[مذهل]

ثلاثون عاما مضت من عمري أنتظر اليوم الذي سأكون سعيدا وأعيش باستقرار... صفوة شبابي عانيت فيها الغربة وأفتقدت فيها الحنان ... كنت كالطائر الصغير يحاول أن يرسم طريقة ويتعلم الطيران وسط غابة من القناصين المحترفين . لاأحد يتصور كم هي قاسية تلك الغربة وموحشة .. والأصعب من ذلك هو كيف للقارب الشراعي أن يبحر وسط أمواج عالية عاتية ؟؟ كانت كفيلة أن تحطم هذا المركب وتحوله الى ركام وتجره الى قاع المحيط بلحظات معدودة . ست سنوات وأنا أعاني بتسيير دفة هذا المركب .. والرياح العاتية الباردة تعصف بي وأنا أحاول جاهدا ابعاده كي لا يرتطم بهذه الأمواج دون أي خارطة ترشدني الى بر الأمان . لكن الله كان معي .. وبسب ايماني وعزيمتي لاح لي المرفأ .. وأتضح لي الأفق .. وزال الظلام الموحش من أمامي .. فابتهجت فرحا .. وتراقصت أحزاني .
حسبت أن الشمس ستشرق الى الأبد .. كنت أحلم بدفئها وأرقب ذلك اليوم الذي تنساب فيه أشعتها الى داخل كياني .. عشت وحيدا وسط جزيرتي وماأصعب أن يعيش الأنسان وحيداّ !!! كنت أبحث عمن يضمد جراحي وينسيني آلامي .. كنت أشتاق لمن يشاركني وحدتي ويخفف عني أحزاني !! كنت أتمنى أن تمطر السما ء شموعاّ لتضيئ جزيرتي .. لم يكن يرويني ذلك الماء الذي كنت أشرب منه .. ولم يشبعني ذلك الطعام الذي كنت أقتات به !! لأني كنت وحيداّ وهل للأنسان أن يعيش سعيداّ في وحدته ؟؟
أنتظرت زمناّ طويلاّ وأنا اتطلع الى السماء وأضرع الى الله بالدعاء أن يبدد وحشتي .. لأنام مرتاحاّ بعد أن كنت لااعرف للنوم طعم .. ولاأجد مايكسيني من برودة شتاء جزيرتي !! وفجأة ... أشرقت الشمس على جزيرتي .. وبدأت ترسل أشعتها الدافئه .. وتمحو الضباب عني ... كل شيئ أضحى جميلاّ بجزيرتي .... أينعت أغصان أشجاري ... وجرى الدم في عروقي حيث كاد أن يتجمد ... ودبت الحياة ونبض قلبي متراقصاّ ... وكدت أن أطير فرحاّ وأحلق في السماء لأحتضن شمسي .. وأتدفأ بدفئها لأنها كل شيئ في حياتي .. هي طعامي وشرابي وملبسي ... هي سر سعادتي وحقيقة أحلامي ... هي من يبث الروح ألى فؤادي ... هي من يشفي جراحي !!!
لكن لم يدم فرحي ... فلقد لاحت سحابة في سمائي ... تحجب الضوء عني ... وتشتت أشعة الشمس عن جزيرتي !!! ماأتعس حظي فأن هذه السحابة اللعينة ستحرمني عيشتي .. وتفقدني وجداني !!
لكن أملي بالله عظيم أن يبعد هذه السحابة السوداء عني .. ويعيد شمسي من جديد ... فقد عشقتها بضوئها ... ودفئها ... وحنانها !!!!!!