عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-2007, 05:52 AM   #1
الشاطرحسن
(حلا فعّال)
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Oct 2007
رقم العضوية: 40383
المشاركات: 494
عدد المواضيع: 105
عدد الردود: 389


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
الشاطرحسن is on a distinguished road

الشاطرحسن غير متصل
افتراضي حياة الشيخ كشك رحمه الله....

الشيخ عبد الحميد كشك فارس المنابر ..
عاش زاهداً و مات عابداً ، إنه فارس الكلمة و المنبر الشيخ عبد الحميد كشك .
الذي عرفه الناس خطيباً مفوهاً نابهاً ، وداعيةً جريئاً موفقاً ، يصدع بكلمة الحق ويجهر بها دون أن تأخذه في الله لومة لائم .

امتاز الشيخ بأسلوبه الأخاذ الذي يخاطب العقل كما يخاطب الوجدان ‏ويحرك العاطفة كما يحرك الشعور والإحساس، يأسر القلوب إذا خطب، ويلهب ‏المشاعر إذا تحدث، ويحرك الدموع إذا وعظ، ويضحك الأسارير إذا سخر.

كما عُرف عنه فصاحته وإجادته التامة للغة العربية ، وإحاطته الفائقة بعلومها وفنونها ، وذوقه الأدبي الرفيع الذي يتضح في جودة انتقاء الأشعار ، وحُسن الإلقاء ، وروعة اختيار العبارات ، ودقة التصوير والوصف

نشأته :
وُلد الشيخ عبد الحميد عبدالعزيز محمد كشك في قرية شبراخيت بمحافظة البحيرة في العاشر من مارس لعام 1933م
حفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة من عمره ، ثم التحق بالمعهد الديني في الإسكندرية ، وكان ترتيبه الأول على مستوى الجمهورية في الشهادة الثانوية الأزهرية .
التحق بعدها بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر وكان الأول على طلبة الكلية طول سنوات الدراسة .
عمل رحمه الله إماماًَ وخطيباً في العديد من المساجد والجوامع حتى استقر به المقام في الجامع المُسمى ( عين الحياة ) بمنطقة حدائق القبة في القاهرة لمدة ( 20 ) عاماً تقريباً هي عمر الشيخ على منبره الذي عرفته جموع المصلين من خلاله فالتفت حوله ، وتجاوبت معه حتى ذاع صيته ، وانتشرت أشرطة خطبه ودروسه في كل مكان .

جديرُ بالذكر أن الشيخ عبد الحميد كشك كان مبصراً إلى أن صار عمره ستة أعوام ففقد نور إحدى عينيه ، وفي سن السابعة عشرة فقد العين الأخرى ، ولقد عوضه الله تعالى عن نور البصر بذكاء القلب والبصيرة، فكان يردد قول ابن عباس رضي الله عنهما :

إن أذهب الله من عيني نورهما ففي فؤادي وقلبي منهما نور
عقلي ذكي وقلبي ما حوى دخلا وفي فمي صارم كالسيف مشهور

الشيخ ودور المسجد :
كان الشيخ عبد الحميد كشك من أكثر الدعاة والخطباء شعبية في الربع الأخير من القرن العشرين ، وقد وصلت شعبيته إلى درجة أن المسجد الذي كان يخطب فيه خطب الجمعة حمل اسمه ، وكذلك الشارع الذي كان يقطن فيه بحي حدائق القبة ، ودخلت الشرائط المسجل عليها خطبه العديد من بيوت المسلمين في مصر والعالم العربي
لم يكن الشيخ في مسجده يقوم بعمله على أنه موظف، ‏وإنما كان يعتبر عمله رسالة قبل أن يكون وظيفة، ودعوة قبل أن يكون مورد ‏رزق يتكسب منه، ومن ثم فقد استطاع الشيخ أن يجعل من مسجده داراً للعبادة، ‏ومدرسة للتعليم، ومعهداً للتربية، ومأوى للمحتاجين والمساكين ... قال عنه (جيلز كيبل) رجل المخابرات الفرنسي: ( نجح كشك في ‏إعادة رسالة المسجد في الإسلام، حيث تحول مسجده إلى خلية نحل تكتظ بحشود ‏المصلين).‏

كما قال عنه الدكتور محيي الدين عبد الحليم عميد كلية الإعلام بالأزهر : أسهم بفاعلية واقتدار في جذب الجماهير ، واستمالتهم ، وأرسى منهجًا في الخطابة جديرًا بالبحث والدراسة ، وتناول مختلف الأمور التي تشغل تفكير المسلم في يومه وغده ، متحملاً أعباء جسيمة في سبيل الرسالة التي اضطلع بها ، وتحمل كراهية المسؤولين ، والكثير من عنت السلطة .. وأثبت أن خطبة الجمعة لا تقل أهمية عن وسائل الإعلام المعاصرة كافة ، بل تتفوق عليها جميعًا .

‏الشيخ و السجن :

سجن الشيخ أكثر من مرة لأجل جرأته وصدعه بالحق، وطلب منه أن يفتي بما ‏يوافق الساسة ولكنه أبى
اعتقل الشيخ الجليل رحمه الله عام 1965م وظل بالمعتقل لمدة عامين ونصف ، تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبو زعبل والقلعة والسجن الحربي .
كما اعتقل عام 1981م وكان هجوم السادات عليه في خطاب 5 سبتمبر 1981م هجوماً مراً ، ولكنه كان كما قال مرافقوه داخل السجون مثالاً للصبر والثبات والاحتساب واليقين .
ومنذ خروجه من السجن في آخر مرة ‏سنة 1982م لم يصرح له بالعودة إلى مسجده ومنبره، وظل كذلك إلى أن توفاه ‏الله.‏

مؤلفاته :

ترك الشيخ كشك أكثر من 100كتاب أثرى بها المكتبة الإسلامية ، توج هذه الكتب بمؤلفه الضخم في عشرة مجلدات " في رحاب التفسير " الذي قام فيه بتفسير القرآن الكريم كاملاً

ومن مؤلفاته الكثيرة نذكر منها :

دور المسجد في المجتمع ، في رحاب السنة ، الوصايا العشر في القرآن الكريم ‘ طريق النجاة ، صرخات من فوق المنبر ، البطولة في ظل العقيدة ، رياض الجنة ، اليوم الحق ، بناء النفوس ، مصارع الظالمين ، صور من عظمة الإسلام ، كلمتنا في الرد على أولاد حارتنا ، البطولة في ظل العقيدة ، إرشاد العباد ، أضواء من الشريعة الغراء ، الإسلام و أصول التربية ، من جوار الخلق إلى رحاب الحق ، الصلح مع الله ، نفحات من الدراسات الإسلامية ، فضل القرآن يوم الحشر ، فضل الذكر و الدعاء ، قصة أيامي ( مذكرات ) ، فتاوى ، كيف الوصول إلى رضاك يارب ، من وصايا الرسول الموجهة للنساء ، من أراد حجة فالقرآن يكفيه ، مبادئ أقام عليها الإسلام المجتمع الكريم ، مع المصطفين الأخيار ، العلاج ، المعالجة الإسلامية للشهوات ، الإسلام و قضايا الأسرة ، الساعة الحق ، أسماء الله الحسنى ، حوار بين الحق و الباطل ، حاسبو أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، هنا مدرسة محمد : خطب منبرية ، أصول العقائد ، يا غافلاً و الموت يطلبه .... وغيرها
كما ترك ثروة هائلة من الأشرطة المسجلة فقد بلغ مجموع أشرطة خطب الشيخ ( 425 ) شريطاً ؛إضافةً إلى أكثر من ( 300 ) درس من دروس المساء التي كان يعقدها - رحمه الله – للمصلين في مسجده ، وغيره من المساجد الأخرى في فترة ما قبل صلاة العشاء ؛ مراعياً فيها طرافة الأسلوب ، وبساطة العبارة ، وتقديم الدرس بطريقةٍ جذابةٍ مرحةٍ سرعان ما تصل إلى النفوس ، وتلامس شغاف القلوب ؛ فتضفي على تلك الدروس جواً ماتعاً ، وروحاً مميزة .
وكانت آخر خطبه رحمة الله عليه هي الخطبة رقم 425 الشهيرة قبيل اعتقاله عام 1981 م ، والتي بدأها بقوله تعالى " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ، مهطعين مُقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء " ( إبراهيم : 42، 43 )

من أسباب نجاح الشيخ كشك :

- عدم تقليده لأحد من الناس بل كان مدرسة مستقلة بذاتها.
- بلاغة ‏أسلوبه وقوة لغته وإتقانه للفصحى وقدرته على إيصال أسلوبه للناس على ‏اختلاف ثقافتهم ومعارفهم ولهجتهم.
- زهده في الدنيا وبعده عن مغرياتها المختلفة ‏مما حبب الكثيرين فيه.
- استشهاده بروائع الشعر وظريفه، وجميل القصص، وبديع ‏الأمثال.
- صبره وثباته في المحنة، وشجاعته في قول الحق، والأمر بالمعروف والنهي ‏عن المنكر.‏
- كلماته الساخرة وعبارته الطريفة، ولطف دعابته ‏ولواذع سخريته وإنك لتسمع خطبته مرات ومرات فتظل كأنك ولأول مرة ‏تسمعها

حسن الخاتمة :

كانت نهاية الشيخ المجاهد الراحل بحق هي حسن الختام .. فقد توضأ في بيته لصلاة الجمعة وكعادته كان يتنفل بركعات قبل الذهاب إلى المسجد ، فدخل الصلاة وصلى ركعة ، وفي الركعة الثانية سجد السجدة الأولى ورفع منها ثم سجد السجدة الثانية وفيها أسلم الروح إلى بارئه .. متوضئاً مصلياً ساجداً .. و كان ذلك في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رجب لعام 1417 ه ، الموافق 6 ديسمبر لعام 1996 م .
وبقدر ما كان الحزن يعتصر المعزّين .. بقدر ما كانت سعادة الكثير منهم بهذه الخاتمة الطيبة الحسنة .. فالمرء يُبعث على ما مات عليه ، لذلك فإن الداعية الشهير الشيخ محمد حسان عندما حضر إلى العزاء ليلة الوفاة ..قال لأبنائه : لم آت مُعزياً .. وإنما أتيت مهنئاً .. وحق لكم أن ترفعوا رؤوسكم لأنكم أبناء المجاهد الطاهر عبد الحميد كشك .
رحمه الله من داعية موفق ، وخطيب ملهم ، وواعظ مؤثر ، عاش زاهداً و مات عابداً ، أمضى ( 63) عاماً هي مجموع سنوات عمره ؛ مجاهداً في سبيل إعلاء كلمة الحق ، ونصرة الدين .