عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2016, 10:07 PM   #1
نورس
(حلا جديد )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Apr 2005
رقم العضوية: 5371
المشاركات: 40
عدد المواضيع: 12
عدد الردود: 28


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
نورس is on a distinguished road

نورس غير متصل
Post عمراً كاملاً برسالة قلم


ذات يوم كان هناكَـ زمن جميل و كان لهذا الزمن حكايات ،،كان للحكايات أبطال و كان للأبطال أحلام و كانت الأحلام مُتخمة بالإحساس ،، و كان الإحساس نقياً أخضر اللون و كان للإحساس وطن يحتويه وكان وطن الإحساس (رسائل) .
كان للرسائل ميلاد وتاريخ ؛ تاريخ لا يدركَـ أهميته سواهم ،، تاريخ تختم به رسائلهم تلكَـ الرسائل التي كانت تكتب بخطوط أيديهم وتذيل بأسمائهم الصريحة دون أن يُداخلهم الرعب أو يُساورهم الخوف من انتهاكَـ الطرف الآخر لثقتهم النقيّة فيه .
أجل .. فـ للرسائل قدسية كبرى لديهم ؛ فرسائلهم كانت تعني لهم الكثير و تحتل مساحة شاسعة من إحساسهم الجميل ،، ففوق الرسائل كانوا يجسدون حكايات كاملة بفصولها و أحلامها و إحساسها و انتصاراتها و انكساراتها و انتكاساتها ،، و فوق الرسائل كانوا يبنون مدناً من الخيال بأُناسها و طقوسها و مبانيها وأطفالها ؛ لهذا كانت الرسائل تمثل لهم سراً عظيماً يحرصون على عدم البوح به إلاّ لأقرب المقربين منهم .
كان للرسائل في الزمن الجميل مراحل متتالية تبدأ بمرحلة الإحساس و الحلم ،، ثم البوح بالإحساس ورسم الحلم ،، ثم انتظار الرد من الطرف الآخر ،، و في مرحلة الانتظار يولد ألف حلم فوق محطة التمني ويموت ألف إحساس فوق محطات الحيرة .
أما عادة إعادة الرسائل بعد انتكاسة الحلم و انتهاء الحكاية فربما تكون هذه العادة قد تكوّنت نتيجة احترامهم حكاية عاشت في دمهم أو لإحساسهم بأن الرسائل جزء من الحكاية التي كانت و حرصهم على عدم بتر الحكاية يدفعهم إلى إعادة الرسائل بعد استيقاظ الحلم و غالباً ما يُصاحب إعادة الرسائل إحساس مُتضخّم بالألم و الهزيمة .
وهناكَـ فئة تحرص على الاحتفاظ بالرسائل بعد انتهاء الحكاية لأنها تجد في الرسائل شاهداً صادقاً على حكاية كانت ؛ و لأن فوق صفحات الرسائل مراحل من العمر الجميل الذي يصعب التنازل عنه لمجرد انتهاء الإحساس أو الحكاية ،، و مع الوقت تتحول الرسائل إلى محطات سرية يلجأ إليها أصحابها في لحظات حنينهم أو ضعفهم .
ومع مرور الوقت تغيّرت الأشياء بتغيُّر الزمان و العادات و نال التغيير من الرسائل كما نال من الإحساس فأصبحت الرسائل البريدية رسائل إلكترونية ،، و تحولت الرسالة إلى (إيميل) و جميعنا يعلم ما (الإيميل) و كلنا يدركَـ حجم البرودة التي تنام في أركان (الإيميل) ؛ فالرسائل الإلكترونية تذيل بتواقيع و أسماء لا تمت للحقيقة بصلة و تخلو من رائحة غبار صناديق البريد و ليس لها طابع بريد يدلكَـ على مكان ولادتها الحقيقي فلا هوية معروفة لصاحبها ولا وطن حقيقياً لها .
و أعترف ..!!
في فترة ما كنت مدمنة كتابة رسائل و كنت أتفنن في كتابتها و صياغتها و إعادتها و قراءتها ؛ أما الآن توقفت عن هذه العادة نهائيًا بعد أن أصبحنا في زمن يتاجر فيه أبطاله بكل شيء حتى الرسائل و الإحساس ..!!
الرسائل ليست مجرد حبر و ورق .. فالرسالة قد تكون حكاية حلمًا إحساسًا وطنًا الرسالة قد تكون عمراً بأكمله

مما قرأته وأعجبني
**( منقوول)**
  رد مع اقتباس