عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-2006, 01:51 PM   #1
ماكنزي
][§¤حلا ذهبي ¤§][
 
الصورة الرمزية ماكنزي
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jan 2006
رقم العضوية: 19945
المشاركات: 3,548
عدد المواضيع: 344
عدد الردود: 3204


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
ماكنزي is on a distinguished road

ماكنزي غير متصل
افتراضي العراق القديم .....وداعاً

العراق القديم .. وداعاً


قبل ثلاث سنوات عندما ارسلت الولايات المتحدة قواتها لغزو العراق، لم يكن هذا البلد يواجه خطر حرب أهلية، ولا يتواجد علي أرضه تنظيم القاعدة، ولا اسلحة دمار شامل، ويتعاون نظامه بالكامل مع فرق التفتيش الدولية التابعة للامم المتحدة.
العراق كان يخضع لحصار ظالم، وتقسيم فعلي علي الارض، من خلال مناطق الحظر الجوي في الشمال والجنوب، وهو التقسيم الذي مهد للحرب الأهلية الطائفية التي يدعي الجميع الحرص علي عدم وقوعها.
ثلاث سنوات من الاحتلال لم تجلب للعراق غير مجموعة من اللصوص عاثوا فيه فساداً، وسرقوا ثرواته، ودمروا تراثه، وشوهوا صورته، وفككوا عري التلاحم بين ابنائه، وأشعلوا نيران الفتنة الطائفية، ومزقوا هويته الوطنية، وحولوه من قوة اقليمية عظمي مرهوبة الجانب، الي جثة هامدة تنهشها الضباع والكلاب الضالة.
الدكتور اياد علاوي احد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها المخطط الامريكي لاحتلال العراق جنبا الي جنب مع غريمه الآخر احمد الجلبي، يعترف ان العراق يعيـــش الحـــرب الأهلية فعلا، وان خمسين او ستين جثة يجري اكتشافها يوميا لرجال تمت تصفيتهم في عمليات انتقام طائفية.
في البداية قالوا انهم غزوا العراق بحثا عن اسلحة الدمار الشامل، وعندما لم يجدوها ادعوا انهم يحتلونه من اجل الديمقراطية وانقاذ ابناء الشعب العراقي من القبور الجماعية، وجاءت النتائج فوضي دموية عارمة، وانهيارا كاملا لمقومات الدولة ومؤسساتها، وحفر العشرات من القبور الجماعية لكي تستوعب مئة الف ضحية حتي الآن.
اقدموا علي حل الجيش العراقي غير الطائفي من أجل أن يؤسسوا لجيش عراقي من الميليشيات الطائفية الحاقدة المتعطشة للانتقام لكي يسرع الحرب الاهلية من خلال اقبية التعذيب وفرق الموت، ونسف المساجد، وقتل الأئمة والمتعبدين المؤمنين في رحابها. وليتهم استطاعوا، رغم كل ذلك، من فرض سلطتهم علي ربع بغداد.
لأول مرة ومنذ سبعة آلاف عام، لم يعد هناك انسان عراقي، بل هناك سني، شيعي، كردي، عربي، تركماني، آشوري، كلداني، صابئي، الي آخر التقسيمات العرقية والطائفية التي باتت عنوان الهويات في العراق الجديد .
لأول مرة في تاريخ العراق يأتي من يهدد العراقي الشيعي بالموت اذا لم يطلق زوجته السنية، او من يهدد السني بالقتل اذا لم يطلق زوجته الشيعية.
العراق بات افضل حالا فعلاً، ولكن بالنسبة الي حفنة قليلة جدا من اللصوص الذين جاءوا مع قوات الاحتلال، ونهبوا ثروات البلاد، واحتلوا الوظائف والمناصب، وتاجروا بدماء العراقيين، وتنعموا بأموال العمولات والصفقات الامريكية، اما الغالبية الساحقة من ابناء الرافدين فيتضورون جوعاً، ويعيشون الرعب يومياً، ويغلقون ابوابهم في السادسة مساء، ويتوقعون ان لا يروا اضواء شمس اليوم التالي، ويعتبرون كل يوم يعيشونه انجازا. فالكهرباء منعدمة وثلاجات الموتي في المستشفيات لم تعد تتسع للقادمين الجدد. واسعار زيت الطعام تضاعفت ثلاثين مرة، واسعار البنزين عشر مرات، والسكر عشرين مرة.
العراق الذي يجري في ارضه نهران يعاني اهله من العطش، ارض السواد التي كانت تطعم سكان الامبراطورية الاسلامية وجوارها، باتت غير قادرة علي اطعام اهلها. هذا العراق الذي كان يستوعب خمسة ملايين من العمال الاجانب، باتت نسبة البطالة بين ابنائه تفوق الثمانين في المئة. وباب الرزق الوحيد هو ميليشيات الموت.
يتباهون بمجموعة من الاوراق الصفراء تتراكم علي الارصفة، وبعض القنوات الطائفية الهزيلة البائسة، ويقولون ان عراق اليوم يتمتع بالحريات واصبح المواطن فيه يعبر عن رأيه بحرية، ونسوا ان معظم هؤلاء الذين يتمتعون بحرية التعبير هذه كانوا من الطابور الخامس الذي عمل مع اجهزة الاحتلال الأمنية، ووظفوا اقلامهم في خدمة مشروعها في احتلال بلادهم، اما العراقيون الشرفاء الذين يجرؤون علي رفع صوتهم اعتراضا فليس لهم غير رصاصة في مؤخرة الرأس، والقذف بجثثهم الي اسماك النهر، وأسألوا اطوار بهجت وزملاءها.
لم نكن يوما مع الديكتاتورية، ولن نكون، لم نكن يوما مع منتهكي حقوق الانسان ولن نكون، ولكننا كنا وما زلنا مع عراق موحد متآلف متعايش مستقر ديمقراطي، وقوة اقليمية عظمي تستند علي ارضية وطنية صلبة في مواجهة كل الاطماع الخارجية المعادية للعروبة والاسلام، وتحقق التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
عراق الأمس كان افضل بكل سيئاته لانه حفظ الحد الادني من كرامة العراق ووحدته، وحقق لأهله الأمن والطمأنينة، وارسي نهضة علمية، واسس جيشا قويا، وساوي بين ابنائه.
نعم حدثت تجاوزات، وتمت اعدامات، ووقعت عمليات تعذيب للمعارضين الطامحين للاطاحة بالنظام، وهوجمت مدن وقري تمرد اهلها، ولكن ماذا تفعل القوات الامريكية الآن في سامراء، وماذا فعلت قبلها في الفلوجة، وكيف يتعامل حكام المنطقة الخضراء مع خصومهم في اقبية التعذيب تحت وزارة الداخلية وفي سجن ابو غريب.
نريد كشف حساب بثروات حكام العراق الجدد، وحكام العراق القدامي، نريد من هذا الاعلام العراقي الحر، ان يكشف لنا كيف تعيش اسر رؤساء الوزراء والوزراء في العراق الجديد في لندن وباريس ونيويورك، وكيف يعيش ابناء حكام العراق القديم ، ومن يتصدق عليهم؟
قالوا لنا، كتاب العراق الجديد ان صدام حسين يملك عشرات المليارات في بنوك سويسرا، وكذلك ابناؤه وبناته واركان حكمه، لنكتشف ان صدام حسين لا يملك راتباً تقاعديا اذا جري الافراج عنه ولن يفرج عنه حياً، ولا بيتاً يقيم فيه، ولا ارضا يقتات من ريع حصادها، بل سيعيش وهو الكريم، عزيز النفس، ابن العراق العظيم، علي الصدقات، مثلما يعيش افراد عائلته في عمان والدوحة ودمشق، ومثلما يعيش سعدون حمادي رئيس وزرائه وناجي صبري الحديثي، وكل سفرائه علي حسنات الاجاويد.
نجد لزاما علينا ان نقول الحقيقة دون خوف او جزع، فلم نكن ابداً من زوار بغداد، ولم نعرف شكل كوبونات النفط، نقولها الآن والرئيس العراقي واركان حكمه يقبعون خلف القضبان، ولم نقلها مطلقا وهم في سدة الحكم، ويشد الرحال اليهم الآلاف من طالبي المال والجاه.
لا نريد ان يعود العراق الي الديكتاتورية، ولكننا نريده ان يعود لنفسه، الي ماضيه المجيد ليصيغ مستقبلا طاهرا واعدا مشرفا مختلفا، يلفظ كل هذا الغثاء الذي اتاه من الخارج ليمسخ هويته، ويفتت وحدته الوطنية ويقذف به الي اتون الحرب الاهلية الطائفية البشعة.


التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة