عرض مشاركة واحدة
قديم 24-02-2006, 02:11 PM   #3
ماكنزي
][§¤حلا ذهبي ¤§][
 
الصورة الرمزية ماكنزي
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Jan 2006
رقم العضوية: 19945
المشاركات: 3,548
عدد المواضيع: 344
عدد الردود: 3204


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
ماكنزي is on a distinguished road

ماكنزي غير متصل
افتراضي مشاركة: إهداء لأسيرة الصمت "يا أعز النساء"

أسيرة الصمت

مشكورة أختي على مرورك

كمان في اضافة جميلة

أرجوا تمرى عليها

أهدى الدكتور غازي القصيبي أعز قصائده «يا أعز النساء»، لأحد أعداد «المجلة العربية» عندما فتحت باب «أغلى قصائدي» بإشراقة قصيدة القصيبي، يقول: قصيدة «يا أعز النساء» قصيدة قديمة لكن لعلها أعز قصيدة لديّ حيث يمتزج ويندمج فيها الهم العاطفي مع الهم القومي «المجلة العربية محرم 1419هـ».
ومما يغري بتذوق هذه القصيدة أدبياً أن تكون من القصائد الغالية على شاعر كبير كالقصيبي الذي تمتد تجربته الشعرية من باكورة حياته، غذتها روافد متعددة الموهبة والكفاءة العلمية العالية، فمن الأحساء إلى البحرين ليكمل دراسته الإعدادية ثم دخل جامعة القاهرة كلية الحقوق، إلى جانب انفتاح وانتقال إلى مجتمعات حضارية ثم أكمل دراسته العليا بالولايات المتحدة، ثم إلى بريطانيا، فشاهد مظاهر الحضارة ومنطلقاتها عن كثب.
الافتتان بشعر القصيبي ظاهرة طبيعية في الوسط الثقافي فله مكانته في الحركة الشعرية فقد حقق الشهرة الحقيقية كشاعر عربي يحمل هموم أمته وتطلعاتها فلست وحدي ممن افتتن بشعره بل هناك الكثير من أرباب الذوق الفني وفطاحل الأدباء. ويؤول هذا الافتتان لقدرة الشاعر على استخدام التشاكيل اللغوية في تماوج يكشف عن الكثير من المعاني الوجدانية والدلالات ذات الأبعاد المتعددة.
قصيدة «يا أعز النساء» التي نتخيرها من شعر القصيبي، هي واحدة من آثاره الشعرية ذات الدلالة على لغته الشعرية المتميزة وعلى مزاجه الإبداعي. فلنلتمس بعض درر وجواهر الإبداع المبثوثة في ثنايا قصيدة «يا أعز النساء»، وإن كانت تحتاج إلى من يملك الغوص في عمق بحور الشعر ودلالتها وسحرها البياني.
يبدأ مطلع القصيدة بالنداء كصرخة صحراوية.. والصدى يبدأ بالامتداد في أبعاد صحراء يبحث فيها عن مرتع ومقيل:




يا أعز النساء.. همي ثقيل
هل بعينيك مرتع ومقيل؟


وفي حالة الضياع يتساءل.. يقطع فيافي ومسافات بعيدة يبحث عن مأوى:



هل بعينيك.. حين آوي لعينيك
مروج خضر وظل وظليل؟
هل بعينيك بعد زمجرة القفر غدير
... وخيمة.. ونخيل؟


وتتردد مع مطلع القصيدة وبعض أبياتها «يا أعز النساء» وكأنها السلم الموسيقي الذي يصعد عليه إلى ذروة النغم الملهوف إلى دليل:



يا أعز النساء.. جئتك جوعان
طعامي كآبة وذهول
يا أعز النساء.. جئتك حيران
فأين الحادي وأين الدليل؟
يا أعز النساء.. جئتك ظمآن
فأين الأكواب والسلسبيل؟
يا أعز النساء.. جئت حصاناً
مثخناً هدَّه السباق الطويل


إن الأبيات بألفاظها الرشيقة تتماوج في إيقاع موسيقي مليء بصدق العاطفة وتأججها المستعر يوقدها الهم العاطفي المشتعل بمزجه بالهم القومي:



أنا من أمة تخوض وحولاً
من هوان.. وتزدريها الوحول
غسلوا القدس بالبكاء ويجري
بدموع الأسى الصبور «النيل»


تتسلل كلماته إلى كوي أرواحنا فتلامس شغاف قلوبنا، وعبر فنه الثوري من ألم الواقع يغزو بكلماته وفنه قلوبنا فتوثق عواطفنا:



أمتي.. أمتي الشقية مل العجز
منا وضج صبر جميل
حاربتنا من التتار قرود
وغزانا من الجراد قبيل
وفلول اليهود تلهو بأرضي
عجباً.. تهزم الجموع فلول!


ويغوص جرح ألم الواقع، ويسيل دمع رقراق بين السطور، وبين أبيات القصيدة يصرخ الألم منادياً:



يا أعز النساء ما أرخص الألفاظ
يجترها اللسان القؤول
فعلوا كل ما أرادوا بشعبي
وسلاحي الأفعال والتفعيل؟


وعبر بحار الشعر يعد أسطوله في مقاومة المعدتي على حدود الوطن العربي:



ويغيرون بالجيوش.. وانقض
بشعر يسر منه الخليل
يا بحار القريض.. ما عز بحر
لم يصنه من العدا أسطول


جاءت كلماته الانتقائية المدركة ملامسة ما لدى الإنسان العربي، تبلورت وترجمت من خلال ما أفرغ فيها من صدق العاطفة وشخصها بخلجات قلبه ويصب في إطارها من قدراته وإبداعاته وإمكانياته وهو بداخلها:



أين ولت براءتي؟ أين طهري؟
أين ذاك الفتى العفيف الخجول؟
كبر الطفل شيبته لياليه الفصول
وعرته من صباه الفصول


البعد الاستعاري أضاف لمسة ومسحة جمالية إلى تناغم موسيقى صوت الحرف وبُعده الدلالي:



قبضة الأربعين تصهر روحي
فأحاسيسي العذارى كهول!


ويتلبسه اليأس المتأتي من خلال ما يطفو على سطح الواقع من ألم التقهقر وانطفاء الحماس:



لم تعد ثم شعلة من حماس
سكب الزيت واستراح الفتيل


الكاتب بارع التصوير عبر عدسة شديدة التحدب، ركز شبكيته على الهم العربي، وفي إطلالتنا على هذا الإبداع الفني كلما اقتربنا منه وجدنا فيه أبعاداً أعمق لما فيه من تناغم في سحر متموج رقراق ترادفت العبارات لتحرك كامن الفكر وتصل إلى الحقيقة المطلقة:



قدري ما صنعته باختياري
قدري صاغه العلي الجليل


هذه القصيدة تتكئ على رصيد كبير من المفردات الفصحى مما يدل على ثروة الشاعر اللغوية والقدرة على امتلاك ناصية الكلمة.

تحياتي
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة