...

لم يكن وليد ينظر إلي ، و لا حتى ينتظر جوابي !

لقد ألقى سؤاله بشكل عابر و أشاح بوجهه عني قبل أن يسمع حتى الإجابة ... و هاهي دانة تفتح الباب ... و هاهو يدخل من بعدها ... و يدخل والداي من بعده ... و ينغلق الباب من بعدهم !



وقفت متحجرة في مكاني لا شيء بي يتحرك ... حتى عيناي بقيتا معلقتين في النقطة التي ظنتا أنهما ستقابلان عيني وليد عندها ...


مرت برهة ... و أنا أحدق في الفراغ !

هل كان وليد هنا ؟؟

هل مر وليد من هنا ؟؟

هل رأته عيناي حقا ؟؟؟

لم أجد جوابا حقيقيا ...

بدا كل شيء كالوهم و الخيال !



أفقت من شرودي و استدرت ، و فتحت الباب فدخلت ... و وصلتني أصوات أفراد أسرتي من غرفة المعيشة ...


حركت قدمي بإعياء شديد متجهة إلى حيث هم يجلسون ...

كان وليد يجلس على مقعد كبير ، و هم إلى جانبيه ... لا أظن أن أحدا انتبه لوجودي ! وقفت عند مدخل الغرفة أراقبهم و جميعهم مسرورون و أنا تعيسة !



بعد قليل ، أمي قالت فجأة :


" أتشمون رائحة شيء يحترق ؟؟ "


الشيء الذي قفز إلى رأسي هو المقعد الذي يجلسون عليه ! ربما احترق من حرارة وليد !


و بالفعل شممت الرائحة !


" إنها قادمة من هناك ! "


و أشارت والدتي نحوي ... طبعا كانت تقصد من خارج الغرفة ألا أنني ألقيت نظرة سريعة على ملابسي لأتأكد من أنها لا تقصدني !


و قفت أمي و كذلك وقف الجميع ، و أقبلت هي مسرعة قاصدة التوجه نحو المطبخ ...

~~~~~~~~~~