عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-2004, 02:49 AM   #1
الحنون
(حلا نشِـط )
 
الملف الشخصي:
تاريخ التسجيل: Aug 2004
رقم العضوية: 803
المشاركات: 139
عدد المواضيع: 96
عدد الردود: 43


مزاجي اليوم:


تقييم العضو:
الحنون is on a distinguished road

الحنون غير متصل
افتراضي ممات الفتاة وممات العجوز وبقي الحب

حين يولد الشوق من رحم الفراق فيفجر بداخلنا مشاعراً لم نعرفها ونحن نعيش الحب نفسه..

فقبل فراقنا كنت أظن أنك جزء من حياتي..الجزء الأكبر من حياتي..

ولكن بعده أدركت أنك كل حياتي..

حياتي بأكملها..

وأنا تركتك..تركت حياتي..

تركتها في ذلك الطريق..على ذلك الكرسي..

ورحلت ظانةً أني أقوى الرحيل..

وآآآه ما أقسى الرحيل..

مددت يدي للوداع ولم أعلم أنها لتسليم روحي إليك..

رحلت ظانةً أني تركت كل شيء يتعلق بك..

حبك..ولياليك..تلك القصائد..والهدايا..

لم أعلم أنك تركت حبك معلقاً على جدار قلبي..

ومشيت..

في الشارع الطويل مشيت..

ولم يبقى منك شيء ..غير آخر نفثة دخان نفثتها من سيجارتك..

ظللت واقفة في صدمة الموقف..وقفت حيث لاشيء..

لا شيء سوى ضوء القمر ينبعث على كرسيٍ شهد الوفاة..شهد الميلاد..شهد مراسيم تشييع الجثمان..

بعد اختفاء صورتك بثانية..

بعد أن غطت الأشجار جسدك الطاهر..

علمت أني لا أقوى الرحيل..

أدركت أني فقدتك..

فقدتك وفقدت حياتي للأبد..

ارتميت على الكرسي..نفس الكرسي الذي ضمنا منذ قليل هاهو يضمني الآن وحدي..

بعد بكاء طال وهدم سكون الليل..

رحت ألملم أحزاني ونهضت..
الحنون

كجوادٍ مهزومٍ وقفت أنظر إلى السماء..

لأبحث عن أي لعنة أرتمي بها..

مشيت في ربوع الليل..

وضوء القمر ينير لي الطريق..

وكأنه أقسم أن يكمل ما بدأه..

يكمل الحكاية..يكمل المأساة..

وصلت إلى بيتي..دخلت حجرتي..وإذا بها تبحث عنك..

كل شيء فيها يسألني عنك..

باقات الورود الذابلة..منذ متى وهي ذابلة؟!!

لم أعهد ذبولها إلا اليوم!!

صورتك على الطاولة..تلك الشمعة التي أعتدنا أن نجلس على ضوئها..

وأشرع أهمس لك قصائدي..

آآآه كم تحلق بي الذكريات بعيداً..

ليتني عرفت أن البعد عنك موت قبل أن أقبل بالفراق..

ليتني أدركت قبل الفراق أن البعد انتحار بقنبلة موقوتة تسمى الشوق والحنين..

اليوم أكتبها قصيدة تلك الحياة التي ودعت..

قصيدة حروفها دموعي..

وأوراقها طيات من شغاف القلب..

اليوم وبعد كل هذه السنين..

أعترف أني قتلت امرأة بداخلي..

قتلت فتاة في عمر الزهور..

وعشت في جسدها وأنا عجوز كهلا..

سكنت في جسدها ذو القوام الجميل..

تصنعت ضحكتها وقهقهاتها..

همست بصوتها لجميع الرجال..

وبيديها أمسكت أكفهمُ..

ومسحت على جبين كل واحدٍ منهم..

بشفتيها الجميلتين رسمت أحلى القبل في كل المكاتيب..

وبقلبها الميت عشت قصص الحب..

ارتديت أحلى فساتينها..

رقصت على نغم الألحان التي كانت تحب..

وبشعرها الغجري المموج..

غطيت ألف ألف رجلٍ في ليلة حمراء..

اليوم جئت أقدم اعتذاري لها..

اليوم بدموعي ليتني أمسح الخطايا والذنوب..

وأقول آسفة أيتها الحسناء الفاتنة..

عذراً لأني قتلت حبكِ الحقيقي..

وعشت بعدها كل يومٍ في حبٍ زائف..

عذراً فقد رحّلت من تحبين..

وأسكنت جسدكِ في حضن ألف رجل كاذب..

بالأمس قتلتكِ واليوم أقتل نفسي..

ماتت الفتاة الحسناء..

ماتت العجوز الحمقاء..

وبقي حبها الأول لم ولن يمت..

بقي ذلك الرجل الاسم الوحيد المنقوش على باب قلبها..

وحبه كل ما تعلق في جدرانه..

وصورته هي آخر ما رأته عيناها..

ماتت الفتاة..ماتت العجوز..

وبقي الحب يلهج باسمها..
التوقيع:
احبكم