[عاشق البحر]

تسافر بي الكلمــات ..
تشقُ عباب المدي
إلي ما وراء حدود زمانــي
وأبعدُ من خلجات فؤادي
في لحظةٍ أستلُ قلمي ..
يحاصرني الموج.. يُغرقني في بحور
ويضيف لعمري عصوراً
بحراً تلونت أشرعته
أتراقص هنا في لجّة النور
وأرسم ليلاً توضأ بالعشق

حلا شددت اليها الرحال
حملت معي الأبجدية مهراً
لعلها تحلق بي وترسمني قمراً
تنثرني .. مطراً
في مغانيها يصحو مع الشمس زهراً

لا أتصور ..؟
أن اللغة المرسومة من كلمات
هذي الليلة
تتكسر أجنحتها
تطاردها لغة العينيين
عارية .. حافية القدمين
الليلة .. القمر مصطف
بأحضان النجمات
الليلة .. لن نتكلم .. يكفينا منها
أن نسمع صوت النسمات
نسافر في رحلة ليس لها انتهاء
أجوبُ أقماراً أزور أنجماً
أهيم بين الارض والسماء
تحُطني .. وتنثرني رذاذ أبجدية
يجتاحني مدُ من الإغماء .. بلا مدي
في لجّة الأهواء ..
في إنتظار زورقي الذي عاد

من أين سأبحر ..؟
كيف سابحر ..؟
أين سأرسو ..؟
والشط المرصود بعينيها
مسكونُ بالمجهول ..
نبض جوارح
مطر في ليل الصيف
صارت أشرعة الألوان
زاد الغربة .. قُوت المنفي
هذا البحر اللامحدود
المتمرد في عينيك
أخشي لو زلّت بي قدمي
أن يجرفني في شط مجهول
تنهشني الغُربة فيه ..

وأنتٍ قصيدتــي
رافقتيني في مهد أبجديتي
لم تقطفي لي مرةً .. فاكهة الحياة
لن تخرجيني من نعيم جنتي
لعالم آتيه في صحرائه
يغتالني الجليد في عرائه
ويتمرد الضوء علي ليل العتمة الطويل
وقبل أن يزيح ستائره المغمسة بالقتام
ليعلن ولادة الصباح
كان للقصيدة فم وعينان
كان لها أجنحة
حملتني علي رذاذ الأحلام
وحين أصبحت قريبة
من أسوار الحقيقة
رمتني علي شطوط أقمار
لم تُولد بعد ..!

ما أصعب ميلاد القصيدة
في المنفي
ما أقسي لحظات مخاضها
القصيدة لا تموت
لكن الموت يطارد كلماتي
يحمله كل لحظة ..
علي أكف الهلاك
أيتها القصيدة التي لم أفرش بعد ..
بدمها أوراقي
سوف أطاردك
علي أجنحة المستحيل
كي أقتلك
وأشيعك إلي مثواك الأخير
في غياهب أوراقي
قبل أن تقتليني أنتٍ
بجنوني بكٍ ..!

خفقات أبجدية
تبقي مبحرة في المدي
تبقي تتفيأ ظلال الشراع ..
تظل تمارس الرحيل والوداع
وهذا الليل يختصر الزمن
فتموت في رحمه قصيدة ..
وتسافر بي لموطن آخر
تعيد لي حياة جديدة




مــ خالص تحياتي ـــع